ما تتصنَّع به المرأة من قشر الوجه والوَشْم وغير ذلك
عن كريمة بنت
همّام قالت: سمعت عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ تقول: «يا معشر النساء إياكن وقشر
الوجه، قالت: فسألتها عن الخضاب، قالت: لا بأس بالخضاب، ولكني أكرهه؛ لأن حبيبي
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه».
وعنها ـــ رضي الله عنها ـــ أن رسول
الله صلى الله عليه وسلّم «لعن الصالقة، والحالقة، والخارقة، والقاشرة».
وعن
آمنة بنت عبد الله أنها شهدت عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ قالت: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلّم«يلعن القاشرة، والمقشورة، الواشمة، والمستوشمة، والواصلة
والموصّلة».
وعن الحارث عن عليّ ـــ عليه السلام ـــ أنه قال: «لعن رسول الله
صلى الله عليه وسلم الواشمة، والمستوشمة، وكان ينهى عن النوح».
وعن قبيصة بن
جابر الأسدي، قال: انطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود ـــ رضي الله عنه ـــ
فقال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات، والمستوشمات
اللائي يغيّرن خلق الله».
وعن علقمة عن عبد الله ـــ
رضي الله عنه ـــ قال: «لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفِّلجات
للحسن، المغيّرات خلق الله». قال: فبلغ ذلك امرأة في البيت يقال لها أم يعقوب،
فجاءت إليه، فقالت: بلغني أنك قلت، كيت وكيت، فقال: ما لي لا ألعن من لعن رسولُ
اللَّه صلى الله عليه وسلّم وهو في كتاب الله عز وجل، فقالت: إني لأقرأ ما بين
لوحيه فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه فقد وجدتيه، أما قرأت: {وَمَآ ءاتَكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ} (الحشر: 7) قالت: بلى.
قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّمنهى عنه، قالت: إني لأظن أهلك يفعلون ذلك،
قال: اذهبي فانظري، فنظرت، فلم تر من حاجتها شيئاً، فجاءت فقالت: ما رأيت شيئاً،
قال: لو كانت كذلك لم تجامعنا».
وقال: سمعته من عبد الرحمن بن عابس، يحدثه عن أم
يعقوب سمعته منها، واخترت حديث منصور.
قال المصنف ـــ رحمه
الله ـــ: في هذه الأحاديث كلمات غريبة فلنفسرها؛ أما القاشرة: فهي التي تقشر وجهها
بالدواء، ليصفو لونها.
وأما الصالقة: فهي التي ترفع صوتها
بالصراخ عند المصايب. والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند النوائب.
أما الخارقة:
فأظنّها التي تخرق ثيابها للمصيبة.
والوشم: أن يغرز كف المرأة، أو معصمها بإبرة،
ثم يحشى بكحل فيخضر.
والواصلة: التي تصل شعرها بشعر.
والنامصة: التي تنتف
الشعر من الوجه.
والمتفلجات: من الفلج، والفلج فُرْجَةٌ بين الثنايا والرباعيات،
تفعل ذلك كله للتحسن.m
وظاهر هذه الأحاديث تحريم هذه
الأشياء التي قد نُهي عنها على كل حال، وقد أخذ بإطلاق ذلك ابن مسعود على ما
روّينا.
ويحتمل أن يحمل ذلك على أحد ثلاثة أشياء:
إما أن يكون
ذلك قد كان شعار الفاجرات، فيكنّ المقصودات به، أو أن يكون مفعولاً للتدليس على
الرجل فهذا لا يجوز، أو يكون يتضمن تغيير خلق الله تعالى، كالوشم الذي يؤذي اليد
ويؤلمها، ولا يكاد يستحسن، وربما أثر القشر في الجلد تحسناً في العاجل، ثم يتأذى به
الجلد فيما بعد.
وأما الأدوية التي تزيل الكلف، وتحسن
الوجه للزوج، فلا أرى بها بأساً، وكذلك أخذ الشعر من الوجه للتحسن للزوج، ويكون
حديث النامصة محمولاً على أحد الوجهين الأولين.
قال شيخنا عبد الوهاب بن المبارك
الأنماطي: إذا أخذت المرأة الشعر من وجهها لأجل زوجها بعد رؤيته إياها، فلا بأس به،
وإنما يذم إذا فعلته قبل أن يراها، لأن فيه تدليساً.
عن أم جليلة قالت: شهدتُ
امرأة سألت عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ ما تقولين في قشر الوجه، قالت: إن كان شيء
ولدت وهي بها، فلا يحلّ لها، ولا آمرها، ولا أنهاها، وإن كان شيء حدث، فلا بأس،
تعمد إلى ديباجة كساها الله إياها فتنحيها من وجهها، لا آمرها ولا أنهاها.
قال
مسلم: وحدثتنا تحية الراسبية، قالت: حدثتني أم نصرة، قالت: قالت عائشة ـــ رضي الله
عنها ـــ: «لو كان في وجه بنات أخي لأخرجته ولو بشفرة».
وعن بكرة بنت عقبة أنها
دخلت على عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ فسألتها عن الحنّاء، فقالت: «شجرة طيبة وماء
طهور، وسألتها عن الحفاف، فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنتزعي مقلتيك
فتصنعيها أحسن مما هما فافعلي».
الباب الثاني والسبعون في
النهْي عن وصْلِ الشَّعَر
عن أبي سعيد المقبري عن أبيه قال:
سمعت معاوية بن أبي سفيان، وهو على المنبر يقول ـــ وفي يده قصة من شعر ـــ: ما بال
نسائكم يجعلن في رؤوسهن مثل هذا؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من
امرأة تجعل في رأسها شعراً من شعر غيرها، إلا كان زُوراً».
وعن عائشة
ـــ رضي الله عنها ـــ أنها جاءتها امرأة فقالت: ابنة لي سقط شعرها، فنجعل على
رأسها شيئاً نجمِّلها به؟ فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن مثل ما
سألت عنه، فقال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة».
وعن ابن عباس ـــ رضي الله عنهما ـــ
أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم «لعن الواصلة والمستوصلة، والمتشبهين من الرجال
بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال».
وعن عبد الله قال: «لعن رسول الله صلى
الله عليه وسلم الواشمة، والمستوشمة، والواصلة والمستوصلة، والمحلل، والمحلل له،
وآكل الربا، وموكله» رواه أحمد.
وعن عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ أن امرأة
أتتها، فقالت: إن ابنتي عروس مرضت، وتمزق شعرها، أفأصل فيه؟ فقالت: «لعن رسول الله
صلى الله عليه وسلّم الواصلة والمستوصلة، أو قال: المواصلة» رواه أحمد.
وعن
أسماء بنت أبي بكر ـــ رضي الله عنها ـــ أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم
فقالت: إن لي ابنة عروساً، وإنها مرضت فتمزّق شعرها، وإني زوجتها، أفأصله؟ فقال
النبي صلى الله عليه وسلّم «لعن الله الواصلة والمستوصلة».
وعن ابن عمر ـــ رضي
الله عنهما ـــ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم«لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة
والمستوشمة».
وعن ابن عباس ـــ رضي الله عنهما ـــ قال: «لُعنت الواصلة
والمستوصلة، والمتنمِّصة، والواشمة، والمستوشمة من غير داء».
قال أبو عبيد: وقد
رخصت الفقهاء في القرامل، وكل شيء وصل به الشعر ما لم يكن الوصل
شعراً.
الباب الثالث والسبعون في
استحبابِ الخضاب بالحنَّاء للنساء
عن بهية قالت: سمعت عائشة ـــ رضي
الله عنها ـــ تقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن يرى المرأة ليس
بيدها أثر الحنّاء والخضاب».
عن ابن ضميرة بن سعد عن
جدته عن امرأة من نسائهم قال: وقد كانت صلَّت إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم قالت: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اختضبي، تترك إحداكن
الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل»، فقالت: فما تركت الخضاب حتى لقيت الله، وإن كانت
لتختضب، وإنها لابنة ثمانين.
عن عائشة أم المؤمنين ـــ رضي الله عنها ـــ قالت:
مدّت امرأة من وراء الستر بيَدها كتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقبض رسول
الله صلى الله عليه وسلم يده، وقال: «ما أدري أيَد رجل أو يد امرأة؟» فقالت: بل يد
امرأة، فقال: «لو كنت امرأة غيّرت أظفارك بالحناء».
وعنها ـــ
رضي الله عنها ـــ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لأبغض
المرأة (أن تكون) سلتاء مرهاء، لا يكون في عينيها كحل، ولا في يدها خضاب».
وقالت
عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتمشط
بالغسل، وأن نختضب الغمس، ولا نقحل أيدينا مثل أيدي الرجال». السلتاء: التي لا
تختضب، والمرهاء: التي لا تكتحل، والغمس: خضب اليد كلها.
وعن أيوب قال: دخلت على
عائشة بنت سعد، فقالت: «والله ما بقي على ظهر الأرض ابنة مهاجري، ولا مهاجرة غيري،
أبي الذي جمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أُحد، قالت: ورأيت نساء من
أزواج النبي صلى الله عليه وسلّمعليهن المعصفرات، وما رأيت عليهن ثوباً أبيض قط،
وكنت أدخل عليهن، فتقعدني إحداهن في حجرها، فتدعو لي بالبركة، وعليّ حليّ، قال
أيوب: قلت لها: ما كان حليك؟ قالت: قلائد الذهب».
قال الأصمعي: رأيت في البادية
امرأة عليها قميص أحمر، وهي مختضبة، وبيدها سبحة، فقلت لها: ما أبعد هذا من هذا
فقالت:
وللَّهِ منّي جانبٌ لا أضيّعهُ
وللَّهِ منّي، والبطالة
جانبُ
الباب الرابع والسبعون في
ذكر أدبِ المرأة عند الجِمَاع
عن عائشة ـــ رضي الله
عنها ـــ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أراد الرجل أن يجامع أهله اتخذت له
خرقة، فإذا فرغ ناولته، فمسح عنه الأذى، ومسحت، ثم صلّيا في ثوبهما ذلك».
وعن
عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ قالت: «ينبغي للمرأة إذا كانت عاقلة أن تتخذ خرقة،
فإذا جامعها زوجها ناولته، فيمسح عنه، ثم تمسح عنها، فيصليان في ثوبهما ذلك، ما لم
تصبه جنابة».
قال المصنف رحمه الله ـــ قُلْتُ: هذا أثبت من
المرفوع.
فصل (في معرفة
المرأة مقصود الرجل)
وينبغي للمرأة العاقلة أن تتلمّح
مقصود الرجل فتتبعه، ومتى كان الرجل من أهل الصيانة والتديّن، وشرف النفس، أحب سكوت
المرأة عند الجماع، واستعمالها الوقار.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
كان إذا قرُب من المرأة، قال: «عليكن الوقار». أو كما قال.
ومن الرجال من يحب
كلام المرأة حينئذ، ويميل إلى تهالكها عند الجماع، ويقول هؤلاء: إذا باشرنا امرأة
ساكتة، فكأننا نطأ خشبة منقورة منجورة.
قالوا: وإنما يطيب الأكل مع المنادمين
المتكلمين، ويجيب الأولون عن هذا، فيقولون: إنما يقضي الرجل بالوطء حاجة نفسه، فإذا
تهالكت المرأة عليه كان كأنما يقضي حاجتها، وإنما يعز عند النفوس الممتنع لا
المبذول.
الباب الخامس والسبعون في
ستر الفرج عن الزوج
عن عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ قالت:
«ما نظرت إلى فَرْج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط» أو «ما رأيت فَرْج النبي صلى
الله عليه وسلم قط».
وقد روي عن عامر بن الظرب، وكان من حكماء العرب، أنه قال
لامرأته: مري ابنتك أن تكثر استعمال الماء، فلا طيب أطيب من الماء، ولا تكثر مضاجعة
زوجها، فإن الجسد إذا ملّ، ملّ القلب وَلْتَخَبِّىءْ سَوْأَتها منه.
قال المصنف ـــ رحمه الله
ـــ قلت: وهذا عين الصواب، فإنَّ الفَرْج غير مستحسن الصورة من الزوجين، فالاطلاع
على بعض العيوب يقدح في المحبة، فينبغي لهما جميعاً، الحذر من ذلك، ولهذا ترى
الأكابر ينامون منفردين، لعلمهم أن النوم يتجدد فيه ما لا يصلح.
الموضوع : ما تتصنَّع به المرأة من قشر الوجه والوَشْم وغير ذلك المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال |
|