لما حضرت الشافعي الوفاة جعل يقول:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
جعلت الرجل منك بعفوك سُلماً
تعاظمني ذنبي فلـــــما قرنـــته
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلت ذا
عفو عن الذنب لم
تزل تجــــود وتعفو منة وتكرما
ما أطال النوم عمرًا، ولا
جلب التفريط سعادة، ولم
يمت أحد إلا بأجله
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا
جَاءَ
أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا
يَسْتَقْدِمُونَ}(الأعراف:34)،
ولا
يجوز أن يقال: البقية في حياتك
حتى وأن قُتل الإنسان،
بل يُقال:
«إن لله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء
عنده بأجل
مسمى فلتصبر ولتحتسب».
وإذا كان الأمر كذلك فما الذي يمنعك
من أن تطلب
ميتة محمودة وتسأل ربك الشهادة، فللشهيد عند الله ست خصال:
{يُغْفَرُ لَهُ فِى أَوَّلِ دَفْعَةٍ
وَيَرَى
مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
وَيَأْمَنُ
مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ
الْوَقَارِ
الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
وَيُزَوَّجُ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ
وَيُشَفَّعُ
فِى سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِه}
[رواه الترمذي، وصححه الألباني]،
وأرواح الشهداء في حواصل طير خضر
تسرح من الجنة
حيث شاءت، ولا يجد الشهيد من ألم القتل إلا كما يجد أحدكم من
ألم
القرصة.
ولذلك
قال الصادق المصدوق -صلوات الله
وسلامه عليه-:
{وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ
لَوَدِدْتُ أَنِّى أَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ
أَغْزُو
فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ} [رواه مسلم]،
وذلك لما يعلم من أجر الشهيد.
لذلك أيضًا كان خالد بن الوليد -رضي
الله عنه-
يقول:
«لليلة
شديدة البرد أخرج فيها في سرية
من المهاجرين أصبح بهم الأعداء أحب
إليَّ من ليلة تُزف فيها إليَّ عروس أو
أرزق فيها بغلام أنا له محب»،
وقال في لحظة وفاته:
«لقد شهدت مائة زحفت أو زهاءها وما
في جسدي إلا
ضربة سيف أو طعنة رمح وهأنذا أموت على فراش كما تموت العير فلا
نامت
أعين الجبناء»
أتعجب بشدة من سرعة مرور الأيام، وكيف
وهن
العظمُ واشتعل الرأس شيبًا!
أعذر اللهُ إلى رجل بلغ به ستين سنة
{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا
يَتَذَكَّرُ فِيهِ
مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا
لِلظَّالِمِينَ
مِنْ نَصِيرٍ}(فاطر:37).
وها نحن بين أجلين، بين أَجَلٍ قد مضى
لا ندري
ما الله صانعٌ فيه؟ وبين أجل قد بقي لا ندري ما الله قاضٍ فيه؟
فنسألك اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك
العُلى أن
تجعل خير أعمالنا خواتيهما، وخير أعمارنا أواخرها، وخير أيامنا
يوم
نلقاك.
اللهم ارزقنا عيش السعداء، وموت
الشهداء والصالحين وحَسُن
أولئك رفيقًا،
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة
أمرنا،
وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا،
وأصلح لنا
أخرانا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير،
واجعل
الموت راحة لنا من كل شر.
{وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ}
الموضوع : خواطر حول الموت..وفقد الأحبة!! المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya