لماذا يتكبر الإنسان؟
قد يكون الكبر ناتجاً عن شعور
بالنقص أو شعور بالكمال، فهو في كلتا الحالتين ناتج عن إدراك خادع للذات،
فإذا توافرت في يد الشخص الأدوات التي يعبر بها عن هذا الشعور الخادع ظهر
الكبر في سلوكه.
والإنسان محب لنفسه بالأصالة ساع إلى تجميل ذاته
وتزينها. وتكمن مشكلة المتكبر في أنه يرى نفسه شيء كبير للغاية، وقد يعلم
عن نفسه النقص في جانب من الجوانب لكنه يعتز بذلك النقص إعزازا ينسيه
مساوئه.
والمتكبر مصطلح مع نفسه في مواطن الفخار، ولكنه متصارع مع
نفسه ومختل في توازنه، لذلك فأكثر المتكبرين سريعو الغضب لأنفسهم، لا
يطيقون المكوث في مكان لا يعبرون عن أنفسهم فيه، كما أن كثيرا من المتكبرين
على علاقة سيئة بالمحيطين بهم.
ولا شك أن التمييز بين الشعور
الباطن والتصرفات الظاهرة سيوجهنا عند المعالجة حتى نعرف ماذا نعالج؟ فالذي
يعالج هو ذلك الشعور الناشئ عن أفكار واعتقادات خاطئة، فإذا تعدلت الأفكار
تغيرت طريقة التصرف تبعاً لها.
سبل العلاج
ويبدأ علاج الكبر أولا
بالوعي بهذا الخلق، وضرورة تعديله، وقدم القرآن العلاج لهذا المرض الخبيث:
{إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ} (غافر: 56). فإذا تغيرت نظرته للمرض، وأصبحت موازينه في الحكم
عليه هي موازين الإسلام، اجتهد للتخلص منه بخطوات العلاج العملي والعملي.
فالعلاج
العلمي هو الاستفادة من القرآن والسنة، وأن يعدل أفكاره عن نفسه، ليكون
نظرة صحيحة عن الذات: (الضعيف الفقير الذليل الذي ما يلبث عمره أن ينتهي في
أية لحظة وما يلبث أن يمرض بأصغر وأقل فيروس أو بكتيريا، وما يلبث أن
ينقطع جهده بأقل مجهود أو عمل). يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ
أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
(فاطر:15).
ونصح الغزالي المريض بالكبر: (أن يعنف نفسه، ويعرف ربه
تعالى، ويكفيه ذلك في إزالة الكبر؛ فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة، علم أنه
أذل من كل ذليل، وأقل من كل قليل، وأنه لا يليق به إلا التواضع).
وفشلت
جميع الأدوية البعيدة عن الإيمان في علاج الكبر؛ لأنه ينمو في بيئة الأثرة
وحب الذات، وأما العلاج الإيماني فهو النافع فيه إذ يأمر الإيمان بالحرص
على مصلحة الآخرين والتواضع لهم وخفض الجناح قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ
جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر: 88).
إن الموازين الإسلامية
القائمة على التفاضل بالتقوى والعمل الصالح هي التي تمنع التكبر بالمال
والنسب والعلم والجمال والقوة وغيرها؛ فيدخل علاج الكبر في منظومة متكاملة
لتربية الشخص على التعامل بموازين الإسلام في الحياة.
ومن علاج الكبر مقاومة مظاهره السلوكية
بالمواظبة على أخلاق التواضع، والاطلاع على سير المتواضعين والتأسي بهم،
وصحبة أهل التواضع والفقراء ومجالسة المساكين، وتصنع التواضع، وكسر شوكة
النفس كلما كبرت.
اللهم أني أعوذ بك من الكِبْـرّ
أسألكم الدعاء
الموضوع : الكِبـْر ّ...مانع من الجنة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya