بسم الله
الرحمن الرحيم
مقدمة
إنّ الحمد
لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله..
أمّا
بعد:
فإنّ أعظم مظاهر العفاف في الأخت المسلمة هو الحجاب؛ فهو ينطوي
على كل مفردات الطهارة والحياء.. ويشمل كل معاني الفضيلة والنقاء.. وهل
العفاف إلاّ الحجاب!
فليس هو بعادة أملتها ظروف الحياة.. ولا ترات
يميز المجتمعات.. وإنّما هو عبادة يتقرب بها إلى الله.. ويبتغى به وجهه..
لا تهزها عاصفة التيارات.. ولا يزحزحها صراع الحضارات لأنّها جزء من
الدين.. يحفظ على المسلمين عفتهم.. ويحرس فضيلتهم.. ويحمي أعراضهم.
ولأنّ
الحجاب عبادة واجبة على نساء المسلمين.. فإنّها لا تقبل التغيير أو التبدل
لأنّها ثبتت بكلمات الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا
يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [سورة الأحزاب:
59]، وما ثبت بكلمات الله لا يمكن أن يبدل.. لأنّ كلام الله لايبدل.. {لاّ َمُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ} [سورة الأنعام: من الآية 115].
عفة الحجاب
حينما ندرك أنّ الحجاب هو رمز
العفة والطهارة.. فلا بد أنّنا ندرك أيضا أنّ الميل عن الحجاب هو ميل عن
العفة.. وإيذان بحلول الفواجع! فتمام العفة مع تمام الحجاب!
وتأملي
أختي المسلمة في قول الله جلّ وعلا: {يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ
فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [سورة
الأحزاب: 59] ففي الآية ما يدل دلالة واضحة أنّ العفة تعلرف بالحجاب.. وأنّ
المسلمة العفيفة الحيية إنّما تعرف بكمال حجابها، وكمال تسترها كما شرع
الله وأمر!
"فهذه الآيةنص على ستر الوجه وتغطيته، ولأنّ من تستر
وجهها لا يطمع فيها طامع بالكشف عن باقي بدنها وعورتها المغلطة، فصار في
كشف الحجاب عن الوجه تعريض لها بالأذى من السفهاء، فدل هذا التعليل على فرض
الحجاب على نساء المؤمنين لجميع البدن والزينة بالجلباب؛ وذلك حتى يعرفن
بالعفة، وأنّهن مستورات محجبات بعيدات عن أهل الريب والخنا، وحتى لا يفتتن
ولا يفتن غيرهن فلا يؤذين.
ومعلوم أنّ المرأة إذا كانت غاية في
الستر والانضمام، لم يقدم عليها من في قلبه مرض، وكفت عنها الأعين الخائنة
بخلاف التبرجة المنتشرة الباذلة لوجهها، فإنّها مطموع بها.
واعلم أنّ
الستر بالجلباب، وهو ستر النساء العفيفات يقتضي أن يكون الجلباب على الرأس
لا على الكتفين.
ويقتضي أن لا يكون الجلباب ـ العباءة ـ زينة في
نفسه، ولا مضافا إليه ما يزينه من نقش او تطريز، ولا ما يلفت النظر إليه
وإلاّ كان نقضا لمقصود الشارع من إخفاء البدن والزينة، وتغطيتها عن عيون
الأجانب". (حراسة الفضيلة للعلامة بكر أبو زيد ص 55 ـ
56).
إنّ العفاف المنشود من الحجاب لا يمكن أن تظفر به
الأخت المسلمة إلاّ إذا أدركت جيدا المفهوم الشامل للحجاب.. وعرفت مدلوله
ومعناه.. وما يقصد منه!
فحتى لو أدنت المسلمة جلبابها كما أمر الله،
لكنّها لم تقر في بيتها.. وامنت الخروج صخبا في الشوارع والأسواق.. فإنّها
بذلك الحال بعيدة عن العفاف لا لأنّها تعرض ذاتها وحجابها للفتنة بخروجها
الذي لا ضرورة له!
ولذا فإنّ عفة الحجاب أشمل من مجرد لبس العباءة..
إنّها الحد الفاصل بين الفضيلة وما يخدشها.. سواء كان ما يخدشها: تبرج..
أو خروج.. أو كلام.. أو رفقة سيئة أو غير ذلك من قوادح العفاف.
فالأخت
العفيفة لا تبارح بيتها إلاّ لحاجة تطلبها.. وذلك حفاظاعلى عفتها وصونا
لعرضها.. ومن النساء من "تخرج متطيبة بطيب قوي الرائحة يفتن كل من في قلبه
مرض من الرجال وربّما خلع ثياب الحياء وصار يلاحقها ويغازلها، تخرج من
بيتها تمشي في السوق مشيا قويا كما يمشي أقوى الرجال وأشباههم كأنّما تريد
أن يعرف النّاس قوتها ونشاطها وتمشي كذلك في السوق مع صاحبة لها تمازحها
وتضاحكها بصوت مسموع وربّما تدافعها بتدافع منظور تقف على صاحب الدكان
تبايعه، وقد كشفت عن يديها، وربّما عن ذراعيها، وربّما تمازحه، أو يمازحها،
أو يضحك معها، إلى غير ذلك ممّا يفعله بعض النساء من أسباب الفتنة والخطر
العظيم والسلوك الشاذ الخارج عن توجيهات الإسلام، وعن طريق أمة الإسلام.
يقول
الله عزّ وجل لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم وهنّ القدوة، وهنّ أعف النساء
وأكرمهن وأرفعهن قدرا، يقول لهن: {وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}
[سورة الأحزاب: من الآية 33]". (نصائح وتوجيهات
للبيوت ص 31).
ولذلك كانت البيوت من الحجاب الواجب في حق
النساء.. فكما أنّ العباءة تحجب العيون الأجنبية عن النظر إلى النساء فكذلك
البيوت تحجبها. ولا يعدل عن حجاب البيوت إلى غيره إلاّ لحاجة داعية!
وعن
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون
من رحمة ربها وهي في قعر بيتها» [رواه الترمذي].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خصت بالاحتجاب
وترك إبداء الزينة، وترك التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما
لا يجب في حق الرجل؛ لأنّ ظهورها للرجال سبب الفتنة، والرجال قوامون على
النساء". (مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية
15/697).
الموضوع : عفاف الحجاب المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya