السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
****************
فى مقالة لعالمنا الأستاذ : محمد نجيب لطفي
يقول فيها :
يلاحظ
انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة في كتابات بعض المعاصرين ، ولاسيما في
الدوريات والمؤلفات والصحف والمجلات ، وما درى هؤلاء الكتاب أن عملهم هذا
يتنافى مع مكانة السنة العظيمة من وجوه متعددة ، وكذلك يتنافى مع المنهجية
الحديثية العلمية ، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكذب عليه ،
ووردت أحاديث نبوية شريفة في ذلك منها :
1- حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تكذبوا علي ، فإنه من كذب علي فليلج النار " [1] .
2- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه
و سلم ، قال :
" ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار " [2] .
وكذلك ما يترتب على ذلك من أخطاء في الأحكام الشرعية والفقهية والعقدية ، و الأصولية المترتبة على ذلك .
وبعد إمعان النظر يمكن أن نلخص أسباب انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة في الكتابات المعاصرة فيما يلي :
أولاً
: الاعتماد على الذاكرة في الاستشهاد بالأحاديث الخاصة بالمقالات والبحوث ،
وهذا الخطأ من أبشع الأخطاء . وهو مخالف لمكانة السنة العظيمة ، وللمنهجية
العلمية الحديثية . وهذا الصنف من الكتاب والباحثين موجود . فإذا شرع يكتب
في موضوع من الموضوعات استحضر ما بذاكرته مما يعتقده أحاديث نبوية صحيحة .
وصحة أو ضعف أو وضع ما ذكره مترتب على ما اختزنته الذاكرة من أحاديث ،
وليس للعلم ولا للمنهجية دور
في ذلك .
وخلاصة
القول أنه لا ينبغي مطلقًا الاعتماد على الذاكرة حين الاستشهاد بالأحاديث
النبوية الشريفة ؛ بل يجب الرجوع إلى دواوين السنة المباركة ، ونقل
الأحاديث الصحيحة منها
للاستشهاد بها .
ثانيًا
: الاعتماد على كتب التاريخ والأدب والوعظ والرقائق و .. و .. وغيرها في
النقل منها ، واعتبارها من المصادر التي ينقل منها الحديث النبوي الشريف
وهذه الكتب لم تتخصص في الحديث النبوي الشريف ، ولم توله اهتماماً . بل
تذكر الأحاديث كيفما اتفق وفيها كثير من الأحاديث الموضوعة والمكذوبة . وهي
ليست بحال من مصادر الأحاديث النبوية الصحيحة .
ثالثًا
: الاعتماد على كتب المنحرفين عقديًا ككتب الصوفية والشيعة والمعتزلة و ..
و ... فهؤلاء المنحرفون عقديًا قد كذبوا على الرسول صلى الله عليه وسلم
وأتوا بأحاديث موضوعة مكذوبة تدعم موقفهم وتثبت صحة ما هم عليه . والأدلة
على ذلك كثيرة جدًا ، فلا يجوز بحال من الأحوال أن ينقل الكاتب من كتب
الصوفية والشيعة والمعتزلة والخوارج و ... و .. وغيرهم ؛ لأن ذلك يساهم في
نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وكذلك ينشر عقائدهم الضالة المنحرفة .
رابعًا : الاعتماد على كتب الأحاديث التي يغلب عليها الوضع والضعف ، وهي كتب معروفة عند المحدثين .
فعلى
الكاتب الباحث التأكد قبل النقل من هذه الكتب إذا كانت قد ألفت كمصدر من
مصادر الأحاديث الصحيحة أو كمصدر من مصادر الاحاديث الموضوعة . والعزو لهذه
الكتب والأخذ منها فيه تدليس على القارئ غير المتخصص أو غير المتعمق حيث
يظن صحة الحديث طالما عزاه الكاتب أو الباحث لكتاب من كتب الحديث ، ولذا
يجب التفطن لهذا الأمر جيدًا .
خامسًا
: عدم تحقيق الأحاديث الواردة في غير الصحيحين ، وهي نقطة في غاية الأهمية
لا يتلفت إليها كثير من الكتاب والباحثين ، فمما هو معلوم أن أحاديث
الصحيحين صحيحة لاشك فيها ؛ ولكن باقي الكتب على مالها من قيمة عظيمة علمية
وحديثية ومنهجية ، فيها بعض الأحاديث الضعيفة . وبعض هذه الكتب قد يشتمل
على بعض الأحاديث الموضوعة ؛ لذا فإن مجرد التخريج والعزو إليها ليس كافيًا
؛ إذ لابد من ذكر أقوال العلماء في صحته أو ضعفه .
سادسًا
: رد أحاديث صحيحة بزعم مخالفتها للعقل ، وهذا مشهور عند من لهم تأثر
بمنهج المعتزلة والمتكلمين كرد ( حديث الذبابة ) [3] وهو عند البخاري ،
وحديث ( فقأ موسى عليه السلام لعين ملك الموت ) [4] ، وحديث ( إن الصلاة
يقطعها المرأة والحمار والكلب الأسود ) [5] وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة
التي ردها ولم يأخذ بها المتأثرون بمنهج المعتزلة وأهل الكلام بزعم
مخالفتها للعقل .
والمسلم
كاتبًا أو باحثًا لا يحاكم الشرع إلى العقل ؛ بل يحاكم العقل إلى الشرع ؛
لن العقل قاصر ، والشرع كامل . فإذا صح الحديث سندًا ومتنًا وقبله المحدثون
فهو صحيح مهما خالف بعض العقول المريضة ؛ لأن العقل يجب أن يعمل في إطار
الشرع ، ويحكم من خلاله لا كما زعم القوم من العقلانيين والمتأثرين بمناهج
المعتزلة والمتكلمين والأشاعرة .
سابعًا
: رد أحاديث لمخالفتها نظريات علمية لم ترق إلى مستوى الحقيقة ، فبعض
الكتاب والباحثين ينكر أحاديث صحيحة لمجرد أنها تخالف نظرية علمية لم تثبت
بعد حقيقتها وهذا من أبشع الخطأ ؛ لأنه لا تعارض البتة بين حقائق الشرع
وحقائق العلم ، وكل حقيقة علمية كونية ثابتة لا تتعارض أبدًا مع نصوص
الشريعة من كتاب وسنة ؛ لأن الخالق هو الله تعالى والمشرع هو الله تعالى ،
ورغم ذلك يزعم هؤلاء أن تلك الأحاديث غير صحيحة ، وإذا قلت لهم كيف ذلك ؟ .
قالوا : لأنها تخالف العلم بزعمهم ( فإنا لله وإنا إليه راجعون ) فيا
هؤلاء ، تأدبوا مع الله ومع شريعته ومع السنة التي هي وحي من الله ] وَمَا
يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى [ ( النجم : 3-4 ) .
________________________
(1)
الحديث خرجه البخاري في3 كتاب العلم 38) باب إثم من كذب على النبي صلى
الله عليه و سلم وخرجه مسلم في(المقدمة) :2 باب تغليظ الكذب على رسول الله
صلى الله عليه و سلم .
(2) الحديث خرجه البخاري في الكتاب والباب السابقين ومسلم في المقدمة والباب السابق .
(3)
الحديث خرجه البخاري(2/329) و(4/71-72) ، والدارمي(2/99) وابن ماجه(3505)
وأحمد(2/398) ونص الحديث هو : " إذا وقع الذباب في شراب أدكم فليغمسه كله
ثم لينزعه ، فإن في إحدى جناحيه داء ، وفي الأخرى شفاء " من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه .
(4) الحديث خرجه البخاري كتاب أحاديث الأنبياء)(باب) وفاة موسى ، ومسلم(كتاب الفضائل)(باب فضائل موسى) .
(5) الحديث خرجه مسلم(510) وأحمد(5/149 ، 155 ، 156 ، 161) وأبو داود(702) والنسائي(2/63 ، 64) والترمذي(338) .
__________________
منقـــــــــول للإفـــــــــادة
الموضوع : لماذا أنتشرت الأحاديث الموضوعة والمواضيع الغير صحيحة شرعا ً ..؟؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya