El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: باب وجوب أمر أهله وأولاده : شرح رياض الصالحين المجلد الثالث//بن عثيمين السبت 26 مارس 2011 - 21:48 | |
| المكتبة المقروءة : الحديث : شرح رياض الصالحين المجلد الثالث باب وجوب أمر أهله وأولاده 38 ـ باب وجوب أمر أهله وأولاده
المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ، ونهيهم عن المخالفة ،
وتأديبهم ، ومنعهم من ارتكاب منهيٍّ عنه قال الله تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) [طـه: 132] ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) [التحريم: 6] . 1/298 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كخ كخ ، أرم بها ، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ؟ )) متفق عليه (118) . وفي رواية : (( أنا لا تحل لنا الصدقة)) (119) ، وقوله : (( كخ كخ )) يقال بإسكان الخاء ويقال بكسرها مع التنوين ، وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات ، وكان الحسن رضي الله عنه صبياً .
الـشـرح قال المؤلف ـ رحمه الله ـ : باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة ، وتأديبهم ، ومنعهم من ارتكاب منهي عنه . ووجه المناسبة أن المؤلف رحمه الله ، لما ذكر ما يجب للأهل من غذاء الجسم ؛ ذكر لهم ما يجب من غذاء الروح على أبيهم ومن له ولاية عليهم ، وأولى ما يؤمر به وأوجب وأفضل هي الصلاة ، كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) [طـه:132] ، فأمره أن يأمر أهله بالصلاة . والأهل كل من في البيت ؛ من زوجة ، وابن ، وبنت ، وعمة ، وخالة ، وأم ، كل من في البيت أهل ، أمره أن يأمرهم بالصلاة ، وأمره أن يصطبر عليهم يعني يحض نفسه على الصبر ، ولهذا جاءت التاء التي فيها زيادة البنية وفيها زيادة المعنى اصطبر ؛ لأن أصلها اصتبر عليها . وذكر الله عن إسماعيل أبي محمد صلى الله عليه وسلم ، إذ أنه أحد أجداده ، أنه كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ، وكان عند ربه مرضياً ، فالإنسان مسؤول عن أهله ، مسؤول عن تربيتهم ، حتى ولو كانوا صغاراً إذا كانوا مميزين ، أما غير المميز فإنه يؤمر بما يتحمله عقله . ثم ذكر حديث الحسن بن على بن أبي طالب رصي الله عنهما أنه أخذ تمرةً من الصدقة فجعلها في فيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( كخ كخ )) يعني أنها لا تصلح لك ، ثم أمره أن يخرجها من فيه ، وقال : إننا لا نحل لنا الصدقة . فالصدقة لا تحل لآل محمد ؛ وذلك لأنهم أشرف الناس ، والصدقات والزكوات أوساخ الناس ، ولا يتناسب لأشراف الناس أن يأخذوا أوساخ الناس ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : (( إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ؛ إنما هي أوساخ الناس )) (120) . ففي هذا دليل على أن الإنسان بجب عليه أن يؤدب أولاده عن فعل المحرم ، كما يجب عليه أن يؤدبهم على فعل الواجب ، والله الموفق .* * * 2/299 ـ وعن أبي حفص عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يا غلام ، سمّ الله تعالى ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك )) فما زالت تلك طعمتي بعد . متفق عليه(121) . (( وتطيش)) تدور في نواحي الصَّحفَةِ . الـشـرح ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه ، وكان ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها ، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام يأكل فجعلت يده تطيش في الصحفة ، يعني تذهب يميناً وشمالاً ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( يا غلام ، سمِّ الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك )) فهذه ثلاثة آداب علمها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الغلام وهي : أولاً: قال : (( سمّ الله )) وهذا عند الأكل . فعند ابتداء الأكل يجب أن يقول الإنسان : بسم الله ، ولا يحل له أن يتركها ؛ لأنه إذا تركها شاركه الشيطان في أكله ؛ أعدى عدو له يشاركه في الأكل إذا لم يقل بسم الله ، ولو زاد : الرحمن الرحيم فلا بأس ؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( بسم الله )) : يعني أذكر اسم الله . والتسمية الكاملة هي أن يقول الإنسان : بسم الله الرحمن الرحيم كما ابتدأ الله بها كتابه ، وكما أرسل بها سليمان صلى الله عليه وسلم ( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ِ) [النمل:30] ، فإن اقتصرت على قول بسم الله فلا حرج ، وإن زدت الرحمن الرحيم فلا حرج ، الأمر في هذا واسع . وأما التسمية على الذبيحة فهي شرط من شروط التذكية ، إذا لم تسمِّ على الذبيحة فهي حرام ميتة ، كأنما ماتت بغير ذبح . ولكن العلماء يقولون : لا ينبغي أن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ؛ لأنه الآن يريد أن يذبحها ، فالفعل ينافي القول بالنسبة لهذه الذبيحة ؛ لأنها ستذبح . هكذا علل بعض العلماء ، ولكن لو قالها أيضاً فلا حرج . الأدب الثاني : قوله : (( وكل بيمينك )) : وهذا أمر على سبيل الوجوب ، فيجب على الإنسان أن يأكل بيمينه وأن يشرب بيمينه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الإنسان بشماله ، أو أن يشرب بشماله ، وقال : (( إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه ، وإذا شرب فليشرب بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله (122) )) وقد نهينا عن اتباع خطوات الشيطان ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) [النور: 21] . ولهذا كان القول الراجح وجوب الأكل باليمين ، ووجوب الشرب باليمين ، وأن الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال حرام ، ثم إن الأكل بالشمال والشرب بالشمال مع كونه من هدي الشيطان ؛ فهو أيضاً من هدي الكفار ؛ لأن الكفار يأكلون بشمائلهم ويشربون بشمائلهم . ثم إن بعض الناس إذا كان على الأكل وأراد أن يشرب ؛ فإنه يمسك الكأس باليسار ويشرب ، ويقول أخشى أن تتلوث الكأس إذا شربت باليمين ، فنقول : لتتلوث ، فإنها إذا تلوثت فإنما تتلوث بطعام ، ولم تتلوث ببول و لا غائط ، تلوث بطعام ثم تغسل . وبإمكانك أن تمسك الكأس من الأسفل بين إبهامك والسبابة ، وتجعلها كالحلقة ولا يتلوث منه إلا شيء يسير ، ولا عذر لأحد بالشرب بالشمال من أجل هذا ؛ لأن المسألة على سبيل التحريم ، والحرام لا يجوز إلا عند الضرورة والضرورة مثل أن تكون اليد شلاء، لا يمكن أن يرفعها إلى فيه، أو مكسورة لا يمكن أن يرفعها إلى فيه ، فهذه ضرورة ، أو تكون متجرحة لا يمكن أن يأكل بها أو يشرب . المهم إذا كان ضرورة ؛ فلا بأس باليسار ، وإلا فلا يحل للمسلم أن يأكل باليسار ولا أن يشرب باليسار . الأدب الثالث : قوله ((وكل مما يليك)) : يعني لا تأكل من حافة غيرك ، بل كُلْ من الذي يليك ؛ لأنك إذا اعتديت على حافة غيرك فهذا سوء أدب ، فكل من الذي يليك . إلا إذا كان الطعام أنواعاً ، مثل أن يكون هناك لحم في غير الذي يليك فلا بأس أن تأكل ، أو يكون هناك قرع ، أو ما أشبه ذلك مما يقصد ، فلا بأس أن تأكل من الذي لا يليك ؛ لأن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم (( فكان يتتبع الدباّء من حوالي القصعة )) (123) . الدباّء : القرع ، يتتبعه يعني يلقطه من على الصحفة ليأكله ، هذا لا بأس به . وفي هذا الحديث من الفوائد أن ينبغي على الإنسان أن يؤدب أولاده على كيفية الأكل والشرب ، وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ربيبه ، وفي هذا حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه ؛ لأنه لم يزجر هذا الغلام حين جعلت يده في الصحفة ، ولكن علمه برفق ، وناداه برفق : (( يا غلام ؛ سمِّ الله ، وكل بيمينك )) . وليعلم أن تعليم الصغار لمثل هذه الآداب لا ينسى ، يعني أن الطفل لا ينسى إذا علمته وهو صغير ، لكن إذا كبر ربما ينسى إذا علمته ، وربما يتمرد عليك بعض الشيء إذا كبر ، لكن ما دام صغيراً وعلمته يكون أكثر إقبالاً ، ومن اتقى الله في أولاده ؛ اتقوا الله فيه ، ومن ضيع حق أولاده ؛ ضيعوا حقه إذا احتاج إليهم .
* * * 4/301 ـ وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع )) حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن (124). 5/302 ـ وعن أبي ثرية سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( علموا الصبي الصلاة لسبع سنين ، واضربوه عليها ابن عشر سنين )) حديث حسن رواه أبو داود، والترمذي، وقال : حديث حسن (125) . ولفظ أبي داود : (( مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين )) .
الـشـرح ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهو أبناء عشر)) وهو حديث حسن له شاهد من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه ، وهذا من حقوق الأولاد على آبائهم ؛ أن يأمروهم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنوات ، وأن يضربوهم عليها أي : على التفريط فيها وإضاعتها إذا بلغوا عشر سنين ، ولكن بشرط أن يكونا ذوي عقل . فإن بلغوا سبع سنين أو عشر سنين وهم لا يعقلون ، يعني فيهم جنون ؛ فإنهم لا يؤمرون بشيء ، ولا يضربون على شيء ، لكن يمنعون من الإفساد ؛ سواء في البيت أو خارج البيت . وقوله : (( اضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين )) : المراد الضرب الذي يحصل به التأديب بلا ضرر ، فلا يجوز للأب أن يضرب أولاده ضرباً مبرحاً ، ولا يجوز أن يضربهم ضرباً مكرراً لا حاجة إليه ، بل إذا احتاج إليه مثل ألا يقوم الولد للصلاة إلا بالضرب فإنه يضربه ضرباً غير مبرح ، بل ضرباً معتاداً ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بضربهم لا لإيلامهم ولكن لتأديبهم وتقويمهم . وفي هذا الحديث إشارة إلى أن ما ذهب إليه بعض المتأخرين ممن يدّعون أنهم أصحاب تربية من أن الصغار لا يضربون في المدارس إذا أهملوا ، ففي هذا الحديث الرد عليهم ، وهو دليل على بطلان فكرتهم ، وأنها غير صحيحة ؛ لأن بعض الصغار لا ينفعهم الكلام في الغالب ، لكن الضرب ينفعهم أكثر ، فلو أنهم تركوا بدون ضرب ؛ لضيّعوا الواجب عليهم ، وفرّطوا في الدروس وأهملوا ، فلابد من ضربهم ليعتادوا النظام ، ويقوموا بما ينبغي أن يقوموا به ، وإلا لصارت المسألة فوضى . إلا أنه كما قلنا لابد أن يكون الضرب للتأديب لا للإيلام والإيجاع ، فيضرب ضرباً يليق بحاله ، ضرباً غير مبرح ، لا يفعل كما يفعل بعض المعلمين في الزمن السابق ؛ يضرب الضرب العظيم الموجع ، ولا يهمل كما يدعي هؤلاء المربون الذين هم من أبعد الناس عن التربية، لا يقال لهم شيء ؛ لأن الصبي لا يمتثل ولا يعرف ، لكن الضرب يؤدبه ، والله الموفق .
------------------------
(118) رواه البخاري ، كتاب الزكاة ، باب ما يذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم ، رقم ( 1491 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رقم ( 1069 ) . (119) رواه مسلم ، كتاب الزكاة ، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رقم ( 1069 ) . (120) رواه مسلم ، كتاب الزكاة ، باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدق ، رقم ( 1072 ) . (121) رواه البخاري ، كتاب الأطعمة ، باب التسمية على الطعام والأكل باليمين ، رقم ( 5376 ) ، ومسلم ، كتاب الأشربة ، باب آداب الطعام والشراب وأحكامها ، رقم ( 2022 ) . (122) رواه مسلم كتاب الأشربة ، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما ، رقم ( 2020 ) . (123) رواه البخاري ، كتاب الأطعمة ، باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه . . . ، رقم ( 5379 ) ، ومسلم ، كتاب الأشربة ، باب جواز أكل المرق . . . ، رقـم ( 2041 ) . (124) رواه أب داود ، كتاب الصلاة ، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة ، رقم ( 495 ) . (125) رواه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة ، رقم ( 495 ) ، والترمذي ، كتاب الصلاة ، باب ما جاء متى يؤمر الصبي ، رقم ( 407 ) .
الموضوع : باب وجوب أمر أهله وأولاده : شرح رياض الصالحين المجلد الثالث//بن عثيمين المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
واسلاماهالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 23/06/2009
| موضوع: رد: باب وجوب أمر أهله وأولاده : شرح رياض الصالحين المجلد الثالث//بن عثيمين السبت 9 يوليو 2011 - 14:10 | |
| |
|
أم شروقالمراقبة العامة
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
| |