اعلم أن أشعة
( لا إله إلا الله )
تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع
وضعفه ، فلها نور ، وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفا لا يحصيه إلا الله
تعالى ،
فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس ، ومنهم من
نورها في قلبه كالكوكب الدري ، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم ،
وآخر كالسراج المضيء ، وآخر كالسراج الضعيف ،
ولهذا تظهر
الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار بحسب ما في
قلوبهم من نور هذه الكلمة علما وعملا ومعرفة وحالا ،
وكلما عظم نور هذه
الكلمة واشتد أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته ، حتى إنه ربما وصل
إلى حال لا يصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبا إلا أحرقه ، وهذا حال
الصادق في توحيده الذي لم يشرك بالله شيئا ،
فأي ذنب أو
شهوة أو شبهة دنت من هذا النور أحرقها ، فسماء إيمانه قد حرست بالنجوم من
كل سارق لحسناته ، فلا ينال منها السارق إلا على غرة وغفلة لا بد منها
للبشر ،
فإذا استيقظ وعلم
ما سرق منه استنقذه من سارقه ، أو حصَّل أضعافه بكسبه ، فهو هكذا أبدا مع
لصوص الجن والإنس ،
ليس كمن فتح لهم خزانته وولى الباب ظهره
،
وليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله ،
وأن الله رب كل شيء ومليكه ،
كما كان عُبَّاد الأصنام
مقرين بذلك وهم مشركون ، بل
التوحيد يتضمن من محبة
الله ، والخضوع له ، والذل ، وكمال الانقياد لطاعته ، وإخلاص العبادة له ،
وإرادة وجهة الأعلى بجميع الأقوال ، والأعمال ، والمنع ، والعطاء ، والحب ،
والبغض ،
ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى
المعاصي والإصرار عليها ،
ومن عرف هذا عرف قول النبي – صلى الله عليه وسلم - :
" إن الله حرم على النار من قال : ( لا إله إلا الله ) يبتغي بذلك وجه الله " ،
وقوله : " لا يدخل النار من
قال : ( لا إله إلا الله ) " ،
وما
جاء من هذا الضرب من الأحاديث التي أشكلت على كثير من الناس ، حتى ظنها
بعضهم منسوخة ، وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار الشرع
، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار ، وأوَّل بعضهم الدخول بالخلود ،
وقال
: المعنى لا يدخلها خالدا ، ونحو ذلك من التأويلات
المستكرهة ،
والشارع - صلوات
الله وسلامه عليه - لم يجعل ذلك حاصلا بمجرد قول اللسان فقط ، فإن هذا خلاف
المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام ،
فإن المنافقين
يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها ، في الدرك الأسفل من النار ،
الموضوع : تعرف على مقدار نورك وشدته؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya