الحمد لله
الخلق الكريم يقتضي مكافأة من يؤدي إليك
المعروف ،
وقد أمر النبي صلى الله
عليه
وسلم بهذا ، فقال : ( مَن صَنَعَ إِليكُم مَعرُوفًا فَكَافِئُوه ، فَإِن
لَم
تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا بِهِ فَادعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوا أَنَّكُم
قَد
كَافَأتُمُوهُ ) رواه أبو داود (1672) وصححه
الألباني .
وإحسان
المكافأة يعني اختيار ما يدخل الفرح والسرور على صاحب المعروف ،
فكما
أنه
أدخل على قلبك المسرة ، فينبغي أن تسعى لشكره بالمثل ، قال تعالى :
( هَلْ
جَزَاء
الْإِحْسَانِ إِلَّا
الْإِحْسَانُ
) الرحمن/60
.
فإن قصرت الحيلة عن مكافأته
بهدية ، أو
مساعدة في عمل ، أو تقديم خدمة له ،
ونحو
ذلك ، فلا أقل
من
الدعاء له ، وقد يكون هذا الدعاء من أسباب سعادته في
الدنيا
والآخرة
.
ومن أفضل صيغ الدعاء لمن أدى إليك معروفا ما جاءت به السنة :
فعن
أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ
مَعْرُوفٌ
فَقَالَ
لِفَاعِلِهِ :
جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا . فَقَدْ
أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ ) .
رواه الترمذي (1958) والنسائي في
"السنن
الكبرى" (6/53) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقد
ورد
هذا الدعاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم في سياق حديث طويل
وفيه
قوله :
( وَأَنتُم مَعشَرَ الأَنصَارِ !
فَجَزَاكُمُ
اللَّهُ خَيرًا ، فَإِنَّكُم
أَعِفَّةٌ
صُبُرٌ )
رواه
ابن حبان (7277) والحاكم
(4/79) وقال : صحيح الإسناد . ووافقه
الذهبي
، وقال الشيخ الألباني في
"السلسلة
الصحيحة" (3096) : وهو
كما
قالا .
كما كانت هذه الجملة من الدعاء معتادة على ألسنة الصحابة
رضوان
الله عليهم :
جاء في مصنف ابن أبي شيبة (5/322) : قال عمر بن
الخطاب
رضي الله عنه : ( لو
يعلم
أحدكم ما له
في
قوله لأخيه : جزاك الله خيرا ، لأَكثَرَ منها بعضكم لبعض ) .
وهذا
أسيد بن الحضير رضي الله عنه يقول لعائشة رضي الله عنها : ( جزاك
الله
خيرا ،
فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا ،
وجعل
للمسلمين فيه
بركة )
رواه البخاري (336) ومسلم (367) .
وفي
صحيح مسلم ( 1823 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : (
حضرت أبي حين
أصيب
فأثنوا عليه ، وقالوا : جزاك الله خيرا . فقال :
راغب وراهب ) . أي راغب
فيما عند
الله من الثواب والرحمة ،
وراهب مما عنده من العقوبة .
ومعنى " جزاك الله خيرا" أي أطلب من الله
أن يثيبك خيرا كثيراً .
"فيض القدير" (1/410) .
وقال الشيخ ابن
عثيمين
رحمه الله "شرح رياض الصالحين" (4/22) :
" والمكافأة تكون بحسب
الحال
، من الناس من تكون مكافأته أن تعطيه مثل ما
أعطاك أو
أكثر ،
ومن الناس من تكون مكافأته أن تدعو له ، ولا يرضى أن تكافئه بمال ،
فإن
الإنسان الكبير الذي عنده أموال كثيرة ، وله جاه وشرف في قومه إذا
أهدى
إليك شيئا
فأعطيته مثل ما أهدى إليك رأى في ذلك قصورا في حقه ،
لكن مثل هذا ادع الله
له ، (
فإن لم تجدوا ما
تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) ، ومن ذلك
أن
تقول
له : ( جزاك الله خيرا ) ، وذلك لأن الله تعالى إذا جزاه خيرا كان
ذلك
سعادة له في
الدنيا والآخرة " انتهى .
والله أعلم .
الموضوع : الدعاء لمن أحسن إليك بـ ( جزاك الله خيرا ) المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya