عاشقة الريشةعضـــو نشــط
تاريخ التسجيل : 07/10/2010
| موضوع: من سنن القرآن في كلام الأقران [فرقة الهدى] الأحد 17 أكتوبر 2010 - 4:16 | |
|
من سنن القرآن في كلام الأقران
كلام الأقران :
من سنـن الله في خلقه أن يبتلىَ الأقران بعضهم ببعض ، لـحسد بعضهم ، أو فظاظةِ ألفاظٍ ، أو سوءِ أخلاقٍ، أو سوءِ فهمٍ لمسألةٍ مُختلفٍ عليها .
وقد يـكون كلام بعضهم في بعض تأولاً أو اجتهاداً ، كما حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم ، فقد قال معاذ -في الشابِّ الذي ترك الصلاة وراءه -: (( منافق )) وكان مؤمناً صادقاً ، وقال عمر رضي الله عنه في حاطب : (( منافق )) وردَّ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد لحاطب بالإيمان .
وقال علي ومعاوية كلاهما في أخيه ما قال ، فلم يلتفت إلى ذلك أهل السنة ، وكل من التفت إلى ذلك عُدَّ من أهل البدع والفتن .
قال ابن عبد البر رحمه الله في جامعه (1094)[1] : (( إن السلف رضي الله عنهم قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير منه في حال الغضب ، ومنه ما حـمله عليه الحسد ، كما قال ابن عباس ومالك بن دينار وأبو حازم . ومنه على جهة التأويل مما لا يَلزم المقول فيه ما قال القائل .. ثم قال : ونحن نورد في هذا الباب من قول الأئمة الجلَّة الثقات السادة ، بعضهم في بعض مما لا يجب أن يلتفت فيهم إليه ، ولا يعرج عليه )) .
وقد استفتح ابن عبد البر الباب الذي أشار إليه بـحديث النبي صلى الله عليه وسلم (( دب إليكم داء الأمم من قبلكم ، الحسد والبغضاء ...)) الحديث إشعاراً بأن معظم ما قيل في هذا الباب ، هو من باب الحسد ، وأن رسول اللهr
لم يستثن منه أحداً، عالماً كان أو جاهلاً ، وجيهاً كان أو وضيعاً .
وأما قول ابن عباس رضي الله عنه الذي أشار إليه ابن عبد البر ، فهو قوله : (( خذوا العلم حيث وجدتم ، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم في بعض ، فإنهم يتغايرون كتغاير التيوس في الزريبة ))
وأما قول مالك بن دينار فهو :
(( يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض ، فلهم أشد تحاسداً من التيوس )) .
ثم ضرب ابن عبد البر رحمه الله في كتابه أمثلة من قول بعضهم في بعض ، من الأفضل الإعراض عنها ، ولكننا نسوق بعضها باختصار للاعتبار ، وليعقلها الأخيار ، ويتقي شرها الأبرار -فكن منهم رعاك الله- لعل الله يطفئ بها الفتـن .
فقد تكلم الإمام مالك في ابن إسحاق وكذَّبه ، وقال : (( هذا دجَّال من الدجاجلة )) ، ولم يقبل العلماء قول مالك رغم إمامته ، وقبلـوا رواية ابن إسحاق ووثَّقوه . وقال ابن وهب عن عبد الله بـن زياد : ثقة ، وكان مالك يقول فيه : " كذَّاب " وردَّ العلماء قول مالك ، ومثل هذا الاختلاف كثير جداً .
وتكلم في مالك جماعة من العلماء الأجلة ، منهم إبراهيم بن سعيد ، وإبراهيم بن أبي يحيى ، وكان يدعو عليه، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وابن إسحاق ، وابن أبي يحيى ، وابن أبي الزناد وغيـرهم ، وعابوا أشياء من مذهبه ، حتى الإمام الشافعي تـحامل عليه ، وبعض أصحاب الإمام أبي حنفية حسداً ، حتى قال ابن أبي ذئب فيه - لمسألة خالف مالك فيها نصاً متأولاً - قال : (( يستتاب مالك وإلا يقتل.. )).
ورغم أن جميع من تكلم فيه من أهل السنة ، بل من علمائها وأئمتها ، ومع ذلك لم يُصْغَ إلى أحد منهم ، وعدُّوا ذلك من كلام الأقران .
وأطلق ابن معين لسانه في كثير من الأئمة ، في الأوزاعي والزهري ، حتى طال لسانه في الإمام الشافعي وغيرهم قال ابن عبد البـر : (( وقد كان ابن معيـن -عفا الله عنه- يطلق في أعراض الثقات الأئمة لسانَهُ بأشياءٍ أُنكرت عليه .. )) ، وكل الذين تكلم فيهم ، هم عند العلماء أعلم منه وأفقه .
ومن أعظم الفتن بعد فتنة الأنبياء التي هي سلوى للمبتلين ، وعبرة للسامعين ، وردع للغافلين ، فتنة الإمام البخاري ، إذ حسده أقرانه ، بل مَنْ هم دون ذلك ، وتكلموا فيه ، وبدَّعوه ، وهجروه ، وأمروا الناس بهجره ، حتى خرج من بعض البلدان وحيداً ، ليس معه أحد إلا الله تعالى ، وكفى بالله للمظلومين نصيراً .
وَسِرُّ ذلك : أن البخاري لما قدم نيسابور بلد محمد بن يحيى قال لتلاميذه محمد بن يحيى : (( اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسـمعوا منه ، فذهب الناس إليه ، وأقبلوا على السماع منه ، وظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى ، فحسده بعد ذلك ، وتكلم فيه )) .
قال أبو حامد الأعمش كما في سير أعلام النبلاء (12/ 455) : ( رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان ، ومحمد بن يحيى ( إمام من أئمة أهل الحديث ) يسأله عن الأسامي والكُنى وعِلَلِ الحديث ، ويـمرُّ فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم . فما أتى على هذا شهر حتى قال محمد بن يحيى : ألا من يختلف إلى مجلسه فلا يختلف إلينا ، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلَّم في اللفظ ، ونـهيناه ، فلم ينته ، فلا تقربوه ، ومن يقرْبه فلا يقْربنا ، فأقام محمد بن إسماعيل ها هنا مدة ، ثم خرج إلى بـخارى )
(( وقال محمد بن يحيى مرة : ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري ، فاتـهموه ، فإنه لا يـحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه )) .
فانظر ماذا يصنع الحسد بأهله ، حتى أضر نفسه ، وأضر غيره بترك الاستفادة من علم هذا الإمام .. ثم أبقى الله ذكره ، وردَّ حسد غيره ، وهكذا تتكرر حكاية البخاري في العلماء والدعاة في كل زمان ومكان .. فسبحان الله مبتلي العباد بالعباد .
مفاسد هذا المذهب
مفاسد قبول كلام الأقران بعضهم في بعض ، ونشر هذا بين الناس ، كثيرة منها :
- تحمُّل إثم الغيبة ، ونشر الفساد ، فلحوم العلماء مسمومة ، قال ابن عبد البر (1116) (( والله لقد تجاوز الناس الحد في الغيبة والذَّمِّ ، فلم يقنعوا بذَّمِّ العامة دون الخاصة ، ولا بذم الجهال دون العلماء ، وهذا كله يحمل عليه الجهل والحسد )) .
- الانشغال بذلك عن العلم والعمل والدعوة ، فانظر إلى حال هؤلاء الذين دأبهم الكلام في الناس ، وكيف أُشغلوا بذلك عن حفظ القرآن والسنة ، وهل يزداد المرء بالفتـن علماً وأدباً .. أم غفلةً وانشغلا .. قال بعض السلف : (( أمرنا الله بالإكثار من ذكره ، فذكرنا الناس أكثر منه سبحانه ))
- قساوة القلوب ، بإشعال نار الضغينة والحسد بينهم ، فانظر إلى هؤلاء ، أو إلى نفسك إن كنت وقعت في ذلك ، هل قلبك ازداد -بعد هذه الفتنة- رقة ولطفاً ، أم قساوة وضغينة ؟!.
- زيادة تفريق المسلميـن وتحزبهم ، وهذا أمر مشاهد لا ينكره عاقل ، فإن نقل كلام الأقران بعضهم في بعضهم بين الناس ، فرق الصف لأجل أشخاص ، باسم المنهج ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
- فقدان الناس الثقة بالعلماء ، حتى يصبحوا في حيرة من أمرهم ، وقلق وفساد ، وإذا فقدت الثقة ، فمن يصدقون ؟ ومن يسألون ؟ وهذه المفسدة من أعظم المفاسد ، وقد أدى هذا الأمر بكثيـر من الناشئة إلى ترك طلب العلم انشغالاً بذلك ، أو فتوراً ، إذ يقول له الشيطان : إذا كان العلماء كذلك ، فكيف يُطلب العلم عندهم ، أو يقول له : هذا ثمرة العلم فأعرض عنه .
فمنهم من عن العلم انتكس ، بل منهم من عن التقوى أو الدين ارتكس -والعياذ بالله- : إذ يقول له الشيطان: (( إذا كان العلماء والدعاة يطعن بعضهم في بعض ، فأي دين هذا ؟ وأي تقوى هذه؟ )) فيدفعه هذا إلى الانحراف والفساد ولقد رأينا من هذا أمثلة كثيرة ، وأعلم رجلاً كان من أوائل من أشعل هذه الفتنة ، فتنة كلام الأقران ، وتتبع الزلات ، وإلزام الإلزامات ، وكان لا يغشى مجلساً إلا أشعل فيه الفتنة... ، وهو الآن قد افتتن في دينه وانتكس ويعيش وحيداً منفرداً ، قد أصابته الأمراض .. ومنها : أنه يتقيأ دماً .. لقد سمَّه لحوم العلماء والدعاة .
ولما رأى أبو العتاهية الشاعر ذلك منهم ، أنشد قائلاً :
بكى شجوَهُ الإسلامُ مِنْ عُلمائِــهِ فَما اكترثوا لما رأوا من بكائه
فأكثرهم مستقبــحٌ لصوابِ مَنْ يـخالفُهُ مستحسنٌ لأخطائهِ
فأيـهُمُ الـمرجوُّ فينا لدينـــهِ وأيــهُمُ الموثوقُ فينا برِأْيهِ
وقال أبو حازم ( وهو من أجلِّ علماء السلف ) - لمَّا رأى ما يجري بين بعض العلماء من التغاير والـحسد - قال ((فهلك الناس ))
قواعد الإنصاف في هذا الباب :
لقد خلط كثير من الناشئة في هذا الباب وخبط ، وتـحزَّب لذلك وفرَّق .
قال ابن عبد البر(1093) (( قد غلط فيه كثير من الناس ، وضلت فيه نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك )) .
قلت :كأن ابن عبد البر رحمه الله يعيش في زماننا ، وما أكثر النوابت في كل زمان .
القاعدة الأولى :
- (( لا يقبل -أي الجرح- فيمن صحت عدالته ، وعُلمت بالعلم عنايته ، وسَلِمَ من الكبائر ، ولَزِمَ المروءة والتعاون ، وكان خيرهُ غالباً ، وشرهُ أقل عمله ، فهذا لا يُقبل فيه قول قائل لا برهانَ له به ، وهذا هو الحق الذي لا يصح غيره إن شاء الله )) .
ولما كذَّب مالك عبد الله بن زياد ووثَّقه غيره قال ابن وهب : (( لا يقبل قول بعضهم في بعض )) قالهما ابن عبد البر في جامعه (1093) ، (1106) .
وبتعبير آخر : إذا صحت أصول الرجل ، واستقام منهجه ، ولم يتبين منه ضلال ولا فسق ، فلا يقبل قول بتضليله إلا بدليل كالشمس وضوحاً ، وكالجبال ثبوتاً . أما مخالفته في مسائل - مهما كانت - لأقرانه ، أو لمن هم فوقه مع صحة تأصيله ، واستقامة استدلاله ، فلا يلتفت إليها أبداً ، مادامت في إطار الاجتهاد المشروع ، فقد مضى خلاف أهل السنة والجماعة في قضايا في العقيدة ومسائل في الأصول والفروع ، وما أكثرها .. وإذا مضى الأمر باجتهاد من أهله فلا يُعاب على قائله ، ومن عاب في ذلك فقد خاب ، ومن ضلل فقد ضلَّ ، ومن بيَّن وعذر فقد سلم ، ومن خطّأ ونصح فقد برئ .
وإذا رُدَّ قول مالك والشافعي و ابن إسحاق وأبو حنيفة وابن المبارك وقتادة وابن أبي ذئب وعِكْرِمَة وسعيد بن المسيَّب وغيرهم كثير ، إذا رُدَّ قول هؤلاء في أقرانهم ، وهم من أعظم أئمة الهدى - أفلا يُرّدُّ قول من هو دونـهم، أفلا يرد قول مجهولين ، فيمن عُرفت عقيدته ، وبان منهجه ، واستقام أمره ، ولكن ؛ كثر حساده . اللهم هداك
القاعدة الثانية من قواعد الإنصاف في هذا المقام :
أن لا يقبل قول جارح إلا بعد التثبت بالطرق الشرعية ، والقواعد القضائية ، لا بالمكالمات الهاتفية ، والإلزامات الظاهرية ، والقرائـن الظنيـة ، وأن لا يكون بينهما خصومة ولا منافسة ولا حسد .
قال ابن عبد البر رحمه الله : (( والصحيح في هذا الباب: أن من صحَّت عدالته .. لم يُلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة ، يصح بها جرحته على طريق الشهادات .. ))
واشترط رحمه الله أن يكون المتكلم بريئاً :
(( من الغل والحسد .. والعداوة والمنافسة ، وسلامته من ذلك كله ، فذلك كله يوجب قبول قوله .. ))
فأين هذا التقرير العظيم ؟ - وهو عدم قبول جرح من شُهِدَ له بالعدالة - إلا (( على طريق الشهادات )) .
أين هذا من اتهامات الدعاة بعضهم بعضا ، بلا بينة ولا تقوى، سوى الظنون الفاسدة ، والإلزامات الباردة .
القاعدة الثالثة :
لا يُسقَطُ علم هؤلاء ولا علم هؤلاء -الذين جرحوا بعضهم- بل يُؤخذ الحق ممن وُجِدَ عنده ، من غير التفاتٍ إلى طعونِ بعضهم ببعض ، ولو أنَّا أسقطنا كل عالم تكلم فيه قرينه ، لما بقيَ لنا أحد ، فقد تكلم ابن معين -كما سبق معك- في أئمة أهل السنة ، فردوا قوله ، وقبلوا علمه ، ولم يبدعوه ، ومن قبله الإمام مالك كذلك .
القاعدة الرابعة :
أن يُطوى كلام بعضهم في بعض ولا يُروى ، و أن يُدفن ولا يُنشر ، ونستغفر لهم جـميعاً .
قال تعالى : { والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم} [2]
والله أسأل أن يجنبنا جميعاً هذا الأمر .
مذهب أهل السنة في الخلاف :
الخلاف أنواع :
خلاف الترف :
تعريفه : هو كل خلاف لا يترتب عليه عقيدة أو عمل ، أو ثمرة ، أو مخالفة نص .
مثاله : عدد أصحاب الكهف ومكانهم -شجرة آدم التي أكل منها؟- الجنة التي خرج منها آدم ؟
قاعدته وحكمه لطلاب العلم : لا ينبغي ، حفاظاً على الوقت ، وحتى لا يتأسى الناس بهم .
حكمه للعوام - ولو كانوا مثقفين - : ينصحون بتركه وإلا فيتركون .. حتى لا ينشغلوا بغيره من الحرام .
خلاف التنوع : هو كل خلاف يجوز فيه أكثر من وجه .
قاعدته وحكمه : يـحرم الشقاق فيه ، ويـختار المسلم منه ما يراه ، أو ما كان في مصلحته .
مثاله : تعدد أدعية الاستفتاح في الصلاة - اختيار الزواج أولاً أو الحج .
خلاف الاجتهاد أو الخلاف المعتبر :
تعريفه : هو كل خلاف صدر ممن اتصف بثلاث .
- أهلية الاجتهاد : وهي توفر شروط الاجتهاد فيه ، التي اتفق عليها أهل السنة والجماعة .
- أصوله صحيحة : أي : أصول دينه ، وأصول اعتقاده ، وأصول استنباطه ، على منهج أهل السنة والجماعة .
- مناط حكمه معتبر : أي أن يكون الحكم الصادر منه ، مُناطاً بما هو معتبر عن أهل السنة والجماعة ، من الكتاب أو السنة أو الإجماع ، فلا يخالف المجتهد من سبقه ، ولا نصاً قد اتُفِقَ على معناه ، وأن يكون اجتهاده مبنياً على أصول الفقه المعتبرة ، لا أن يكون الحكم والفتوى معلقة بالمصالح والنتائج ، و الواقع و تتبع الرخص . وما شابه ذلك .
مثاله : اختلاف الصحابة في صلاة العصر في بني قريظة - اختلاف العلماء في قراءة الفاتحة في الصلاة الـجهرية -عورة وجه المرأة -الاختلاف في الأعيان تعديلاً وتجريحاً ، وما شابه ذلك .
قاعدته :- نبين ولا نضلل ، نصحح ولا نجرح .
- نخطئ ولا ننكر ، فإن الإنكار لا يكون إلا لمنكر ، وقد مضى مذهب السلف أن لا إنكار على مجتهد معتبر بالشروط السابقة .
- يُعذر أصحاب هذا الخلاف ، ولو كان في العقيدة .
-يبقى هذا الخلاف في دائرة الخلاف المعتبر ما لم يظهر نص يحسم الخلاف ، بالاتفاق .
- يشرع ترك الرأي للأعلم والأفضل .
الموقف منه : يأخذ طالب العلم ما ترجح له .. وأما العامُّي : فيأخذ ما اطمأن إليه قلبه ، وقد يكون من الاطمئنان اتباع الأعلم ، أو الأكثر ، أو الأتقى ، أو الأحوط أو... .
خلاف الخطأ : هذا النوع فرع من النوع السابق ، وفيه شيء من الدِّقَّة .
تعريفه :هو كل اجتهاد معتبر ثبت بعد ذلك خطؤه ، بدليل قطعي الثبوت ، قطعي الدلالة ، بحيث لو اطلع عليه المخالف تراجع .
وبتعبيـر آخر : سقوط مناط حكم المجتهد ، سقوطاً كلياً كاجتهاد خالد بن الوليد رضي الله عنه في قتل بني جزيمة ، والذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد )) -وكتـرك رفع الأيدي قبل الركوع وبعده عند بعض الأئمة ، وما شابه ذلك ، مما لم يظهر للمجتهد حين اجتهاده النص الذي يتبين به خطؤه ، ثم ظهر النص بعد ذلك جلياً ، قطعي الدلالة ، قطعي الثبوت ، بـحيث لو وقف عليه المجتهد، لتراجع عن رأيه . وقولنا عنه: خطأ ، احتراماً للمجتهد .
قاعدته : بالنسبة للمجتهد : يُـخطَّئ ولا يُلام ، وبالنسبة للمقلد يُنصح ويُعلم ويُبين له ، فإن أصرَّ على الخطأ تقليداً للمجتهد مع ظهور الدليل ، فهو ضلال .
خلاف الضلال :
تعريفه:هو كل خلاف سقط عند صاحبه أحد الشرطين الأولين في الخلاف المعتبر ، أو كان مناط حكمه فاسداً .
كأن يكون القائل ليس أهلاً للاجتهاد ، أو تكون أصوله فاسدة ، أو يخالف نصاً صريحاً لا يحتمل التأويل.ومعظم هذا الصنف من أهل الابتداع والعواطف ، والحماس والجهل ، وتتبع الرخص ، ولكنه ما يزال يدور في فلك النصوص ويحتج بها .
مثاله : أقوال أهل البدع جميعاً التي خالفوا فيها أهل السنة - كالقول بعدم رؤية الله في الآخرة - والقرآن مخلوق - والتكفير بالذنب - تفضيل أحد على الراشدين - الغمز بالصحابة - المرتد لا يقتل - جواز تولية المرأة الإمارة - جواز الاختلاط - سفر المرأة بغير محرم.
قاعدته : نفارق ونضلل.
خلاف الهوى والجهالة :
هذا الخلاف قريب من السابق أو نوع منه ، إلا أن أساسه الهوى والفساد ، بالاتفاق بين المسلمين ، وأما السابق فقد يكون محل قيل وقال بين أهل الحق وأهل البدع .
تعريفه : هو كل خلاف في الدين والإدارة ، أساسه الهوى ، والجهالة ، ليس له مستند من الدين أصلاً.
مثاله :
- الخارجون على الحاكم المسلم لمصالح شخصية ، أو عصبيات جاهلية .
- الحاكمون بغير ما أنزل الله من غير كفر .
- الفتاوى التي تباع مما يخالف دين الله .
- ما يحصل من الاقتتال بين المسلمين بغير حق .
قاعدته : نعتزل ونضلل ، ونقف مع الحق ونجاهد معه ، بأموالنا وأنفسنا حسب استطاعتنا .
الخلاف الإداري :
تعريفه : هو كل خلاف في الرأي في أمور إدارية أو دنيوية ، لا علاقة لها بالتدين ، أو هو: اختلاف وجهات النظر في تسيير الأمور لا دليل أصلاً في المسألة للحكم فيها ، أو الترجيح .
مثاله :
- مكان بناء المسجد - تعييـن وقت المحاضرة أو الدروس - موعد السفر الجماعي -توزيع الأعمال على العاملين .
- تنظيم أمور الجمعيات والمراكز ، من تعيين الرئيس ، والهيئة الإدارية وما شابه ذلك .
أسبابه : العناد ، والإصرار على الرأي لأن صاحبه يعتقد صوابه ، وحب الذات ، وسوء الأخلاق .
وكثير من خلافات المسلمين في جمعياتهم ومراكزهم ومساجدهم من هذا الباب ، وكثير من الانشقاقات الداخلية في الجماعات بسببه .
قاعدته: التطاوع .
وهو ترك الرأي - ولو كان صاحبه يعدّه صواباً - إلى رأي غيره - ولو كان يراه خطأ .
ولقد ترك رأيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة ، لمن هو دونه ، و كان رأيه صواباً ، كما في غـزوة أحد ، وغزوة الطائف .
واعلم أن في التطاوع خيراً كبيراً ، ونفعاً عظيماً ، ليس هاهنا مجال ذكره ، وأن في العناد والإصرار على الرأي -وإن كان يراه صاحبه صواباً- شراً عظيماً ، وفشلاً كبيراً ، قال تعالى : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ... } .[الأنفال : (46)]
ولو أننا نتطاوع لكان خيراً لنا ، وأقوى وأحفظ لوحدة المسلمين وكلمتهم [3].
صور من الخلاف :
الصورة الأولى :
الخلاف بين أهل السنة أنفسهم :
اعلم -رحمني الله وإياك- أن أي خلاف اشُتهِرَ بين أهل السنة والجماعة ومضى ، دون إجماع منهم على رأي ، فهو من باب الخلاف المعتبر ، الذي لا يجوز التنازع فيه ولا المفارقة ، ولا التحزب ولا الإنكار .
كالاختلاف في حكم تارك الصلاة ، وأول الخلق ، وعورة المرأة وما شابه ذلك ، ومن فرَّق لأجل هذا أو اتهم ، أو نسب أحد الفريقين المختلفين إلى فرق الضلال ، فقد أبعد النجعة وظلم كمن يقول :من لم يكفر تارك الصلاة فهو مرجئي ، أو من كفر تارك الصلاة فهو خارجي .
[1] معظم هذا البحث ملخص من كتاب ابن عبد البر (( جامع بيان العلم وفضله )) فليتنبه فمن أراد مصادر الروايات فليرجع إليه .
[2] والله لقد ترددت في ذكر هذا الباب ، وكرهت نقل ما فيه ، لما في ذلك من ذكر أمور يجب أن تُطوى ولا تُروى ، ولما في ذكرها من تأثير سلبي على الناشئة ، ولكنا رأينا في هذا الزمان أمثال هؤلاء الذين يسلكون هذا المسلك من الذين يطعنون بالعلماء حسداً ، وبالدعاة بغياً ، وينشرون الفتن ، رغم أنه معدود - وللأسف - في زمرة الدعاة ، ورأيت بعض الناشئة ، وقد طار بأقواله في أقرانه ، وتعصَّب لها وتحزَّب لها ، وزاد في تفريق المسلميـن لأجلها ، فمن وافقه على هذا المذهب - مذهب الفضائح ، وتتبع العثرات - ، فهو عنده من أهل السنة ، ومن خالفه في شتم العلماء والدعاة خاصة ، عدَّه من أهل البدع ، فأردت بذكر هذا الباب ، التنبيه ، لئلا يقع المسلم بما وقع فيه من وقع ، وأن يكون موقف الأئمة المعتدلين من السلف عظة للصادقين ، وسلفاً للناشئين ، والله الهادي سواء السبيل .
[3] هذا ملخص ربما كان مخلاً من محاضرة (( الخلاف أنواعه ومواقفه )) يسر الله نشره.
الموضوع : من سنن القرآن في كلام الأقران [فرقة الهدى] المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: عاشقة الريشة توقيع العضو/ه:عاشقة الريشة | |
|
|
الجنه تنادينيالاشراف العام
تاريخ التسجيل : 16/05/2010
| موضوع: رد: من سنن القرآن في كلام الأقران [فرقة الهدى] الخميس 30 يونيو 2011 - 0:40 | |
| اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه بارك الله فيكم جزاكم الله خيرا ً بما قدمتم جعله الله فى ميزان حسناتكم تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال الموضوع : من سنن القرآن في كلام الأقران [فرقة الهدى] المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: الجنه تناديني توقيع العضو/ه:الجنه تناديني | |
|
|
واسلاماهالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 23/06/2009
| |
أم شروقالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
| |