بكاء الصحابة م
لقد رأينا شيئا من بكائه
وقد تعلم الصحابة م من نبيهم البكاء
فعن أنس
قال: خطب رسول الله
خطبة
ما سمعت مثلها قط فقال:
(لو تعلمون ما
أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً)،
فغطى أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم
خنين، وفي رواية: بلغَ رسولَ الله
عن
أصحابه شيء فخطب فقال:
(عرضت
عليَّ الجنة والنار فلم أر كاليوم من الخير والشر ولو تعلمون ما
أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً)
فما أتى على أصحاب رسول الله
صلى الله
عليه وسلم يوم أشد منه غطوا رؤوسهم ولهم خنين. والخنين: هو
البكاء مع غنّة
وكان
عثمان إذا وقف على قبر ؛ بكى حتى
يبل لحيته ! فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا ؟! فقال إن رسول الله قال:
(إن القبر أول منزل
من منازل الآخرة، فإن نجا منه، فما
بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه ؛ فما بعده أشد
منه)
قال: وقال رسول الله :
(ما رأيت
منظراً قط إلاّ القبر أفظع منه)
وبكى أبو هريرة في مرضه . فقيل له: ما
يبكيك ؟! فقال:
(أما
إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بُعد
سفري، وقلة
زادي، وإني
أمسيت في
صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي)
وبكى معاذ بكاء شديدا فقيل له ما
يبكيك؟ قال: لأن الله عز وجل قبض قبضتين واحدة في
الجنة والأخرى في النار، فأنا لا أدري
من أي الفريقين أكون.
وبكى الحسن فقيل له: ما يبكيك ؟ قال: أخاف أن يطرحني الله غداً في النار ولا يبالي.
وعن تميم الداري رضى الله عنه أنه قرأ
هذه الآية: {أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَّن
نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ}
[الجاثية : 21]
فجعل يرددها
إلى الصباح ويبكي.
وكان حذيفة يبكي بكاءً شديداً، فقيل
له: ما بكاؤك ؟
فقال:
لا
أدري على ما أقدم، أعلى رضا أم على سخط؟.
وأُتي عبد الرحمن بن عوف
يوما بطعامه فقال: قتل مصعب بن عميروكان خيراً مني
فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، وقتل حمزة – أو رجل
آخر – خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، لقد خشيت
أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي.
وكان ابن مسعود يمشي فمَّر بالحدَّادين و
قد أخرجوا
حديداً من النار فقام ينظر إلى
الحديد المذاب ويبكي . وكأنه تذكر النار وعذاب أهلها
حين رأى هذا المشهد.
وخطب أبو موسى الأشعري مرة الناس
بالبصرة:
فذكر في خطبته النار، فبكى حتى
سقطت دموعه على المنبر وبكى الناس يومئذ بكاءً
شديداً.
وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن
تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}
[الحديد : 16] بكى حتى
يغلبه
البكاء.
وقال مسروق رحمه الله: قرأت
على عائشة هذه الآية:
{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا
وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}
[الطور : 27] فبكت،
وقالت: (ربِّ مُنَّ وقني عذاب
السموم)
وهذا عبد الله بن رواحة كان واضعاً رأسه
في حجر امرأته فبكى فبكت
امرأته فقال ما يبكيك فقالت رأيتك
تبكي فبكيت قال إني ذكرت قول
الله عز وجل {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ
وَارِدُهَا
كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا}
[مريم : 71]
فلا أدري أأنجو منه أم لا.
وعن
أنس بن مالك أن نبي الله قال
لأبيِّ بن كعب: (إن
الله
أمرني أن أقرئك القرآن) قال أالله سماني لك ؟ قال: (نعم)،
قال: وقد
ذُكرت عند
رب العالمين ؟ قال: "نعم"، فذرفت
عيناه - وفي رواية: فجعل أبيٌّ يبكي
وقد
تربى السلف الصالح على
هذه المعاني
العظيمة فرأينا منهم عجبا...
فهذا إسماعيل بن زكريا يروي حال حبيب بن محمد -
وكان
جارا
له – يقول:
كنت
إذا أمسيت سمعت بكاءه وإذا أصبحت سمعت بكاءه، فأتيت أهله،
فقلت
ما
شأنه ؟
يبكي
إذا
أمسى، ويبكي إذا أصبح ؟! قال: فقالت لي: يخاف
والله
إذا أمسى أن لا يصبح و إذا أصبح أن لا
يمسي.
وحين
سئل عطاء السليمي: ما هذا الحزن قال:
ويحك، الموت في
عنقي، والقبر بيتي، وفي القيامة موقفي وعلى جسر جهنم طريقي لا
أدري ما يُصنَع بي
وكان
فضالة بن صيفي كثير البكاء، فدخل
عليه رجل وهو يبكي فقال
لزوجته ما شأنه؟
قالت:
زعم أنه يريد سفراً
بعيداً وماله زاد.
وقرأ
رجل عند عمر بن عبد العزيز وهو
أمير على
المدينة: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا
مَكَانًاضَيِّقًا
مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13]
فبكى حتى غلبه
البكاء، وعلا نشيجه ! فقام من
مجلسه، فدخل بيته، وتفرَّق
الناس.
وأخيرا فقد
قال أبو سليمان رحمه الله: عودوا أعينكم البكاء وقلوبكم
التفكر.
الموضوع : فضل البكاء من خشية الله في غسل أدران القلوب المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya