أحوال السلف وقت الفتن
الامام أحمد بن حنبل و ما أدراك من هو الامام أحمد فهو امام أهل السنة تعرض لفتنة شديدة و هى فتنة خلق القرآن.
فقد كانوا يريدون منه أن يقول بخلق القرآن و هو قول يستلزم كفر صاحبه ان اعتقده لأنه يستلزم أن يكون كلام الله مخلوق و هو قول باطل من كلام المبتدعة.
فتعالوا لنرى ما هى هذه الفتنة و كيف تعامل معها الامام و لنسقطها على واقعنا.
فى عصر الخليفة المأمون زين له بعض المبتدعة القول بخلق القران و أن يرسل إلى نائبه ببغداد ليجبر الناس على هذا القول فامتنع العلماء عن ذلك و لكنهم أجبروا بالتهديد بقطع الأرزاق و الضرب فأجابوا مكرهين.
إلا الامام أحمد و محمد بن نوح رفضا ثم مات محمد بن نوح و سجن الامام أحمد 28 شهرا أو يزيد و مات المأمون و جاء المعتصم الذى امتحن الامام بين يديه و ناظر الامام العديد من المناظرات مع أهل البدع و أبى أن يقول بخلق القرآن.
فأخذوا يجلدونه و يضربونه بالسياط حتى جلد 17 سوطا و كان يغشى عليه فكلما أفاق زادوا عليه الضرب,
و كانوا يقولون له هذه كلمة قولها (يا عم قول) فيقول هاتوا لى آية أو حديث دليل على قولكم
ثم مكث فى بيته مدة طويلة حتى عافاه الله فخرج للجمعة و صلاة الجماعة و عاد لالقاء الدروس حتى مات المعتصم و جاء ابنه الواثق الذى جدد القول بخلق القرآن و امتحن الامام و منعه من صلاة الجماعة و الجمعة و القاء الدروس.
ثم ولى المتوكل فرفع المحنة و راسل الامام أحمد لسأله عن خلق القرآن لا سؤال امتحان و لكن ليتعلم الحق من الباطل فبين له الامام الصواب و انتهت المحنة.
اذا
الدرس الذي استفدناه أن الإمام احمد رأيناه يتعامل مع هذه الفتنه فيصبر
على ظلم الولاة وجورهم الذين ضربوه وسجنوه وعذبوه وضيقوا عليه وأمروه بأن
يعتزل الناس ومنعوه من الجمعة والجماعات ومنعوه من التدريس لكن لم نسمع منه
في حقهم إلا كل خير فما دعا عليهم ولا اغتابهم.
ولا
حفَز الناس ضدهم بل سمع وأطاع في غير معصية الله سجنوه فصبر جلدوه فاستسلم
حجزوه في بيته فما خرج منعوه من الجمعة والجماعة فصلى في بيته ولم يحزب
حزبا ولم يجمع حوله الشباب ولم يصنع القلائل والإضطرابات بل صبر وصابر
ورابط.
بالله هل كان الإمام جبانا, هل كان الإمام بموقفه ذلك يقف موقفا سلبيا هل كان الامام وهو يصنع ذلك؟؟؟
قد جانبه الصواب أم انه كان حريصا على الأمة وسد أبواب الفتنه؟؟؟
انها مسائل كبار لا يفقهها للأسف كثير ممن تصدر للعلم اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله
ولعل الأمر يحتاج منا إلى تأصيل من كلام الإمام أحمد حول هذه المسألة
التي نستدل بها من موقفه في المحنه أن ننظر في كلامه أيضا ليس فقط في فعله لأنه ربما بعض الناس يقول كان عاجزا فلم يصنع...
اجتمع فقهاء بغداد إلى الإمام أحمد في ولاية الواثق وشاوروه في ترك الرضا
بإمرته وسلطانه.
قالواهذا الرجل لازم نصدر بيانا من علماء الأمة أن هذا الرجل لا يصح بحال ان يرضى بإمارته وسلطانهولازم نخرج عليه ولازم نعمل ثوره فناظرهم الإمام أحمد وقال
لهم عليكم بالانكار بقلوبكم انكروا الظلم بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة
ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دمائكم ودماء المسلمين.
و ذكر الأحاديث الآمرة بالصبر على جور الأئمة و انظروا صحيح مسلم كتاب الإمارة لمزيد من التبصر، إن ضربك فاصبر ، فقال : فأمر بالصبر.
الصبر
على ما نحن فيه خيرٌ من الفتنة ، يُسفك فيها الدماء و يُستباح فيها
الأموال و يُنتهك فيها المحارم أما علمت ما كان الناس فيه يعني أيام
الفتنة...
الناس في وقت الفتن ترى الأمور كيف تسير ، العقيدة لا يصير لها ميزان و لا اعتبار الناس يكون هواهم هو الدافع لهم ، تقول لأحدهم أن تكمل في المسألة الفلانية كذا و كذا لا يسمعون لك ، يقولون : دعكم من هذه الأقاويل التي ما لها عندنا من سلطان كلام مثبط .. الناس في وقت الفتن الذي يحركهم هواهم الذي يحركهم هو ما تكنه صدورهم من غلٍ بسبب الظلم و الجور الذي يعيشونه لكن الإمام أحمد هنا أصَّل لنا أصلاً خطيرا: إنه قال الصبر
على ما نحن فيه خير من الفتنة حتى لا تسفك الدماء حتى لا يكون في هذا
الخروج على الأئمة من المنكر الأشد ما هو معلوم و لابد من حصافة و حكمة و
فهم فموقف الإمام الشرعي في هذه الفتنة هو الذي ينبغي أن نأخذ به و لا ينبغي لنا بحال أن نستهين بهذه المسائل التي يترتب عليها من البلايا الشئ الكثير.
الشيخ ابن الباز له كلام نفيس في رسالة اسمها

“المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم و المحكوم

”
هذا كلام علماء العصر لكي لا يأتي أحد يقول منهج السلف هذا كلام يصلح في زمن الخلافة و نحن لسنا في زمن الخلافة .
قال الشيخ ابن باز:"
ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة و ذكر ذلك على المنابر لأن هذا
يفضي إلى الإنقلابات و عدم السمع و الطاعة في المعروف فيفضي إلى الخروج
الذي يضر و لا ينفع و لكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم و
بين السلطان الكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه
للخير"
و قال الشيخ بن العثيمين في رسالة له بعنوان "حقوق الراعي و الرعية" قال : "الله
الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان و أن لا يتخذ من
أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس و إلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور فهذا
عين المفسدة و أحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس"
كلماتٌ ذهبيات في هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمة والذي افتُتِنَ فيه العباد بسبب ما يرونه في الواقع من أمور .