El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: القَولُ المَسْبُوكُ في رَدِّ حَدِيثٍ مُنْتَشِرٍ مَكْذُوبٍ الجمعة 11 مارس 2011 - 20:44 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
القَولُ المَسْبُوكُ في رَدِّ حَدِيثٍ مُنْتَشِرٍ مَكْذُوبٍ
الــــحــــمــــدُ لــــلــــهِ وبــــعــــدُ ؛ إن مما ابتليت به الأمة في هذه الأيام كثرة انتشار الأحاديث الضعيفة والمكذوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه فقال : " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " رواه البخاري ولم . ومن هذه الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم حديث يتبادله كثير من الناس فيما بينهم عن طريق البريد الإلكتروني ، وقد أرسل لي أحد الأحبة الحديث عن طريق البريد الإلكتروني وقال لي : ما رأيك فيه ؟ قرأت الحديث ووجدتُ فيه عجباً ، وعلامات الكذب ظاهرة واضحة عليه . وهذا بحث في بيان الحديث ، وعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى جانب التحذير منه ومن أمثاله من الأحاديث المكذوبة الموضوعة على النبي صلى الله . وعلى المسلم أن يتأكد من ثبوت ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يقول صلى الله عليه وسلم : كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم . نَـــــصُ الـــــحَـــــدِيــــثِ : عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : جئت أسألك عما يغنيني في الدنيا والآخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سل عما بدا لك . قال : أريد أن أكون أعلم الناس . فقال : صلى الله عليه وسلم إتق الله تكن أعلم الناس . قال : أريد أن أكون أغنى الناس . فقال : صلى الله عليه وسلم : كن قانعاً تكن أغنى الناس . قال : أريد أن أكون أعدل الناس . فقال صلى الله عليه وسلم : أحب للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس . قال : أحب أن أكون خير الناس . فقال صلى الله عليه وسلم : كن نافعاً للناس تكن خير الناس . قال : أحب أن أكون أخص الناس إلى الله . فقال صلى الله عليه وسلم : أذكر الله تكن أخص الناس إلى الله . قال : أحب أن يكمــــل إيماني . فقال صلى الله عليه وسلم : حسن خلقك يكمل إيمانك . قال : أحب أن أكون من المحسنـين . فقال صلى الله عليه وسلم : اعبد الله كأنك تراه وإن لم تكن تراه فأنه يراك تكن من المحسنين . قال : أحب أكون من المطيعــين . فقال صلى الله عليه وسلم : أد فرائض الله تكن من المطيعـين . قال : أحب أن ألقى الله نقياً من الذنوب . فقال صلى الله عليه وسلم : اغتسل من الجنابة متطهراً تلقى الله نقياً من الذنوب . قال : أحب أن احشر يوم القيامة في النور . فقال صلى الله عليه وسلم : لا تظلم أحداً تحشر يوم القيامة في النـور . قال : أحب أن يرحمني ربي يوم القــيامة . فقال صلى الله عليه وسلم : ارحم نفسك وارحم عبادك يرحمك الله يوم القيامة . قال : أحب أن تقل ذنـــــــوبي . فقال صلى الله عليه وسلم : أكثر من الاستغفار تقل ذنـوبك . قال : أحب أن أكون أكرم النــــاس . فقال صلى الله عليه وسلم : لا تشكو من أمرك إلى الخلق تكن أكرم الناس . قال : أحب أن أكون أقوى النــــاس . قال صلى الله عليه وسلم : توكل على الله تكن أقوى الناس . قال : أحب أن يوسع الله في الــــرزق . قال صلى الله عليه وسلم : دم على الطهارة يوسع الله عليك في الــرزق . قال : أحب أن أكون من أحباب الله ورسوله . قال صلى الله عليه وسلم : أحب ما احبه الله ورسوله تكن من أحبابهـم . قال : أحب أن أكون آمناً من سخط الله يوم القيامة . قال صلى الله عليه وسلم : لا تغضب على أحد من خلق الله تكن آمناً من سخط الله يوم القيامة . قال : أحب أن تستجاب دعـــــوتي . قال صلى الله عليه وسلم : اجتنب أكل الحرام تستجاب دعـوتك . قال : أحب أن يسترني الله يوم القـيامة . قال صلى الله عليه وسلم : استر عيوب إخوانك يسترك الله يوم القيامة . قال : ما الذي ينجي من الذنوب ؟ أو قال : من الخطايا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : الدموع والخضوع والأمراض . قال : أي حسنة أعظم عند الله تعالى ؟ قال صلى الله عليه وسلم : حسن الخلق والتواضع والصبر على البلاء . قال : أي سيئة أعظم عند الله تعـالى ؟ قال صلى الله عليه وسلم : سوء الخلق والشح المـــطاع . قال : ما الذي يسكن غضب الرب في الدنيا والآخـرة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : الصدقة الخفية وصلة الرحم . قال : ما الذي يطفئ نار جهنم يوم القـــــــيامة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : الصبر في الدنيا على البلاء والمصائب . رواه أحمد بن حنبل . قال الامام المستغفري : ما رأيت حديثا أعظم وأشمل لمحاسن الدين وأنفع من هذا الحديث اجمع فأوعى . وقَـــــفَـــــاتٌ مَــــعَ الـــــحَـــــدِيــــثِ : لنا مع الحديث وقفاتٌ ألا وهي : الـــوَقَـــفَـــةُ الأولـــى : إن علامات الوضع على الحديث واضحةٌ ظاهرةٌ ، يقول الإمام ابن القيم في " المنار المنيف " ( ص 102) عند ذكره الأمور التي يُعرف بها كون الحديث موضوعا : - ومنها : 19 - ما يقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطل . وضرب مثالا بحديث : وضع الجزية عن أهل خيبر . ثم ذكر الأوجه في كذبه ومنها : سادسها : أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله ، فكيف يكون قد وقع ، ولا يكون عِلمُه عند حملة السنة من الصحابة ، ولاتابعين وأئمة الحديث ، وينفرد بعلمه اليهود ؟ .ا.هـ. وحديث الأعرابي الذي معنا ينطبق عليه كلام الإمام ابن القيم ، فلم يذكره أحد من أهل الكتب المعتبرة مثل السنن ، والمعاجم ، وغيرها . بل انفرد به من سنذكره في الوقفة الثانية . الـــوَقَـــفَـــةُ الـــثَـــانِـــيـــةُ : بعد الرجوع إلى المصادر المعتبرة للبحث عن الحديث لم نجد أحدا من أهل الكتب ذكر الحديث ، وبعد بذل الوسع وجد في مصدر واحد فقط ، وسأنقل نص الكلام الموجود في ذلك المصدر . جاء في كنز العمال ( رقم44154 ) ما نصه : قال الشيخ جلال الدين السيوطي وجدت بخط الشيخ شمس الدين ابن القماح في مجموع له عن أبي العباس المستغفري قال : قصدت مصرا أريد طلب العلم من الإمام أبي حامد المصري والتمست منه حديث خالد بن الوليد فأمرني بصوم سنة ، ثم عاودته في ذلك فأخبرني بإسناده عن مشايخه إلى خالد بن الوليد : فذكر الحديث بطوله . وكما نرى في هذا النقل من المؤخذات ما يلي : 1 - عدم عزو صاحب كنز العمال الحديث إلى مصدر من مصادر السنة المعتبرة . 2 - الرجال المذكورون في السند بعد الرجوع إلى تراجمهم في كتب الرجال لم أجد إلا ترجمة المستغفري فقط . قال الإمام الذهبي في السير (17/564) : الإمام الحافظ المُجَوِّد المصنف ، أبو العباس ، جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس ، المستغفري النَّسَفي . ... وكان محدثَ ما وراء النهر في زمانه . مولده بعد الخمسين وثلاث مئة بيسير . ومات بنسف سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة عن ثمانين سنة ، رحمه الله .ا.هـ. وقال الذهبي عنه في تذكرة الحفاظ (3/1102) : ... وكان صدوقا نفسه لكنه يروي الموضوعات في الأبواب ، ولا يوهيها ...ا.هـ. فالمستغفري متكلم فيه ، فلو لم توجد إلا هذه العلة لكفى !!! ولكن هناك علل أخرى كما سيأتي . 3 - أمرُ الصيامِ للمستغفري من قِبل أبي حامد المصري لمدة سنة ، وهذا أمر غريب ، وأخشى أن يكون من عمل الصوفية . 4 - لم يذكر لنا المستغفري رجال السند من عند شيخه أبي حامد المصري إلى خالد بن الوليد لكي يُحكم عليهم من كلام أئمة الجرح والتعديل . الـــوَقَـــفَـــةُ الـــثَـــالــــثــــةُ : عزو الحديث إلى مسند الإمام أحمد بن حنبل لا يصح أبدا ، بل لا يصح في أي كتاب من كتب الإمام أحمد الأخرى ، والله أعلم . الـــوَقَـــفَـــةُ الــــرَابِــــعَــــةُ : قول المستغفري : ما رأيت حديثا أعظم وأشمل لمحاسن الدين وأنفع من هذا الحديث اجمع فأوعى .ا.هـ. نعم ، الحديث جمع محاسن الدين ولكن لا بد من ثبوت هذه المحاسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس المسألة مسألة الإعجاب بعبارات الحديث بل الأهم من ذلك كله هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ وإلا لو كان الإعجاب بعبارات الأحاديث ، هناك أحاديث موضوعة فيها من المعاني العظيمة ما يجعلنا نقبلها مباشرة ، ولكن أحاديث النهي عن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم تجعلونا لا نقبلها ولا نعمل بها البتة . الـــوَقَـــفَـــةُ الــــخَــــامِــــسَــــةُ : لا يمنع أن يكون في الحديث بعض الألفاظ التي جاءت عن النبي صلى الله في أحاديث أخرى ، وكذلك لا يمنع أن يكون الحديث تجميع لعدد من الأحاديث بعضها صحيح والآخر ضعيف أو موضوع ، ويقوم بهذا التجميع بعض الوضاعين والقُصاص . أرجو بعد هذه الوقفات أن أكون قد وفقت في بيان كذب الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم . ومن كان له إضافة ، أو تعليق ، أو تعقيب فأكون له من الشاكرين .
عبد الله زقيل
الموضوع : القَولُ المَسْبُوكُ في رَدِّ حَدِيثٍ مُنْتَشِرٍ مَكْذُوبٍ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|