الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:
سُمي
العيد عيدًا لعوده وتكرره, وقيل: لعود السرور فيه, وقيل: تفاؤلا بعوده على
من أدركه، كما سميت القافلة حين خروجها تفاؤلا لقفولها سالمة, وهو رجوعها.
[شرح صحيح مسلم للنووي: 3/441].
أولا: التجمل في العيد:
عن
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً
مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
ابْتَعْ هَذِهِ، تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ. فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ َلا
خََلاقَ لَهُ. فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ
أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ،
فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ
لِبَاسُ مَنْ َلا خََلاقَ لَهُ، وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَبِيعُهَا أَو تُصِيبُ
بِهَا حَاجَتَكَ. [صحيح البخاري، 948].
شرح الحديث:
قال العلامة السندي في حاشية السندي على النسائي: منه عُلم أن التجمل يوم
العيد كان عادة متقررة بينهم، ولم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم، فعُلم
بقاؤها. وقال ابن قدامة في المغني (3/114): وهذا يدل على أن التجمل عندهم
في هذه المواضع كان مشهوراً... وقال مالك: سمعت أهل العلم يستحبون الطيب
والزينة في كل عيد.
ثانيا:
الاغتسال يوم العيد قبل الخروج:
عَنْ
نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَغْتَسِلُ
يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى. [موطأ مالك،
384]. شرح الحديث: قال الألباني في إرواء الغليل (3/104): روى الفريابي عن
سعيد بن المسيب أنه قال: سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلى، والأكل قبل
الخروج، والاغتسال. وإسناده صحيح.
ثالثا: تحريم صيام يومي الفطر والأضحى:
فعن
أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم: ََلا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى. [صحيح البخاري،
1197]. شرح الحديث: قال النووي في شرح صحيح مسلم (4/271): وقد أجمع
العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال, سواء صامهما عن نذر أو تطوع
أو كفارة أو غير ذلك.
رابعا:
تعجيل الأكل قبل صلاة الفطر وتأخيره إلى ما بعد صلاة الأضحى
عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم َلا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ.
ويأكلهن وِتراً. [صحيح البخاري، 953]. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َلا
يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وََلا يَطْعَمُ يَوْمَ
الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ. [ صحيح / صحيح سنن الترمذي للألباني، 542].
شرح
الأحاديث: (لا يغدو) أي يخرج وقت الغداة، أي أول النهار. (يوم الفطر) أي
إلى المصلى. (حتى يطعم) بفتح العين أي يأكل. (ولا يطعم يوم الأضحى حتى
يرجع) أي فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية. قال الحافظ ابن حجر في فتح
الباري (2/518): الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى
يصلى العيد.
وقيل: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم
استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى... والحكمة في
استحباب التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم... هذا كله في
حق من يقدر على ذلك، وإلا فينبغي أن يفطر ولو على الماء ليحصل له شبه من
الإتباع. وأما جعلهن وتراً فللإشارة إلى وحدانية الله تعالى.
وقال
الصنعاني في سبل السلام (2/91): وتأخيره يوم الأضحى إلى ما بعد الصلاة،
والحكمة فيه هو أنه لما كان إظهار كرامة الله تعالى للعباد بشرعية نحر
الأضاحي، كان الأهم الابتداء بأكلها شكراً لله على ما أنعم به من شرعية
النسكية الجامعة لخير الدنيا وثواب الآخرة.
خامسا: صلاة العيد في المصلى بالخلاء
عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَاْلأَضْحَى إِلَى
الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصََّلاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ
فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ،
فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ
يَقْطَعَ بَعْثًا، قَطَعَهُ، أَو يَأْمُرَ بِشَيْءٍ، أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ
يَنْصَرِفُ. [اللؤلؤ والمرجان، 510].
وعَنْ ابْنِ
عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْدُو إِلَى
الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَالْعَنَزَةُ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ،
فَإِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى نُصِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي
إِلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ
يُسْتَتَرُ بِهِ. [سنن ابن ماجه، 1294].
شرح
الأحاديث: قال العلامة ابن الحاج المالكي في المدخل: والسنة الماضية في
صلاة العيدين أن تكون في المصلى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
صََلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صََلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ
إَِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ [اللؤلؤ والمرجان، 881].
ثم
هو مع هذه الفضيلة العظيمة، خرج صلى الله عليه وسلم وتركه، فهذا دليل واضح
على تأكيد أمر الخروج إلى المصلى لصلاة العيدين، فهي السنة، وصلاتهما في
المسجد بدعة إلا أن تكون ثم ضرورة داعية إلى ذلك فليس ببدعة.
الموضوع : من سنن العيد وآدابه المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya