10 - حب الدنيا:
روي عن النبي صلى الله عليه
وسلم، أنه قال: "حُبُّ الدُّنيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَة"، وقال أيضًا صلى
الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ
أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا
يَفْنَى".
وقال يحيى بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان، من شربها لم يفق
إلا بين عساكر الموتى، نادمًا بين الخاسرين، قد ترك منها لغيره ما جَمَع،
وتعلق بحبل غرورها فانقطع، وقدم على من يحاسبه على الفتيل والنقير
والقطمير، فيما كُتِبَ عليه من الصغير والكبير، يوم تزل بالعُصاة القدم،
ويندم المسيء على ما قدم.
11 - اتباع الهوى:
يقول صلى الله
عليه وسلم: "الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ
الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى
عَلَى اللَّهِ". ويقول أيضًا: "ثَلاثٌ مُهْلِكَات: شُحٌّ مُطَاعٌ، وهَوًى
مُتَّبَعٌ، وإعْجَابُ المَرْءِ بِنَفْسِهِ".
وقال السلف: إنما
سُمِّي هوى؛ لأنه يهوي بصاحبه في النار. والهوى يدعو إلى تحصيل اللذة
الحاضرة من غير تفكير في العاقبة، ويحث على نيل الشهوات عاجلاً، وإن كانت
سببًا للألم والأذى في العاجل، ومنع لذات في الآجل.
12 - اقتحام
الشبهات:
والشبهات هي الأمور المختلطة التي لا يعلم كثير من الناس،
أحلال هي أم حرام، وقد قيل: الشبهة أخت الحرام. فقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم: "إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ،
وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ،
فَمَن اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ
وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى
حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ
حِمًى، أَلا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ".
13 - الكِبْر:
يقول
عز وجل في سورة البقرة: "وإذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ
العِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ولَبِئْسَ المِهَادُ"، إن هذه
صفة الكافر والمنافق الذاهب بنفسه زهوًا واختيالاً، يقول عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه: كفى بالمرء إثمًا أن يقول له أخوه: اتق الله، فيقول: عليك
بنفسك، مثلك يوصيني!.
وبهذا الداء امتنع عبد الله بن أبي بن سلول عن
الإيمان، وبه تخلف الإيمان عن أبي جهل، وكذلك سائر المشركين، فإنهم كلهم
لم يكونوا يرتابون في صدقه صلى الله عليه وسلم، وأن الحق معه، ولكن حملهم
الكبر على الكفر والعناد.
14 - مخالطة أهل المعاصي وقرناء السوء
قال
بعض السلف: ليس شيء أضر على القلب من مخالطة الفاسقين والنظر إلى أفعالهم.
وقُل لي من صاحبك، أقول لك من أنت.
ومخالطة العصاة تجعل القلب يألف
المعصية ويجترئ عليها، فينساق وراء العصاة وهو لا يدري. والرفيق السيئ
قاطع طريق بينك وبين الله، فكلما سلكت درب الله عز وجل حاول أن يصرفك عنه
إلى طريق الغواية، وعندما يأتي يوم القيامة سيتبرئ منك، ويلقي باللوم كله
عليك، وساعتها تتمنى لو أعطيت لك الفرصة لتتبرأ منه كما تبرأ هو منك، ولكن
لا تجد سوى الحسرة والندم
يقول رب العزة سبحانه وتعالى في سورة
الفرقان: {ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا
لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا ويْلَتَى لَيْتَنِي
لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ
بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنسَانِ خَذُولاً}.
15 -
شيوع الفتن وفساد المجتمع:
من الناس من يعرض عن دينه، وينهمك في
المعاصي، ويقول: أكثر الناس يفعلون هكذا، لماذا أخالف الكثرة؟ ولماذا أشذ
عن المجتمع؟ إني أفعل كما يفعل الناس!! وهل معقول أن هذه الكثرة الغالبة
على خطأ؟ وهل سيعذب الله عز وجل كل هؤلاء الناس؟.
أما سمع من يقول
ذلك ويغتر بهذه الشبهة الفاسدة، آيات القرآن الكريم التي نزلت تتْرى لتحذر
الناس من الاغترار بالكثرة العاصية الهالكة؟؟
يقول عز وجل في سورة
الأنعام: "وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ
اللَّهِ"، ويقول في سورة يوسف: {ومَا أَكْثَرُ النَّاسِ ولَوْ حَرَصْتَ
بِمُؤْمِنِينَ}، ويقول في سورة الأعراف: {ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ}.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضح لنا أن الله عز
وجل لا يبالي بكثرة العاصين وقلة الطائعين، ولا يضره سبحانه وتعالى أن
يعذب أهل الأرض جميعًا إن عصوه، والدليل على ذلك أن نسبة من يدخل الجنة إلى
من يدخل النار هي واحد في الألف!!.
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ..
فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ.. قَالَ:
يَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ.. قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ:
مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ".
فهل
تضمن أن تكون أنت هذا الواحد بين ألف ممن حولك؟؟.
فينبغي للمسلم أن
يأنف لنفسه من أن ينعق مع الناعقين، ويسدر مع السادرين، ويحمل المباخر
للعصاة الظالمين، ويسير في ركابهم، متخليًا عن دينه وعقيدته، تائهًا في
زحامهم، بل ينبغي له أن يقاوم الذوبان في هذه اللجة، مستعينًا بالله عز
وجل، وبالرفقة الصالحة والغرباء من أمثاله
يقول صلى الله عليه وسلم:
"لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا،
وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ: إِنْ
أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلا تَظْلِمُوا".
وليس
الضعف وكثرة العصاة بعذر مقبول عند الله عز وجل للمُضِي في طريق المعصية،
فأرض الله واسعة، وفي الهجرة مندوحة للمستضعفين، إن لم يستطيعوا حماية
دينهم وعقيدتهم، يقول عز وجل في سورة النساء: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا
مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ
واسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وسَاءَتْ مَصِيرًا}.
فلا تستوحش الطريق أخي الحبيب، لقلة سالكيه،
ولكن اطمئن لوعد الله ووعد رسوله، واعلم أنك على الحق المبين.
16 -
اختلاط المفاهيم والمصطلحات:
أحيانًا ما يطلق الناس -بحُسْن نية أو
بسوء نية- بعض المصطلحات والمفاهيم، ويسمون الأشياء بأسماء معينة، فتكتسب
الأسماء أو المسميات معانٍ أخرى تخالف الحقيقة، فتجعل الحرام حلالاً،
والمفروض مكروهًا ومُعابًا.
وتشيع تلك الأسماء والمصطلحات
والمفاهيم، فيحدث نتيجة لذلك سوء الفهم، وتنشأ الشبهات، وتشتد الخصومات.
من
هذه المصطلحات: (التعصب)، و(التطرف)، و(الرجعية)، و(الإرهاب)،
و(المجاملة). ومن هذه المفاهيم: (العمل عبادة)، و(روح الشريعة لا نصوصها)،
و(الدين يُسر).
ولو نحينا تلك المصطلحات المحدثة، والمفاهيم
المغلوطة في ذاتها، أو المغلوطة في فهم معانيها، ورجعنا عن هذه الأسماء
العرفية، ورجعنا إلى الأصول الصحيحة لها، لتبين لنا وجه الحق.
17 -
سلطان العادة:
وهذا السبب وإن كان أضعف الأسباب فهو أغلبها على
الناس، فدين العادة هو الغالب على أكثر الناس، والانتقال عنه كالانتقال من
طبيعة إلى طبيعة ثانية. ولذا قيل: "خير عادة ألا تكون لك عادة".
18 -
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
نهى النبي صلى الله عليه
وسلم عن السكوت عن المنكر إذا علم به المرء أو رآه، وكان في استطاعته
تغييره دون مفاسد، فإن السكوت على المنكر من أفظع الأمور التي تضيع كرامة
المرء في الدنيا وتوجب العقاب الشديد في الآخرة.
وبيّن أن ترك الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للعنة، فقال عز وجل في سورة المائدة:
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ
وعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وكَانُوا يَعْتَدُونَ *
كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم معلقًا على هذه الآية:
{إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا وَقَعَ فِيهِمْ النَّقْصُ، كَانَ
الرَّجُلُ فِيهِمْ يَرَى أَخَاهُ عَلَى الذَّنْبِ فَيَنْهَاهُ عَنْهُ،
فَإِذَا كَانَ الْغَدُ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ
أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَخَلِيطَهُ، فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ
بِبَعْضٍ، وَنَزَلَ فِيهِمْ الْقُرْآنُ}.
وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: "لا، حَتَّى تَأْخُذُوا
عَلَى يَدِ الظَّالِمِ فَتَأْطُرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا".
نسأل
الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا طرق وأسباب معصيته، وأن يهدينا إلى طريق
طاعته وتقواه، وأن يبلغنا رضاه.. اللهم آمين.
الموضوع : لماذا يعصي الناس ربهم؟ المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya