راجيةعضـــو نشــط
تاريخ التسجيل : 12/09/2010
| موضوع: الضمير المفرد في قوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} الأربعاء 17 نوفمبر 2010 - 7:20 | |
| في سورة التوبةحديث مفصل عن المنافقين ومواقفهم تجاه الدعوة الإسلامية، ومن بين تلك المواقف، ما أخبرنا عنه قوله تعالى: { يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين }(التوبة:62) . وقد أثار بعض المشككين إشكالاً لغويًا حول الآية، من جهة أن الضمير في قوله تعالى: { يرضوه }جاء بصيغة الإفراد، مع أن سياق الكلام يعود إلى الله ورسوله، فكان الذيتقتضيه قواعد اللغة أن يأتي الضمير بصيغة التثنية، فيقول: ( والله ورسولهأحق أن يرضوهما )؛ فهل صحيح أن هذا الأسلوب جاء مخالفًا لما تقتضيهالقواعد ؟ لقدتوقف المفسرون عند هذه الآية، وأجابوا على هذا الإشكال بأجوبة عديدة، تبينأن الآية جاءت على أسلوب العرب، ولا إشكال فيها ولا مخالفة . ومن الأجوبة في توجيه الآية، أن قوله تعالى: { والله ورسوله أحق أن يرضوه }عبارةعن جملتين؛ الأولى: ( والله أحق أن يرضوه ) والثانية: ( ورسوله أحق أنيرضوه )، فحذف خبر الجملة الأولى ( أحق أن يرضوه ) لدلالة خبر الجملةالثانية عليه، وتقدير الآية: ( والله أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه). وإلى هذا ذهب سيبويه في توجيه الآية. قالوا: وهذا كقول الشاعر الجاهلي أحيحية بن الجلاح : نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف والتقدير:نحن راضون بما عندنا، وأنت راض بما عندك، ورأينا ورأيك مختلفان، لكن حذف (الرضا ) في الشطر الأول من البيت؛ لدلالة ( الرضا ) عليه في الشطر الثاني. وذكر المفسرون توجيهًا ثانيًا للآية، يرى أن في الآية تقديمًا وتأخيرًا، والتقدير: والله أحق أن يرضوه، ورسوله كذلك. وهذا مذهب المبرد في توجيه الآية. وكلا المذهبين له من كلام العرب ما يؤيده . ثم إن المفسرين ذكروا هنا، أن الآية جاءت على هذا الأسلوب لاعتبارات معينة: فإماأن يكون مجيء الضمير بلفظ المفرد دون لفظ المثنى؛ لأنه لا تفاوت بين رضاالله ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم، فكانا في حكم مرضي واحد؛ فإرضاءالرسول في الحقيقة هو إرضاء لله سبحانه، وهذا كقوله تعالى: { من يطع الرسول فقد أطاع الله } (النساء:80) . وإماأن يكون مجيء الضمير بلفظ المفرد دون لفظ المثنى؛ للتفرقة بين الإرضاءين،رضا الله تعالى، ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا كقول الشاعر ضابئ بن الحارث البرجمي : من يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيَّار بها لغريب و(قيار ) اسم فرس الشاعر، والتقدير: فإني لغريب بالمدينة، و( قيار ) بهاغريب أيضًا؛ وكان الأصل أن يقول: لغريبان، لكن جاء به على صيغة الإفراد؛لأن إحدى الغربتين مخالفة لأخراهما، فأتى باللفظ على صيغة الإفراد دونالتثنية مراعاة لذلك . وإماأن يكون مجيء الضمير بلفظ المفرد دون لفظ المثنى؛ لتعظيم الجناب الإلهيبإفراده بالذكر تأدبًا؛ لئلا يجمع بين الله تعالى وغيره في ضمير تثنية،وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال: ( ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان ) رواه أبو داود . وبأيٍّ من هذه الاعتبارات أخذنا، فإن الآية تبقى مستقيمة في تركيبها، وصحيحة في معناها . علىأن أمرًا جدير بالذكر في هذا السياق، وهو أنه يشترط لصحة تثنية الضمائروجمعها توافق ما يراد تثنيته وجمعه من جميع الجهات، فإذا لم يتحقق هذاالتوافق من جميع الجهات، لم تجز التثنية ولا الجمع بحال؛ فأنت تقول فيتثنية رجل: رجلان، وفي الجمع تقول: رجال؛ لاتحاد أفراد هذا الجنس، لكن لايمكن أن تثني رجل وامرأة ولا أن تجمعهما مطلقًا؛ ولما كان الله سبحانه ليسكمثله شيء، فقد اقتضى التركيب القرآني في الآية أن يأتي على الشكل الذيأتى عليه . الموضوع : الضمير المفرد في قوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: راجية |
|
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| |