إخوة الإيمان: إن صاحب
الكلمة الخبيثة لا ينطق إلا بأقوال أثيمة، لسانه لماز، وبصره غمّاز، حديثه
بذاء، وفعله عدوان، لا يذكر عظيم إلا استحقره، ولا يرى كريم إلا نال من
عرضه فلا يتعمد الكذب إلا متملق منافق، فهو عنوان سفه العقل، وسقوط الهمة،
وخبث الطوية، وجبن النفس، وقديما قال الحكماء: " لم يكذب أحد قط إلا لصغر
قدر نفسه عنده "، ومن قلّ إيمانه بربه وخفّ من يوم الحساب خوفه، لا يبالي
أن يلبس الحق بالباطل، ويصور الأشياء على غير الواقع، ويكيل التهم جزافا
لأهل الحق، ومن اشتهر بالخير زورا وبهتانا وتملقا وعدوانا، سيما إن اتخذ من
فهمه القاصر للدين دعما لذلك الزور والبهتان، إن الكلمة يشتد خبثها ويعظم
وزر الكذب فيها إذا اتسع نطاق ضررها، فالصحفي الذي ينشر على الملأ خبرا
باطلا، والسياسي الذي يخدع الناس في القضايا الكبرى، والمغرض الذي يسوق
التهم في الكبراء والمصلحين، والمدّاح الذي يتخذ من المدائح الفارغة بضاعة
يتملق بها الأكابر ويكيل الثناء للوجهاء، ويهرف بما لا يعرف، فيصف الجبان
بالشجاعة، والظالم بالعدالة، والبخيل بالكرم، كل أولئك يرتكبون جرائم
عظيمة، ويجرون على عواقب وخيمة، وفي خبر البخاري رحمه الله عن النبي فيما
حدث به مما رآه من أنواع عذاب أهل النار فكان مما قال:
((أما الذي رأيته يشق شدقه في النار، فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ
الآفاق فيصنع به ذلك إلى يوم القيامة)). إن أمتنا تعيش الآن أزمة
عظمية في فقد الصدق الذي حل محله التناقض بين الأقوال والأعمال في كل شيء
فانعكس ذلك على أحوالنا وتربيتنا وتعليم أولادنا، والله وحد المستعان، على
ألسنة تصف، وقلوب تعرف، وأعمال تخالف، إن من لطخ لسانه برحى الكذب وخبيث
الكلم، لا بد أن تبدو سريرته وينكشف أمره، فلا يلقى من الناس إلا الازدراء
والمنقصة، أما أهل الحق والإيمان فيهديهم ربهم إلى الطيب من القول ويهديهم
إلى صراط الحميد، نعم إخوة الدين والعقيدة، إذا منَّ الله على عبده بصدق
اللهجة، وطيب الحديث، شرف قدره، وطابت حياته، وعرف بقوة الإرادة ورجحان
العقل، وسلامة الطوية، والناس في معاملاتهم لا يطمئنون إلا إلى صدوق
اللسان، فحكمه عندهم عدل، وشهادته بر، ومعاملته بركة، يأمنونه على أموالهم
وأهليهم مؤتمن في الأحياء وفي الأموات، في الوصايا والأوقات في الودائع
والأمانات، ولا يستقيم لأحد سؤدد أو يحرز في قلوب الناس منزلة إلا حين يهبه
الله لسان صدق، فيصّدقونه الناس إذا تحدث ويفقدونه إذا غاب، يقول علي : "
من كانت له عند الناس ثلاث، وجبت له عليهم ثلاث: من إذا حدثهم صدقهم، وإذا
ائتمنوه لم يخنهم، وإذا وعدهم وفىّ لهم، وجب له عليهم أن تحبه قلوبُهم،
وتنطلق بالثناء عليه ألسنتهم، وتظهر له معونتهم ". الطيب من القول أيها
الإخوة دائرته واسعة إذا ما وفق له العبد، وسلك فيه مسالك الإسلام والتزم
توجيهات القرآن وآداب السنة، يقول جل وعلا: وقولوا للناس حسناً ويقول
موجها:
الموضوع : الكلمة الطيبة ..............الكلمة الطيبة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya