أشعة لا إله إلا الله...
يقول
الإمام ابن القيم _رحمه الله_:
"اعلم أن أشعة لا إله إلا الله تبدد ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك
الشعاع وضعفه، فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور ـ قوة وضعفا ـ لا يحصيه
إلا الله تعالى؛ فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم من
نورها في قلبه كالكوكب الدري، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر
كالسراج المضيء، وآخر كالسراج الضعيف، ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة
بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار، بحسب ما في قلوبهم من نور هذه
الكلمة علما وعملا، ومعرفة وحالا". مدارج السالكين.
إن
عباد الله الصالحين... يعيشون في هذه الدنيا مع الناس وبينهم ولكن قلوبهم
متعلقة بالآخرة، إن قلوبهم تحيا في حياة رغده سعيدة هانئة، لو عرفها الملوك
لقاتلوهم عليها؛ لأنها ألذ من لذاتهم وأروح لأنفسهم وريحانا لقلوبهم في
ذات الوقت الذي يعانى في الناس من حولهم من الألم والقلق والحيرة والتخبط
والتنازع والتقاتل.
يقول الله _سبحانه_:
"أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي
بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ
مِنْهَا" (الأنعام: من الآية122). فالأول كان ميتا فاستنار قلبه بالإيمان
ودبت فيه الحياة وهو المؤمن الصالح والثاني الغافل المعرض عن ذكره في
الظلمات... قد مات قلبه.