معجزة
نبوية
لقد بُعث الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم في زمن طغت
فيه الأساطير والخرافات، وكان العلم المعترف عليه وقتها هو علم الكهان
والعرافين والمنجمين، وقد كان المنجمون في ذلك الزمن أشبه بوكالات الأنباء
التي تبث المعلومات الموثوقة!
ولكن النبي الأعظم الذي بعثه الله
رحمة للعالمين، صحّح المعتقدات وأنار الطريق ووضع الأساس العلمي للبحث، فلم
يعترف بكل هذه الشعوذات بل واعتبر اللجوء إليها كفراً، لذلك فقد نهى
البيان النبوي الشريف عن كل أعمال التنجيم حتى إن الرسول صلّى الله عليه
وسلم قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم
تقبل له صلاة أربعين يوماً) [رواه مسلم].
وهنا السؤال لأولئك
الذين يدّعون أن النبي كان يطلب الشهرة والمجد والمال: لو كان محمد صلّى
الله عليه وسلم ليس رسولاً من عند الله لكان الأجدر به أن يقرَّ قومه على
عاداتهم من التنجيم والأساطير والخرافات ويستخدمها لمصلحته، ولكنه نهى عن
كل أنواع التنبؤ بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، بل إن الله أمره أن
يبلغ قومه أنه هو شخصياً ومع أنه رسول، فإنه لا يعلم المستقبل، بل كل ما
جاء به هو وحي من عند الله تعالى، واستمعوا معي إلى قوله تعالى: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا
أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ
إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ
أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) [الأنعام: 50]
|
صورة تخيلية لثقب أسود، هذا النجم قريب منا وموجود داخل مجرتنا، ولو كان للنجوم أثر على حياة البشر لكانت هذه الثقوب أولى بهذا التأثير، لأنها تملك أوزاناً هائلة (هناك ثقب أسود في مركز مجرتنا يبلغ وزنه ثلاثة آلاف مليون مرة وزن الشمس!!) وعلى الرغم من ذلك لا نرى لها أي تأثير في حياة البشر.
|
التنجيم
والأمراض النفسية
لقد حرّم الإسلام التنجيم والتنبؤات
التي لا تقوم على أي أساس علمي، مثل الأبراج والتنبؤ بالمستقبل الذي لا
يعلمه إلا الله تعالى القائل: (وَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ
مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا
وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 179].
وقد ثبُت علمياً أن هنالك أضرار نفسية
جسيمة تسببها كثرة اللجوء إلى مثل هذه التنبؤات، حتى يصبح الإنسان الذي
يؤمن بالأبراج وغيرها قلقاً ومضطرباً وينتظر النتيجة المتوقعة. ولكن عندما
تأتي النتائج بعكس ما أخبره ذلك المشعوذ فإنه سيُصاب بالإحباط والاكتئاب
وهذه أمراض نفسية خطيرة جداً.
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم
والذي أرسله الله رحمة للعالمين حرص على كل مؤمن وجعله يرضى بقضاء الله
تعالى، وربما نعلم كيف كان الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه
الاستخارة كما يعلمهم القرآن.
ومن ضمن دعاء الاستخارة: (اللهم اقدُر لي الخير حيث كان ثم رضني به) فتأمل
هذا الدعاء كم هو مريح للمؤمن، حتى يصبح مطمئن النفس، وخالياً من أي اضطراب
أو خلل. ويخبرنا علماء النفس اليوم بأن السبب الأول لكثير من الأمراض
العصبية والنفسية هو عدم الرضا عن الواقع الذي يعيشه المريض.
|
يوجد في الكون بلايين المجرات وبلايين البلايين من النجوم، وبلايين السحب من الدخان الكوني، وبلايين النيازك وبلايين الكواكب، وبلايين الثقوب السوداء، وبلايين النجوم النيوترونية الثاقبة، ويوجد أيضاً كميات كبيرة من المادة المظلمة والطاقة المظلمة تعادل 96 بالمئة من حجم الكون، وجميع هذه المخلوقات تبث الأشعة ويصل منها إلى الأرض ما شاء الله، فكيف نهمل كل هذا الكم الهائل ونقول إن نجماً على بعد كذا وكذا يتحكم برزقك وأجلك وعاطفتك!!! ونقول لكل من يقتنع بهذه التنبؤات والأبراج: ما لكم كيف تحكمون!!
|
كما
أن علم النفس الحديث يخبرنا بأن هؤلاء الذين يبنون حياتهم على أساس
التوقعات ومحاولة معرفة المستقبل غالباً ما نجدهم يصابون بالصدمات النفسية
نتيجة خيبة أملهم في كذب هذه التوقعات، وهذا يولد شيئاً من الإحباط مما
يؤدي إلى حالات الاكتئاب.
إن الإنسان الذي ينتظر ماذا تقول له
الأبراج يكون في الغالب غير مستقر من الناحية النفسية. وتظهر لديه اضطرابات
نفسية عديدة بسبب الترقب الدائم والانتظار لتحقيق شيء ما، فإذا لم يتحقق
ما كان ينتظره فإن الغضب والانفعالات النفسية المختلفة سوف تسيطر عليه.