أوراق رسمية تحدد هذا العرف!
ولكن على عكس ما يقول الدكتور العوا، نشرت الصحف المصرية بمناسبة قضايا إشهار بعض المسيحيين في مصر إسلامهم قوانين قالت: إنها تحدد الإجراءات المتبعة في هذا الأمر، وهي في حقيقة الأمر ليست قوانين مصدق عليها برلمانياً، ولكن أوراق دورية ومنشورات حكومية -قابلة للتغير-.
فالكتاب الدوري رقم 40 -سرّي- عام 1969 الذي أصدرته وزارة الداخلية والمنشور 5 لسنة 1970 ورقم 5 لسنة 1971، لمأموريات الشهر العقاري يحدد إجراءات إشهار الإسلام، وفقًأ للإجراءات التالية:
1- يتقدم المسيحي الراغب في اعتناق الإسلام بطلب إلى مديرية الأمن التابع لها أو التي يباشر أعماله في نطاق اختصاصها، ولا تقبل الطلبات التي تخالف ذلك إلا إذا تبين لمدير الأمن وجود خطر على المتقدم في حالة إبداء رغبته في اعتناق الإسلام في موطنه الأصلي.
2- تقوم مديرية الأمن بتحديد موعد له يحضر فيه إلى مقر المديرية ويتم إخطار رئيس المذهب التابع له الطالب في المحافظة بإخطار كتابي مسجل لإرسال واعظ لإسداء النصح للمتقدم، فإذا لم يحضر الواعظ أو القسيس تحدد المديرية موعدًا آخر وتخطره به مع إرسال خطاب للبطريركية المختصة وتسير الإجراءات في طريقها المعتاد إذا لم يحضر.
3- خلال جلسات النصح والإرشاد تكلف مديرية الأمن مندوباً تكون مهمته التثبت من هدوء الاجتماع وصحة ما جرى فيه ولا يجوز أن يحضر هذا الاجتماع غير المندوب الذي يعينه مدير الأمن فإذا قبل المتقدم الاستمرار في دينه الأصلي يتم حفظ الطلب، وإذا أصر على إشهار إسلامه يتم توثيقه في مكاتب الشهر العقاري وتسري الخطوات السابقة على من تزيد أعمارهم على 16 عامًا، وفي الحالات الأصغر سنًا يتم إخطار المحكمة المختصة للتصرف.
وقد أنشأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية بالفعل (لجنة الإرشاد الديني) بمقرها بالكاتدرائية بالعباسية بالقاهرة، بحيث تتولى تلقي إخطارات مديريات الأمن عن الحالات التي ترغب في إشهار إسلامها، كما تتولى اللجنة إصدار شهادات العائدين للمسيحية مرة أخرى، وتكون الشهادات مختومة بخاتم الكنيسة.
ولكن أقباط مصر أثاروا أزمة رغم ذلك وطالبوا في الأزمة الأخيرة أن يتم تسليم أي مسيحي يتقدم للجهات الرسمية بطلب إشهار إسلامه إلى الكنيسة مباشرة بحجة أن مديرية الأمن تعد مكاناً غير مناسب لذلك -كما يقول القمص مرقص عزيز كاهن الكنيسة المعلقة-، ويطالبون بأن تكون جلسات "النصح والإرشاد" -يقصدون جلسات الضغط على راغب الإسلام في العدول عن طلبه- داخل الكنيسة.
وقد كشف بعض قادة الكنيسة ضمناً -في أحاديثهم عن الأزمة- أن هناك إقبال كبير من الشباب والفتيات المسيحيات على دخول الإسلام، حيث كشف القس فلوباتير عزيز -كاهن كنيسة الطوابق- أن هناك عدد كبير هذا العام تحول للإسلام، قال إنهم نجحوا في إقناع 120 منهم للعدول عن إشهار إسلامهم، وفشلوا مع آخرين لم يحدد عددهم.
لا عقوبة جنائية على المرتد!!
أما بالنسبة للمسلم في حالة ارتداده في مصر، فالأحكام الفقهية المقررة في شأن الردة -كما يقول د. محمد سليم العوا -الخبير القانوني- نوعان: نوع جنائي، وهو غير مطبق في القانون المصري منذ أكثر من قرنين، ونوع مدني، متعلق بالزواج وآثاره وهو مقرر بحكم القوانين الوضعية المطبقة في مسائل الأحوال الشخصية، وهو أمر يشترك في تقريره الإسلام والمسيحية إذ تنص المادة (49) من لائحة قوانين الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة عن المجلس الملي سنة 1938 على أنه: "ينفسخ الزواج إذا خرج أحد الزوجين عن الدين المسيحي".
وتنص المادة (17) من قانون الأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية بمصر الصادر سنة 1902 على جواز الطلاق في حالة اعتناق أحد الزوجين ديانة غير الديانة المسيحية، وتنص المادة (19) من القانون نفسه على أنه "لا يحكم بالطلاق إلا لصالح الزوج الذي بقي على دينه المسيحي".
وفي حالة ارتداد شخص عن الإسلام (مسيحي مثلا أسلم وعاد للمسيحية)، أصدرت مصلحة الشهر العقاري المصري المنشور رقم 5 لسنة 1971 بإخطار المحاكم بحالات الردة عن الإسلام، وحيث إن إبرام شهادة ردة عن الإسلام أمر لا تقره الشريعة الإسلامية، فلا يجوز لمكاتب الشهر العقاري أن تصدر هذه الشهادات، باعتبار أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام في مسائل الأحوال الشخصية ولا يجوز إصدار شهادات غير جائزة شرعاً.
وأوضح المنشور الرسمي أنه ينبغي على الموظف المختص عند تلقيه طلباً بالارتداد عن الإسلام أن يقوم بالتأشير على شهادات إشهار الإسلام بذلك دون إصدار شهادة تفيد ذلك مع إخطار الإدارة العام للمحاكم.
ولهذا ترفض مصلحة الأحوال المدنية تعديل بيانات البطاقة الشخصية للمسيحي الذي يسلم ثم يرتد للمسيحية رغم أن القانون لا يحظر ذلك، وهو ما يستدعي رفع قضية لكل حالة حتى يتم تصحيح بيانات البطاقة الشخصية، وقد قضت محكمة القضاء الإداري المصرية بأحقية المسيحي الذي اعتنق الإسلام ثم عاد إلى مسيحيته مرة أخرى، في تغيير بطاقته الشخصية وإثبات بياناته الجديدة فيها باعتباره "واقعة مادية بحتة، ينبغي على مصلحة الأحوال المدنية إثباتها في بطاقة تحقيق الشخصية حماية للغير"، ولجميع سلطات الدولة حتى يكون المتعامل مع طالب تغيير بياناته ديانته على بصيرة من أمره دون الوقوع في خطأ.
واقعة رغبة زوجتي كهنة مصريين في إشهار إسلامهن، ورفض جهات الأمن والأزهر إشهار إسلامهن، وإقناع الكنيسة لهما بالعودة (قيل إنهم أرهبوهم بوقوع نزاع طائفي في مصر بسببهم، وأقنعوهم بالعودة وكتم الدين في قلوبهن)، كشفت بالتالي عن مشاكل كثيرة تتعلق بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية، واتباع قواعد وإجراءات قانونية وضعية تخالف الشريعة.
الموضوع : إشهار إسلام الأقباط وموقف الأزهر المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya