@@ التسامـــــــح فى الاســـــــــــــــــــلام @@
ثقافة التسامح عند المسلمين ونحن على ابواب العيدمن أشد الأمور خطرا، والتي تهدد المجتمعات بالتمزق والتعادي، بل قد تفضي إلى إشتعال الحروب بين المجتمعات بعضها وبعض، بل بين أبناء المجتمع الواحد، والوطن الواحد:
التعصب
انغلاق المرء على عقيدته أو فكره، واعتبار الآخرين جميعاً خصومه وأعداءه، وتوجس الشر منهم، وإضمار السوء لهم، وإشاعة جو من العنف والكراهية لهم، مما يفقد الناس العيش في أمان واطمئنان. والأمن نعمة من أعظم نعم الله على الإنسان، لهذا امتن الله على قريش فقال: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} (قريش:4،3).
واعتبر شر ما تصاب به المجتمعات: الجوع والخوف، فقال تعالى:
{فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (النحل:112)
ومن الناس من يتصور أن الإيمان الديني ملازم للتعصب لا يفارقه لا محالة.
لأن المؤمن بدينة يعتقد أنه على الحق، وما عداه على الباطل،
وهذه التصورات للآخرين: تنشئ العداوة والبغضاء بين الناس بعضهم وبعض، وكثيراً ما تؤدي إلى حروب دموية بين الطوائف والشعوب المختلفة دينياً
ومصادر ثقافة التسامح لدي المسلم كثيرة وأصيلة.
وأعظمها بلا ريب هو: القرآن الكريم؛ الذي أسس أصول التسامح، ورسخها في سوره المكية والمدنية، بأساليبه البيانية المعجزة، التي تخاطب الكيان الإنساني كله، فتقنع العقل، وتمتع العاطفة، وتحرك الإرادة.
أن الدعائم الشرعية والمنطقية التي سنعتمد عليها في الدعوة إلى التسامح وإشاعته وتثبيته: مستمدة من القرآن أساساً
ومن مصادر ثقافة التسامح لدى المسلم: الواقع التاريخي لأن الإسلام، بهذا التاريخ قام على التسامح مع المخالفين،
إقرار التعددية
الركيزة الأولى وهى: اقرار ظاهرة التعددية، أو التنوع، وأنها ظاهرة طبيعية، وسنة كونية، كما يؤمن المسلم بوحدانية الخالق، يؤمن بتعددية الخلق في مجالات شتى.
الاختلاف واقع بمشيئة الله تعالى
والركيزة الثانية: أن اختلاف الدين واقع بمشيئة الله تعالى، المرتبطة بحكمته سبحانه، فلا يشاء إلا ما كان فيه حكمة، لأن من أسمائه (الحكيم) فهو لا يخلق شيئاَ باطلا، ولا يشرع شيئاً عبثاً
وقد أعلن القرآن أن هذا الختلاف الديني واقع بمشيئة الله عز وجل كما قال:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس:99) وقال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (الأنعام:35)
حساب المختلفين إلى يوم القيامة
والركيزة الثالثة: أن حساب المختلفين في دياناتهم ومذاهبهم واتجاهاتهم الدينية والأخلاقية التي نشأوا عليها، ليس إلينا، ولكن إلى خالق الجميع، إلى الله وحده وليس في هذه الدنيا، ولكن في الدار الآخرة، يوم القيامة. وهذا ما قرره القرآن في مواضع شتى. يقول تعالى مخاطبا رسوله:
{وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (الحج:68،69
اعتبار البشرية كلها أسرة واحدة
والركيزة الرابعة: أن الإسلام ينظر إلى البشرية كلها – أيا كانت أجناسها وألوانها ولغاتها وأقاليمها وطبقاتها- بوصفها أسرة واحدة، تنتمي من جهة الخلق إلى رب واحد، ومن جهة النسب إلى أب واحد، وهذا ما نادى به القرآن الناس؛ كل الناس، فقال:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}(النساء:1
البر والقسط للمسالمين من غير المسلمين
إذا أردنا أن نجمل تعليمات الإسلام في معاملة المخالفين له - في ضوء ما يحل وما يحرم- فحسبنا آيتان من كتاب الله، جديرتان أن تكونا دستورا جامعا في هذا الشأن. وهما قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } سورة الممتحنة:8 ،9
العداوات بين الناس ليست أمرا دائما
والركيزة السابعة، التي قررها الإسلام، وعلّمها للمسلمين، وغرسها في عقولهم وضمائرهم: أن الناس قد يعادي بعضهم بعضا، لأسباب مختلفة، دينية أو دنيوية، ولكن هذه العداوات – على حق كان أو على باطل- لا تدوم أبد الدهر، فالقلوب تتغير، والأحوال تتبدل، وعدو الأمس قد يصبح صديق اليوم، وبعيد اليوم قد يصبح قريب الغد، وهذه قاعدة مهمة في علاقات الناس بعضهم ببعض، فلا ينبغي أن يسرفوا في العداوة، حتى لا يبقوا للصلح موضعا، وهذا ما نبه إليه القرآن بوضوح بعد نهيه عن موالاة أعداء الله وأعداء المسلمين في أول سورة الممتحنة، وضرب مثلا بصلابة إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }(الممتحنة:4). بعد هذا قال تعالى:
{عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(الممتحنة:7
الموضوع : @@ التسامـــــــح فى الاســـــــــــــــــــلام @@ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: مايا كول