أحكام التعزية وزيارة القبور :
وتسن تعزية المصاب بالميت ، وحثه على الصبر والدعاء للميت ، لما روى ابن ماجه - وإسناده ثقات - عن عمرو بن حزم مرفوعا : ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة ، إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة ، ووردت بمعناه أحاديث .

ولفظ التعزية أن يقول : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وغفر لميتك .

ولا ينبغي الجلوس للعزاء والإعلان عن ذلك كما يفعل بعض الناس اليوم ، ويستحب أن يعد لأهل الميت طعامًا يبعثه إليهم لقوله صلى الله عليه وسلم : اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فقد جاءهم ما يشغلهم رواه أحمد والترمذي وحسنه .

أما ما يفعله بعض الناس اليوم من أن أهل البيت يهيئون مكانا لاجتماع الناس عندهم ، ويصنعون الطعام ، ويستأجرون المقرئين لتلاوة القرآن ، ويتحملون في ذلك تكاليف مالية ، فهذا من المآتم المحرمة المبتدعة ، لما روى الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله ، قال : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة وإسناده ثقات .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " جمع أهل المصيبة الناس على طعامهم ليقرءوا ويهدوا له ليس معروفا عند السلف ، وقد كرهه طوائف من أهل العلم من غير وجه " ، انتهى . [انظر : فتاوى شيخ الإسلام 24/ 316 .]

وقال الطرطوشي : " فأما المآتم ، فممنوعة بإجماع العلماء ، والمأتم هو الاجتماع على المصيبة ، وهو بدعة منكرة ، لم ينقل فيه شيء ، وكذا ما بعده من الاجتماع في الثاني والثالث والرابع والسابع والشهر والسنة ، فهو طامة ، وإن كان من التركة وفي الورثة محجور عليه أو من لم يأذن ، حرم فعله ، وحرم الأكل منه " انتهى . [انظر : كتاب الحوادث والبدع ص 175 .]

وتستحب زيارة القبور للرجال خاصة ؛ لأجل الاعتبار والاتعاظ ، ولأجل الدعاء للأموات والاستغفار لهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها رواه مسلم والترمذي ، وزاد : فإنها تذكر الآخرة ، ويكون ذلك بدون سفر ، فزيارة القبور تستحب بثلاث شروط :

1 - أن يكون الزائر من الرجال لا النساء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله زوارات القبور .

2 - أن تكون بدون سفر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد .

3 - أن يكون القصد منها الاعتبار والاتعاظ والدعاء للأموات ، فإن كان القصد منها التبرك بالقبور والأضرحة وطلب قضاء الحاجات وتفريج الكربات من الموتى ، فهذه زيارة بدعية شركية .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " زيارة القبور على نوعين : شرعية وبدعية ، فالشرعية : المقصود بها السلام على الميت والدعاء له كما يقصد بالصلاة على جنازته من غير شد رحل ، والبدعية : أن يكون قصد الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت ، وهذا شرك أكبر ، أو يقصد الدعاء عند قبره ، أو الدعاء به ، وهذا بدعة منكرة ، ووسيلة إلى الشرك ، وليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها ، انتهى ، [فتاوى شيخ الإسلام 24/ 326 ، 26/ 148 .] والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

منقول من موقع العلامة الفوزان - حفظه الله

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]