يسروا ولا تعسروا
يسروا ولا
تعسروا
إن ثمة فئة من المخالفين لم يدركوا نعمة الله
عليهم في تيسير أحكامه، فأبوا إلا التشديد على الأمة بعد يسرها، والنقمة عليها بعد
الرحمة، استجابة مباشرة أو غير مباشرة للأمم النصرانية واليهودية الحانقة على
الإسلام وأهله، ومسايرة لهم ولرأيهم، فما
كرهوا فهو المكروه، وما أحبوا فهو المحبوب، وما يسروا فهو اليسير، وما عسروا فهو
العسير، فلا مانع من الانقضاض على الأسس ما
دام في ذلك إرضاء لهم
وإحسان وتوفيق، {وَاللَّهُ
غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يَعْلَمُونَ}.
وقد فصل الله آياته في هذه المسألة وحسم الخلاف
فيها، كما هي عادة شريعتنا السمحة في رد الناس إلى المعين الصافي: كتاب الله، وسنة
رسوله، صلى الله عليه وسلم، التي قال فيها نبينا عليه الصلاة والسلام: {تركتكم على
البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك)، ولقد منّ الله علينا بكتابه الذي
جعله: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ
وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي
القرآن ما ينقضها ويبين بطلانها، كما قال تعالى:
{وَلاَ يَأْتُونَكَ
بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} قال بعض المفسرين: هذه
آية عامة في كل حجة يأتي بها أهل الباطل إلى يوم القيامة.
ولكن أبى الأشقياء إلا
الضلالة بعد الهدى، والعذاب بعد
الرحمة، فأجلبوا بخيلهم ورجلهم
واختزلوا حجاب المرأة اختزالا فظيعا مسايرة لنظرة الغربيين، فشق على الأمة تحقيق
الحكم الربانية التي نزل لأجلها هذا الأمر الإلهي، فإن التيسير
الحاصل في هذا الحكم لا كما يتصوره صاحب النظرة السطحية من طبيعة التكاليف
الشرعية التي لا تخرج عن حدود الاستطاعة، وإنما هو راجع إلى ما
يترتب عليه هذا الأمر من الآثار الحميدة في الدنيا والآخرة على الفرد
والجماعة، ومنها على سبيل المثال
قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ
لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، وقوله تعالى:
{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ}، وقوله:
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا}، وقوله:
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ
يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا
مَيْلاً عَظِيمًا* يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِْنْسَانُ ضَعِيفًا}.
ولا ريب أنه بتلك النظرة
السطحية سيفتن فئام من الأمة الإسلامية لتخلفهم عن هذه الحكم الربانية، ولما جبلوا
عليه من الضعف، ويصبحون في سرداب مظلم من
الشهوات والشبهات؛ يتخبطون ذات اليمين وذات الشمال، ويتجرعون مرارة التمادي
في طغيانهم، ولهثهم وراء
شهواتهم، إلا أن الأمل منشود في
أمة هي خير الأمم، ولاسيما
أن
فيها
العلماء الربانيين الذين يبلغون رسالات
الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله، وكفى بالله حسيبا.
الموضوع : يسروا ولا تعسروا المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال |
|