El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: إرشاد أولى البصائر والألباب لـنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب- متجدد الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 7:11 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن إهتدى بهداه وبعد...
فهذه رسالة ماتعة ومختصرة ومفيدة - إن شاء الله - للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - إختصر فيها الأبواب الفقهية وأوردها على هيئة السؤال والجواب ليسهل فهمها على المبتديء وتكون نواة للدخول على كتب الفقة المتوسطة والمطولة والشروحات والأمهات . وسننقل منها دروس متوالية - إن شاء الله - حتى يسهل الإستيعاب والفهم لطالب العلم والتفقه
ونشرع الأن بعون الله سبحانه في المقصود مستمدين من المعونة والتوفيق وسائلينه الإخلاص والقبول والأجر والمثوبة
قال الشيخ - رحمه الله
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُه ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيهِ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرشِداً . وَصَلَّى الله عَلَى محمَّد وَعَلَى اله وَأَصحَابِه وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعدُ : فَهَذَا تَألِيفٌ بَدِيعُ المنْزَع ، سَهْلُ الأَلفَاظِ وَالْمَعَانِي ، حَسَنُ الترتيب ، يَحْتَوِي عَلَى مُهمَّات مَسَائِل الأَحكَام . ·رتبته بصُورَةِ : السُّؤَال الْمُحَرَّر الْجَامِع ، وَالجواب المفصَّل النَّافِع . ·يَحتَوِي عَلَى : أُصُولٍ ، وَضَوَابِطَ ، وَتَقسِيمَاتٍ . §تُقُرِّبَ أشتات الْمَسَائِل ، وتضم أَلنّظَائِرَ والفَوَارِقَ . §وَكَثِيرٌ مِن هَذِه الأَجوِبَةِ يتناول أَبوَابًا مِنَ الفِقهِ عَدِيدَةً ، وَأصُولاً تَنْبَني عَلَيهَا أَحكَامٌ مُفِيدَةٌ . §وَتُعرِّفُ القَارِئَ مِن أَيِّ قَاعِدَةٍ أُخِذَتْ ، وعلى أَيِّ أَساسٍ أُثْبِتَتْ . §وتُوَضِّح التَّعْلِيلات والحِكَمَ . §ولعل هذه الأُمُور أكثرُ فائدةً مِمَّا في الأَجوبةِ منَ التَّفْصِيلات الفقهية؛ لِعمُوم نَفعِهَا وحُسْنِ موقعها . ·وعند ذِكْر الأحْكَام: أَذكُرُ الْمَشْهُور مِن مَذهَبِ الإِمَام أَحمَد عِند مُتَأَخرِي الأَصحَاب. ·فَإِنْ كَانَ فِيه قَولٌ آخر أَصَحُّ مِنة عِندِي ذكرته وَصَحَّحْتُهُ . ·وَأَشَرتُ إِشَارَة لطيفة إِلَى دَليلِ كُلّ مِنَ القولين وَمَأْخَذِهِمَا ؛ إذ المقَامُ لا يقتضي البَسْطَ . ·وأَسْتَطْرِدُ في الجَوَابِ بِذِكْرِ الأَشبَاهِ وَالنظَائِرِ ؛ لِتَحْصُلَ الفَائِدَةُ الكَثِيرَةُ والأُنسُ بكثرةِ ما يدخلُ في الأَصلِ والضَّابطِ . ·وأَذكر أيضا الفوارقَ بينَ المسائِلِ التي يَكْثُر اشْتباهُهَا ؛ ليَحْصُلَ التَّمييزُ بينها. وَأَسألُ اللَّهَ تَعَالَى : أَن يَكُونَ أَلدَّاعِي لَهُ إِرَادةُ وَجْهِه وثَوَابِه ، وَقَصدِ اُلْتُفِعَ لِعِبَادِه ، وأَن يَكُونَ مُوَافِقًا لمحبته وَرِضَاه ، وأَن يُسَهِّل تَتمِيمَ مَا أَنعَمَ في ابتدائِه ، إِنه جَوَادٌ كَرِيمٌ .
أسئلة في الطهارة
حكم الماء المتغير 1- سؤال : ما حُكم الماء المتَغيِّر؟ الجواب : وباللَّه التَّوفيقُ ، ومِنْهُ أَسْتَمِدَُّ الهدايةَ والإِصَابةَ . يدخلُ تَحتَ هذَا السؤَالِ أَنوَاعٌ كَثِيرَة ، وأَفْرَادٌ متعدِّدةٌ ، لكئها تَنْضَبِطُ بأُمورٍ : ·(1) أَمَّا الماءُ الَّذي تَغيَّر لونُه أَوْ طَعْمُه أَو رِيحُه بالنَّجاسَةِ : فهو ’’ نَجِسٌ ‘‘ بالإِجماعِ قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا . ·(2) وأَمَّا الماءُ الَّذي تغيَّرَ بِمُكْثِه وَطُولِ إِقَامَته في مَقَرِّهِ ، أَو تغيَّر بِمُرورِهِ عَلَى الطَّاهِرَاتِ ، أَو بما يَشُقّ صَونُه عَنه ، وَبما هُوَ مِنَ الأَرضِ كطِيبهَا وتُرَابِهَا : فهذا ’’ طَهُورٌ ‘‘ لا كَرَاهة فِيهِ ؛ قولاً واحدًا . ·(3) وأَمَّا الماءُ الَّذي تغيَّر بما لا يمازجُهُ كَدُهْنٍ ونَحوِه : فهو مَكْرُوهٌ على المذهب .
غيرُ مَكْرُوهٍ عَلَى القَولِ الصَّحيحِ .
لأَن الكراهَةَ حُكْمٌ شَرْعيٌّ يحتاجُ إِلى دليلٍ ؛ ولا دَليلَ على الكرَاهَةِ وَالأَصْلُ المياهِ الطَّهُورِيَّة ، وعدمُ المنعِ . فمن ادعى خِلافَ الأَصلِ فَعَلَيْهِ الدليلُ . ·(4) وأمَّا الماءُ المتغيرُ لَوْنُه أَو رِيحُهُ أَو طعمه بالطاهِرَاتِ كَالزعفرانِ ونحوِه : §إذَا كَانَ التغيرُ يَسِيرٌ ا : فهو طهورٌ قولاً واحدًا . §وَكَذلكَ إِن كانَ التَّغيرُ في مَحلِّ التَّطهيرِ : فهذا أَو نحوه لا بأْسَ بِه . §وإن كَانَ المتغيرُ بالطاهراتِ تغيرًا كثيرًا : فَهُو طَاهِرٌ غير مُطَهر عَلَى المشهور مِنَ الْمَذْهَب . وعلى الفول الصَّحيحِ : هو طهورٌ : §لأَنَّه ماء ؛ فيدخلُ في قولِه تَعَالى ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ﴾ [المائدة:56]. §ولعدم الدَّليلِ الدَّالّ على انتِقَالِه عَنِ الطهُورِية ، فبقِيَ عَلَى الأَصلِ. §وذلك أَنَّ العُلَمَاءَ رحمَهُمُ اللَّهُ : §اتفقُوا عَلَى نوعين مِنْ أنوَاعِ الميَاهِ ، واختَلَفُوا في النوعِ الثَّالِث. §اتَّفقُوا عَلَى أنَّ : كل ماء تغيرَ بالنجاسَةِ فهو نجس. §كما اتفَقُوا عَلَى أَن : الأصْلَ في المياهِ كُلِّها النازلةِ مِنَ السِّمَاء ، والتَّابِعَةِ منَ الأَرضِ ، والجارِيَةِ والرَّاكِدَةِ ؛ أنها طاهرةٌ مطهِّرَةٌ. §واختلفوا في : بعضِ المياهِ الْمُتَغَيِّرةِ بالأَشياءِ الطاهرةِ أَو التي رُفِعَ فيها حَدثٌ ونَحوهَا هَل هِيَ باقيَةٌ على طهوريتهَا ؟ وَإِنَّنَا تَسْتَصْحِبُ فِيهَا الأَصْلَ كما هُو الصَّحِيح ؛ لأَدِلَّةٍ كَثِيرةٍ ليس هَذَا مَوضِعهَا ، أَو أَنها صَارَتْ في مَرْتَبَة مُتَوَسِّطَةٍ بين الطهُورِ وَالنَّجَس فصَارَتْ طَاهِرَةً غيرَ مُطَهِّرةٍ . والاستدلالُ بهذَا القَولِ ضَعِيفٌ جدًّا !! فإِن إِثبات قِسْمٍ مِنَ المياهِ ، لا طَهُورٌ وَلا نَجِسٌ ؛ مما تعمُّ به البَلْوَى وتشتَدُّ الحاجَةُ والضرُورَةُ إِلى بيانه ، فَلَو كَانَ ثابتًا ؛ لبينهُ الشارع بَيانًا صَحِيحًا ، قاطعًا للنِّزاعِ . فَعُلِمَ أَنَّ الصَّوابَ المقطُوع به : أَن الماءَ قِسمَانِ : طَهُورٌ ، وَنَجِسٌ. المَاء الْمُسْتَعْمَل
(2) مَا حُكمُ الماءِ المستَعمَلِ ؟ الجواب : يَدخُلُ تحتَ هَذَا أَنوَاعٌ متعدِّدَةٌ : 1- مُسْتعملٌ في : إزَالةِ النَّجَاسَةِ . 2- ومُسْتعمَلٌ في : رفعِ الحدثِ . 3- ومُسْتَعملٌ في : طَهَارَةٍ مَشْروعةٍ . 4- ومُسْتَعملٌ في : نظافةٍ . 5- ومُسْتَعملٌ في : رفعِ حَدَثِ أُنْثى . 6- ومُستَعمَلٌ في : غَمْس يَدِ النَّائِم .
·(1) أمَّا المستعمَلُ في إِزالةِ النَّجَاسَة :
§ فإِنْ كان مُتَغَيرَا : فهو نَجِسٌ . § وإِن لم يتغير وهو كثيرٌ : فهو طهورٌ قولاً واحدًا . § وإِن كان قليلاً والنجاسة لم تَزُلْ عنِ المحلِّ أو قبل السَّابِعَة : فهو نَجِسٌ على الْمَذْهَب . وعلى الصَّحيح : طَهُورٌ لعدم تَغيرِه بالنجاسَةِ . §وإن كان آخرَ غسلةٍ زالَتْ بها النجاسَةُ : فهو طَاهِر على المذهب غَيرُ مُطَهِّرٍ . وهو طهورٌ على القول الصَّحِيح ، مِن بَابِ أَولَى مما قَبلَهَا .
·(2) وأَمَّا المستَعمَلُ في رَفع الحدَثِ : §فَإِنْ كَانَ يغترفُ خارجَ الإِناء : فالبَاقِي في الإِناءِ طَهُورٌ قليلاً كان أو كَثِيرًا ؛ قولاً واحدًا . §وأن كَانَ يستَعمِلُه وهو في موضِعِه بأن كان يغتَسِل أو يَتَوَضَّأ في نفسِ الماءِ . §فإِنْ كَانَ الماءُ كَثِيرًا : فالماءُ طهورٌ قولاً واحدًا . §وإِن كَانَ يسيرَا : صَارَ طاهرًا غير مُطَهِّر عَلَى الْمَذْهَب . وهو طَهُور عَلَى القَولِ الصَّحِيح ؛ لعدم الدليلِ الناقِلِ لَهُ عَنْ أَصلِهِ. ·(3) وَإِنْ كَانَ مُستَعْملاً في طَهَارَةٍ مَشرُوعة : ·كتَجدِيدِ وُضوء ونَحوِه : فهو طهُور ، مَكْرُوه على المذهبِ . غير مَكْرُوه ، عَلَى الْقَوْل الصَّحِيح ؛ لِعَدَمِ الذليلِ . ·(4) وإِنْ كَانَ مُسْتَعْمَلاً في طَهَارَةٍ غَيرِ مَشْرُوعةٍ : فهو طَهُورٌ لا كراهةَ فيه قولاً واحدًا . ·(5) وإِن كان مُسْتَعْمَلا في حدثِ أُنثَى : وهو كَثِير ؛ فهو طهورٌ لا منع فيه مطلقاً ، قولاً وَاحِدًا. §وإِن كان يَسِيرًا ولم تَخْلُ بِه : فَلا مَنعَ أَيضاً . §وإن خَلَتْ بهِ فَلا مَنْعَ في طَهَارَةِ النجَاسَةِ ، وَلا في طَهَارَةِ المرأةِ قَولاً وَاحِدًا . وَإِنما يُمْنَعُ مِنْهُ الرَّجُلُ في طَهَارَةِ الحدَثِ عَلَى المذهَب مع بَقَائِه عَلَى طُهُورِيَّته. وعند عدم غيره : يُجمَعُ بين استعماله والتَّيمُّمِ احتِيَاطًا . وأما الصَّحيحُ : فلا مَنْعَ فِيهِ مُطْلقًا. لقوله r « إِن الْمَاء لا يَجنبُ ». ومَا استُدِل به عَلَى المنْعِ فضعِيفٌ لا يدلُّ على المنْعِ . ·(6) وأَمَّا المستَعْمَلُ في غمس يد النَّائِمِ : §فإنْ كَانَ نهارًا أَو نَومًا لا ينقُضُ الوُضُوءَ : فَلا يَضُرْ مطلقًا. §وإِن كَانَ نومًا كَثِيرًا بالليلِ وغمسها كُلَّها . §فَإِنْ كَانَ الماء كَثِيرًا لم يضر قولاً واحدًا . §وإن كان دون القلتين صَارَ طَاهِرًا غَيرَ مُطَهِّرٍ ، عَلَى الْمَذْهَب ، ولكن عِنْد الاضطرارِ إِليه يُستَعْمَلُ مَعَ التَّيممِ . وعَلَى القَولِ الصَّحيحِ في المذهَبِ : يبقَى عَلَى طَهُوريته ، ؛ لعدم الدليلِ عَلَى زَوَالِ طهوريته. والحديثُ إِنما يَدُل عَلَى الأَمر بِغَسلِهِمَا قَبلَ إدخَالِهِمَا الإِناءَ ؛ للعلَّةِ التي عَلَّل بها في الْحَدِيث : « … فإن أحدَكُم لا يَدْرِي أَينَ باتت يَدُهُ ». الماءُ النَّجسُ مَتَى يَطهُر؟
3-إِذَا كَانَ الماءُ نَجَسَا مَتَى يَطْهُرُ؟ الجواب : أما عَلَى القَولِ الصَّحيحِ : وَهُو رِوايَةٌ عَنْ أَحمدَ . فمتَى زَالَ تَغَيّرُ الماءِ عَلَى أيِّ وجه كَانَ ؛ بِنَزْحٍ ، أو إضافةِ مَاءٍ إِليه ، أو بزوالِ تغيّرِه بِنَفسِه ؛ أو بمعالجتِه : طَهُرَ بِذَلِكَ . وسواءَ كَانَ قليلاً أو كَثِيرًا ؛ لأن الحكمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِه وُجُودًا وَعَدَمًا. وَلا عِلَّةَ للتنجِيسِ عَلَى التَّحقِيق إلا التَّغَيرُ بالنجَاسَةِ فما دَامَ التَّغَيرُ مَوْجُودًا، فَنَجَاسَتُه مَحْكُوم بِهَا ، ومَتَى زَالَ التَّغَيرُ طَهُرَ . وأما عَلَى المذهبِ: فَلا يخلو الماءُ : إِما أن يَكُونَ أَقَلَّ من قلَّتَينِ ، أو يَكُونَ قُلَّتين فَقَط أو يَكُونَ أكثرَ منهُما . ·فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ من قُلَّتينِ : لَم يَطْهُر إلا بِإِضَافَة طَهُورٍ كَثِيرٍ إِلَيهِ . ·وإِنْ كَانَ قُلَّتَينِ فقط : طَهُرَ بأَحدِ أَمرين : §إِما بِإِضَافَة طَهُورٍ كثيرٍ إِليه مَعَ زَوَالِ التَّغَير . §وإِما بِزَوَالِ تَغَيرِهِ بِنَفسِهِ . ·وإِن كَانَ أَكثرَ مِن قُلَّتَينِ : طَهُرَ بأَحدِ ثَلاثةِ أَشْيَاءَ : §هذينِ الأَمرينِ. §أَو بنَزحٍ يبقى بَعدَهُ كَثير غيرُ مُتَغَيِّر . إلا إِذَا كان مُجْتَمَعًا مِن مُتَنَجّسٍ يسيرٍ : فَتَطهِيرُه بِإِضَافَة كَثِيرٍ إِلَيهِ مَعَ زَوَالِ التَّغَيرِ لابد مِنة في الأَحْوَال كُلِّهَا . وَهَلْ يُشْتَرَطُ شيءٌ آخرُ مَعَه أم لا ؟ قَد ذكرنَا تفصِيلَهُ الجَامِعَ . حُكم عَدَمُ العلم بالنَّجاسة للإناء أَوْ البدن أَوْ الثوب !!
4- إِذَا تطهَّر بالماءِ ثم وجَدَهُ بعد ذلك نجسًا أَو صلى ثم وَجَدَ عَلَى بَدَنِه أَوْ ثوبه نجاسة مَا حُكْمُ ذلك ؟ الجواب : لا يَخْلُو الأَمرُ من حَالينِ أَو ثلاثة : 1- لأنه إما أَنْ يَعْلَمَ أن النجَاسَةَ قَبلَ طَهَارَتهِ وَصَلاتِه . 2- أَو يَعْلَمَ أنها بَعْدَهُما . 3- أَوْ يَجْهَلَ الأمر . ·(1) فإن عَلِمَ أنها قبل طَهَارَتِه بسبب من الأَسْبَاب الموجِبَةِ للعلم ؛ ومنه خبر الثِّقَةِ المتيقن ، حيث عين السببِ : أَعاد طَهَارَتَهُ ، وغسل ما أَصَابَ النجَاسَةَ من بدنٍ أو ثَوْب . وكذلك يُعِيدُ الصَّلاة على المذهبِ . وعلى الْقَوْل الصَّحِيح : إِن من نَسِي وصَلَّى في ثوبٍ نَجِسٍ أَو على بدنه نجاسةٌ نَسِيَها أَو جهل ذلك ، ولم يعلم حتَّى فرغ : صحَّت صَلاتُه وَلا إِعادةَ عَلَيه. لأنه r خَلَعَ نعليه وَهُوَ في الصَّلاة ، حِينَ أَخبره جبريلُ أَن فِيهِمَا قَذَرًا ، وَبَنَى على صَلاتِه ، ولم يُعِدْهَا. فإِذا بنى عليها في أثنائها ، فإِذا وجدَهَا بعد فَراغِ الصَّلاة فالحكْمُ كذلك. ولأَن مِنْ قاعِدَةِ الشرِيعَةِ : إِذا فَعَلَ العِبَادَةَ وقد فَعَلَ مَحظُورًا فيها هو معذورٌ فلا إِعادَةَ عَلَيهِ ؟ بخلافِ مَن تَرَكَ المأمُورَ . فتارِكُ المأمورِ به لا تَبرَأُ ذمتُه إلا بفعله . وفَاعِل المحظُور الذي هُوَ مَعذُورٌ : لا شَيءَ عَلَيهِ . ·(2) وإن عَلِمَ أنَّ ذَلِكَ بعد الْفَرَاغ مِنْ طَهَارَتِه : فَهَذَا وَاضِحٌ لا شيءَ عَلَيه ؛ لأنه توضأ بِمَاءٍ طَهُورٍ وَصَلَّى وَلَيسَ عَلَيهِ نجاسةٌ . وإنما ذكرنا هذا لأَجلِ التَّقْسِيم . ·(3) وأَمَّا إن جهل الحالَ فلم يَدرِ هل نجاسةُ الماءِ قَبلَ استِعمَالِه أَو بَعدَهُ أَو النجاسَةُ قد أصابته قبلَ الصَّلاةِ أَو بَعدَها : فطهارَتُه وصَلاتُه صَحِيحَتَانِ قولاً وَاحِدًا لِبِنَائه عَلَى الأصلِ ؛ لأَن الأَصْلَ عَدَمُ النَّجَاسَةِ . اشتباه الماء الممنوع بغير الممنوع
ه- إِذا اشتبه ماءٌ ممنوعٌ مِنْهُ بما ليسَ بِمَمْنوعٍ مَا حُكمُه ؟ الجواب : إِن كَانَ المشتبه ماءً نجسًا بِطَهُورٍ أَوْ ماءً مُبَاحًا بمحرَّمٍ : اجْتُنِبَ الجَمِيعُ وصارَ وُجُودُهُمَا واحدًا ؛ لِعَدَمِ قُدرَته عَلَى الوُصُولِ إِلَى الماءِ الطهُورِ المبَاحِ ، ويُعدَلُ إِلَى التَّيَمُّم . إلا إِنْ تمكن من تطهير الماءِ النَّجسِ بالطهُورِ ، بأَنْ يَكُونَ الطهُورُ كَثِيرًا وعنده إناءٌ يَسَعُهُمَا ، فيَخلطهُمَا ويَصِيرَانِ مطهرين . وعَلَى القَولِ الصَّحِيحِ : يَبعُد جِدًّا اشتباهُ النجس بالطهُورِ ؛ لأنه لا ينجُسُ الماءُ إلا بالتَّغير . ولكن مَتَى وَقَعَ الاشتبَاهُ في الصورِ النَّادِرَةِ : كُف عَنِ الجَمِيعِ . وإِن كَانَ الاشتِبَاهُ بين ماءٍ طَهُورٍ وَمَاءٍ طاهرٍ غَيرِ مُطَهِّرٍ : عَلَى المذهَبِ تَوضأَ مِنهُمَا وُضُوءًا واحدًا من كُلِّ واحِدٍ منهُمَا غَرفَة وصَحت طَهَارَتُه ؛ لأَن الطهُورَ يطهره والطاهِرُ لا يَضرُّه . فَإِنِ احتاجَ أحدهُمَا للشُّربِ تَحَرَّى في هَذِهِ الحَالِ وتطهر بما غلب على ظَنِّه ، ثم تَيَمَّمَ احتِيَاطًا . وعَلَى الْقَوْل الصَّحيح : لا تَتَصَوَّر المسأَلة ؛ لأن الصحيح أَن الماء إِمَّا نَجِس أَو طَهُور ، كما تَقدمَ . الشَّك في النَّجَاسَة
6- إِذا شككنا في نجاسة شيء أو تَحرِيمهِ فما الطَّرِيق إِلى السَّلامَة ؟ الجواب : الطريق إِلَى السَّلامَة : الرُّجُوع إِلى الأُصُولِ الشرعيةِ ، والبناءُ عَلَى الأمور اليقِينيةِ . فإن الأَصْلَ في الأشياء : الطهارةُ ، والإِباحَةُ . فما لم يَأْتنا أَمْز شَرعي يَقِينٌ ؛ يُنْقلُ عَن هَذَا الأَصْلِ ، وإِلا استَمسَكنَا به . وأَدِلةُ هَذَا الأَصلِ مِن الكِتَابِ والسُّنة كثيرةٌ . فعَلَى هَذَا الأَصلِ : إِذَا شَكَكْنَا في نَجاسَةِ مَاءٍ ، أَو ثَوْب ، أَو بَدَنٍ ، أَو إِناءٍ ، أَو غيرِ ذلكَ ، فالأَصلُ الطهارةُ . وكذلك : الأَصْل جوَازُ استعمَالِ الأَمْتِعَةِ ، والأَواني ، وَاللِّبَاس وَالالات ، إلا مَا وَرَدَ تَحريمه عَن الشارِعِ . وما أَنفَعَ هَذَا الأَصلَ وأكثرَ فائدته وأَجَلَّ عَائِدتَهُ على أَهلِ العِلمِ . وهو مِن نِعَمِ اللَّه عَلَى عِبَادِهِ ، وتيسِيرِهِ ، وعَفْوِه ، ونَفْيِهِ الْحَرِج عَنْ هذه الأمةِ ، فلِلَّه الحمدُ وَالثِّنَاء . حُكم استعمال الذهب والفضة
7- مَا حُكمُ استِعمَالِ الذهَبِ والفِضةِ ؟ الجواب : وباللَّهِ التَّوفِيقُ . يتَحرَّرُ جَوَابُه بِأَنْوَاع الاستِعمَالاتِ ودَرَجَاتِهَا . فبَابُ اللباسِ أَخَفُّ مِن بَابِ الآنِيَة ، وأَثقَلُ مِن بَابِ لباسِ الحرَبِ . ·أما استعمال الذهب والفضة في الأواني ونَحوِهَا مِنَ الالاتِ : فَلا يَجُوزُ : لا للذكُورِ ، ولا لِلإِنَاثِ . لا القليل مِنه ، ولا الكَثِيرُ . للعُمُومياتِ الناهيَةِ عنه المتوعِّدَةِ عَلَيهِ ، وعدم المخصص . إلا أنه يُسْتَثْنَى الشيءُ القَلِيلُ مِنَ الفِضةِ إِذا اُحْتِيجَ إِلَيهِ . لأنه : لما انكَسَرَ قَدَحُ النبي r ؛ اتخذ مكَانَ الشّعَبِ سِلْسِلةَ مِن فضة ، والحديثُ صَحِيح. فهذَا وَمَا أَشبَهَهُ مِنَ الفضة : جائزٌ ، لا مِنَ الذَّهْب . ·وأَمّا بابُ اللباس والعَتَادِ : فأُبِيحَ ذلك للنِّسَاءِ ؛ لحاجتهن إِلَى التزين ، ولتميّز النِّسَاءِ عن الرجَالِ . فجميعُ أَنواعِ الْحُلي المستَعْمَلِ للنِّسَاءِ جائزٌ قَلِيلُه وكَثِيرهُ . وأما الرَّجُل : فَلَم يبحْ لَهُ شَيءٌ مِن ذَلِكَ إلا : §خاتم الفضة . §وحلية المنطقةِ من الفضة . وكذلك من الذهَبِ والفضة مَا دعتْ إِليه حاجَتُه من أَنفٍ ، أَو رباطِ أَسنانٍ ، ونحوها . ·وأَما لباس الْحَرِب : فهو أَخفُّ من ذَلِكَ كُلِّه. فإنه يباحُ تَحلِيَةُ السيفِ ، وَالرَّمْح ، والبَارُودِ ، ونحوها ، بأَنواع الذَّهْب والفضَّةِ. وكذلك الجوشنُ ، والخوذَةُ ، ونحْوُهَا . وهذا التَّفصِيلُ المذكورُ في غيرِ الضَّرُورَة . أَما الضَّرُورَة : فتُبِيحُ الذَّهْب والفِضةَ مطلقاً . ما دَامَت الضرُورَةُ مَوجُودَةً ؛ فإِن الضرُورَاتِ تُبِيحُ المحظُورَاتِ ، كَما أبَاحَ اللَّهُ لَلْمُضْطَرّ أَكلَ الْميتَة ، وَنَحْوِهَا . حكم أجزاء الميتة
8- مَا حُكْمُ أَجْزَاءِ الْميتَة ؟ الجواب : الْميتَة نَوعَانِ : ·مَيتَةٌ طَاهِرَةٌ : 1- كَالسَّمْكِ . 2- وَالْجِرَاد . 3- ومَالا نَفْسَ لَهُ سائلةٌ . 4 - والآدَمي . فهذِهِ أجزاؤها تَبَعٌ لها طَهَارَةً وحلاً . ·والنَّوعُ الثَّانِي : الميتَةُ النَّجِسَةُ : وهِيَ نوعانِ : §أحدُهُمَا : ما لا تفيد فِيهِ الذكاةُ كَالْكَلْبِ ، والخنْزِيرِ ، ونحوهما . فهذه أجزاؤها كلها نَجِسَةٌ ؛ ذكِّيَت أَمْ لا . §والثاني : ما تُفِيدُ فيه الذَّكَاةُ : كالإِبل والبقر والغَنَمِ والطيُورِ . فَهَذِهِ أَجزاؤهَا ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ . 1- قِسمٌ نَجِسٌ مُطْلقًا : كاللَّحم والشحمِ والمصرَان ونَحوِهَا . 2- وقِسْم طَاهِرٌ مُطلقًا : كالشعرِ والصُّوفِ والوَبَرِ والرَّيش . 3- وقسم فِيهِ خِلافٌ : وهو الجِلْدُ بَعدَ الدَّبْغ والعِظَام وَنَحْوهَا . وَالْمَشْهُور مِنَ المذهَبِِ: بَقَاؤُهَا عَلَى نَجَاسَتِهَا ، إلا أن الجِلْدَ بَعدَ الدَّبْغ يخف أمرُه فيُستَعمَلُ في اليَابِسَاتِ دُونَ المائعات . والصَّحِيحُ : أَن الجلْدَ يَطْهُرُ بالدِّبَاغِ ؛ للأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصرِيحَةِ التي لا مُعَارِضَ لَهَا . وكذَلِكَ الصَّحِيحُ : أن العِظَامَ طَاهِرَةٌ ؛ لأَن العِلَّةَ في تَحرِيمِ الميتة - الذي هُوَ احتقان الفضولاتِ الخبيثَةِ فِيهَا - غَيرُ مَوجُودَة في العظَامِ واللَّهُ أعلم . الأشيَاءُ الموجِبَةُ للطَّهَارَةِ وما يتطهَّرُ لَهُ ؟
9- مَا هي الأشياء الموجِبَة للطَّهَارَةِ الشرعية ؟ وكيفية ذَلِكَ ؟ وما يتطهَّر له ؟ الجواب : الطهارَةُ نَوعَانِ : 1- كُبرى :
تُوجِبُ غَسْلَ البَدَنِ كُلِّهِ . ·والَّذي يوجبها : 1- الجنَابَةُ : بوطء ، أَو إِنزَالٍ ، أَو بهما . 2-والحيض . 3- والنفاسُ . 4- وإسلام الكَافِرِ . 5- وموت غير الشهيدِ . فهذه الأشياء ، كُلّ وَاحِد منها يوجب غسلَ البَدَنِ كُلِّه . 2- والنَّوع الثَّاني : الطَّهَارَةُ الصُّغرى :
والَّذي يُوجِبُهَا شيئان : ·أَحدُهُمَا : يوجب الاستنجَاءَ والاستِجمَارَ مَعَ غَسلِ الأَعضاءِ الأَرْبَعةِ وهو: جَمِيعُ الخارجِ مِنَ السبيلين من بَولٍ ، وغَائِطٍ ، ونَحوهِمَا ممَّا له جرمٌ . فَهَذَا إِذَا حَصَلَ أَوجَبَِ: §إِمَّا الاستجمارَ بِثَلاثِ مَسْحَاتٍ منقِّيَةٍ بأَحجَارٍ وَنَحْوهَا ، غير الرَّوَثِ والعظَامِ ، وَالأَشْيَاء المحترَمَة . §وإِمَّا الاستنْجاء بمَاءٍ يُزِيلُ الخارج حتَّى يعود المحلُّ كما كان قبل خروج الخارجِ . والجمع بين الأَمرين أكمَلُ ، ويجوز الاقتصار عَلَى أَحَدِهِمَا . ·والشيء الثَّانِي : يُوجِب غَسْلَ الأَعْضَاءِ الأربعَةِ فَقَط ، وذلك . ا-كالريحِ . 2- والنَّومِ الكَثِيرِ . 3- ومسِّ الفَرجِ بِالْيَدِ . 4- وَمسِّ المرأَةِ بشَهْوَةٍ . 5- وأكلِ لحومِ الإِبِلِ . ·وتجتمِع الأَحداثُ الكُبرَى بِالْمَنْعِ مِنَ : ا - الصَّلاةِ . 2- وَالطَّوَاف . 3- ومسِّ المصحَفِ . 4- وقراءَةِ القُرآنِ . 5- واللبثِ في المسجِدِ . ·وينفرد الحيضُ والنِّفاسُ منها بمَنْعِ : ا- الصَّومِ . 2- وَالطَّلاق . 3- والوطءِ في الفَرجِ . وتشاركُهَا الأحداثُ الصُّغْرَى في المنْعِ مِنَ الثلاثَةِ الاُوَُلِ . وَمَتَى تَمتِ الطَّهَارَةُ بِنَوعَيْهَا : أُبيحَتْ جَمِيعُ الأَشيَاءِ المَمْنُوعَةِ . وقد عُلِمَ بهذا التَّفصيلِ ما يُتَطَهَّرُ له وُجُوبًا . وَأَمَّا ما يُتَطَهَّرُ لَهُ استِحبَابًا : ·فتُسْتَحَبُّ الطِّهَارَتَانِ الكُبرَى والصّغرَى لـ : 1- الأَذَانِ . 2- وأَنواعِ الذَّكَر . 3- وَالْخُطَب. 4 - وللإِحرَامِ . 5- وَدُخُولِ مَكَّةَ . 6- والوقوفِ بعَرَفَةَ . 7- وَلِلإِفَاقَةِ مِن : إِغْمَاء أَوْ جُنُون . 8 - وَللأَكْلِ ، 9 - وَالنَّوْم . منقووول الموضوع : إرشاد أولى البصائر والألباب لـنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب- متجدد المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
الجنه تنادينيالاشراف العام
تاريخ التسجيل : 16/05/2010
| |
عبداللهالمراقب العام
تاريخ التسجيل : 26/11/2009
| موضوع: رد: إرشاد أولى البصائر والألباب لـنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب- متجدد الأحد 10 يوليو 2011 - 13:31 | |
| |
|
أبوسيفالمدير العام
تاريخ التسجيل : 28/10/2009
| موضوع: رد: إرشاد أولى البصائر والألباب لـنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب- متجدد الأحد 10 يوليو 2011 - 14:54 | |
| |
|
أم شروقالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
| |