El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: الطهارة ,, السبت 1 أكتوبر 2011 - 7:47 | |
| القول الراجح مع الدليل لكتاب الطهارة من شرح منار السبيل فضيلة الشيخ خالد بن إبراهيم الصقعبي
"كتاب الطهارةK
الطهارة في اللغة: هي النظافة والنزاهة. الطهارة في الاصطلاح غير النظافة في الشرع لأنها في الشرع أعم من الطهارة في الاصطلاح. الطهارة في الشرع: هي الطهارة من مناهي الله عز وجل والتحلي بأوامر الله.
س1: إلى كم تنقسم الطهارة ؟ ج/ الطهارة تنقسم إلى قسمين هما: 1- طهارة معنوية, وهذا القسم من مباحث علماء العقيدة. 2- طهارة حسية, وهذا القسم هو الذي يبحثه الفقهاء.
س2: إلى كم تنقسم الطهارة المعنوية ؟ ج/ الطهارة المعنوية تنقسم إلى قسمين: أ. طهارة كبرى. ب. طهارة صغرى. أ. فالطهارة المعنوية الكبرى: هي طهارة القلب من الشرك وأدناسه, وتحليته بالعقيدة والتوحيد الخالص والتعبد لله عز وجل. ب. وأما الطهارة المعنوية الصغرى: فهي تطهير القلب من أدناس الأخلاق, كالحقد والغل والبغضاء وتحليته بفضائل الأعمال.
س3: إلى كم تنقسم الطهارة الحسية ؟ ج/ الطهارة الحسية أيضا تنقسم إلى قسمين: أ- طهارة رفع الحدث. ب- طهارة زوال الخبث. ففي طهارة رفع الحدث يتكلم الفقهاء عن أحكام المياه, وعن الوضوء والغسل والتيمم والمسح على الخفين. أما طهارة زوال الخبث فيتحدث الفقهاء في إزالة النجاسة. وضوابط الأشياء النجسة, وأقسام النجاسات.
س4: ما تعريف رفع الحدث ؟ ج/ رفع الحدث هو: زوال الوصف القائم بالبدن المانع من الصلاة ونحوها. قوله (وصف) يفيد أنه ليس عينا بخلاف الخبث, فالخبث عين مستقذرة شرعاً تمنع من الصلاة. وقوله (ونحوها) أي مما تشترط له الطهارة, مثل مس المصحف والطواف على رأي جمهور أهل العلم.
س5: ما تعريف زوال الخبث ؟ ج/ زوال الخبث هي: زوال النجاسة أو زوال حكمها بلاستجمار أو التيمم. و(الخبث) كما قلنا هو عين مستقذرة شرعاً تمنع من الصلاة.
س6: هناك بعض الفروق بين رفع الحدث وزوال الخبث فما هي ؟ ج/ الفروق بين رفع الحدث وزوال الخبث هي كالتالي: 1- أن رفع الحدث لابد له من الماء. بخلاف زوال الخبث فلا يشترط له الماء كزوال النجاسة بالريح أو الشمس ونحو ذلك فلو زالت النجاسة بأي مزيل حكمنا بالطهارة, لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. 2- أن رفع الحدث لابد له من نية, فلو اغتسل الإنسان من الجنابة بدون نية فإنه لا يرفع حدثه. أما زوال الخبث فلا تشترط له النية, فلو أن إنساناً في ثوبه نجاسة مثلاً ثم أصابه المطر بدون نية منه وزالت النجاسة لكفى ذلك. 3- أن رفع الحدث لا يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان, فلو أن إنساناً صلى وهو على غير طهارة جهلاً منه أو نسياناً أو مُكرهاً, فصلاته غير صحيحة فإذا تذكر فعليه إعادة صلاته مرة أخرى, لأن هذا من باب الأوامر وباب الأوامر لا يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان. أما زوال الخبث فيعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان.
س7: لو صلى الإنسان وعلى ثوبه نجاسة فما الحكم ؟ ج/ الحكم لا يخلو من أمور: أ- إذا تذكر أثناء الصلاة وقدر على إزالتها وهو يصلي وجب عليه ذلك, كما فعل النبي r لما جاءه جبريل فأخبره أن في نعليه أذى فخلعهما(1) ب- وإن كان إزالة هذا الشيء لا يتم إلا بكشف العورة, أو يحتاج لإزالة هذا الشيء إلى عمل كثير, فإن الإنسان يقطع صلاته وزيل هذه النجاسة ثم يستأنف الصلاة من جديد. ج- إذا لم يعلم المصلي بالنجاسة إلا بعد انتهائه من الصلاة فهذا صلاته صحيحة, لأن هذا من باب المنهيات وباب المنهيات يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان, وهذه قاعدة في كل المحظورات.
(1)رواه أحمد وأبو داود.
"أقسام المياهK
ينبغي للمكلف أن يعرف أحكام المياه لأنه لا صلاة إلا بماء معتبر, والمياه منها ما أذن الله بالطهارة منه ومنها ما لم يأذن بالطهارة منه, لذلك لابد للمكلف أن يعرف ما هو الماء الذي يتوضأ به.
س8: إلى كم ينقسم الماء ؟ ج/ على القول الراجح أن الماء على قسمين هما: 1) طهور. 2) نجس.
القسم الأول وهو الطهور:
س9: ما تعريف الماء الطهور ؟ ج/ الماء الطهور هو: الذي لم يتغير بنجاسة ولا يزال اسم الماء باقياً عليه, وهو يرفع الحدث ويزيل الخبث والدليل قوله تعالى)وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ(, وقول النبي r)اللهم طهرني بالماء والثلج بالبرد( [2] وقوله في البحر)هو الطهور ماءه والحل ميتته( [3]
س10: ما حكم استخدام الماء المحرم كالمغصوب ونحو ذلك ؟ ج/ يحرم استعماله, لقول النبي r في خطبته في منى يوم النحر)إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا( [4]
س11: ولكن لو توضأ إنسان بماء مغصوب أو أزال به النجاسة, فهل هذا الماء يرفع الحدث ويزيل الخبث أم لا ؟ ج/ الراجح من أقوال أهل العلم أنه يرفع الحدث ويزيل الخبث, لكن مع الإثم وهذا القول رواية عن الإمام أحمد, ودليل العمومات كقول الله تعالى) وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِه( وهذا يشمل الماء المباح والمحرم لكن مع الإثم لاستعمال الماء المحرم.
س12: ما حكم استعمال ماء زمزم في رفع الحدث وإزالة الخبث ؟ ج/ يجوز استعمال ماء زمزم في رفع الحدث وإزالة الخبث ولا يكره ذلك, وهذا قال به بعض الحنابلة وهو اختيار العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى وهو الراجح. والدليل على ذلك: حديث أسامة )أن النبي r دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ( [5]
س13: قال النبي r)إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده [6]هل النهي للتنزيه أم للتحريم ؟ ج/ الأقرب أنه للتحريم وهو قول الظاهرية, وهو قول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله, فإذا غمس يده قبل أن يغسلهما ثلاثاً فإنه يأثم.
س14: لو أن إنساناً غمس يده في الإناء قبل أن يغسلهما ثلاثاً فما حكم ذلك الماء؟ ج/ الراجح أنه باقٍ على طهوريته, لأن الحديث الذي فيه النهي عن غمس اليدين في الإناء قبل غسلهما ثلاثاً غاية ما فيه النهي عن غمس اليد ولم يتعرض النبي r للماء, وفي قوله)فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده( دليل على أن الماء لا يتغير الحكم فيه, لأن هذا التعليل يدل على أن المسألة من باب الاحتياط وليست من باب اليقين الذي يرفع به اليقين, وعندنا الآن يقين, وهو أن الماء طهور, وهذا اليقين لا يمكن رفعه إلا بيقين فلا يُرفع بالشك.
س15: ما الحكمة من النهي عن غمس اليد بالماء للقائم من نوم الليل قبل أن يغسلهما ثلاثاً ؟ ج/ على خلاف, والراجح في ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: (إن العلة هي خشية ملامسة الشيطان ليد النائم ملامسة حقيقية, ونظير ذلك قول النبي r)إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنشق ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه [7] وملامسة الشيطان ليد النائم ملامسة حقيقية).
س16: ما حكم الماء إذا استعمل في طهارة كالماء المتساقط من أعضاء المتوضئ؟ ج/ المراد باستعمال الماء: إمراره على العضو ثم يتساقط منه, أو أن يتطهر في نفس الماء, وليس المراد الاغتراف منه, فحكم هذا الماء على الراجح أنه طهور, قال السعدي رحمه الله في الإرشاد: (وإن كان مستعملاً في طهارة مشروعة كتجديد وضوء ونحوه فهو طهور, مكروه على المذهب, غير مكروه على القول الصحيح لعدم الدليل)[8]
س17: ما حكم الماء الذي خلت به المرأة المكلفة لطهارة كاملة, هل يرفع حدث الرجل أم لا ؟ ج/ على خلاف, والراجح أنه طهور يرفع حدث الرجل, لما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما)أن رسول الله r كان يغتسل بفضل ميمونة([9] ولحديث ابن عباس أيضاً)أن امرأة من نساء النبي r استحمت من جنابة فجاء النبي r يتوضأ من فضلها فقالت: إني اغتسلت منه, فقال:الماء لا ينجسه شي[10] قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وتجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماء وبما خلت به امرأة لطهارة, وهو رواية عن أحمد رحمه الله تعالى وهو مذهب الأئمة الثلاثة)[11] أما ما ورد من نهي النبي r أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة[12], فهذا محمول على التنزيه, وبهذا يحصل الجمع بين أدلة النهي وأدلة الجواز.
القسم الثاني وهو النجس: وهو ما تغير بنجاسة, أي تغير طعمه أو لونه أو ريحه.
س18: ما هو الضابط في نجاسة الماء ؟ ج/ الضابط في ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الماء سواءٌ كان قليلاً أو كثيراً فإنه لا ينجس إلا بالتغير. وهذه قاعدة وهو القول الراجح, قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى[13]: (وأما الماء إذا تغير بالنجاسات فإنه ينجس بالاتفاق, وأما إذا لم يتغير سواءً كان الماء قلتين أو أكثر فإنه يكون طهوراً) أ.هـ.
س19: كيف يطهر الماء النجس ؟ ج/ الصحيح أنه سواءً كان الماء قليلاً أو كثيراً, إذا زال التغير بأي مزيل سواء زال بنفسه أو بنزح أو بلإضافة فإنه يكون طهوراً, لأن الحكم متى ما ثبت بعلة زال بزوالها, وأي فرق بين أن يكون كثيراً أو يسيراً فالعلة واحدة, متى زالت النجاسة فإنه يكون طهوراً وهذا أيسر فهماً وعملاً.
س20: ما الحكم إذا شك هل الماء تغير بنجاسة أم لا ؟ ج/ الأصل أنه طهور كما هو رأي شيخ الإسلام رحمه الله وهو الأقرب, لأن الأصل في الأشياء الطهارة, والقاعدة الشرعية تقول{ليقين لا يزول بالشك}, فاليقين لا يزول إلا بيقين مثله.
س21: ماذا يلزم من علم بنجاسة الشيء ؟ ج/ يلزم من علم بنجاسة شيء إعلام من أراد أن يستعمله لحديث)الدين النصيحة(, كما لو رأى نجاسة على بدن المصلي أو ثوبه, فيدب عليه إخباره لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
[1](لأنفال: من الآية11). [2]متفق عليه من حديث عبدالله بن أبي أوفى. [3]رواه الخمسة وصححه الحاكم وابن حبان والبخاري وصححه الترمذي من حديث أبي هريرة. [4]رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه. [5]رواه أحمد وأهل السنن, وقال الترمذي: صحيح. [6]أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة t. [7]رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة t. [8]الإرشاد صـ6. [9]رواه مسلم. [10] رواه اهل السنن. [11]الاختيارات صـ3. [12]رواه أبو داود وغيره, وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان من حديث الحكم بن عمرو الغفاري. [13]مجموع الفتاوى21/30. [14]رواه مسلم وأحمد عن تميم بن أوس الداري t "باب الآنيةK
الآنية: جمع إناء وهو الوعاء.
س22: ما الأصل في الآنية ؟ ج/ الأصل في الآنية الحل, لأنها داخلة في عموم قوله تعالى)هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً([1] ومنه الآنية. فلا يحرّم من الأواني إلا ما حرمه الشارع, وأما ما عدا ذلك فالأصل فيه الحلّ. فالأواني مم الخشب ومن الصُفر, والنحاس والحديد والأحجار الكريمة حتى لو كانت غالية الثمن فإن الأصل فيها الحلّ اتخاذاً واستعمالاً, لكن يستثنى من ذلك ما استثناه الشارع من الذهب والفضة, كما سيأتي بيان ذلك تعالى.
س23: عندنا (اتخاذ) وعندنا (استعمال), فما الفرق بينهما ؟ * أما الاستعمال: فهو مباشرة الإنسان للإناء بسبب استعماله, كأنه يستعمله في الأكل والشرب أو للتطهير به ونحو ذلك. * أما الاتخاذ: فهو عدم مباشرة الإناء للانتفاع, وإنما يُتخذ إما للزينة أو لاستعماله في حالة الضرورة أو للبيع والشراء فيه وما أشبه ذلك, وهذا هو الفرق بين الاتخاذ والاستعمال.
س24: ما حكم استعمال آنية الألماس والأحجار الكريمة أو الزبرجد وغيرها من الأواني الثمينة ؟ ج/ الأصل في الآنية الحل إلا ما نُصّ على تحريمه كما سيأتي بيانه , فيجوز استعمال آنية الألماس والأحجار الكريمة أو الزبرجد سواء كان ذلك استخداماً أو اتخاذا للزينة ما لم يصل إلى حدّ الإسراف.
س25: ما أنواع آنية الذهب والفضة ؟ ج/ آنية الذهب والفضة على أنواع هي: 1. المُسْبَت: وهو أن يكون خالصاً من الذهب والفضة(إناءٌ خالصٌ من الذهب والفضة). 2. الممّوه: وهو أن يكون الإناء طُليَ بالذهب والفضة (يعني يُماع الذهب أو الفضة ثم يؤُتى بالإناء من الحديد أو النحاس أو غيره ويغمس في هذا الذهب أو الفضة) فيكتسب لوناً فقط. 3. المُطعَّم: أن يؤتى بإناء من الحديد أو الصُفر ونحو ذلك ويحفر من أي مكان, ثم يوضع فيه قطعة من الذهب أو الفضة. 4. المطْلي: وهو أن يؤتى بصحائف من ذهب أو فضة ثم توضع على الإناء من الحديد أو النحاس أو الصُفر. الفرق بين المُطَّعم والمطْلي: أن المُطًّعم يحفر ثم توضع فيه قطعة من الذهب أو الفضة, وأما المطْلي يُؤتى بصحائف من ذهب أو فضة ثم توضع على الإناء من الحديد أو النحاس أو الصُفر. 5. المُكفَّت: يُبْرَد الإناء (يُحفر فيه) ويوضع فيه كهئية الساقي, ثم يؤتى بشريط من الذهب أو الفضة ويوضع فيه, أو يٌدار على الإناء لتجميله وتزيينه. 6. المُضَبب: أن ينكسر الإناء ثم يُؤتي بشريط من الذهب أو الفضة ويربط فيه, أو ينخرق الإناء ويؤتى بقطعة من الذهب أو الفضة ويُسدُّ فيها هذا الخرق.
س26: ما حكم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب ؟ ج/ استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب محرم إجماعاً, لا خلاف في ذلك. من الأدلة على تحريمه: ما روى حذيفة t أن النبي r قال)لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة[2]) قوله)فإنها لهم( أي الكفار إذا ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها, فلا يصح استعمالها لعبيد الله في الدنيا, وإنما يفعلها من خرج عن عبوديته ورضي بالدنيا وعاجلها من الآخرة. وقال أيضاً)الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم([3]
س27: ما حكم اتخاذ واستعمال آنية الذهب والفضة في غير الأكل والشرب ؟ ج/ الصحيح أن الاتخاذ والاستعمال في غير الأكل والشرب ليس بحرام, لأن النبي r نهى عن شيءٍ مخصوص وهو الأكل والشرب, ولو كان المحرَّ غيرهما لكان النبي r أبلغ الناس وأبينهم في الكلام, ولا يخصُّ شيئاً دون شيء, بل إن تخصيصه الأكل والشرب دليل على أن ما عداهما جائز, لأن الناس ينتفعون بهما في غير ذلك, ولو كانت حرام مطلقاً لأمر النبي r بتكسيرها, كما كان النبي r لا يدع شيئاً فيه تصاوير إلا كسره, لأنها إذا كانت محرَّمة في كل الحالات ما كان لبقائها فائدة, ويدل لذلك أن أم سلمة رضي الله عنها وهي رواية حديث التحريم)الذي يشرب في آنية الذهب والفضة وإنما يجرجر في بطنه نار جهنم( كان عندها جلجل من فضة جعلت فيه شعرات من شعر النبي r [4] فكان الناس يستشفون بها فيُشفون بإذن الله, هذا بالنسبة للاستعمال في غير الأكل والشرب, أما استعمالهما في الأكل والشرب فقد تقدم بيان حكم ذلك.
[1] (البقرة: من الآية29).
[2] متفق عليه.
[3] متفق عليه من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
[4] رواه البخاري.
س28: ما الإناء المضبب ؟ ج/ المُضبّبب: أن ينكسر الإناء من الحديد أو نحو ذلك ثم يؤتى بشريط من الذهب أو الفضة ويربط فيه, أو ينخرق الإناء ويؤتى بقطعة من الذهب أو الفضة ويُسدَّ فيه هذا الخرق.
س29: متى يباح استعمال الإناء المضبب ؟ ج/ يباح استعماله إذا اجتمعت فيه الشروط الآتية: 1. أن تكون ضبة (يعني اتخاذ شريط لربط الكسر أو انخرق الإناء فيُؤتى بقطعة من الفضة ويُسدَُّ فيه هذا الخرق). 2. أن تكون الضبة يسيرة, ويرجع في كون الشيء يسيراً وكبيراً إلى العرف. 3. أن تكون من فضة, فإذا كانت من ذهب فلا تجوز. 4. أن تكون للحاجة, فإذا كانت للزينة فلا تجوز. والدليل على جواز ذلك ما ورد من حديث أنس)أن قدح النبي r انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة([1]
س30: ما حكم آنية الكفار وثيابهم ؟ ج/ آنية الكفار وثيابهم على ثلاثة أقسام: 1. أن تكون نجسة, كأن يكون في الإناء مثلاً شحم خنزير, أو كانت ثيابهم نجسة فهذه لابدَّ من غسلهما. 2. أن يُعرف عن هؤلا الكفار أنهم يتوقون النجاسة فهنا لا بأس باستعمال هذه الأواني والثياب من غير غسيل. والدليل على ذلك أن الأصل الطهارة. 3. أن يُعرف عن هؤلا مباشرة النجاسة, ولكنه لا يرى عليها أثر النجاسة, فهذه هل تغسل أم لا ؟ على خلاف, والأقرب أنه لا يجب الغسل بدليل ما صح عن النبي r)أنه توضأ من مزادة امرأة مشركة([2], وأيضاً ثبت)أن النبي r دعاه غلام يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة[3]),[4] وكذلك صح عن عمر t)أنه توضأ من جرَّة نصرانية([5], كل هذا يدل على أن ما باشروه فهو طاهر, ولأن الأصل في الأشياء الطهارة, وهنا قاعدة {اليقين لا يزول بالشك} فإذا شكّ الإنسان بنجاسة شيء لم تُلم نجاسته فهنا الأصل الطهارة فلا يزول اليقين إلا بيقين مثله, فلا يلتفت إلى الشك.
س31: ما أقسام الميتة من حيث الطهارة وعدمها ؟ ج/ الميتة من حيث الطهارة وعدمها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: 1- ما لا تحله الحياة ومعنى ذلك (أي ليس فيه دم سائل) فهذا طاهر وهذا مثل القرن والظفر والشعر والصوف...الخ, فهذا طاهر من الميتة. 2- ما تحله الحياة وهذا مثل اللحم والعصب..الخ, فهذا نجس من الميتة. 3- ما بين ذلك وهو الجلد, وهذا يظهر بالدباغ, ولكن طهارة جلد الميتة مخصوص بكل حيوان مات وهو يؤكل في حال الحياة كالشاة والبعير ونحوهما فهذا يطهر جلده بالدباغ, والدليل على طهارة جلود الميتة إذا دبغت, إذا كانت تؤكل حال الحياة ما ورد في حديث سلمة بن المحبق أن النبي r قال)دباغها ذكاتها[6]) فعبر بالذكاة, ومعلوم أن الذكاة لا تطهّر إلا ما يباح أكله, فلو أنك ذبحا حماراً وذكرت اسم الله عليه وأنهر الدم, فإنه لا يسمى ذكاة, وعلى هذا يقال: جلد ما يحرم أكله ولو كان طاهراً في حال الحياة فإنه لا يطهر بالدباغ, كما لو دبغ جلد هرة مع أنها طاهرة حال الحياة, ومع ذلك فإن جلدها لا يطهر بالدباغ.
س32: ما حكم تغطية الآنية وإيكاء الأسقية.. وما الحكمة من ذلك ؟ ج/ يُسنُّ تغطية الآنية, وإيكاء الأسقية, وإقفال الأبواب, وهذا دلَّ له حديث جابر أن النبي r قال)أوكِ سقاءك واذكر اسم الله, وخمر إناءك واذكر اسم الله, ولو أن تعرض عليه عودا[7]) والتخمير: التغطية. والحكمة من تغطية الآنية وإيكاء الأسقية وردت في صحيح مسلم حيث قال)فإن الشيطان لا يفتح غلقاً, ولا يحل وكاءً ولا يكشف إناءً(. والكشف هنا كشف حقيقي, يكشفه الشيطان أو يستشرفه إذا لم يُربط الوكاء ولم يغطى الإناء ولم تقفل الأبواب. وكذلك من العلل: ما ورد أن النبي r قال)غطُّو الإناء, وأوكئوا السقاء, فإن في السنة ليلة ينزل فيها داء لا يمرُّ بإناءٍ ليس عليه غطاء, ولا سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل به من ذلك الداء[8])
[1] رواه البخاري. [2] رواه البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين. [3] رواه أحمد من حديث أنس t , قال الألباني في إرواء الغليل: إسناده صحيح على شرط الشيخين. [4] الإهالة: الدسم, والسنخة: المتغيرة. [5] عزاه النووي في المجموع للشافعي والبيهقي صحح إسناده وذكره البخاري في صحيحه معلقاً فقال: توضأ عمر بالحميم من بيت مشركة. [6] رواه أحمد والنسائي والطبري وفي التلخيص : إسناده صحيح. [size=21]"باب الاستنجاء وآداب التحَّليK
س33: ما تعريف الاستنجاء والاستجمار ؟ [size=16]الاستنجاء: استفعال من النجو, وهو في اللغة القطع يقال: نجوت الشجرة أي قطعتها, والمراد بذلك إزالة الأذى أي العَذِرَة.
اصطلاحاً: * الاستنجاء: هو إزالة ما خرج من السبيلين بما طهور. * الاستجمار: هو إزالة ما خرج من السبيلين بالأحجار ونحوها.
والمراد بآداب التخلي: هي ما يحسن أن يكون عليه مُريد قضاء الحاجة.
فائدة: وهذه الآداب من الأهمية بمكان, لأن بهذه الآداب تكتمل شخصية المسلم ويتميز عن غيره, ولذلك النبي r قال)الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة, أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق([1] ومن العجيب أننا نرى بعض الناس يتهاونون في أداء السنن ويكادون يقتصرون على الواجبات, ورحم الله الإمام أحمد عندما كان في سكرات الموت, وكان عنده إنسان يوضئه, فلما غسل وجهه بدأ الإمام أحمد يشير إلى لحيته كأنه ينبه على أنه ترك تخليل اللحية, مما يدل على شدة تمسكهم بالسنة, فعلى هذا يحسن القراءة في باب الآداب وتطبيق هذه الآداب, لأنها من مكملات الدين ومحسّناته ومجمّلاته مع هذه الآداب فيها شيء يصل إلى حد الوجوب.
س34: ما شروط الاستجمار بالأحجار ونحوها ؟ ج/ شروط الاستجمار بالأحجار ونحوها هي: أولاً: أن تكون هذه الأحجار طاهرة لا نجسة ولا متنجسة (والفرق بين النجس والمتنجس: أن النجس نجس بعينه كالروث, والمتنجس نجس بغيره أي طرأت عليه النجاسة كالورق المتنجس) والدليل على ذلك حديث ابن مسعود t أنه جاء إلى النبي r بحجرين فأخذ النبي r الحجرين وألقى الروثة وقال)هذا رِكس[2] والركس: النجس. وكون النبي r يأخذ الحجرين ويلقي الروثة يدلُّ على أن ذلك نجس وأنه لا يجزيء.
ثانياً: مُنْقِ , أي منظف, فإذا كان لا ينظف فإنه لا يُجزئ, لأن وجوده كعدمه, والذي لا ينقِ إما لا ينقٍ لملامسته, كأن يكون أملس جداً, أو لرطوبته كحجر رطب, أو كان المحل قد نشف لأن الحجر قد يكون صالحاً للإنقاء لكن المحل غير صالح للإنقاء.
ثالثاً: أن لا تتعدى النجاسة موضع الحاجة, وموضع الحاجة ما جرت العادة به في أن البول ينتشر إلى ما حول المخرج, فإذا كانت النجاسة تعدت إلى ما حول المخرج فقط أجزأ الاستجمار, أما إذا تعدى موضع الحاجة فلا بدَّ من الاستنجاء بالماء, وقد قال بهذا بعض أصحاب الإمام أحمد رحمه الله قالوا: لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, فما زاد عن موضع العادة يغسل, وما كان على العادة يجزئ فيه الاستجمار. والأقرب: أن الاستجمار يُجزئ مطلقاً حتى ولو تعدى الخارج موضع الحاجة, لأن الشارع لم يحدد ذلك. وفي الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية (ويجزئ الاستجمار ولو تعدى الخارج إلى الصفحتين والحشفة وغير ذلك, لعموم الأدلة بجواز الاستجمار, ولم ينقل عن النبي r في ذلك تقدير)[3] أ.هـ.
رابعاً: أن يكون ثلاث مسحات ودليل ذلك حديث سلمان t)نهى رسول الله أن نستنجي بأقل من ثلاث أحجار([4] فدَّل ذلك على أنه لابدَّ من ثلاث مسحات, ولا يشترط ثلاثة أحجار, إنما يشترط ثلاث مسحات حتى ولو كانت بحجر واحد, لأن الحجر الواحد قد يكون له جهات متعددة, وإن أنقى بواحدة فلا يكفي, فلابدَّ من ثلاث, وإذا بم يُنقِ بثلاث يزيد رابعة وجوباً ويقطع على خامسة استحباباً حتى يقطع على وتر, وهكذا لأن النبي r نهى أن يستنجى بأقل من ثلاث أحجار ولأن الغالب أنه لا نقاء بأقل من ثلاثة أحجار.
خامساً: أن لا يكون بعظم ولا بروث, بدليل قول النبي r في حديث سلمان t)وأن لا نستنجي بعظم ولا روث[5] وورد هذا أيضاً من حديث ابن مسعود[6] وأبي هريرة t أنه جمع للنبي r أحجاراُ وأتى بها بثوبه فوضعها عنده ثم انصرف[7] وحديث رويفع[8] ولو خالف وفعل فقد فعل محرماً وهو آثم يُخشى عليه من العقوبة.
س35: هل يُجزئ إذا استجمر بعظام أو روث ؟ ج/ الأظهر أنه لا يُجزئ ووجوده كعدمه كأنه لم يستجمر وهذا هو قول المذهب.
س36: لماذا نُهي عن الاستجمار بالعظام والروث ؟ ج/ أما بالنسبة للعظام إذا كان العظم عظمّ مذكاة فقد بيَّن النبي r أن هذا العظم يكون طعاماً لإخواننا الجن كما قال r للجن )لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه, تجدونه أوفر ما يكون لحماً الموضوع : الطهارة ,, المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|