ثمـة حبـل رقـيـق جـدا يـصل بيـن الـقلـوب.. والـقمـم.. يـشـدهـا الـى أعلـى.. يـمدهـا بنقـي هـوائهـا.. ويـبرد حمـم
التعـب بنداهـا.. ويطربهـا بـعـذب حـدائهـا.. يـزرع هـوى الـقمـم فـي قـيعـان القـلــوب.. ويـغرس أشجـار الاراده فيهـا
أغـراسـا لتـورق اشراقا وتثمر أفراحا.. حبل يتجـاوز كــل أبعـاد الممـكــن.. ويتحـاور مع المستحيـل ليصوغه فـجرا لـمـع
بريقـه.. وانـجازا حلـو القـسمـات.. وربيعـا عطـر الحنايـا.. حبـل مـن تـصمـيم.. نـسجتـه أصـابـع العـزم.. ولـوّنته بـألـوان
الارادة.. حبـل متصـل بأعلـى السـماوات.. يباركــه رحمــن السمـاء والأرض.. فـيسبـغ عليـه مـن اسمـه (المتيـــن)
قـوّة لا تفتهـا أعاصيـر الأرض.. حبـل اسمـه:


الهمّـــــــــــــــــــــــــــــــــــة



فالهمة.. غليان مستمر, قفز للقمة.. طيران لاعلى.. قلب جيّـاش.. نفس توّاقـة.. أمـل بعيد.. تعلم أن تتسابق..
ولياليـك أن تعانق.. فالبدار البدار.. الطريق الذي طوله ميل يقطع بخطوة..
وانما أثر الحبل في الحجر لانه دام, وانما تخدد الجبل من الماء لانه استمر, ومـن ثبت نبت..

قـم.. قـم لميدان العمل, اطرد الفراغ, سابق عجلة الزمـن, زاحـم الجادّيـن.. وسـر مسـرعـا فالمـوت خلفـك.. أسرع
هيهات هيهات مـا منه ملاذ.. الناس في أشكالهم وصورهم ولحومهم سـواء,
انما اختلفوا في الهمم فأصبح الواحد منهم يعد بألوف الناس...

وقـد خيّـر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين الدنيـا والآخرة, فاختـار الآخرة ونادى بـل الرفيق الأعلــى...

وأرشدنا لطلب الفردوس الأعلى, وسأله أبـو بكـر : هل يدعـى أحـد مـن أبواب الجنّــة الثمانية؟
قـال : نعـم, وأرجـو أن تكون منهم, ومـا ذلك الا لعلو همته لانه كـان مـن المصلين الصـائمـين
الذاكـرين المنفقيـن العاملـين....
وكـان عمر لاينام مـن الليل الا قليلا ويقول: لـو نمت فـي النهار ضـاعـت رعيّتي,
ولـو نمـت فـي الليل ضـاعـت نفسـي...
واشترى عثمان نفسه من الله مرات كثيرة..
وعرضت الدنيـا لعلـي فرفضـها واكتفى بخـبز الشعيـر....

قم الآن.. صلّ أو سبّـح أو طـالـع أو تفكر أو افعل الخيـر.. فليس فـي القبر فرصة للعمل..
لامسجـد للصلاة.. ولا مكتبـة للقراءة..
"وحيل بينهم وبين مايشتهون" صدق الله العظيم

وفي بطون القبور أسـرار وأخبـار, ولسان الحـال ينادي
"وتزودوا فان خير الزاد التقــــوى"