التفاؤل في
غمرة الأزمات منهج نبوي حيث بشر سراقة بسواري كسرى وهو صلى الله عليه وسلم
مطارد من مكة وبشر الصحابة بكنوز كسرى وقيصر أثناء حفر خندق غزوة الأحزاب
وتفاؤلنا بمجريات الأحداث في غزة لا يعتمد فقط على النصوص الشرعية المبشرة
بالنصر ولكن ومن باب ليطمئن قلبي تجد له الكثير من الشواهد الواقعية في
الأحداث.
وقبل عرض ملامح النصر نحتاج لبيان ماهية النصر وحقيقته
ومستوياته فهناك نصر قريب وآخر بعيد وبينهما درجات ومستويات وقد يختصر
مفهوم النصر بنوعين خاص وعام فالخاص والمستوى القريب للنصر هو النصر في
معركة والنوع العام للنصر هو نتائج معركة ما وآثارها فقد يهزم جيش في معركة
لكنه ينتصر من حيث عدم تحقيق العدو للهدف من المعركة .
# وإن أعظم
النصر هو فوز المبادئ والقيم ولذا قال الله عن جنة المؤمنين بعد عرض قصة
أصحاب الأخدود وما حصل لهم من الإبادة الجماعية حرقا بسبب ثباتهم على دينهم
ومبادئهم (ذلك الفوز الكبير) ومن قبلهم الغلام الذي أرشد الملك لكيفية
قتله أمام الناس ليدخلوا بعد ذلك في دين الغلام فتنتصر مبادئه على حساب
حياته.
ولذا لا تجد من يلوم الجزائريين على التضحية بمليون شخص منهم
للتحرر من الاستعمار ولا تجد من يلوم الشعب الليبي على التضحية بنصف الشعب
(700ألف) كذلك, فكيف يصح بعد ذلك لوم الفلسطينيين على التضحية ب900 شهيد
بل إن الشهادة في حد ذاتها مكسب عظيم كيف لا وهي الدرجة الثالثة في الجنة
بعد الأنبياء والصديقين ؟
قال تعالى (( ولا تحسبن الذين قتلوا في
سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون , فرحين بما آتاهم الله من فضله
ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون)(
الشهداء
، أرواحهم في حواصل طير خضر، تعلق في شجر الجنة، ثم تأوي إلى تلك القناديل
المعلقة في العرش، فيطلع عليهم ربك اطلاعة، ويقول : تشتهون شيئا أزيدكم،
قالوا : وأي شيء نريده يا ربنا وقد رضيت عنا وأرضيتنا، فيعود إليهم مرة
أخرى ويسألهم، فيقولون في المرة الثالثة : نعم يا رب، نريد أن تعيدنا إلى
الدنيا لنقتل فيك مرة أخرى.
وقال تعالى (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ
بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ
يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا
فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)
وقال تعالى: ( أَمْ
حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ
ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ
وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ
مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ (
وقال
تعالى (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا
مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ
صَادِقِينَ)
# إن ثبات أهل غزة في محرقة الأخدود الثانية لشيء عجب !
فقط تأمل كيف يتحدث عامتهم للقنوات وقد قتل لهم قبل ساعات قليلة عدة قتلى
فلا تجدهم إلا في الأغلب صابرون لدرجة عدم البكاء وإن بكوا فبلا جزع وإذا
كان هذا حال العوام فكيف بحال المجاهدين ؟ وهذا الثبات نصر معنوي وسبيل
لتحقيق النصر الحربي
وفي صبرهم وثباتهم وحبهم للشهادة قدوة عظيمة
للأمة لاسيما مع النقل المباشر وإحياء لقيم طالما سعى الأعداء لإخمادها
فحتى لو أصبح مصير أهل غزة كمصير أهل الأخدود فيكفيهم نصرا أن أحيوا أمتهم
بدمائهم وهذا الخطر العظيم على الأعداء هو ما يدفعهم لسرعة إيقاف المعارك
دوليا لا رحمة بأهل غزة
# ومن ملامح النصر أن تحشد دولة جيشها الذي
يعد الخامس في القوة على مستوى العالم وبطيرانه الرابع على مستوى العالم
ودباباته الأحصن وسفنه وغواصاته وعشرات الآلاف من جنوده بالإضافة لقواته
الخاصة المدربة تدريبا عاليا فتحشد كل هذا أمام منظمة محاصرة في رقعة صغير
لا تساوي نصف مدينة عربية ولا تملك 1% من سلاح عدوها فلا طائرات ولا دبابات
ولا سفن ولا مدافع.
قال تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً
وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ
بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}.
وقال
تعالى( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ
اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا
يَفْقَهُونَ )
وما أشبه حال أهل غزة في ضعفهم أمام عدوهم بحال أهل
بدر حين وصفهم الله بقوله تعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا
الله لعلكم تشكرون) ثم يأتي من يلومهم على الجهاد وهم أذلة ضعاف وكأنه يلوم
أهل بدر أيضا.
وكيف سيفعل الصهاينة لو كانت حماس دولة تملك
الطائرات والدبابات ؟
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ
بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ
قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)
ومنذ احتلال فلسطين قبل ستين عاما فهذه أول
معركة حقيقية تجري على أرض فلسطين وستتلوها بأذن الله معارك تحرير كل
فلسطين.
لقد اكتسح اليهود عام 67 في أربعة أيام فقط جيوش ثلاث دول
عربية واحتلوا مساحات شاسعة من أراضي خمس دول عربية والآن يقفون منذ
أسبوعين عاجزين أمام منظمة جهادية محاصرة عديدها بضعة الآف وعدتها رشاشات
وقذائف صغيرة وألغام فيقف اليهود مترددين خائفين من الدخول حتى للمناطق
المكشوفة إلا بعد عشرة أيام من القصف الجوي الهائل (ضٌرِبتْ عليهم الذلة
والمسكنة) ،(ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) ،(لا يقاتلونكم جميعا إلا في
قرى محصنة أو من وراء جدر)،(اذهب وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولا قيمة
للسلاح بيد جبان يحرص على حياته ويستمريء الذل والهوان كي يحافظ عليها
#
ومن ملامح النصر أن بني صهيون قد أعلنوها حربا على الله عز وجل بتدمير
بيوته على رؤوس أولياءه فهدموا حتى الآن 15 مسجدا وقتلوا المصلين حتى من
الأطفال ولا تستغرب ذلك منهم ألم يقتلوا نبي الله يحي بن زكريا من قبل
وغيره من الأنبياء ؟ ومن قتل نبيا فلن يتورع عن قتل مسلم صائم لعاشوراء
يصومه فرحا بنجاة أجداد بني إسرائيل مع موسى من ظلم فرعون.
الموضوع : ملامح النصر في معركة غزة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya