يقول
ابن القيم: قُلت ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "ليس الغنى
عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس" حديث متفق
عليه، "ليس الغنى عن
كثرة العرض" أي كثرة الأملاك.
فالإنسان الذي يرى
نفسه مالكًا.. فإنه يطغى
{كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6)أَن رَّآهُ
اسْتَغْنَى(7)}
العلق، فمن رأى نفسه مالكًا.. يطغى، فالمطلوب منك ألا ترى
نفسك مالكًا
بأي وجه من الوجوه.
يقول ابن القيم في نفس
الكتاب ولكن في فقرة
متقدمة: "أنت مملوك مُمتحن في صورة مالك مُتصرف":
- فقد يكون
لديك
سيارة و منزل و أموال.. فتظن أنك مالك، ولكن الحقيقة أنك لست مالكًا..
أنت مملوك.. فأنت ومَالَك مِلك لله سبحانه وتعالى.
- "مُمتحن"..
انتبه
لهذه جيدًا!، مُمتحن.. أي أن الله يمتحنك بهذه الأموال، قال
تعالى:{وَآتُوهُم
مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} النور-آية:33،
{جَعَلَكُم
مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} الحديد- آية:7.
فالأموال هذه ليست
أموالك..
أعطاك الله إياها كامتحان، قال سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا
عَلَى
الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ
عَمَلا(7)وَإِنَّا
لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)}
الكهف.
فأموالك وكل أملاكك
التي
لديك.. الله مُبتليك بها، فإذا علم الإنسان أنه ليس مالك.. وأن هذا
ملك
الله، فيكون خاضع للملك، ولكن عندما يرى نفسه مالك فإنه يطغى. فمثلاً
تجد
الرجل الذي يحمل صناديق هدايا على يده.. فإنه يمشي رافعًا رأسه - هذا
هو
الطغيان- لأن يديه مليئة بالهدايا، أما الذي لا يحمل شيء فتجده يمشي
منحني
الرأس ينظر إلى الأرض.... أفهمتني؟!
إذن.. الذي يرى نفسه
مالكًا يطغى، وفي
الحقيقة هو لا يملك، لذلك "ليس الغنى عن كثرة العرض"..
فكثرة العرض
فقر. فالذي يملك بيت هنا وبيت هناك، وفيلا هنا وفيلا هناك،
وسيارة هنا
وسيارة هناك، يملك كل هذا ومازال يشتهي هذا ويشتهي هذا.. فهذا
هو
الفقر.. فقر النفس. فليس الغنى عن كثرة العرض.. أي كثرة أنواع
المملوكات،
إنما الغنى غنى النفس، أن يكون الإنسان من داخله غني.. غني
بالله
سبحانه وتعالى.
في القلب فاقة مهما
كان الإنسان غنيًا، مهما
كان الإنسان مالكًا، مهما كان الانسان قويًا، فهو
فقير في القلب فاقة،
في القلب فاقة عظيمة وضرورة تامة، وحاجة شديدة لا
يسدها إلا فوزه بحصول
الغني الحميد، الذي إذا حصل للعبد حصل له كل شيء، وإن
فاته فاته كل
شيء.
يقول ابن الجوزي عليه
رحمة الله في كتاب (المدهش): "يا ابن
آدم.. أنا بُدك اللازم فالزم بُدك..
فإنك إن وجدتني وجدت كل شيء.. وإن
فتُك فاتك كل شيء". هذه هي، فكما أنه
سبحانه الغني على الحقيقة ولا غني
سواه، فالغني به سبحانه وتعالى هو الغني
في الحقيقة ولا غنى بغيره
البته، فمن لم يستغني به عما سواه تقطعت نفسه على
السوى حسرات، ومن
استغنى به زالت عنه كل حسرة، وحضره كل سرور وفرح.
الموضوع : ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya