El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: شرح حديث جبريل - عليه السلام للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله الإثنين 22 نوفمبر 2010 - 6:44 | |
| شرح حديث جبريل - عليه السلام للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله
نص الحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -قال: "بينما نحن عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لايرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي، صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه قال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : "الإسلام، أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً". قال: صدقت . قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره". قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإن يراك". قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل". قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان". قال: ثم انطلق فلبثت ملياً ثم قال لي: "يا عمر أتدري من السائل؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى، ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون: سأل جبريل النبي، صلى الله عليه وسلم ، عن الإيمان بعد أن سأله عن الإسلام قال: فأخبرني عن الإيمان؟ فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره". والإيمان هو: "الاعتراف المستلزم للقبول والإذعان" أما مجرد أن يؤمن الإنسان بالشيء بدون أن يكون لديه قبول وإذعان، فهذا ليس بإيمان، بدليل أن المشركين مؤمنون بوجود الله ومؤمنون بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، المدبر للأمور، وكذلك أيضاً فإن الواحد منهم قد يقر برسالة النبي، صلى الله عليه وسلم ، ولا يكون مؤمناً، فهذا أبو طالب عم النبي، صلى الله عليه وسلم ، كان يقر بأن النبي، صلى الله عليه وسلم ، صادق وأن دينه حق يقول: لقد علموا أن ابننا لامكذب لدينا ولايعنى بقول الأباطل وهذا البيت من لاميته المشهورة الطويلة التي قال عنها ابن كثير: ينبغي أن تكون إحدى المعلقات في الكعبة، ويقول أيضاً: ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
فهذا إقرار بأن دين الرسول، صلى الله عليه وسلم ، حق، لكن لم ينفعه ذلك، لأنه لم يقبله ولم يذعن له فكان ـ والعياذ بالله ـ بعد شفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم ، في ضحضاح من نار، وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه ـ نسأل الله تعالى أن يعافينا وإياكم من النار ـ وهو أهون الناس عذاباً لكنه يرى أنه أشدهم عذاباً، وكونه يرى أنه أشدهم عذاباً، فهذا تعذيب نفسي قلبي، لأن الإنسان إذا رأى غيره مثله في العذاب أو دونه يهون عليه ماهو فيه، ولهذا قال تعالى:]ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون[(1). وعلى هذا فنقول: إن الإيمان ليس مجرد الاعتراف، بل لابد من الاعتراف المستلزم للقبول والإذعان، ولقد عجبت أيما عجب حينما صعد جاجارين الروسي إلى الفضاء، وقال بعد أن صعد الفضاء ورأى وشاهد الآيات العظيمة، قال: إن لهذا الكون مدبراً، ومع ذلك فلم يؤمن. الركن الأول: الإيمان بالله قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أن تؤمن بالله". والإيمان بالله - عز وجل - يتضمن الإيمان بأربعة أمور: الإيمان بوجود الله، والإيمان بربوبية الله، والإيمان بألوهية الله، والإيمان بأسمائه وصفاته. أولاً: الإيمان بوجود الله: وهو أن تؤمن بأن الله تعالى موجود، والدليل على وجوده العقل، والحس والفطرة، والشرع. أولاً: الدليل العقلي: فالدليل العقلي على وجود الله ـ عزوجل ـ أن نقول: هذا الكون الذي أمامنا ونشاهده على هذا النظام البديع الذي لا يمكن أن يضطرب ولا يتصادم ولا يسقط بعضه بعضاً بل هو في غاية ما يكون من النظام ]لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار[(2)فهل يعقل أن هذا الكون العظيم بهذا النظام البديع يكون خالقاً لنفسه؟ كلا لا يعقل، لأنه لا يمكن أن يكون خالقاً لنفسه إذ إن معنى ذلك أنه عدم أوجد موجوداً، ولا يمكن للعدم أن يوجد موجوداً، إذاً فيستحيل أن يكون هذا الكون موجداً لنفسه، ولا يمكن أيضاً أن يكون هذا الكون العظيم وجد صدفة، لأنه على نظام بديع مطرد، وما جاء صدفة فالغالب أنه لا يطرد ولا يمكن أن يأتي صدفة لكن على التنزل. ويذكر عن أبي حنيفة - رحمه الله - وكان معروفاً بالذكاء أنه جاءه قوم دهريون يقولون له: أثبت لنا وجود الله فقال: دعوني أفكر، ثم قال لهم: إني أفكر في سفينة أرست في ميناء دجلة وعليها حمل فنزل الحمل بدون حمال، وانصرفت السفينة بدون قائد، فقالوا : كيف تقول مثل ذلك الكلام فإن ذلك لا يعقل ولايمكن أن نصدقه؟ فقال: إذا كنتم لا تصدقون بها فكيف تصدقون بهذه الشمس، والقمر، والنجوم، والسماء، والأرض، كيف يمكن أن تصدقوا أنها وجدت بدون موجد؟!. وقد أشار الله تعالى إلى هذا الدليل العقلي بقوله:]أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون[(1). وسئل أعرابي فقيل له: بم عرفت ربك؟ والأعرابي لا يعرف إلا ما كان أمامه فقال: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟ بلى. ثانياً: الدليل الحسي: فهو ما نشاهده من إجابة الدعاء مثلاً فالإنسان يدعو الله ويقول : ياالله فيجيب الله دعاءه ويكشف سوءه ويحصل له المطلوب وهو إنما قال: ياالله إذاً هناك رب سمع دعاءه، وأجابه، وما أكثر ما نقرأ نحن المسلمين في كتاب الله أنه استجاب لأنبياء الله:]ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له[(2)، ]وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين . فاستجبنا له[(3). والآيات في هذا كثيرة والواقع يشهد بهذا. ثالثاً: الدليل الفطري: فإن الإنسان بطبيعته إذا أصابه الضر قال: (يا الله) حتى إننا حدثنا أن بعض الكفار الموجودين الملحدين إذا أصابه الشيء المهلك بغتة يقول على فلتات لسانه: (يا الله) من غير أن يشعر، لأن فطرة الإنسان تدله على وجود الرب ـ عز وجل ـ،]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى[(4). رابعاً: الدليل الشرعي: وأما الأدلة الشرعية فحدث ولاحرج، كل الشرع إذا تأمله الإنسان علم أن الذي أنزله وشرعه هو الرب - عز وجل - قال الله تعالى:]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً[(5)فائتلاف القرآن وعدم تناقضه وتصديق بعضه بعضاً كل ذلك يدل على أن القرآن نزل من عند الله - عز وجل - وكون هذا الدين بل كون جميع الأديان التي أنزلها الله - عز وجل - موافقة تماماً لمصالح العباد دليل أنها من عند الله ـ عز وجل ـ. ولكن حصل على جميع الأديان تحريف وتبديل وتغيير من المخالفين لشرائعه:]يحرفون الكلم عن مواضعه[(1)لكن الدين الذي نزل على الأنبياء كله يشهد بوجود الله - عز وجل - وحكمته وعلمه. ثانياً: الإيمان بربويته: ومعنى (الرب): أي الخالق، والمالك، والمدبر، فهذا معنى ربوبية الله ـ عز وجل ـ، ولا يغني واحد من هذه الثلاثة عن الآخر، فهو الخالق الذي أوجد الأشياء من عدم]بديع السموات والأرض[(2)، ]الحمد لله فاطر السموات والأرض[(3)فالذي أوجد الكون من العدم هو الله الخالق، المالك أي خلق الخلق وانفرد بملكه له كما انفرد بخلقه له، وتأمل قول الله تعالىفي سورة الفاتحة:]مالك يوم الدين[. وفي قراءة أخرى سبعية: ]ملك يوم الدين[(4)وهي قراءة سبعية متواترة، وإذا جمعت بين القراءتين ظهر معنى بديع، الملك أبلغ من المالك في السلطة والسيطرة، لكن الملك أحياناً يكون ملكاً بالاسم لا بالتصرف، وحينئذ يكون ملكاً غير مالك، فإذا اجتمع أن الله تعالى: ملك ومالك تم بذلك الأمر: الملك، والتدبير. ولهذا نقول: إن الله - عز وجل - منفرد بالملك، كما انفرد بالخلق، كذلك أيضاً منفرد بالتدبير، فهو المدبر لجميع الأمور وهذا بإقرار المشركين، فإنهم إذا سئلوا من يدبر الأمور؟ فسيقولون: الله فهو المنفرد بالتدبير:]يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه[(5). سئل أعرابي: بم عرفت ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم. فالإنسان يعزم أحياناً على الشيء عزماً وتصميماً أكيداً وفي لحظة يجد نفسه قد عزم على تركه ونقض العزم، وقد يهم الإنسان بالشيء متجهاً إليه ثم ينصرف بدون سبب، وهذا يدل على أن للأشياء مدبراً فوق تدبيرك أنت، وهو الله ـ عز وجل ـ. فإن قال قائل: كيف تقول : إن الله منفرد بالخلق، مع أنه أثبت الخلق للمخلوق وسمى المخلوق خالقاً. قال سبحانه:]ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين[(6)وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم ، يقال للمصورين: "أحيوا ما خلقتم"؟. فالجواب: أن خلق الإنسان ليس خلقاً في الحقيقة، لأن الخلق هو الإيجاد من العدم، والإنسان عندما يخلق لا يوجد من عدم، لكن يغير الشيء من صورة إلى صورة أخرى. وكذلك (الملك) فإن قال قائل: كيف تقول: إن الله منفرد بالملك مع أن الله سبحانهأثبت الملك لغيره فقال:]إلا على أزواجهم أو ماملكت أيمانهم[(1)وقال:]أو ماملكتم مفاتحه[؟(2). فالجواب: أن يقال: إن ملك الإنسان ليس كملك الله، لأن ملك الله - عز وجل - شامل لكل شيء، ولأن ملك الله تعالىملك مطلق غير مقيد، أما ملك الإنسان للشيء فهو غير شامل، فمثلاً الساعة التي معي لا تملكها أنت/ والساعة التي معك لا أملكها أنا، فهو ملك محدود ليس شاملاً، كذلك أيضاً ليس ملكاً مطلقاً فأنا لا يمكنني أن أتصرف في ساعتي كما أريد، لأنني مقيد بالشرع الذي هو المصلحة، فلو أراد إنسان تكسير ساعته مثلاً فإن ذلك لا يجوز ولا يملك شرعاً أن يفعل ذلك، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم ، نهى عن إضاعة المال فكيف بإتلافه؟ ولهذا قال العلماء: إن الرجل لو كان بالغاً عاقلاً له زوجة وأولاد، وهو سفيه في المال لا يتصرف فيه تصرف الرشيد فإنه يحجر على ماله. لكن الله - عز وجل - يتصرف في ملكه كما يشاء، يحيي ويميت، ويمرض ويشفي، ويغني ويفقر، ويفعل ما يشاء على أننا نؤمن بأنه - عز وجل - لا يفعل الشيء إلا لحكمة. إذاً فهناك فارق بين ملك الخالق وملك المخلوق. وبهذا عرفنا أن قولنا: إن الله منفرد بالملك قول صحيح لا يستثنى منه شيء. وكذلك التدبير، فإنه قد يكون للإنسان، فإنه يدبر مثل أن يدبر خادمه أو مملوكه، أو سيارته، أو ماشيته فله تدبير، لكن هذا التدبير ليس كتدبير الله، فهو تدبير ناقص ومحدود. ناقص إذ لا يملك التدبير المطلق في ماله فأحياناً يدبر البعير لكن البعير تعصيه، وأحياناً يدبر الإنسان ابنه فيعصيه كذلك، وكذلك هو تدبير محدود فلا يمكن أن يدبر الإنسان إلا ماله السيطرة والسلطة عليه التي جعلها الشارع له وبهذا صح أن نقول: إن الله منفرد بالتدبير كما قلنا : إنه منفرد بالخلق، والملك. ثالثاً: الإيمان بألوهيته: وهو أن يؤمن الإنسان بأنه سبحانه هو الإله الحق، وأنه لا يشاركه أحد في هذا الحق لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولهذا كانت دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم هي الدعوة إلى قول:]لا إله إلا الله[. ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[(1)]ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[(2). لو أن أحداً آمن بوجود الله، وآمن بربوبية الله، ولكنه يعبد مع الله غيره فلا يكون مؤمناً بالله حتى يفرده سبحانهبالألوهية. وقد يقول قائل: إن الله تعالىأثبت وصف الألوهية لغيره فقال تعالىعن إبراهيم:]أئفكاً آلهة دون الله تريدون[(3)وقال تعالى:]ولا تدع مع الله إلهاً آخر[(4)إلى غير ذلك من الآيات فكيف يصح أن تقول: إن الله متفرد بالألوهية؟ فالجواب: أن الألوهية المثبتة لغير الله ألوهية باطلة، ولهذا صح نفيها نفياً مطلقاً في مثل قول الرسل عليهم الصلاة والسلام لأقوامهم:]اعبدوا الله مالكم من إله غيره[(5)لأنها آلهة باطلة:]ذلك بأن الله هو الحق وأن مايدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير[(6). رابعاً: الإيمان بأسمائه وصفاته: وهذا معترك الفرق المنتسبة للإسلام بالنسبة لإفراد الله تعالىبالأسماء والصفات، فقد انقسموا إلى فرق شتى أصولها ثلاثة: الأول: الإيمان بالأسماء دون الصفات. الثاني: الإيمان بالأسماء والصفات. الثالث: الإيمان بالأسماء وبعض الصفات. وهناك غلاة ينكرون حتى الأسماء، فيقولون: "إن الله - عز وجل - ليس له أسماء ولا صفات" لكننا تركناها لأنها متشعبة. السلف الصالح الذين كانوا على ماكان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه يقرون بالأسماء والصفات اتباعاً لما جاء في كلام الله - عز وجل - قال تعالى:]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها[(1)وهذا دليل إثبات الأسماء لله تعالى، وأما الدليل على إثبات الصفات فقوله تعالى:]ولله المثل الأعلى[(2)ومعنى]المثل الأعلى[أي الوصف الأكمل، ففي الآيتين عمومان: أحدهما: في الأسماء. والآخر: في الصفات. أما التفاصيل فكثيرة في القرآن والسنة. وهناك من يثبت الأسماء دون الصفات فيقول: إن الله سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وهذا هو المشهور في مذهب المعتزلة. والفريق الثالث: يثبت الأسماء وبعض الصفات، فيثبت من الصفات سبعاً وينكر الباقي، والسبع هي: 1.الحياة. 2.والعلم. 3.والقدرة. 4.والسمع. 5.والبصر. 6.والإرادة. 7.الكلام. جمعها السفاريني في عقيدته بقوله: له الحياة والكلام والبصر سمع إرادة وعلم واقتدر
بقـدرة تعلقت بمـمكـن كـــذا إرادة فعِ واستبنِ يقولون: إن هذه الصفات دل عليها العقل فنثبتها، وما عداها فالعقل لا يدل عليها فلا نثبتها. فيقولون: إن الموجودات دالة على إيجاد، والإيجاد يدل على القدرة، فلا يمكن إيجاد بلا قدرة وهذا دليل عقلي، ويقولون إن التخصيص يدل على إرادة أي كون هذه شمساً ، وهذا قمراً ، وهذه سماء، وهذه أرضاً كل ذلك يدل على إرادة وأن الذي خلقها أراد أن تكون على هذا الوجه، وهذا دليل عقلي أيضاً. وإذا نظرنا في الخلق وجدناه خلقاً محكماً متقناً، والإحكام يدل على العلم، لأن الجاهل لايتقن. فثبتت الآن ثلاث صفات: القدرة، والإرادة، والعلم. ثم قالوا: إن هذه الثلاث لا تقوم إلا بحي ومن ثم ثبت أنه حي، فالحي إما أن يكون سميعاً بصيراً متكلماً، أو أعمى أصم أخرس، والصمم، والعمى، والخرس صفات نقص، والسمع، والبصر، والكلام صفات كمال، فوجب ثبوت الكمال للحي. فهذه أدلتهم وهي أدلة عقلية، فلذلك أثبتوا هذه الصفات السبع. فإذا قيل له: تثبت لله رحمة؟ قال: لا أثبت له الرحمة، لأني أفسرها بما أعتقد وأقول: الرحمة إرادة الإحسان، أو هي الإحسان نفسه، فلا يفسرها بصفة. ولكن نقول: هذا خطأ بل نحن نستدل بالعقل على ثبوت الرحمة بما نشاهد من آثارها، فالنعم التي لاتعد، والنقم التي تدفع عنا هي بسبب الرحمة، ودلالة هذه النعم على صفة الرحمة أقوىمن دلالة التخصيص على صفة الإرادة، لأن دلالة هذه النعم على الرحمة يعرفها العامي والخاص، ومع هذا فينكر هؤلاء صفة الرحمة ويثبتون صفة الإرادة. وبذلك تعرف أن كل من حاد عن طريق السلف فهو في تناقض مطرد، لأن الباطل لا يأتلف أبداً:]ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً[(1)وموقفنا نحن من الإيمان بأسماء الله وصفاته، أن نثبت ما أثبته الله لنفسه من الأسماء الصفات، وأن ننزه هذا الإثبات عن محظورين عظيمين وهما: التمثيل، والتكييف، ودليل ذلك السمع والعقل قال تعالى:]ليس كمثله شيء[(2). ]فلا تضربوا لله الأمثال[(3) . ]هل تعلم له سميّاً[(4) . ]فلا تجعلوا لله أنداداً[(5) والنصوص في هذا المعنى كثيرة. أما العقل، فإننا نقول: لا يعقل أبداً أن يكون الخالق مماثلاً للمخلوق لما بينهما من التباين العظيم ، فالخالق موجِد، والمخلوق موجَد ، والخالق أزلي أبدي الوجود ، والمخلوق جائز الوجود قابل للفناء بل هو فان قال تعالى :]كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام[(6). قال بعض السلف ـ رحمهم الله ـ: إذا قرأت هذه الآية:]كل من عليها فان[(7)فلا تقف عليها فصلها بما بعدها:]ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام[(8)ليتميز الفرقان المبين بين الخالق والمخلوق، وليعرف كمال الله - عز وجل - ونقص ما سواه. لكن لو قال لنا قائل: مما وصف الله به نفسه أن له وجهاً كما قال سبحانه:]ويبقى وجه ربك[(1)وأنا لا أعقل من الوجه إلا مثل وجه المخلوق فيلزم من إثبات الوجه لله التمثيل، لأن القرآن عربي، والوجه هو مايتعارف بين الناس وأكمل الوجوه وجوه البشر، فوجه الله كوجه الإنسان مثلاً فماذا نقول له؟ نقول له: إن هذا الفهم فهم خاطئ، لأن الوجه مضاف إلىالله، والمضاف بحسب المضاف إليه، فوجه الله يليق بالله، ووجه الإنسان يليق بالإنسان، ونقول له أيضاً: أنت لك وجه، والأسد له وجه، والهر له وجه، فإذا قلنا : وجه الإنسان، ووجه الأسد، ووجه الهر، فهل يلزم من ذلك التماثل؟! فلا أحد يقول: إن وجهه يماثل وجه الهر، أو الأسد أبداً. إذاً نعرف من هذا أن الوجه بحسب ما يضاف إليه، فإثباتنا لصفات الله - عز وجل - لا يستلزم أبداً المماثلة بين الخالق والمخلوق بدليل السمع وبدليل العقل. الثاني: التكييف: أي إن صفات الله - عز وجل - لا تكيف تقديراً بالجنان ولا نطقاً باللسان، ودليل ذلك سمعي وعقلي أيضاً. الدليل السمعي قوله تعالى:]ولا يحيطون به علماً[(2)، وقوله:]ولا يحيطون بشيء من علمه[(3)على أحد التفسيرين وقوله تعالى:]قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون[(4)وقوله:]ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً[(5)فمن كيف صفة الله فقد قال على الله مالا يعلم. أما الدليل العقلي لامتناع التكييف فإننا نقول: لا يمكن لأي إنسان أن يعرف كيفية الشيء إلا بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو الخبر الصادق عنه. مثل: لو أني شاهدت مسجلاً بعينه فإني أعرف كيفيته لأنني شاهدته بعيني أو مشاهدة نظيره مثل أن يأتيني رجل ويقول: عندي سيارة واشتريتها موديل 88 مثلاً، وصفتها كذا، ولونها كذا، فإنه يمكنني معرفة هذه السيارة، مع أني لم أشاهدها، لأني أعرف نظيرها وأشاهده. ومثال الخبر الصادق عندي مثل: أن يأتيني رجل ويقول : عندي بعير صفته كذا وكذا، وعليه الوسم الفلاني، فهذا عرفت كيفيته بالخبر الصادق. إذا طبقنا هذه القاعدة العقلية على صفات الله ـ عز وجل ـ، فإنه لا يمكن أن نعرف صفات الله - عز وجل - بهذه الوسائل الثلاث، لأننا لم نشاهد ولم نشاهد نظيراً ولم نخبر عنه. ولهذا قال بعض العلماء : إذا قال لك الجهمي: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كيف ينزل؟ فقل: إن الله أخبرنا أنه ينزل ولم يخبرنا كيف ينزل، فعلينا أن نؤمن بما بلغنا وأن نمسك عما لم يبلغنا. ونظير ذلك قول مالك - رحمه الله - حين سأله سائل:]الرحمن على العرش استوى[(1)كيف استوى؟ فأطرق الإمام مالك برأسه تعظيماً لهذا السؤال وتحملاً وتحسباً له حتى علاه الرحضاء ـ أي العرق ـ ثم رفع رأسه وقال قولته الشهيرة التي تعتبر ميزاناً لجميع الصفات قال له: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". فكل من سأل عن كيفية صفة من صفات الله قلنا له: أنت مبتدع فوظيفتك أن تؤمن بما بلغك وتسكت عما لم يبلغك. الركن الثاني: الإيمان بالملائكة الملائكة: جمع ملك وأصل (ملك) كما يقول النحويون الذين يحللون ألفاظ اللغة العربية يقولون: أصله (مألك)، ثم زحزت الهمزة إلى مكان اللام وقدمت اللام فصار (ملأك)، ثم حذفت الهمزة للتخفيف فصار (ملك) لماذا؟ قالوا: لأن ملائكة مأخوذة من (الألوكة) وهي الرسالة والهمزة في (الألوكة) مقدمة على اللام. فالملائكة إذاً هم الرسل كما قال الله تعالى:]جاعل الملائكة رسلاً[(2). وإذا أردنا أن نعرفهم نقول: هم عالم غيبي خلقهم الله - عز وجل - من نور:]يسبحون الليل والنهار لا يفترون[(3)يقومون بأمر الله،]لا يعصون الله ماأمرهم ويفعلون ما يؤمرون[(4). والإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة، فهذا مرتبته في الدين، ومن أنكر الملائكة فهو كافر، لأنه مكذب لله، ورسوله، وإجماع المسلمين. كيف نؤمن بالملائكة؟ نؤمن بهم أولاً: بأسماء من علمنا اسمه منهم، ثانياً: بأوصاف من علمنا وصفه، ثالثاً: بأعمال من علمنا عملهم. أولاً: نؤمن بأسماء من علمنا اسمه: كجبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ومالك، ورضوان، وملك الموت، ومنكر، ونكير، فجبريل، وميكائيل، وإسرافيل كل منهم موكل بما فيه الحياة: فجبريل: موكل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي، لأن جبريل هو الذي جعله الله تعالىوكيلاً في نزول الوحي على الرسل، كما قال تعالى:]نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربيمبين[(1). وإسرافيل: موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الأجساد عند البعث. وأما: ميكائيل: فهو موكل بالقطر، والنبات، وبالقطر والنبات تكون حياة الأرض. ولهذا جمع النبي، صلى الله عليه وسلم ، بين هؤلاء الملائكة في حديث استفتاح صلاة الليل، فكان يستفتح صلاة الليل بقوله: "اللهم رب جبرائيل، وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذاًك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". وأما (مالك): فهو موكل بالنار لقوله تعالىعن أهل النار:]ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون[(2). وأما (رضوان): فموكل بالجنة واسمه هذا ليس ثابتاً ثبوتاً واضحاً كثبوت مالك لكنه مشهور عند أهل العلم بهذا الاسم، والله أعلم. وأما السادس (ملك الموت): وقد اشتهر أن اسمه (عزرائيل)، لكنه لم يصح، إنما ورد هذا في آثار إسرائيلية لاتوجب أن نؤمن بهذا الاسم، فنسمي من وكل بالموت بـ(ملك الموت) كما سماه الله - عز وجل - في قوله:]قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون[(3). والسابع والثامن وهما (منكر ونكير): وهما الملكان اللذان يسألان الميت في قبره، وقد ورد في ذلك حديث في الترمذي ضعفه بعض العلماء وقال : إنه لا يمكن أن يطلق اسم (منكر ونكير) على الملائكة الذين:]لا يعصون الله ماأمرهم ويفعلون ما يؤمرون[(4) . على كل حال فهما الملكان اللذان يسألان الميت عن ربه، ودينه، ونبيه. ثانياً: الإيمان بأوصاف من علمنا وصفه: علمنا بما صح عن النبي، عليه الصلاة والسلام، أنه رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق، وهذا يدل على عظمته، ومع ذلك فإنه من الممكن أن يأتي على غير هذه الصفة، كما أتى على صورة رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر، كما في الحديث الذي نحن بصدد شرحه، وجاء مرة على صورة دحية الكلبي، ولكن هذا التحول من الصورة التي هو عليها إلى صورة البشر إنما كان بأمر الله، وقد تمثل جبريل بشراً لمريم بنت عمران كما قال تعالى:]فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً[(1). ومن أهم مايجب الإيمان به أن نؤمن بأن كل شخص معه ملكان يكتبان عمله كما قال الله تعالى : ] إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد[(2) رقيب حاضر من هؤلاء الملائكة. فإياك أيها المسلم أن يكتب هذان الملكان عنك مايسوؤك يوم القيامة فكل شيء تقوله وتلفظ به فإنه مكتوب عليك:]مايلفظ من قول[(3)سواء كان لك، أو عليك، أو لغواً لا لك ولا عليك، فاحرص يا أخي على ضبط اللسان حتى لا يكتب عليك كلمات تسوؤك يوم القيامة. ولما دخلوا على الإمام أحمد - رحمه الله - وكان مريضاً فإذا هو يئن أنين المريض فقيل له : يا أبا عبدالله: "إن طاووساً ـ وهو أحد التابعين ـ يقول : إن أنين المريض يكتب عليه" فأمسك عن الأنين، فأنين المريض قد يكتب عليه، فما يلفظ الإنسان من قول إلا لديه رقيب عتيد يكتب عمله، وإذا كان يوم القيامة يخرج له كتابه:]يلقاه منشوراً . اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً[(4) . الركن الثالث: الإيمان بالكتب الركن الثالث وهو الإيمان بكتب الله - عز وجل - التي أنزلها على الرسل، وما من رسول إلا أنزل الله معه كتاباً قال تعالى :] لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان[(5)وقال تعالى:]كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه[(1)فما من رسول إلا أنزل الله معه كتاباً يهتدي به الناس. كيف نؤمن بالكتب؟ الإيمان بالكتب: أن نؤمن بما علمنا اسمه باسمه، والذي علمنا اسمه من هذه الكتب: القرآن، والتوراة، الموضوع : شرح حديث جبريل - عليه السلام للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: شرح حديث جبريل - عليه السلام للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله الإثنين 22 نوفمبر 2010 - 6:48 | |
| الركن الخامس: الإيمان باليوم الآخر: الإيمان باليوم الآخر: وسمي يوماً آخراً لأنه لا يوم بعده، فإن للإنسان أحوالاً أولها العدم لقوله تعالى:]هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً[(1)ثم يصير حملاً، ثم يكون عاملاً في الدنيا، وحاله في الدنيا أكمل من حاله أثناء الحمل، ثم ينتقل إلى الحال الرابعة وهي: البرزخ وحاله في البرزخ أكمل من حاله في الدنيا، ثم ينتقل إلى الحال الخامسة وهي اليوم الآخر وحاله في هذه المرحلة أكمل المراحل السابقة. وبيان ذلك أن الإنسان في بطن أمه لاشك أنه ناقص عن حاله في الدنيا قال تعالى:]والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون[(2)فصار بعد خروجه من بطن أمه عنده العلم، والسمع، والبصر، والعمل، وأحواله في هذه الدنيا ليست على الصفاء دائماً بل فيها صفاء وكدر، وتعب وراحة، وجور وعدل، وصالح وفاسد، يقول الشاعر: فيوم علينا ويوم لنا ويومٌ نساء ويومٌ نسر وهي بلا شك حينئذ تكون حياة ناقصة، لأنه ما من لذة فيها إلا وهي منغصة كما قال الشاعر: لاطيب للعيش مادامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم فأنت الآن شاب وقوي لكن سيأتيك أحد أمرين: إما الموت، وإما الهرم، فحياة الدنيا منغصة ولهذا سميت الدنيا وهي من الدناءة، ومن الدنو أيضاً، فهي دنيئة بالنسبة للآخرة، وهي أيضاً دنية لنقصانها عن مرتبة الآخرة، وهي دنيا لأنها سابقة للآخرة فهي أدنى منها. وحاله في البرزخ أكمل حالاً منه في الدنيا، لأن حاله مستقرة، فإذا كان من أهل الخير فهو منعم في قبره، يفتح له في قبره مد البصر، ويفرش من الجنة، ويفتح له باب إلى الجنة، ولا ينال هذا في الدنيا، أما في الآخرة فيعطى الكمال المطلق بالنسبة للإنسان حياة كاملة لايمكن أن تنسب إليها حياة الدنيا بأي وجه من الوجوه وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى بعد ذلك. كيف نؤمن باليوم الآخر؟ الإيمان باليوم الآخر أن نؤمن بأن الناس سوف يبعثون ويجازون على أعمالهم، وأن نؤمن بكل ماجاء في الكتاب والسنة من أوصاف ذلك اليوم وقد وصف الله تعالى ذلك اليوم بأوصاف عظيمة ولنأخذ منها وصفاً واحداً قال تعالى:]يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم.يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد[(1)وأوصاف هذا اليوم الدالة على هوله وعظمته كثيرة في الكتاب والسنة. ولا يقتصر الإيمان باليوم الآخر على الإيمان بهذا اليوم الذي يكون بعد البعث، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في عقيدته الواسطية:(من الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بكل ماأخبر به النبي، صلى الله عليه وسلم ، مما يكون بعد الموت). أولاً: فتنة القبر: وأول شيء يكون بعد الموت فتنة القبر فإن الناس يفتنون ـ أي يختبرون ـ في قبورهم فما من إنسان يموت سواء دفن في الأرض، أو رمي في البر، أو أكلته السباع، أو ذرته الرياح، إلا ويفتن هذه الفتنة فيسأل عن ثلاثة أمور: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟. فأما المؤمن فيقول : ربي الله ـ جعلنا الله منهم ـ وديني الإسلام، ونبيي محمد، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، وحينئذ يفسح له في قبره مد البصر، ويفرش له فراش من الجنة، ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، وهذه الحال بلا شك أكمل من حال الدنيا. أما إذا كان كافراً أو منافقاً فإنه إذا سئل من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته. وتأمل ماذا تدل عليه كلمة "هاه هاه"؟ فإنها تدل على أن هذا المجيب كأنه يتذكر شيئاً يبحث عنه ولكن يعجز عن استحضاره، وكون الإنسان يتذكر شيئاً ويعجز عن استحضاره أشد ألماً من كونه لايدري عنه بالكلية، فلو سئلت عن شيء وأنت لاتعلم عنه فقلت : لا أدري. فهذا نقص بلا شك لكن لا يوجب حسرة، لكن لو أنت سئلت عن شيء وكنت تعلمه ثم عجزت عنه فإن ذلك حسرة، ولهذا يقول : "هاه هاه" كأنه يتذكر شيئاً "لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته"، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين ـ (الإنس والجن)ـ، ولو سمعها لصعق، وقد ورد في صفة هذه المرزبة أنه لو اجتمع عليها أهل منى ما أقلوها ـ والعياذ بالله ـ. هذه الفتنة يجب الإيمان بها، لأن الإيمان بها من الإيمان باليوم الآخر فإن قلت: كيف يكون الإيمان بها من الإيمان باليوم الآخر وهي في الدنيا؟ فالجواب: أن الإنسان إذا مات فقد قامت قيامته. ثانياً: عذاب القبر ونعيمه: ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بعذاب القبر ونعيم القبر ودليل ذلك قوله تعالى: ]كذلك يجزي الله المتقين . الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون[(1)ومحل الدلالة قوله: ]الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون[(2) حال توفّيهم:]سلام عليكم ادخلوا الجنة[(3)وهم وإن كانوا لم يدخلوا الجنة التي عرضها السموات والأرض لكن دخلوا القبر الذي فيه نعيم الجنة. وقال تعالى أيضاً:]فلولا إذا بلغت الحلقوم* وأنتم حينئذ تنظرون* ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون* فلولا إن كنتم غير مدينين *ترجعونها إن كنتم صادقين* فأما إن كان من المقربين* فروح وريحان وجنة نعيم[(4)وهذا يكون إذا بلغت الروح الحلقوم وهذا هو نعيم القبر بل إن الإنسان يبشر بالنعيم قبل أن تخرج روحه يقال لروحه: اخرجي أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتفرح الروح بذلك وتخرج خروجاً سهلاً ميسراً. وأما السنة فإن النبي، صلى الله عليه وسلم ، أخبر في أحاديث كثيرة بما يدل على أن الإنسان ينعم في قبره، وقد أشرنا إلى شيء منها. وأما عذاب القبر فثابت أيضاً في الكتاب والسنة، فمن القرآن قال الله ـ تبارك وتعالى ـ في آل فرعون:]النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب[(5)فقوله:]يعرضون عليها غدواً وعشياً[(6)هذا قبل أن تقوم الساعة:]ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب[(7)وقال تعالى:]ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم[(8)وكان هؤلاء يشحون بأنفسهم لا يخرجونها، لأنهم يبشرون بالعذاب ـ والعياذ بالله ـ، فترتد الأرواح لاتريد أن تخرج من أجسادها هرباً مما أنذرت به:]أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون[(9). ووجه الدلالة من قوله:]اليوم تجزون[(1)لأن (أل) هنا للعهد الحضوري لقوله تعالى:]اليوم أكملت لكم دينكم[(2)أي اليوم الحاضر وهو يوم وفاة هؤلاء الظالمين. وقال تعالى:]وأما إن كان من المكذبين الضالين . فنزل من حميم . وتصلية حجيم[(3). وكلنا نقول في الصلاة: (أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر)، فعذاب القبر ثابت بالقرآن، والسنة، والإيمان به من الإيمان باليوم الآخر. هل العذاب في القبر على البدن أو على الروح؟ العذاب في القبر على الروح في الأصل وربما يتصل بالبدن، ومع ذلك فإن كونه على الروح لا يعني أن البدن لا يناله منه شيء بل لابد أن يناله من هذا العذاب أو النعيم شيء وإن كان غير مباشر. واعلم أن العذاب والنعيم في القبر على عكس العذاب أو النعيم في الدنيا، فإن العذاب أو النعيم في الدنيا على البدن، وتتأثر به الروح، وفي البرزخ يكون النعيم أو العذاب على الروح، ويتأثر به البدن. فلو قال لنا قائل: كيف تقولون: إن القبر يضيق على الإنسان الكافر حتى تختلف أضلاعه، ونحن لو كشفنا القبر لوجدنا أن القبر لم يتغير، وأن الجسد لم يتغير أيضاً؟ فالجواب على هذا أن نقول: إن عذاب القبر على الروح في الأصل، وليس أمراً محسوساً على البدن، فلو كان أمراً محسوساً على البدن، لم يكن من الإيمان بالغيب، ولم يكن منه فائدة، لكنه من الأمور الغيبية المتعلقة بالأرواح، والإنسان قد يرى في المنام وهو نائم على فراشه أنه قائم، وذاهب وراجع، وضارب ومضروب، وربما يرى وهو على فراشه نائم أنه قد سافر إلى العمرة، وطاف وسعى، وحلق أو قصر، ورجع إلى بلده، وجسمه على الفراش لم يتغير. فأحوال الروح ليست كأحوال البدن. ثالثاً: البعث: ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر البعث فالله ـ سبحانه وتعالى ـ يبعث الأجساد يوم القيامة حفاة عراة غرلاً. حفاة ليس عليهم نعال ولا خفاف: أي ليس عليهم لباس رجل، عراة: ليس عليهم لباس بدن، غرلاً: أي غير مختونين. وفي بعض الأحاديث: (بهماً) أي ليس معهم مال، بل كل واحد وعمله. والبعث هنا إعادة وليس تجديداً، كما قال تعالى:]قال من يحي العظام وهي رميم . قل يحييها الذي أنشأها أول مرة[(1)وقال تعالى:]كما بدأنا أول خلق نعيده[(2)، ولأنه لو كان خلقاً جديداً لكان الجسد الذي يعمل السيئات في الدنيا سالماً من العذاب، ويؤتى بجسد جديد فيعذب،وهذا خلاف العدل، فالنص والعقل قد دل على أن البعث ليس تجديداً ولكنه إعادة، ولكن يبقى النظر كيف تكون إعادة، والإنسان ربما يموت، فتأكله السباع، ويتحول من اللحم إلى الدم في الحيوان الآكل وروث وما أشبه ذلك؟. فيقال: إن الله على كل شيء قدير يقول للشيء : كن فيكون، فيأمر الله هذه الأجساد التي تفرقت وأكلت وطارت بها الرياح أن تعود فتعود، وهذا ينبني على القاعدة التي سبق أن قررناها وهي: "أن الواجب على الإنسان في الأمور الخبرية الغيبية هو التسليم". وقد أوردت عائشة ـ رضي الله عنها ـ إشكالاً على قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس حفاة عراة غرلًا فقالت: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك". فإن في ذلك اليوم لاينظر أحد إلى أحد لأن الله تعالىيقول: ]يوم يفر المرء من أخيه* وأمه وأبيه* وصاحبته وبنيه* لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه[(3) حتى الإنسان يذهل عن أنسابه وأقاربه ]فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون[(4). رابعاً: دنو الشمس من الخلائق: ومن الإيمان باليوم الآخر أن نؤمن بأن الشمس تدنو من الخلائق بمقدار ميل، والميل يحتمل أن يكون ميل المكحلة، ويحتمل أنه المسافة من الأرض، وسواء كان ميل المكحلة أو ميل المسافة فإن الشمس تكون قريبة من الرؤوس. فإن قلت: كيف يمكن هذا ونحن الآن حسب ما نعلم أن هذه الشمس لو دنت عما كانت عليه الآن بمقدار شبر واحد لأحرقت الأرض، فكيف يمكن أن تدنو من الخلائق يوم القيامة بمقدار ميل؟ فالجواب: أن وظيفة المؤمن ـ وهذه قاعدة يجب أن تبنى عليها عقيدتنا ـ فيما ورد من أخبار الغيب القبول والتسليم وألا يسأل عن كيف؟ ولم؟ لأن هذا أمر فوق ما تتصوره أنت فالواجب عليك أن تقبل وتسلم وتقول: آمنا وصدقنا بأن الشمس تدنو من الخلائق يوم القيامة بمقدار ميل. وما زاد على ذلك من الإيرادات فهو من البدع، ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله عن استواء الله كيف استوى؟ قال : السؤال عنه بدعة، هكذا أيضاً كل أمور الغيب السؤال عنها بدعة وموقف الإنسان منها القبول والتسليم. أما الجواب الثاني بالنسبة لدنو الشمس من الخلائق يوم القيامة فإننا نقول: إن الأجسام تبعث يوم القيامة لا على الصفة التي هي عليها في الدنيا من النقص وعدم التحمل بل هي تبعث بعثاً كاملاً تاماً، ولهذا يقف الناس يوم القيامة يوماً مقداره خمسون ألف سنة لا يأكلون ولا يشربون، وهذا أمر لا يحتمل في الدنيا فتدنو الشمس منهم وأجسامهم قد أعطيت من القوة ما يتحمل دنوها ـ ويشهد لهذا ما ذكرناه من الوقوف خمسين ألف سنة لا يحتاجون إلى طعام ولا شراب، وأن أهل الجنة ينظر الواحد منهم إلى ملكه مسيرة ألف عام ينظر أقصاه كما ينظر أدناه ولا يمكن هذا في الدنيا، فالأجسام يوم القيامة لها شأن آخر غير شأنها في هذه الدنيا. خامساً: محاسبة الخلائق على أعمالهم: ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر أن تؤمن بأن الخلائق يحاسبون على أعمالهم، وقد سمى الله يوم القيامة يوم الحساب، لأنه اليوم الذي يحاسب الإنسان فيه على عمله. ولكن هل الحساب حساب مناقشة كما يحاسب التاجر تاجراً آخر بالفلس والهللة؟ الجواب: لا، لكنه حساب فضل وإحسان وكرم بالنسبة للمؤمن فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يحاسب المؤمن فيخلو به ويضع كنفه عليه أي ستره ويقرره بذنوبه فيقول له: عملت كذا في يوم كذا حتى يقر ويعترف، فإذا أقر واعترف قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ له: "إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم". وكلنا لا يخلو من الذنوب في هذه الدنيا ذنوب باطنة تتعلق بالقلوب، وذنوب ظاهرة تتعلق بالأبدان، لكن لايراها الناس، فقد تشاهد الرجل ينظر بعينه نظراً محرماً وأنت تظنه ينظر نظراً حلالاً ماتدري ولهذا قال الله تعالى:]يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور[(1)خائنة الأعين أمر يعمل بالحس، لكن لا يعلمه أحد، من يعلم أن هذه العين تنظر نظراً محرماً؟"]وما تخفي الصدور[(2).هذا باطن فالله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول: "سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم". أما الكفار والعياذ بالله فإنهم لا يحاسبون هذا الحساب بل يقررون بأعمالهم ويقول : عملتم كذا وكذا فإذا أنكروا تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم، وأرجلهم بما كانوا يعملون، حتى الجلود فإنها تشهد فيقولون لجلودهم :]لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه رجعون* وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون* وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين* فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين[(2)يقرر الكفار بأعمالهم ويخزون بها والعياذ بالله وينادى على رؤوس الأشهاد:]هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين[(3)فانظر الفرق بين حساب المؤمن وحساب الكفار. هل ينجو من الحساب أحدٌ؟ الجواب: نعم ينجو منه عالم لا يحصيهم إلا الله قال النبي، صلى الله عليه وسلم: "إن أمته عرضت عليه وإن منهم سبعين ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب وهم الذي لا يرقون ولا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون". سادساً: الوزن: مما يدخل في الإيمان باليوم الآخر: الوزن قال الله تعالى:]والوزن يومئذ الحق[(4)وقال تعالى:]ونضع الموازين القسط ليوم القيامة[(5)فتوزن الأعمال يوم القيامة بميزان له كفتان توضع في إحداهما الحسنات وفي الأخرى السيئات، والذي يوزن في ظاهر النصوص العمل قال الله تعالى:]فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره[(6) وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان : سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم". فيوضع هذا الميزان للخلائق وتوزن فيه الأعمال. ولكن هنا أسئلة على الميزان: أولاً: كيف توزن الأعمال وهي أوصاف للعاملين وحركات وأفعال؟ فالجواب: أن القاعدة في ذلك كما أسلفنا أن علينا أن نسلم ونقبل ولا حاجة لأن نقول : كيف؟ ولم؟ ومع ذلك فإن العلماء ـ رحمهم الله ـ قالوا في جواب هذا السؤال: إن الأعمال تقلب أعياناً فيكون لها جسم يوضع في الكفة فيرجح أو يخف، وضربوا لذلك مثلاً بما صح به الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم: "أن الموت يجعل يوم القيامة على صورة كبش فينادى أهل الجنة يا أهل الجنة فيطلعون ويشرئبون وينادى يا أهل النار: فيطلعون ويشرئبون ما الذي حدث؟ فيؤتى بالموت على صورة كبش فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، فيذبح الموت بين الجنة والنار ويقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار: خلود فلا موت". ونحن نعلم جميعاً أن الموت صفة، ولكن الله تعالى يجعله عيناً قائمة بنفسه وهكذا الأعمال. ثانياً: هل الميزان واحد أم متعدد؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين وذلك لأن النصوص جاءت بالنسبة للميزان مرة بالإفراد ومرة بالجمع مثل قوله تعالى:]ونضع الموازين القسط[(1)، وكذلك في قوله:]فمن ثقلت موازينه[(2). وأفرد في مثل قوله، صلى الله عليه وسلم: "ثقيلتان في الميزان" فقال بعض العلماء: إن الميزان واحد، وإنه جمع باعتبار الموزون أو باعتبار الأمم فهذا الميزان توزن به أعمال أمة محمد، وأعمال أمة موسى، وأعمال أمة عيسى، وهكذا فجمع الميزان باعتبار تعدد الأمم، والذين قالوا : إنه متعدد بذاته قالوا: لأن هذا هو الأصل في التعدد ومن الجائز أن الله تعالىيجعل لكل أمة ميزاناً، أو يجعل للفرائض ميزاناً، وللنوافل ميزاناً. والذي يظهر والله أعلم أن المراد أن الميزان واحد، لكنه متعدد باعتبار الموزون. الموضوع : شرح حديث جبريل - عليه السلام للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
واسلاماهالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 23/06/2009
| موضوع: رد: شرح حديث جبريل - عليه السلام للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله السبت 9 يوليو 2011 - 14:33 | |
| |
|
أم شروقالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
| |