قالتْ
العربُ أنَّ البلاغة هي الوصول إلى المعاني
البديعة بأحسن الألفاظ بغير
إطالة مُمِلة أو اختصارات مُخِلّة ..
فالاعتناء
بالألفاظ إنما يكونُ خدمة للمعاني
حتى قِيلَ أن اللفظ
خادمٌ للمعنى .. فكأنّ العرب إنّما
تُحُلِّي ألفاظها عناية بالمعاني
التي وراءها .
وقد قال رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم :
( إن من الشعر حكمة )
الراوي: أبي بن كعب
المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو
الرقم: 6145
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]..
وجاء رجلان من
المشرق فخطبا ، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( إنَّ من البيان لسحرا ) .
الراوي: عبدالله
بن عمر المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو
الرقم: 5146
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فإذا كان النبيُ
يرى هذا في ألفاظِ هؤلاء التي جُعِلت
مصائد للقلوب فهمنا أنّ عذوبةَ
اللفظ سببٌ في قضاء الحوائج .
ألا ترى إلى قول بعضِهم وقد سألَ آخرَ
حاجة فأجابه :
إنّ عليّ يميناً ألاّ أفعل هذا !
فقال السائلُ :إن
كنتَ - أيّدَكَ الله - لم تحلف يمينا
قط على أمر ٍ فرأيتَ غيره خيرا
منه .. فكفّرتَ عنها من أجله .
فإن كان ذلك قد كان منكَ فلا تجعلني
أدون ( أي أقل )
الرجلين عندك ..
فقال له :
سَحَرْتَنِي .. وقضى له حاجته !
..
وهذا حسّانُ بنُ
ثابت رضي اللهُ عنه يُنشِد حين جاوبَ
أبا سفيان بن الحارث :
هجوتَ محمداً
فأجبتُ عنهُ
وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ .
فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : ياحسّان جزاؤكَ عند
الله الجنّة .
فلما بلغ حسانُ
قوله :
فإنَّ أبي ووالدَهُ وعِرضي
لعِرض محمدٍ منكم
وقاءُ
قال له عليه الصلاة والسلام : وقاكَ اللهُ حرَّ جهنّم
ياحسّان
..
هكذا قضى له بالجنة مرتين في ساعة واحدة بحسن ألفاظه .
..
وقيل أنّ النابغة
الجعدي أنشدَ بين يدي النبي صلى الله
عليه وسلم قصيدةً يقول فيها :
عَلَوْنا السّماءَ
عِفَّةً وتَكرُّما
وإنا لنبغي فوقَ ذلكَ مظهرا
فقال له : أي مظهر
يا أبا ليلى ؟
قالَ : الجنةُ بكَ يارسول الله
فقالَ عليه الصلاة
والسلام : أجل .. إن شاء الله .
فقضت له دعوةُ
النبي بالجنة .
...
وكان النضر بن
الحارث من شياطين قريش .. و كان يؤذي رسول
الله صلى الله عليه وسلم أشد
الإيذاء وينصب له العدواة .. فكان إذا جلس
رسول الله صلى الله عليه
وسلم مجلساً فذكَّر فيه بالله .. خلفه النّضرُ بنُ
الحارث في مجلسه إذا
قام ، ثم قال : بماذا محمد أحسن حديثاً مني ؟
فأمرَ النبي بقتله
.. فقتله عليٌ بنُ أبي طالب
فجاءت ابنَتُه قُتَيلة الى النبي وهو
يطوف بالبيت
فاستوقفته وأنشدت :
يَا
رَاكِبًا إنَّ الْأَثِيلَ مَظِنَّةٌ
.. مِنْ صُبْحِ
خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفَّقُ
أَبْلِغْ
بِهَا مَيْتًا بِأَنَّ قصيدة .. مَا
إنْ تَزَالُ بِهَا الركائبُ تَخْفِقُ
مِنِّي
إلَيْكَ وَعَبْرَةً مَسْفُوحَةً .. جَادَتْ بِوَاكِفِهَا وَأُخْرَى
تَخْنُقُ
فليَسْمَعَنِّ
النَّضْرُ
إنْ نَادَيْتُهُ .. أَمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لَا يَنْطِقُ
أَمُحَمَّدُ يَا خَيْرَ ضَنْءِ كَرِيمَةٍ .. فِي قَوْمِهَا وَالْفَحْلُ فَحْلٌ
مُعْرَّقُ
مَا
كَانَ ضُرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ
وَرُبَّمَا.. مَنَّ
الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنَقُ
أَوْ
كُنْتَ قَابِلَ فِدْيَةٍ
فَلْيُنْفِقَنْ .. بِأَعَزَّ
مَا يَغْلُو بِهِ مَا يُنْفِقُ
فَالنَّضْرُ
أَقْرَبُ مَنْ قتلتَ قَرَابَةً
.. وَأَحَقُّهُمْ
إنْ كَانَ
عِتْقٌ يُعْتَقُ
ظَلَّتْ
سُيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ
.. لِلَّهِ أَرْحَامٌ
هُنَاكَ تُشَقَّقُ
قسرا يُقَادُ إلَى الْمَنِيَّةِ
مُتْعَبًا .. رَسْفَ الْمُقَيَّدِ
وَهُوَ عَانٍ مُوَثَّقُ
فقال النبي صلى الله
عليه وسلم : لو كنتُ سمعتُ شعرها
لعفوتُ عنه .
وللحديث
بقية إن شاء
الله ....
الموضوع : ما أجملّ العربيَّة َ .. المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya