آية عجيبة تبين مدى رحمة الرحمن جل في علاه يقول الله فيها عن عباده المؤمنين أنه " يحبهم ويحبونه "
قال ابن القيم رحمه الله " ليس المستغرب أننا نحب الله تبارك وتعالى ، ليس
بمستغرب أن الفقير يحب الغني وأن الذليل يحب العزيز ، فالنفس مجبولة على حب
من أنعم عليها وتفضل عليها بالنعم ، لكن العجيب من ملك يحب رعيته ويحب
عباده ويتفضل عليهم بسائر النعم "
1-أعلم بارك الله فيك أن حب الله لعبد من عبيده أمر هائل عظيم وفضل غامر
جزيل لا يقدر على إدراك قيمته إلا من يعرف الله سبحانه بصفاته كما وصف نفسه
.
2-فمن علامات محبة الله تعالى للعبد أن يحفظه من متاع الدنيا ويحول بينه
وبين نعيمها وشهواتها ويقيه أن يتلوث بزفرتها لألا يمرض قلبه بها وبمحبتها .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم " إن الله
تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام
والشراب تخافون عليه "
قال الله " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيرٌ وأبقى "
لو كانت الدنيا عند الله تساوي جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة مـــاء .
3-ومن علامات حب الله للعبد حسن التدبير له فيربيه من الطفولة على أحسن
نظام ويكتب الإيمان في قلبه وينور له عقله ويجتبه لمحبته ويستخلصه لعبادته
ويشغل لسانه بذكره وجوارحه لخدمته.
فيتولاه بتيسير أموره من غير ذل للمخلوق ويسدد ظاهره وباطنه ويجعل همه هماً
واحداً فإذا زاد في المحبة شغله به عن كل شيء ، عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما
قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي
الإيمان إلا من يحب ولن تؤمن والله حتى يكون الله ورسوله أحب إليك مما
سواهما .
4-ومن علامات حب الله للعبد أن يجعل في قلبه الرفق واللين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم
الرفق " إذا أحب الله عبداً جعله شفيقاً رحيماً على جميع عباده رفيقاً بهم
شديداً على أعدائهم كما قال الله " محمد رسول الله والذين معه أشداء على
الكفار رحماء بينهم " وقال عنهم " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "
وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .
5-ومن علامات حب الله للعبد القبول في الأرض .
والمراد به قبول القلوب له بالمحبة والميل إليه والرضا عنه والثناء عليه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله إذا أحب عبدا ًدعا جبريل فقال
إني أحب فلاناً فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله
يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض "
وعنه رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من عبد إلا وله
صيت في السماء فإذا كان صيته في السماء حسناً وضع في الأرض وإن كان صيته في
السماء سيئاً وضع في الأرض "
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم " أرأيت
الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس ( وفي رواية ويحبه الناس عليه )
قال تلك عاجل بشرى المؤمن "
6-ومن علامات حب الله للعبد أيضاً أن يبتليه بأنواع البلاء حتى يمحصه من
الذنوب كما قال صلى الله عليه وسلم " ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في
نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة "
نعم أحبتي إذا أحب الله قوماً ابتلاهم وفرغ قلوبهم من الاشتغال بالدنيا
غيرةً عليهم أن يقعوا فيما يضرهم في الآخرة وجميع ما يبتليهم به من ضنك
المعيشة وكدر الدنيا وتسليط أهلها ليشهد صدقهم معه في المجاهدة قال سبحانه "
ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم " قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم
" إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط "
وعلى قدر الإيمان يكون البلاء .
7-ومن علامات حب الله أن يتوفاه على عمل صالح .
فالإنسان عباد الله لا يدري بما يختم له عند الموت فعليه أن يسأل الله
دائماً حسن الختام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أحب الله عبداً
عسله ... فقيل وما عسله يا رسول الله؟؟؟ قال : يوفق له عملاً صالحاً بين
يدي أجله حتى يرضي عنه جيرانه أو قال من حوله "
اعلم رعاك الله أن الإنسان يموت على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه ولا يظلم ربك أحدا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
الموضوع : يحبهم ويحبونه المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya