. الطلاق:
من حكمة الله عز وجل أن شرع الطلاق، عندما يتعذر الوفاق بين
الزوجين، وتستحكم النفرة، وتخفق كل وسائل الإصلاح والتوفيق، فهنا يكون
العلاج -رغم
مرارته - هو الطلاق، وفي
الحديث (أبغض
الحلال إلى الله الطلاق )،
رواه أبوداود وابن ماجه، وضعفه الألباني.
ذلك أن الإسلام عظم شأن الزواج، وجعله من
أعظم المواثيق، قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } [النساء: 21]. وأمر بالمعاشرة بالمعروف {وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ }
[النساء: 19]. كما أمر الإسلام بمعالجة المشكلات الزوجية بكل السبل
والوسائل المتاحة، حتى تعود إلى الموافقة والمتابعة، ثم أمر الأسرة أن
تتدخل للتحكيم والإصلاح عن طريق (المجلس العائلي )، كما قال تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ
أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا
} [النساء: 35]. فإذا استنفدت كل الوسائل،
نظم الإسلام عملية الطلاق، بأن يطلقها، وهي طاهر في طهرٍ لم يجامعها فيه،
أو وهي حامل، حتى يكون قرار الفراق بعيداً عن أي مؤثرات نفسية، كأن تكون
المرأة حائضاً.
إن هذا كله يدل على كمال هذه الشريعة، وكمال هذا
الدين، الذي جاء ليكفل سعادة البشرية في كل شؤونها وأحوالها.
3. تعدد الزوجات:
من واقعية الشريعة الإسلامية أنها راعت
قوة الدوافع الجنسية لدى الإنسان وتظرت إليها نظرة واقعية، ولم تنظر إليها
باستخفاف، ولا باستقذار، كما فعلت بعض الملل والنحل، ولم ترض للإنسان أن
يقاد من غرائزه وحدها، كما فعلت بعض الفلسفات… فشرعت إشباع الدافع الجنسي
بطريقة نظيفة، تضمن بقاء الإنسان، وكرامة الإنسان، وارتفاع الإنسان عن
الحيوان، وذلك بتشريع "نظام الزواج"، وقد أشار القرآن إلى ذلك بعد ذكره ما
حرم الله من النساء، وما أحل وراء ذلك بشرطه، ثم قال: {يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ
يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ
تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ
وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } [النساء: 26-28].
فالمفهوم من وصف الإنسان بالضعف في هذا
المقام، ضعفه أمام الغريزة الجنسية.
وانطلاقاً من هذه النظرة الواقعية للحياة
والإنسان، كانت إباحة تعدد الزوجات كما شرعه الإسلام.
فما دام في الزوجات من يعتريها المرض
ويطول، ومن تمتد بها الدورة الشهرية إلى ثلث الشهر أو أكثر، ومن ترغب عن
الرجل، ولا تقبل عليه إلا بصعوبة، وما دام كل الرجال لا يستطيعون التحكم في
غرائزهم، فلماذا لا نتيح لهم طريق الزواج الحلال في العلانية والنور، بدل
البحث عن الحرام في الخفاء والظلام؟!.
وإذا كان من النساء من ابتليت بالعقم، وفي
الرجال من يكون قوي الرغبة في الإنجاب، فلماذا لا نتيح له تحقيق رغبته في
الولد بالزواج من امرأة أخرى ولود، بدل كسر قلب الأولى بالطلاق، أو تحطيم
رغبة الرجل بتحريم الزواج الثاني عليه.
وإذا كان عدد الصالحات للزواج من النساء
أكثر من عدد القادرين عليه من الرجال بصفة عامة، وبعد الحروب بصفة خاصة،
فليس أمام العدد الزائد إلا واحد من ثلاثة احتمالات:
1.
أن تقضي الفتاة عمرها في بيت أهلها
عانساً، محرومة من حقها في إشباع عاطفة الزوجية وعاطفة الأمومة، وهي عواطف
فطرية غرسها الله في كيانها، لا تملك لها دفعاً.
2.
أو البحث عن متنفس غير مشروع من وراء ظهر
الأسرة والمجتمع والأخلاق.
3.
أو الزواج من رجل متزوج، قادر على
إحصانها، واثق من العدل بينها وبين ضرتها.
أما الاحتمال الأول: ففيه ظلم كبير لعدد
من النساء، بغير جرم اقترفنه.
والاحتمال الثاني: جرم في حق المرأة، وفي
حق المجتمع، وفي حق الأخلاق، وهو -للأسف - ما
سار عليه الغرب، فقد حرم تعدد الزوجات، وأباح تعدد الصديقات والعشيقات،
أي: أن الواقع فرض عليهم التعدد. ولكنه تعدد لا أخلاقي ولا إنساني، لأن
الرجل يقضي من ورائه وطره وشهوته، دون أن يلتزم بأي واجب، أو يتحمل أية
تبعة، تأتي نتيجة لهذا التعدد.
أما الاحتمال الثالث: فهو وحده الحل
العادل، والنظيف، والإنساني والأخلاقي، وهو الذي جاء به الإسلام.
4. القرار في البيوت:
جاء الإسلام ليضع معالم ومنهج الحياة
الاجتماعية في المجتمع المسلم؛ فحدّد وظيفة الرجل؛ بما يناسب طبيعته
واستعداده ومواهبه، وحدّد وظيفة المرأة بما يناسب طبيعتها وفطرتها
ومواهبها.
وجاءت الشريعة بما يناسب فطرة المرأة؛ فجعلت
البيت هو المكان الطبيعي لعملها؛ يقول تعالى -مخاطباً أمهات المؤمنين
- {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى }
[الأحزاب: 33]. وإنما خوطبت أمهات المؤمنين، ليقتدي بهن من هنَّ دونهن من
نساء المؤمنين، ولئلا يظن أن في ذلك الحكم إهانة لهن؛ بل هو تكريم وتشريف
لهن.
وهذا الحكم موافق للحاجات النفسية لأفراد الأسرة:
زوجاً، وأولاداً.
فالزوج: يحتاج للسكن إلى زوجته بعد عناء العمل،
وإلى من يعينه على مشاق الحياة.
والأولاد: يحتاجون إلى الرعاية والحضانة
في صغرهم، ثم إلى التربية والتوجيه في كبرهم؛ مما لا يستطيع الاضطلاع به
غير الأم؛ ولقد أخفقت كل الوسائل الحديثة التي ابتدعتها حضارة العصر
البائسة لشغل هذا الدور بدلاً عن الأم؛ مما كان له أكبر الأثر على أوضاع
المجتمعات نفسياً واجتماعياً وتربوياً.
ولقد صدق عليه الصلاة والسلام: (والمرأة راعية في بيت
زوجها، ومسؤولة عن رعيته )
رواه البخاري ومسلم.