الدليـــــــل الثــــــاني آية الحجــــاب
الدليـــــــل
الثــــــاني آية الحجــــاب
قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ
وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن
تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ
عَظِيماً} (الأحزاب: 53).
التفسيـــــــر:
قال الحافظ ابن كثير، رحمه الله: أي وكما نهيتكم من الدخول عليهن كذلك لا
تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها فلا ينظر إليهن
ولا
يسألهن إلا من وراء حجاب. (تفسير
القرآن العظيم[3/667])
الشبهة:
- قال الشيخ محمد أحمد إسماعيل المقدم ، حفظه الله: هذه هي آية الحجاب، نزلت
في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة، وهي تعمم بإطلاقها حجاب المؤمنين، ولم يختلف
العلماء في تعيين هذا حتى نطيل الكلام في تحقيقه، وإنما يقول من يظن أنّ الوجه
والكفين خارجان عن الحجاب، أنّ هذه الآية مختصة بأمهات المؤمنين.(عودة
الحجاب [3/233])
- وقال بعضهم: إن هذه الآية عامة ولكنها تدل على
حجاب البيوت وليس حجاب الوجوه.
الجواب عنهما:
1-
قصر آية الحجاب على المساكن دون الوجوه يقتضي عدم وجود ما يوجب تغطية الوجوه على
أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، عند المبيحين لكشف الوجه:
قال الدكتور لطف
الله خوجة،حفظه الله: لكن في قول ذلك ثمة إشكال مبني على مذهب من قال بجواز كشف
الوجه، وهو: إذا قيل بقصر آية الحجاب على المساكن، وبمنع دلالة آية الجلباب على
تغطية الوجه، فمن أين أوجبنا على الأزواج
- أزواج النبي صلى
الله عليه وسلم
- التغطية؟!
فمن أجاز كشف الوجه، فلا دليل لديه يوجب تغطية الأزواج الوجه إلا آية
الحجاب، وليس في الآثار أمر للأزواج بالتغطية، بل غاية ما فيها تطبيقهن لهذا
الحكم، فإذا قصر القائلون بالكشف آية الحجاب على المساكن، حينئذ لا يبقى لديهم دليل
يوجب التغطية على الأزواج وجوههن خارج البيت، فيلزمهم القول بجواز كشف الأزواج
وجوههن. وهذا لم يقل به أحد من العلماء.
ثم قال، حفظه الله: وينتبه
هنا إلى أنه على قول (من يوجب التغطية) على الجميع، فلا إشكال في تخصيص آية
الحجاب بالمساكن، وآية الجلباب في البروز من المساكن؛ لأن هؤلاء يستدلون بآية
الجلباب على التغطية، وحينئذ فهي دليل وجوب التغطية في حق الأزواج، كما هو في حق
سائر النساء، وهذا هو مذهب ابن تيمية، رحمه الله تعالى.(الدلائل المحكمة لآيات
الحجاب على وجوب غطاء الوجه ص27)
2- لم يصرح أحد من المفسرين بقصر الحكم في
البيوت:
قال الدكتور لطف الله
خوجة: لم نجد في أقوال المفسرين التصريح بالقصر، بل ظاهر كلامهم شمول الحكم في
البيوت وخارجها.(الدلائل المحكمة لآيات الحجاب على وجوب غطاء الوجه ص28)
قال الإمام القسطلاني:
«وفيه تنبيه على أن المراد بالحجاب التستر حتى لا يبدو من جسدهن شيء،
لا
حجب
أشخاصهن في البيوت»)
إرشاد
الساري 7/ 303.
3- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:
قال الأستاذ محمد أديب
كلكل،
رحمه
الله: إنها وإن كانت خاصة بالنبي، صلى الله عليه وسلم، من حيث السبب، فهي عامة من
جهة الأحكام؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأكثر آيات القرآن ذوات أسباب
في نزولها بلا خلاف بين العلماء، فإذا حصرنا أحكامها ضمن دائرة أسبابها فما هو حظنا
منها إذن؟!!( فقه النظر في الإسلام[40-43])
وقال الدكتور لطف الله
خوجة فيما يخص قصر
الحجاب على
المساكن: وكون سياق الآية جاء في البيوت، فلا
يمنع ذلك من تعميم الحكم خارجه لوجود العلة، والقاعدة معروفة: "العبرة بعموم
اللفظ، لا
بخصوص السبب".
.(الدلائل المحكمة لآيات الحجاب على
وجوب غطاء الوجه ص27-28)
4-
علة الحجاب وحكمته عامة:
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، رحمه الله: إنّ الله تعالى
بيّن حكمة الحجاب وعلته،
فقال: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} وهذه العلة
عامة، إذ ليس أحد من المسلمين
يقول: إنّ أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب
الرجال من الريبة منهن، وعموم علة الحجاب وحكمته دليل على عموم حكم الحجاب لجميع
نساء المسلمين.( إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب ص21 )
وقال الدكتور لطف الله خوجة فيما يخص قصر
الحجاب على المساكن: إن القول بقصر دلالة آية الحجاب على البيوت مطلقا يعارض
علة الآية، التي هي: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، فالطهارة
مطلوبة في الحالين-في البيوت وخارجها- ومن ثم فالقصر ممتنع. .(الدلائل المحكمة
لآيات الحجاب على وجوب غطاء الوجه ص28)
5-
خطاب الواحد يعم حكمه جميع الأمة:
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، رحمه
الله:
تقرر
في أصول الشريعة أنّ خطاب الواحد يعم حكمه جميع الأمة حتى يرد دليل على تخصيصه
بالمخاطب، وليس هنا أي دليل على
تخصيص حكم هذا الحجاب بأمهات المؤمنين. اهـ. ( إبراز الحق
والصواب في مسألة السفور والحجاب ص20)
وممن صحح هذه القاعدة الشيخ الألباني، رحمه
الله، وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "إنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة" [رواه
النسائي في البيعة، باب: بيعة النساء، من حديث أميمة بنت رقيقة. صحيح النسائي 3/
875] (تمام المنة في التعليق على فقه السنة (41-42)).
6-
سياق الآية هو العموم:
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري ، رحمه الله: إن سياق الآية هو للعموم
-وإن كان المورد خاصاً-
لأن
قوله تعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} ليس
معناه: أنهم يدخلون بيوت غير النبي من غير أن يؤذن لهم، وكذلك قوله تعالى: {إِلَى
طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا
طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} ليس معناه أنهم لا
يتأدبون بهذه الآداب ولا يراعونها إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان سياق
الآية هو العموم، فكيف يجوز لنا أن نرفض
ذلك العموم في جزء من آداب هذه الآية، ونقول بغير دليل: إنه
مختص بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وأزواجه؟! بينما جاء ذكر النبي، صلى الله عليه
وسلم، في هذه الآية، لأجل أن ما عرض له هو
المورد والسبب في نزولها، ولأجل أنه، صلى الله عليه وسلم، هو القدوة
للمسلمين، لا لأجل أن هذه الآداب
مختصة به عليه الصلاة والسلام. ( إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب ص21)
دليل الأولوية
وذلك من خلال أمرين
أ- أطهر نساء العالمين:
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، رحمه الله: "وهو أنّ أمهات المؤمنين كن
أطهر نساء الدنيا قلوباً، وأعظمهن قدراً في قلوب المؤمنين، ومع ذلك أمرن بالحجاب
طلباً لتزكية قلوب الطرفين، فغيرهن من النساء أولى بهذا الأمر". ( إبراز الحق
والصواب في مسألة السفور والحجاب ص21)
ب-هن أمهات المؤمنين:
قال الشيخ أبو بكر الجزائري ، حفظه الله: وفوق ذلك أنّ نساء النبي، صلى الله
عليه وسلم، جعلهن الله تعالى أمهات المؤمنين إذ قال الله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ} فنكاحهن محرم على التأبيد كنكاح الأمهات، فأي معنى
إذن لحجبهن وحجابهن إذا كان
الحكم مقصوراً عليهن؟!
ومن هنا كان الحكم عاماً يشمل كل مؤمنة إلى يوم القيامة، وكان من باب قياس
الأولى، كتحريم الله تعالى التأفيف للوالدين يدل على تحريم ضربهما من باب أولى.(
فصل الخطاب في المرأة والحجاب [34-35])
الموضوع : الدليـــــــل الثــــــاني آية الحجــــاب المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال |
|