ـ الغيبة في اللغة والاصطلاح، وصورها:
الغيبة
لغة: من الغَيْب "وهو كل ما غاب عنك" , وسميت الغيبة بذلك لغياب المذكور
حين ذكره الآخرون.
قال ابن منظور: "الغيبة من الاغتياب... أن يتكلم خلف
إنسان مستور بسوء" .
والغيبة في الاصطلاح: قد عرفها النبي صلى الله عليه
وسلم بقوله: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((ذكرك
أخاك بما يكره)) .
ولم يرد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم تقييده
بغَيبة المذكور, لكنه مستفاد من المعني اللغوي للكلمة.
قال النووي:
"الغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره" .
صور
الغيبة وما يدخل فيها :
ذكر
النبي صلى الله عليه وسلم بأن الغيبة إنما تقع فيما يكرهه الإنسان ويؤذيه
فقال: ((بما يكره)).
قال النووي في الأذكار مفصلاً ذلك: ذكر المرء بما
يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلْقه أو
خُلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو
طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو الإشارة أو
الرمز.
ومن الصور التي تعد أيضاً في الغيبة قال النووي: ومنه قولهم عند
ذكره : الله يعافينا ، الله يتوب علينا ، نسأل الله السلامة ونحو ذلك ،
فكل ذلك من الغيبة .
ومن صور الغيبة ما قد يخرج من المرء على صورة
التعجب أو الاغتمام أو إنكار المنكر قال ابن تيمية: ومنهم من يخرج الغيبة
في قالب التعجب فيقول : تعجبت من فلان كيف لا يعمل كيت وكيت... ومنهم من
يخرج [النية في قالب] الاغتمام فيقول: مسكين فلان غمني ما جرى له وما ثم
له.. .
الفرق بين الغيبة
والبهتان والإفك:
بّين النبي صلى الله
عليه وسلم الفرق بين الغيبة والبهتان, ففي الحديث "قيل: أرأيت إن كان فيه
ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه ما تقول
فقد بهته)) , وفي حديث عبد الله بن عمرو أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم رجلاً فقالوا: لا يأكل حتى يُطعم, ولا يَرحل حتى يُرحل, فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((اغتبتموه)) فقالوا: يا رسول الله: إنما حدثنا
بما فيه قال: ((حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه)) .
والبهتان إنما يكون في
الباطل كما قال الله : {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا
فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً} [الأحزاب:58].
والبهت قد يكون غيبة،
وقد يكون حضوراً ، قال النووي : "وأصل البهت أن يقال له الباطل في وجه" .
قال
الحسن: الغيبة ثلاثة أوجه كلها في كتاب الله : الغيبة والإفك والبهتان.
فأما
الغيبة فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه ، وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك
عنه ، وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه.
3-
حكم الغيبة، وأدلة تحريمها في القرآن والسنة، وأقوال السلف في ذلك:
الغيبة
حرام بإجماع أهل العلم كما نقل ذلك النووي .
واختلف العلماء في عدها من
الكبائر أو الصغائر ، وقد نقل القرطبي الاتفاق على كونها من الكبائر لما
جاء فيها من الوعيد الشديد في القرآن والسنة ولم يعتد رحمه الله بخلاف بعض
أهل العلم ممن قال بأنها من الصغائر .
والقول بأنها من الكبائر هو قول
جماهير أهل العلم صاحب كتاب العدة والخلاف في ذلك منقول عن الغزالي .
وقد
فصل ابن حجر محاولاً الجمع بين الرأيين فقال: فمن اغتاب ولياً لله أو
عالماً ليس كمن اغتاب مجهول الحالة مثلاً.
وقد قالوا: ضابطها ذكر الشخص
بما يكره ، وهذا يختلف باختلاف ما يقال فيه ، وقد يشتد تأذيه بذلك .
الموضوع : الغيبة ... تأكل الحسنات المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya