مجالس
المعصية
قال علي
بن ابي طالب رضي الله عنه: كتب رجل لأبي ذر كتاباً يسأله عطاء نفيساً من
العلم، فكتب له أبو ذر: ان العلم كثير، إلا أنك إذا استطعت أن لا تسيء إلى
أحد فلا تسيء إلى أحد تحبه، واعمل بهذا وكفى. فقال الرجل لأبي ذر: هل رأيت
أحداً يسيء إلى مَن يحبه؟، فقال أبو ذر: نعم، إن نفسك أحب الناس إلى نفسك،
فمتى عصيت الله، فقد أسأت إلى نفسك.
قال
القرطبي: “فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر.
فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه
الآية”. ودفع الغيبة حين حضورها من أعظم الأعمال، قال صلى الله عليه وسلم:
“من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار”. وفي
رواية: “من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة”.
قال
ابن مسعود: “من اغتيب عنده مؤمن فنصره جزاه الله بها خيراً في الدنيا
والآخرة، وما التقم أحد لقمة شراً من اغتياب مؤمن”.
قال
المناوي: “ذلك لأن عرض المؤمن كدمه، فمن هتك عرضه فكأنه سفك دمه، ومن عمل
على صون عرضه فكأنه صان دمه، فيجازى على ذلك بصونه عن النار يوم القيامة إن
كان ممن استحق دخولها، وإلا كان زيادة رفعة في درجاته في الجنة”.
وقد ذب
النبي صلى الله عليه وسلم عن عرض من اغتيب عنده، ففي حديث طويل من رواية
عتبان بن مالك رضي الله عنه، وفيه قال قائل منهم: أين مالك بن الدخشن؟ فقال
بعضهم: ذاك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم: “لا تقل له ذاك، ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله يريد بذلك وجه
الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم”.
قال
عمر: “ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس لا تغيّروا عليه؟،
قالوا: نتقي لسانه، قال: ذاك أدنى أن تكونوا شهداء”.
الغيبة
المشروعة
وذكر
العلماء بعض الحالات التي تجوز فيها الغيبة لما في ذلك من مصلحة راجحة، ومن
هذه الحالات التظلم إلى القاضي أو السلطان أو من يقدر على رد الظلم.
قال
تعالى: “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم” (النساء: 148).
وللمستفتي فيما لا طريق للخلاص منه أن يذكر أخاه بما هو له غيبة، ومثل له
النووي بأن يقول للمفتي: ظلمني أبي أو أخي أو فلان فهل له ذلك أم لا.
وقد
يرى المسلم المنكر فلا يقدر على تغييره إلا بمعونة غيره، فيجوز حينذاك أن
يطلع الآخر ليتوصلا الى إنكار المنكر.
ومن
هذه الحالات التحذير من الشر والحث على نصيحة المسلمين فقد جاءت فاطمة بنت
قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستشيره في أمر خطبتها وقد خطبها معاوية
وأبو الجهم وأسامة بن زيد فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: “أما معاوية
فرجل ترب لا مال له، وأما أبو الجهم فضراب للنساء، ولكن أسامة بن زيد”.
ومنها ايضا
المجاهر بنفسه المستعلن ببدعته: قال الحسن البصري: ليس لصاحب البدعة ولا
الفاسق المعلن بفسقه غيبة وقال زيد بن أسلم: إنما الغيبة لمن لم يعلن
بالمعاصي.ي
الموضوع : الغيبة... حالقة الدين وآكلة الحسنات المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya