بــسـم الله ـآ‘لـرحـمـن ـآ‘لـرحـيـم
ـآ‘لـقـصـة ـآ‘لأوٍلـي ... ضـلـع ـأعـوٍج
جاءني مكفهر الوجه ، ضائق الصدر ، ينفخ وكأن ناراً في صدره يريدها أن تخرج ....
قلت له :- خيراً إن شاء الله ..؟
قال :- ليتني يا أخي لم أتزوج .. كنت هانئ البال مرتاح الخاطر ...
قلت له :- وما يتعبك في الزواج ..؟ ..
قال :- وهل غيرها ..!
قلت له :- تعني زوجتك ..؟
قال :- أجل ..
قلت له :- وماتشكتي فيها ..؟
قال :- قل ماذا لا أشتكي فيها ..!
قلت له : تعني أن مالا يرضيك فيها أكثر مما يرضيك ..
هز رأسه هزات متتالية ..مؤيداً ..وموافقاً ...
قلت له : لعلك تشتكي عدم انقيادها لك .؟
نظر في عيني وقال : فعلا ً ..
قلت له :- ...وكثرة دموعها حين تناقشها وتحت في جدالها ..؟
ظهرت الدهشة واضحة وهو يقول : نعم .. نعم ..
تابعت :- ..وكثرة عنادها ..؟
زادت دهشته : كأنك تعيش معنا ..!
قلت :- وتراجع اهتمامها بك بعد مضر أشهر الزواج الأولي ..؟
قال :- كأنما حدثك عنها غيري ..!
واصلت كلامي : وزادها تراجع اهتمامها بك بعد أن رزقتما بالأطفال ..؟
قال : ..أنت تعرف كل شئ إذن ..؟!
قلت :- هون عليك ياأخي .. واسمع مني ..
هدأت مشاعر الغضب والحنق التي بدت عليه ، وحلت مكانها رغبة حقيقية واضحة في الاستماع وقال : تفضل ..
قلت : حين تشتري أي جهاز كهربائي .. كيف تستعمله ..؟
قال :- حسب التعليمات التي يشرحها صانعو هذا الجهاز ..
قلت :- حسنأ وأين تجد هذه التعليمات ..؟
قلت :- في كتيب التعليمات المرفق بالجهاز ...
قلت:- هذا جميل . لو افترضاً أن شخصاً اشتري جهازاً كهربائياً ، وورد في كتيب التعليمات المرفق به أنه يعمل علي الطاقة الكهربائية المحددة بمائة وعشرين فولتاً فقط .. ومع هذا قام
مشتري الجهاز بوصله بالطاقة الكهربائية ذات المائتي وأربعين فولتاً ...
قاطعني :- يحترق الجهاز علي الفور ..!
قلت له :- ولنفترض أن شخصاً يريد أن يشترك في سباق سيارات بسيارة يشير العداد فيها إلي أن أقصي سرعة لها هو 180 كيلوا متراً والسيارات المشاركة الأخري عدادتها تشير إلي أن
السرعة القصوي فيها ثلاثمائة كيلو متراً ...
قال بسرعة : لن يفوز في السباق ..
قلت له :- لنفترض أننا سألناه فأجابنا : إنه سيضغط دواسة الوقود إلي آخرها ...
قال له :- لن ينفعه هذا .. وليضغط بما يشاء من قوة .. فإن السيارة لن تزيد سرعتها عن 180 كيلو متراً ...
قلت له :- لماذا .؟
قال :- هكذا صنعها صانعوها .!!
قلت له :- ... وهكذا خلق الله المرأة ..!
قال :- ماذا تعني ..
قلت له :- تلك الطبيعة النفسانية التي اشتكيتها فى المرأة .. هي التي خلقها سبحانه وتعالي عليها ..ولو قرأت طبيعة المرأة في كتيب التعليمات المرفق معها .. لما طلبت منها ما تطلبه من رجل ..!
قال :- أي كتيب تعليمات تقصد .؟
قلت :- ألم تقرأ حديثه صلي الله عليه وسلم :- " استوصوا بالنساء خيراً .. فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج .. وأعوج ما في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا
بالنساء خيراً .."
وفي رواية أخري " إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم علي طريقة .. فإن استمتعت بها ..استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها .. وكسرها طلاقها .."
قال :- بلي .. قرأته .
قلت له :- اسمح لي إذن أن أقول .. إن ما تطلبه من زوجتك .. يشبه ما يطلبه صاحب السيارة التي حددت سرعتها بـ 180 كيلو متراً في الساعة ..
قال :- تعني أن زوجتي لن تستجيب لي .. كما لن تستجيب السيارة لصاحبها الذي يضغط علي دواسة البنزين فيها لتتجاوز سرعة الـ 180 المحدد لها ..؟!
قلت :- تقريباً ...
قال :- ماذا تعني بـ " تقريباً " ..؟
قلت له :- تأمل حديثه صلي الله عليه وسلم إذ يخبرنا بأن المرأة خلقت من ضلع اعوج ، وأن هذا هذا العوج من طبيعة المرأة فإذا أراد الرجل أن يقيمه أخفق ..وانكسر الضلع
قال :- كما يحترق الجهاز الكهربائي المحددة طاقة تشغيله بـ 120 فولتاً .. إذا وصلنا به طاقة كهربائية ذات 240 قولتاً ...
قلت له :- أصبت ..
قال :- .. ولكن ألا تري أن هذا يعني نقصاً في قدرات المرأة ..
قلت له :- نقص من جانب .. ووفرة في جانب آخر ..يقابلهما في الرجل .. نقص ووفرة أيضاً .. ولكن بصورة متقابلة فنقص المرأة وفرة في الرجل ..ووفرتها يقابلها نقص في الرجل ..
قال :- اشرح لي .. نقص في ماذا ووفرة في ماذا .؟
قلت له :- عد معي إلي العوج الذي أشار إليه صلي الله عليه وسلم في الحديث .. وحاول أن تتصور أما ترضع طفلها وهي منتصبة القامة أو تضمه إلي صدرها وهي منتصبة القامة ..
قال :- يصعب هذا .. فلا يمكن تصور أم ترضع طفلها إلا وهي منحنية عليه .. ولا تلبسه ثيابه إلا وهي منحية عليه .. ولا تضعه إلي صدرها إلا وهي منحنية عليه ...
قلت له :- تصور أي وضع من أوضاع رعاة الأم لطفلها .. فلن تجدها إلا منحية ..
قال : وهذا يفسر سر خلقها من ضلع أعوج ...
قلت له :- هذه واحدة ..
قال :- والثانية ...
قلت له :- جميع الألفاظ التي تحمل معني العوج في اللغة العربية .. تحمل معني العاطفة في الوقت نفسه ..
قال :- وأين العوج في كلمة العاطفة ..؟
قلت له :- مصدر العاطفة " عطف " ومن هذا المصدر نفسه اشتقت كلمة المنعطف وهو المنحني كما تعلم وفي لسان العرب عطفت رأس الخشبة فانعطفت أي حنيته فانحني والعطائف هي القسي
جمع قوس ألا تري القوس يشبه في انحنائه الضلع .؟!
قال :- سبحان الله .. وهل ثمة كلمة أخري يشترك فيها معني العوج ومعني العاطفة ..؟
قلت :- دونك الحنان ألا يحمل معني العاطفة .؟
قال :- بلي .. الحنان هو العطف والرقة والرأفة ..
قلت له :- وهو يحمل معني العوج أيضاً .. تقول العرب : انحني العود وتحني : انعطف وفي الحديث لم يحن أحد منا ظهره أي لم يثنه للركوع والحنية : القوس .. وها قد عدنا للقوس التي تشبه في شكلها
الضلع ..
قال :- زدني .. زادك الله من فضله .. هل هناك كلمة ثالثة ..
قلت له :- هل تعرف من الأحدب .؟
قال :- من تقوس ظهره ..
قلت له :- ها قد قلت بنفسك " تقوس " .. واشتققت من القوس فعلا وصفت به انحناء ظهر الأحدب .. وفي اللغة : حدب فلان علي فلان وتحدب : تعطف وحنا عليه وهو عليه كالوالد الحدب وفي حديث
علي يصف أبا بكر رضي الله عنهما :" وأحدبهم علي المسلمين " ..أي عطفهم وأشفقهم ..
قال :- لا تقل لي إن هناك كلمة رابعة ..
قلت له :- أليس الإعوجاج في الضلع يعني أنه " مائل " ...
قال :- بلي ..
قلت له :- العرب تقول : الاستمالة الاكتيال بالكفين والذراعين ..
قال :- هذا يشير إلي الإعوجاج والإنحناء ولكن أين العاطفة ..؟
قلت له :- ألا تري أن أصل الكلمة هو " الميل " والميل اتجاه بالعاطفة نحو إنسان أو شئ .. تقول أميل إلي فولان أو إلي كذا .؟ وفى لسان العرب :" الميل "..
قال :- العدول إلي الشئ والإقبال عليه ... حسبك فما فهمت العوج في الضلع الذي خلقت منه المرأة كما فهمته اليوم فجزاك الله خيراً
قلت له :- وإياك ..
قال :- كأنك تريد ان تضيف شيئاً .؟
قلت له :- أجل فهذه العاطفة التي أشار إليها الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم يتحدث عنها علماء النفس المعاصرون بعد أربعة عشر قرناً وبعد دراسات وأبحاث وملاحظات ..
قال :- ليتك حدثتني عنها ..
قلت له :- لو أردت نقلها جميعها إليك لأمضينا ساعات ولكني سأختار لك أمثلة لها ..
قال :- تفضل ..
قلت له :- تأمل هذه العبارة للكاتب الفرنسي هنري ماريون في كتابه " خلق المرأة " .. والتي أنقلها لك حرفياً يقول : " الفتاة علي الإجمال أدق إحساساً من الفتي وأشد إنعطافاً " .. لاحظ كيف يستخدم
" أشد انعطافاً " مشيراً إلي العوج والإنحناء ...
ولأتم لك كلامه : " انظر إليها كيف تحضن دميتها وكيف ترعاها بلهفة وحنان .. تظهر لك تلك الميزة واضحة .. وما ذلك منها إلا سبق ظهور لغريزة الأمومة ، وهي الغريزة التي تسمو في المرأة علي
كل غريزة أخري " .. ولله در " مشيلة " ... القائل : " المرأة أم منذ المهد بل إنها تتعشق الأمومة إلي درجة تنزل معها كل مايوكل إليها ، بمنزلة الأولاد " .. راقب الفتاة الصغيرة وما تبديه العطف
والرعاية متي سلم إليها أمر إخوتها وأخواتها الصغار .. وكيف تسعي جهدها فى ملاحظتهم وإرضائهم .. بل في تعليمهم وتدريبهم أيضاً فإنما كل ذلك دليل جلي علي أن المرأة خلقت لتكون أماً ومربية
فى المقام الأول ...
بل إن هنري ماريون يلتقط من اعوجاج الضلع صفة الحماية للرجل حيث يقول : " اعوجاج الضلع فيه حماية لقلب الرجل فكأنما المرأة لتحمي الرجل .. وتوفر له الاستقرار والطمأنينة والرضا ..
الأمور التي تكفل عدم الاضطراب .. ومن ثم السلامة والعافية ..
قال :- صدقني إني سأعود الآن إلي زوجتي بمشاعر .. غير المشاعر التي خرجت بها من عندها ...
قلت له :- تعني أنك جئت حانقاً غاضباً عليها وتعود الآن عاذراً حالها .. مقدراً ضعفها .. متفهماً طبيعة تكوينها العاطفية .؟
قال :- تماماً ..
قلت له :- هل أطمئن إلي هذا .؟
قال :- كل الإطمئنان ..
قلت له :- لقد أدركت إذن أن اهتمامها بأطفالها .. الذي كان علي حساب اهتمامها بك .. فطرة زرعها الله فيها .. ولا يمكن أن يعود اهتمامها بك كما كان قبل إنجابها الأطفال لكن هذا لا يعني أنني أبرر
للمرأة إهمالها لزوجها .. لا .. فبشئ من التنظيم والتعاون يمكن للمرأة ألا تنسي قسط زوجها من رعايتها وإهتمامها ...
قال :- هذا صحيح ...
قلت له :- وكذلك شكواك من كثرة بكائها .. فما البكاء إلا أثر من آثار شدة العاطفة يشير ماريون إلي قول أحدهم :" إن البكاء من مميزات المرأة فى كل أدوار حياتها " .. وقال منسيور دوبانو :" بعض
الفتيات مولعات بالبكاء حتي لقد عرفت منهن من كل يبكين أمام مرآة لمضاعفة اللذة المتأتية لهن من البكاء " ...
قال :- تبقي شكواي من عنادها .؟
قلت له :- إنه صفة لازمة لزوج العوج للضلع كأنك حين تريد انتزاع العناد من نفسها .. تحاول تقويم الضلع الذي لن يستقيم .. بل سينكسر إذا استمررت فى محاولة تقويمه ..
وإسمع إلي مايقوله الكاتب الفرنسي مونتاين :" عرفت مئات من النساء .. تستطيع حملهن علي عض الحديد فى ساعة الغضب "...
والأمثال المتداولة في هذا المعني كثيرة منها المثل القائل :" إن من يطلب اقناع امرأة .. كمن يطلب تبييض آجرة .. " القرميدة الحمراء " ...
وأيضاً لا أريد هنا أن أبرر عناد المرأة وعدم طاعتها لزوجها .. بل أشير فقط إلي طبع قد تعذر إذا ظهر فيها ولعل الأجر الكبير الذي وعد به الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم علي حسن تبعلها
لزوجها .. هو لمراغمتها هذا الطبع فيها .. وانتصارها عليه ...
قال :- كأنك تريد أن تطمئن أكثر إلي تغير مشاعري نحو زوجتي .. وزيادة تفهمي لطبيعتها .. واستعدادي للرفق بها وعدم الضيق منها .؟!
قلت له :- لعلي كما قلت ..
قال :- أدعو الله أن يجزيك عني خير الجزاء ..
قلت له :- ويجزيك علي حسن استماعك ومحاورتك وسرعة استجابتك للحق ..
قال :- يبقي عندي طلب ..
قلت له :- أعدك بتحقيقه إن استطعت ..
قال :- أن تنشر مادار بيننا من حوار .. فكثير من الأزواج لا يعرفون ما جاء فيه من حقائق ..
قلت له :- أفعل إن شاء الله ....
الموضوع : حـوٍارٍ مـع آلـزٍوٍج..!! المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya