وقفة مع نفسي ذات ليلة
وقفة مع نفسي ذات ليلة
تذكرت نفسي لو أنه جاءني ملك الموت ليقبض روحي ، فما عساي أخبره ! ؟!
أأنا مستعدة للموت ؟ أعملت ما يكفيني ؟!
أتراني أكون من أهل الجنة أم من أهل النار؟
...لا.. بالطبع سأكون من أهل الجنة … ولكن بماذا سأدخل الجنة ؟!
ماذا فعلت لأكون من أهلها ؟ وماذا قدمت لنفسي لأدخلها؟
أمن صراخي اليومي على أمي ؟! أم من غيبتي ونميمتي لصديقاتي ؟! أم من تبرجي
ولباسي؟! أم من الأغاني والأفلام والبرامج المليئة بما يغضب الله عز وجل
سكتُّ قليلا … .. ولكني بالتأكيد أفضل من غيري.
لكن أفضل ممن ؟
تذكرت تلكم الفتيات الطاهرات العفيفات اللاتي كنت ألاقيهن في المسجد
كيف أن الواحدة منهن مستعدة أن تدفع حياتها ثمنا ولا يرى منها خصلة من شعرها . فأين أنا منهن ؟!
قلت في نفسي : ألي عهد من الله أنه لن يتوفاني حتى أتوب ؟!
ألي من الله عهد أني لن أموت الآن أو غدا ؟!
أأعطاني ربي عهدا أنه سيغفر لي ويدخلني الجنة ؟!
.... قمت من مكاني وأنا خائفة مرتعبة وفي عيني تجمدت دمعتان ، توضأت وقمت
أصلي وأنا أرتعد خوفا ، وأثناء الصلاة .. فوجئت بنفسي حينما وجدت عيناي
تفيضان بالدموع ! فلقد كانت المرة الأولى التي تبكي فيها عيناي
نعم … فقد كان كل بكائها من قبل على الدنيا ! والآن هي بالفعل تبكي بحرقة ،
تبكي خشية لله عز وجل تبكي على ذنوب كثيرة وعظيمة ارتكبتها وهي لا تبالي
وهي تظنها هينة { وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم } فشتّان بين البكاءين .
لا تصدقوا كيف أحسست بمعنى تلك الآيات التي كنت أتلوها وكأنني أتلوها لأول
مرة علما بأنني أصلي بها نفسها منذ سنوات عديدة بقيت ساجدة لوقت طويل لم
أشعر به الشيء الوحيد الذي شعرته والذي أحسسته بالفعل أني بين يدي العظيم
بين يدي خالقي ومصوري .. فصرت أدعوه وأستغفره كثيرا وأحمده ..وعزته وجلاله
أني أحسست بالفعل أنني بين يديه
لم أصدق نفسي ماذا كنت أقول ... كنت أدعوا بأدعية ما علمت أني أعرفها من
قبل .. صارت شفتاي تنطقان وقلبي الوحيد .... الذي يدفعهما. وبعد أن انتهيت
من صلاتي .. سلمت
وبدأت أتذكر ما أتذكر من ذنوبي التي عملتها ... وبدأت أنظر إلى نفسي وأقول :
ما الذي جعلك يا يداي تتحركين ؟ وقلبي من جعله ينبض وعيناي وأذناي وقدماي
.... وكل شيء وصرت أنظر إلى كل ما حولي ... فكيف لبذرة صغيرة أن تصير شجرة
عملاقة ؟
قلت لن! فسي : أين كنت كل هذه السنين ؟! .. أين أنا وأين غفلتي ؟ كيف لم أشعر به وقد كان قريباً مني ! شعرت فعلا بعظمته .
كيف لهذا الإنسان أن لا يشعر ، يبطر ويكفر ولا يحمد ، لا يصلي ولا يشكر !
وهو ... يمهله .. ويرزقه ولا يرفع عنه نعمته .. بل ويزيده رزقا بعد رزق في
المال والولد وكل النعم
كيف لهذا الإنسان وهذا الخالق العظيم .. يقول له ..تب,, أغفر لك كل ذنوبك
..لا بل وأبدلك سيئاتك كلها حسنات مكانها. ويرفض ! ويقول لا .. لا أريد !
كيف له ذلك ؟ ألا يعلم أنه لابد له من أن يموت يوما ؟! ألا يتذكر كم سيعيش من السنين ؟
سبعون ... ثمانون ... مائة .. أو حتى مائتي سنة .. ثم ماذا ؟
ثم إلى مرتع الدود .. ثم إلى تحت التراب .. ثم إلى الظلمات من ينير ظلمة
ذلك اليوم ؟ من يؤنس وحشته تلك الساعة؟ من يسري عنه ؟ من يطمئنه ؟ من يكون
برفقته ؟ أو .... من يدفع عنه العذاب حينئذ ؟ أين فنانوه الذين تعلق قلبه
بهم ؟ وأين أصحابه الذين شاركوه لهوه وعبثه ؟ أين أهله الذين غفلوا عنه ؟
هل ينفعونه الآن ؟! كم من السنين سيعذب في قبره قبل القيامة ؟
قلت في نفسي : أين هو فرعون اليوم ؟ أي! ن هم الجبابرة الذين طغوا منذ آلاف
السنين ؟ يا إلهي … .لازالوا يعذبون إلى الآن ! { ولعذاب الآخرة أكبر لو
كانوا يعلمون }
ثم تخيلي يا نفسي ستقفين على أرض المحشر خمسين ألف سنة ! في يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة حافية عارية لا أكل ولا شرب.. تموتين عذابا.. ولا تموتين ثم
تخيلي لو أنك دخلتي جهنم
ستحتاجين لتسقطي فيها سبعون سنة !! أي مثل عمر ابن آدم ( ثم قد تبقين فيها سنة ، مائة ، ألف مليون سنة ، الله أعلم )
وما بالك بمن هو خالد فيها .. لها : أيا نفس ويحك ألا تبصرين ؟! ألا تفقهين
؟! أم أنك لا تدركين ؟ !ألا تتوبين إلى الله ! ألا تنقذين نفسك !لا زالت
لديك الفرصة لتنقديها قبل أن يتخطفك الموت ! عندئذ لا توبة ولا رجوع
عندئذ ستندمين.. بل! ستتقطعين ندما على هذه الأيام التي ضاعت منك وأنت
تؤجلين توبتك .... عندها ورب العزة لن ينفع الندم ولن تنفع التوبة .. عندها
ستقولين دما وحرقة : { رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت } وسيقال لكِ :
{ كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ! }
قمت من مجلسي مع سماعي لأذان الفجر .. صليت الفجر .. وجلست أقرأ قليلا من
كتاب الله الذي كنت قد هجرته منذ رمضان السابق أو ربما قبله .. بقيت حتى
طلعت الشمس !! و ذهبت إلى فراشي !! كان في قلبي سعادة عظيمة أحسست بها وأنا
أمسح دمعاتي التي نزلت على خدي ، وكأنما تنزل مع كل قطرة منها خطاياي
وذنوبي .. وكأنها كانت تنزل لتغسل قلبي وتطمئن نفسي
وربي أنه كان شعور .. لم أشعره مع أي سعادة في حياتي .. وأنها كانت فرحة لم أشعر بمثلها من قبل .
فجعلت أقول وأردد { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله
تطمئن القلوب } فصدق الخالق .. صدق الذي لا إله غيره .. والذي ما في الدنيا
أعظم من ذكره سعادة واطمئنان في الدنيا .. وفي الآخرة « مالا عين رأت ولا
أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر »
فمالنا لا نكسب دنيانا و أخرانا ؟!
لا نترك توافه تظلنا مالنا لا نترك الأغاني مثلا ؟ والله إني احتقرت نفسي
كيف كنت أسمعها فما ! كانت تزيدنا إلا هما وغما وحزنا ، ما كانت إلا تظلنا
وتجعلنا كالمعتوهين.
الله قد جعل لجميع شهواتنا مخرجا في الدنيا فمالنا لا نصبر فنقضيها فيما
أحل الله لنا .! وأغمضت عيني بعدها ونمت …فما أحسست بطعم النوم إلا يومها
.. وكأني لم أنم منذ تسع عشرة سنة مضت من عمري !!!
ومن يومها ... لم أعرف قلقا أو خوفا في نومي ... وصار هادئا مريحا بحمده تعالى .
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأنر لنا بالحق دربنا وثبتنا على الهدى
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
اللهم اهدْ شباب المسلمين وارزقهم الطهر والستر والعفاف وارزقهم الزوجات الصالحات
....والأزواج الصالحين يا أرحم الراحمين
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار يا عزيز يا قوي يا جبار
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
الموضوع : وقفة مع نفسي ذات ليلة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya