El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: « تأويل الرؤى والحذر من التوسع فيها »،،لِسَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبدِ العَزيز آل الشَّيخ الأحد 7 نوفمبر 2010 - 2:40 | |
| « تأويل الرؤى والحذر من التوسع فيها »، لِسَمَاحَة المُفْتِيّ العَلاَّمَةِ عَبْدِ العَزِيزِ بن عبدِ اللَّـهِ بنِ مُحَمَّد آل الشَّيْخ مُفتي عام المَملكة العَربيّة السّعوديّة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتـاء ـ حَفِظَهُ اللَّـهُ تَعَالَى ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ إلى من يراه من إخوانه المسلمين وفقنا الله وإياهم لكل خير .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . . . أما بعد :
فإنه وردنا جملة من الأسئلة والاستفسارات حول موضوع الرؤى وتعبيرها ، وما طرأ في الأزمان الأخيرة من التوسع في ذلك ، حتى خصص لها زوايا في الصحف والمجلات ، وأيضا برامج في القنوات الفضائية ، وكذلك استخدمها أصحاب المنتزهات والمنتجعات الترفيهية وسيلة للجذب وكسب الأموال ، ثم قامت بعض الشركات بتخصيص رقم هاتفي على مدار الساعة لاستقبال مكالمات الناس وتفسير رؤاهم .
ولما كان الأمر كذلك رأينا أن نبين للناس ما نعتقده ، نصحا لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم ، وأداء لواجب البيان الذي أخذ الله الميثاق به على أهل العلم ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [ سورة آل عمران الآية 187 ] .
فنقول وبالله نستعين :
إن المؤمن يعلم أن الرؤى حق وأنها من عند الله وأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وأنها من المبشرات ، وكل هذا صحيح جاءت النصوص الصحيحة مصرحة به ، فمن ذلك ما جاء في القرآن من بيان لبعض رؤى الأنبياء وما كان من تفسيرها وتأويلها ، وكذلك رؤيا غيرهم وما كان من تفسيرها .
فأما رؤيا الأنبياء فإنها حق ووحي ، ومن ذلك قول إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ لابنه : ﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [ سورة الصافات الآية 102 ] .
ومن ذلك رؤيا يوسف عليه السلام حيث قال فيما قص الله سبحانه لنا من خبره : ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾ [ سورة يوسف الآية 4 ] وجاء تأويلها في آخر السورة عند قوله تعالى : ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ﴾ [ الآية 100 ] .
وأما غير الأنبياء فقد جاء في كتاب الله العزيز في سورة يوسف عليه السلام ، رؤيا السجينين وتأويل يوسف عليه السلام لرؤيا كل منهما ، وكذلك رؤيا الملك وتأويل يوسف عليه السلام لها .
وأما أدلة الرؤيا من السنة الصحيحة ، فمنها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال : « رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة » .
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : «كشف رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال : أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا ، أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم » .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال : « إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا » . الحديث أخرجه مسلم .
فثبت بهذا أن الرؤى حق ، لكن ينبغي أن يعلم أنه ليس كل ما يراه النائم هو من الرؤى الحق ، بل ما يعرض للنائم في منامه ، منه ما هو من الرؤى ، ومنه ما هو من تهويل الشيطان وتلاعبه بابن آدم ليحزنه ، ومنه ما يحدث به المرء نفسه يقظة فيراه مناما ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال : « إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة ، والرؤيا ثلاثة : فرؤيا الصالحة بشرى من الله ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه ، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس ». . الحديث أخرجه مسلم .
إذا تبين هذا فإن ديننا الإسلام قد جاء بما فيه صلاح وخير البشر في العاجل والآجل ، وقد بين لنا نبي الهدى والرحمة ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كل ما فيه نفعنا وخيرنا ، ومن ذلك ما نحن بصدده الآن فإن المسلم ينبغي له أن يعتني بذكر الله والإكثار منه فإن الله تعالى يقول : ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [ سورة الرعد الآية 28 ] وقد بين لنا النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أذكارا نقولها في الصباح والمساء وعند النوم ترفع بها درجات المسلم ويزداد بها إيمانه ، ويعصمه الله بها من شر الشيطان وشر كل ذي شر فلا يضره شيء بإذن الله وحده ، ومن ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إذا أمسى قال : « أمسينا وأمسى الملك لله ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، رب أسألك خير ما في هذه الليلة ، وخير ما بعدها ، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها ، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر رب أعوذ بك من عذاب النار ، وعذاب القبر وإذا أصبح قال ذلك أيضا : أصبحنا وأصبح الملك لله » أخرجه مسلم .
ومنه أيضا حديث عبد الله بن خبيب قال : « خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ليصلي لنا فأدركنا فقال : أصليتم قل ، فلم أقل شيئا ، ثم قال : قل ، فلم أقل شيئا ، ثم قال : قل ، فقلت : يا رسول الله ، ما أقول ؟ قال : قل هو الله أحد ، والمعوذتين حيث تمسي ، وحيث تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء » أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي .
ومنه أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحنا وإذا أمسينا ، قال : « قل : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم قال : قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك » أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي .
ومنه أيضا حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء ». ومنه أيضا حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : لم يكن النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح : « اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ».
ومن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، من قالها عشر مرات حين يصبح ، كتب له بها مائة حسنة ، ومحي عنه بها مائة سيئة ، وكانت له عدل رقبة ، وحفظ بها يومئذ حتى يمسي ، ومن قال مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك » .
وقد أرشدنا النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إلى أقوال وأعمال عند النوم يحسن بالمسلم أن يعتني بها : فمن ذلك حديث حذيفة رضي الله عنه قال : كان رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول : « اللهم باسمك أموت وأحيا وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور » .
ومنه حديث عائشة رضي الله عنها « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ، جمع كفيه ثم نفث فيهما ، فقرأ فيهما : قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات ».
ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أنه أتاه آت يحثو من الصدقة ، وكان قد جعله النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عليها ليلة بعد ليلة ، فلما كان في الليلة الثالثة قال : لأرفعنك إلى رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، إنك تزعم لا تعود ثم تعود ، قال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها ، قلت ما هي ، قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [ سورة البقرة الآية 255 ] حتى تختم الآية ، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، فقال النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « صدقك وهو كذوب ، ذاك شيطان » .
ومنه حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه ، عن النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال : « من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه » .
ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، « أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه أن يقول : اللهم خلقت نفسي وأنت تتوفاها ، لك مماتها ومحياها ، إن أحييتها فاحفظها ، وإن أمتها فاغفر لها ، اللهم إني أسألك العافية قال ابن عمر : سمعته من رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ».
ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال : « إذا أوى أحدكم إلى فراشه ، فليأخذ داخلة إزاره ، فلينفض بها فراشه ، وليسم الله ، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه ، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن ، وليقل : سبحانك اللهم ربي بك وضعت جني ، وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين » .
ومنه حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، وقل : اللهم أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك مت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تقول » متفق عليه وفي رواية لمسلم : « واجعلهن من آخر كلامك » . فهذه الأوراد والأذكار ينبغي لكل مسلم الحرص عليها والمداومة على الإتيان بها في محالها ؛ اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وطردا للشيطان عنه وكذلك كل ذي شر ، فإن الله يعصمه منه بحوله وقوته .
ثم إن المسلم إذا رأى في منامه رؤيا فليتبع الأدب النبوي في ذلك ، فإن كانت رؤيا تسره ويحبها فليحمد الله ولا يحدث بها إلا من يحب ، وإن رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ويتفل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا ، ويتحول عن شقه الذي كان عليه ولا تضره الرؤيا .
وقد جاء في بيان ذلك أحاديث صحيحة ، منها حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : كنت أرى الرؤيا فتمرضني ، حتى سمعت أبا قتادة يقول : وأنا كنت لأرى الرؤيا تمرضني ، حتى سمعت النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يقول : « الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره » أخرجه البخاري ، وجاء عند ابن ماجه ذكر التحول عن شقه الذي كان عليه .
هذا هو الأدب النبوي العام في الرؤى ، فإن أراد الرائي تعبير رؤياه فإنه يقصها على عالم بالتعبير ناصح أمين على الرؤيا . هذا ما يتعلق بالرائي .
أما المعبرون فالواجب عليهم تقوى الله عز وجل ، والحذر من الخوض في هذا الباب بغير علم فإن تعبير الرؤى فتوى لقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ [ سورة يوسف الآية 43 ].
ومعلوم أن الفتوى بابها العلم لا الظن والتخرص ، ثم أيضا تأويل الرؤى ليس من العلم العام الذي يحسن نشره بين المسلمين ليصححوا اعتقاداتهم وأعمالهم ، بل هي كما قال النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مبشرات ، وكما قال بعض السلف : الرؤيا تسر المؤمن ولا تضره .
هذا وإن التوسع في باب تأويل الرؤيا ، حتى سمعنا أنه يخصص لها في القنوات الفضائية ، وكذلك على الهواتف ، وفي الصحف والمجلات والمنتديات العامة من المنتجعات وغيرها أماكن خاصة بها ؛ جذبا للناس وأكلا لأموالهم بالباطل ، كل هذا شر عظيم وتلاعب بهذا العلم الذي هو جزء من النبوة ، قيل لمالك ـ رحمه الله ـ : أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ! وقال مالك : لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها فإن رأى خيرا أخبر به وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت ، قيل : فهل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال : إنما على ما أولت عليه ، فقال : لا ، ثم قال : الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة .
فيجب على المسلمين التعاون في منع هذا الأمر كل حسب استطاعته ، ويجب على ولاة الأمور السعي في غلق هذا الباب ؛ لأنه باب شر وذريعة إلى التخرص والاستعانة بالجن وجر المسلمين في ديار الإسلام إلى الكهانة والسؤال عن المغيبات ، زيادة على ما فيها من مضار لا تخفى من إحداث النزاعات والشقاق والتفريق بين المرء وزوجه ، والرجل وأقاربه وأصدقائه ، كل هذا بدعوى أن ما يقوله المعبر هو تأويل الرؤيا ، فيؤخذ على أنه حق محض لا جدال فيه وتبنى عليه الظنون ، وهذا من أبطل الباطل ، كيف وصديق هذه الأمة بل خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين لما عبر الرؤيا قال له النبي ـ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « أصبت بعضا وأخطأت بعضا » ونحن لا نعلم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم خير القرون وأحرصهم على هدي نبينا صلى الله عليه وسلم وأتقاهم لله وأخشاهم له لا نعلم أنهم عقدوا مجالس عامة لتأويل الرؤى ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، وإني إبراء للذمة ونصحا للأمة لأحذر كل من يصل إليه هذا البيان من التعامل مع هؤلاء أو التعاطي معهم والتمادي في ذلك ، بل الواجب مقاطعتهم والتحذير من شرهم ، عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وألزمنا وإياكم كلمة التقوى ، ورزقنا اتباع سنة سيد المرسلين واقتفاء آثار السلف الصالحين ، وحشرنا وإياكم في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ، ،
المصدر : (( مجلة البحوث الإسلامية )) عداد : 67 ،ص 7 .
بارك اللَّـهُ في سَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبدِ العَزيز آل الشَّيخ ، ونفع بعلمه .آمين. الموضوع : « تأويل الرؤى والحذر من التوسع فيها »،،لِسَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبدِ العَزيز آل الشَّيخ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|