El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: المبتدأ المعرفة والمبتدأ النكرة السبت 15 أكتوبر 2011 - 14:24 | |
| المبتدأ المعرفة والمبتدأ النكرة
إذا قلنا: الطيار شجاع - الوطنى مخلص - العربىّ كريم ... حكمنا على الطيار بالشجاعة، وعلى الوطنى بالإخلاص، وعلى العربى بالكرم. أى: حكمنا على المبتدأ بحكم مُعين؛ هو: الخبر. فالمبتدأ فى هذه الجمل الاسمية - و - نظائرها محكوم عليه دائماً بالخبر، والمحكوم عليه لا بد أن يكون معلوماً، ولو إلى حدّ مَّا، وإلا كان الحكم لغوًا لا قيمة له؛ لصدوره على مجهول، وصارت الجملة غير مفيدة إفادة تامة، مثل: زارع فى القرية ... صانع فى المصنع ... يد متحركة ... جشم مسْرع ... وغيرها مما لا يفيد الإفادة الحقيقية المطلوبة؛ بسبب عدم تعيين المبتدأ، أو عدم تخصيصه. أى: بسبب تنكيره تنكيراً تامًّا؛ لهذا امتنع أن يكون المبتدأ نكرة إذا كان غير وصف، لأنها شائعة مجهولة في الغالب. فلا يتَحَقَّقُ معها الغرض من الكلام؛ وهو: الإفادة المطلوبة، فإن هذه الإفادة هى السبب أيضاً فى اختيار المعرفة لأن تكون هى المبتدأ حين يكون أحد ركنى الجملة معرفة والآخر نكرة؛ مثل: شجرةٌ المتحركة. لكن إذا أفادت النكرة الفائدة المطلوبة صح وقوعها مبتدأ. وقد أوصل النحاة مواضع النكرة المفيدة حين تقع مبتدأ إلى نحو أربعين موضعاً. ولا حاجة بنا إلى احتمال العناء فى سردها، واستقصاء مواضعها، ما دام الأساس الذى تقوم عليه هو: "الإفادة" فعلى هذا الأساس وحده يرجع الحكم على صحة الابتداء بالنكرة، أو عدم صحته، من غير داع لحصر المواضع أو عَدّها هذا إلى أن تلك المواضع الكثيرة يمكن تجميعها وتركيزها في نحو أحدَ عشَرَ تغنى عن العشرات التى سردوها. وإليك الأحدَ عشَرَ. 1- أن تدلّ النكرة على مدح، أو ذم، أو تهويل؛ مثل: (بطلٌ فى المعركة. خطيب على المنبر) - (جبانٌ مُدْبرٌ. جاسوسٌ مقبل) - (بالء فى الحرب، جحيم فى الموقعة).
2- أن تدل على تنويع وتقسيم؛ مثل رأيت الأزهار، فبعضٌ أبيضُ، وبعض أحمرُ، وبعضٌ أصفرُ ... عرفت فصل الخريف متقلبًا؛ فيومٌ بارد، ويومٌ حارّ، ويومٌ معتدل. وقول الشاعر: *فيومٌ علينا، ويومٌ لنا * ويومٌ نُسَاءُ، ويومٌ نُسَرّ* 3- أن تدل على عموم؛ نحو: كلٌّ محاسَبٌ على عمله. وكلٌّ مسئول عما يصدر منه؛ {فمن يعملْ مِثقالَ ذَرّة خيراً يرَهُ. ومن يعملْ مثقالَ ذرة شرًّا يَرَه}. 4- أن تكون مسبوقة بنفى، أو استفهام؛ مثل: ما عملٌ بضائعٍ، ولا سعىٌ بمغمور. فمن مُنكرٌ هذا؟ وقول من طالت غربته: *وهلْ داءٌ أمَرُّ من التَّنائِى؟ * وهلْ بُرْءٌ أتَمُّ من التَّلاقى؟* 5- أن تكون النكرة متأخرة، وقبلها خبرها؛ بشرط أن يكون مختصًّا؛ سواء أكان ظرفاً، أم جارًّا مع مجروره أم جملة؛ مثل: عند العزيز إباءٌ، وفي الحُرِّ تَرفع وقول الشاعر: *وللحِلْم أوقاتٌ، وللجهل مثلها * ولكنَّ أوقاتى إلى الحَلْم أقْربُ* ومثل: نَفَعك برهُ والدٌ، وصانك حنانُها أمٌّ. 6- أن تكون مخصّصَة بنعت، أو بإضافة، أو غيرهما مما يفيد التخصيص؛ نحو: نومٌ مبكرٌ أفضلُ من سهر، ويقظةُ البكور أنفعُ من نوم الضحا، وقول العرب: أحسن الولاة من سعدت به رعيته، وأشقاهم من شقيت به، وشر البلاد بلاد لا عدل فيها، ولا أمان، وقولهم: وَيْلٌ للشَّجى مِن الخَلِىِّ. 7- أن تكون دعاء؛ نحو: سلامٌ على الخائف - شفاءٌ للمريض - عونٌ للبائس؛ بشرط أن يكون القصد من النكرة فى كل جملة هو الدعاء. 8- أن تكون جواباً؛ مثل: ما الذى فى الحقيبة؟ فتُجيب: كتاب فى الحقيبة. 9- أن تكون فى أول جملة الحال، سواء سبقتها واو الحال، مثل: قطع الصحراء، ودليلٌ يَهدينى، وركبت البحر ليلا وإبرةٌ ترشد الملاحين. أمْ لم تسبقها؛ نحو كلُّ يوم أذهب للتعلم، كتبٌ فى يدى.
10- أن تقع بعد الفاء الداخلة على جواب الشرط؛ وهى التى تسمى: فاء الجزاء؛ مثل: مطالبُ الحياة كثيرة؛ إن تَيَسَّر بعضٌ فبعضٌ لا يتيسّر، والآمال لا تنفد؛ إن تحقق واحدٌ فواحدٌ يتجدد. 11- أن يدخل عليها ناسخ - أىّ ناسخ - وفى هذه الحالة لا تكون مبتدأ، وإنما تصير اسماً للناسخ، ومن ثَمَّ يصحّ فى أسماء النواسخ أن تكون فى أصلها معارف أو نكرات - كقولهم: كان إحسانٌ رعايةَ الضعيف، وإنّ يداً أن تذكروا الغائب... زيادة وتفصيل: (أ) قلنا إن مسوغات الابتداء بالنكرة كثيرة؛ أوصلها النحاة إلى أربعين، بل أكثر. وبالرغم من كثرتها بقيت نكرات أخرى قد تعرب مبتدأ، مع أنها لا تدخل تحت مسوغ مما ذكروه؛ نحو: "مذ" و "منذ" فهما نكرتان فى اللفظ؛ فى نحو: ما رأيته "مذ" أو "منذ" يومان، وإن كان بعض النحاة يعتبرهما معرفتين معنى؛ إذ المعنى: أمد انقطاع الرؤية يومان مثلا. على أن تلك الكثرة من المسوغات قد فتحت الباب أمام كل نكرة لتدخل منه إلى الابتداء، حتى صار من العسير الحكم على نكرة، أىّ نكرة، بأنها لا تصلح أن تكون مبتدأ. كما صار الرأى القائل: "إن المبتدأ لا يكون نكرة إلا إن أفادت" - رأياً لا جديد فيه؛ لدخوله تحت أصل لغوى عام: هو: "ما يَستحدث معنى أو يزيد فى غيره لا يُطعن فى وجوده، ولا يستغنى عنه، وما لا فائدة منه لا خير فى ذكره". وتأييداً لكلامنا وتوفية للبحث - نذكر أهم تلك المسوغات؛ ليؤمن المتردد أنها أبواب مفتوحة تتسرب منها النكرات كلها إلى الابتداء. وقد سبق منا أحدى عشر. وفيما يلى الباقى مع الاقتصار على ما يغنى عن غيره، وما يمكن إدماج غيره فيه. 12- أن تكون النكرة عاملة؛ سواء أكانت مصدراً؛ نحو: إطعامٌ مسكيناً طاعة، أمْ وصفاً عاملا، نحو: متقنٌ عمله يشتهر اسمهُ. ومن العمل أن تكون مضافة؛ لأن المضاف يعمل الجر في المضاف إليه؛ مثل: كلمة خير تأسِر النفس... 13- أن تكون النكرة أداة شرط؛ نحو؛ من يعملْ خيراً يجدْ خيراً.
14- أن يكون فيها معنى التعجب - كما سبق -؛ نحو: ما أبرع جنود المِظلات. 15- أن تكون محصورة؛ نحو: إنما رجلٌ مسافرٌ. 16- أن تكون فى معنى المحصور - بشرط وجود قرينة تُهَيِّئ لذلك - نحو: حادث دعاك للسفر المفاجئ، أى: ما دعاك للسفر المفاجئ إلا حادث. ويصح فى هذا المثال أن يكون من قسم النكرة الموصوفة بصفة غير ملحوظة، ولا مذكورة.... أى: حادث خطير دعاك إلى السفر. 17- أن تكون معطوفة على معرفة؛ نحو: محمود وخادم مسافران. 18- أن تكون معطوفة على موصوف، نحو: ضيف كريم وصديق حاضران. 19- أن يكون معطوفاً عليها موصوف، نحو: رجل وسيارة جميلة أمام البيت. 20- أن تكون مبهمة قصداً، لغرض يريده المتكلم؛ نحو: زائرة عندنا. 21- أن تكون بعد لولا؛ نحو: لولا صبرٌ وإيمانٌ لقتل الحزين نفسه. 22- أن تكون مسبوقة بلام الابتداء؛ نحو: لرجل نافع. 23- أن تكون مسبوقة بكلمة: "كَمْ" الخبرية؛ نحو: كم صديقٌ زرته فى العطلة فأفادنى كثيراً. 24- أن تكون مسبوقة بإذا الفجائية؛ نحو: غادرت البيت فإذا مطر. 25- أن يكون مراداً بها حقيقة الشئ وذاته الأصلية، نحو: حديد خير من نحاس.
المصدر:كتاب النحو الوافى الموضوع : المبتدأ المعرفة والمبتدأ النكرة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|