ان الحصول على الاستقلال، يعتبر من الأمور المهمة لدى الناشىء. فهذه الطاقة الفطرية هي من أقوى الميول عنده، وإذا لم تبدو مثل هذه البواعث عند الناشىء، فإنه لا يمكن أن يصل إلى الرشد والكمال، ويبقى في حالة الطفولة دائماً، ويظل معتمداً على غيره، ولا تنمو استعداداته، ذلك ان القدرة الالهية جذّرت هذه الميول في ضمير الإنسان وما ان يصل إلى مرحلة البلوغ، حتى تنمو تلك الميول وتعطي ثماراً كثيرة. يقال ان الإنسان يصل إلى الاستقلالية خلال ثلاث مراحل، تبدأ المرحلة الأولى بولادته وانفصاله عن أمه، وتبدأ الثانية بفطامه، وأخيراً المرحلة الثالثة التي تبدأ بمرحلة البلوغ، وقد اقترح العالم النفساني الفرنسي (موريس دبس) تسمية هذه المرحلة "بالفطام النفسي".
- خصائص حب الاستقلال:
من أهم خصائص حب الاستقلال عند الناشىء، توقعه أن لا يعامله الآخرون كطفل، وان يحترموا شخصيته وأفكاره وأعماله وأي تصرف من المحيطين به، يشير إلى عدم اهتمامهم به وعدم اعترافهم باستقلال شخصيته، وعدم إحترامه، يؤدي إلى اثارة رد فعل نفسي معاكس عنده، وقد يشتد انفعاله، فيتصرف بشكل غير لائق، ولهذا يجب أن يكون تعليم وتربية الناشى بشكل بحيث تراعى هذه البواعث النفسية عنده.
وإذا شعر الناشىء بأن الآخرين لا ينظرون إليه كأنسان مستقل، فإنه من المحتمل ان يلجأ إلى ممارسة أفعال غير مناسبة، من أجل إثبات وجوده واستقلاله ولفت الأنظار إليه، وقد تتطور مثل هذه التصرفات في بعض الأحيان إلى التمرد والعصيان وإلى سحق قيم ومعايير الأسرة والمجتمع لاظهار إستقلاله برأية، واللجوء إلى العزلة والانزواء كما ان عدم الاعتناء بشعور الناشىء وحبه للاستقلال تولد وبصورة تدريجية عنده عقدة نفسية، وبعد مرور مدة زمنية، قد تكون قصيرة أو طويلة يتحول الناشىء إلى إنسان ضار ومؤذ. وحينئذ يصبح علاج هذه المشكلة، ليس بالأمر الهين. أما إذا تلافينا نشوء مثل تلك العقد النفسية، لم تحصل مثل هذه الظواهر المؤسفة، ومن هذا المنطلق، يجب الالتفات إلى هذه الملاحظة في تربية الناشئة، وإحترام الحريات المشروعة والمعقولة لهم، وان نوفر الأرضية المناسبة لهم ليكونوا مستقلين في حياتهم.
الموضوع : حب الاستقلال لدى أبناءنا المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya