كتب جمال سلطان
تابعت
بدهشة كبيرة العديد من الكتابات والتصريحات التي علقت على أحداث نجع حمادي
، والجريمة التي ارتكبها "حمام الكومي" بإطلاقه النار على عدد من
المواطنين الأقباط الأبرياء كانوا خارجين من احتفال ديني ، بعض هذه
الكتابات يصعب أن تصدق أن كاتبها كان في كامل وعيه وهو يكتبها أو يقولها ،
مثل المحامي المتزلف لأقباط المهجر الذي قال بأن الجريمة تكشف عن الحاجة
إلى إلغاء المادة الثانية للدستور كشرط لنبذ الطائفية من البلاد ، وكان
عسيرا علي أن أفهم ما هي صلة حادثة نجع حمادي بالمادة الثانية من الدستور ،
وأصعب من ذلك تصور علاقة البلطجي "حمام الكومي" بالدستور أصلا ، وأنا على
يقين من أنك لو سألته عن الدستور ومواده لتصور أنك تهزأ به وتسخر بكلام لا
معنى له عنده ، هل شخص "مثل حمام الكومي" مشغول بالمادة الثانية والمادة 77
من الدستور ، بحيث نقول أن حذف هذه المواد كان كافيا لمنع الجريمة ، هذه
سخافة وقلة ضمير قبل أن تكون قلة عقل ، بعض "المزايدين" استغل الحادثة وراح
يدعو إلى إطلاق بناء الكنائس بدون أن ضوابط تنظيمية وهو ما لا يحدث في أي
مكان في العالم حتى أمريكا التي يصدح من خلالها بعض أقباط المهجر بهذا
الكلام الفارغ ، وقد اعتبر البعض أنه لو كنا نمنح الحق المطلق لأي شخص يملك
قطعة أرض أن يبني عليها كنيسة لما وقعت حوادث العنف الطائفية ، وهذا أيضا
كلام غير مسؤول بالمرة ، ناهيك عن كونه دعوة صريحة إلى إشعال حرائق
الطائفية وليس إنهاءها ، ولك أن تتخيل أرض مصر وهي في سباق لزرع أبراج
الكنائس ومآذن المساجد على الطرق والشوارع والميادين العامة في القرى
والنجوع والمدن وكمية التحرشات والاستفزازات المصاحبة لهذا الهوس ، هل هذه
الخطوة يمكن لعاقل أن يتصور أنها هي الحل لمشكلة الطائفية ، أم أن قائل هذا
الكلام هو من يسعر حرائق الطائفية ويريدها نارا تحرق الوطن كله ، أو أنه
يخدم أجندة بعض من يدفعون له ثمن كلامه الرخيص ، أيضا كان من غير المفهوم
أن يزايد بعض من ركبوا موجة الوطنية المزيفة والاعتدال الكاذب على أهم
شخصيتين يملكان معلومات حول ظروف الحادث ومقدماته والأجواء المصاحبه له ـ
بحكم طبيعة عملهما ومقرهما ـ وبالتالي يملكان التفسير العقلاني والمنطقي
والواقعي للأحداث ، وهما محافظ قنا اللواء "مجدي أيوب اسكندر" ، وهو رجل
مسيحي فضلا عن أنه مسؤول سياسي يملك المعلومة ، وعندما تكلم الرجل في
البرلمان تكلم بكل شجاعة بأن الأحداث سببها بعض التصرفات المستفزة من قلة
من المواطنين الأقباط لا يتصفون بالمسؤولية والأخلاق في مجتمع الصعيد شديد
المحافظة والغيرة على الأعراض ، وذكر الرجل وقائع محددة فيها انتهاك
للأعراض وتشهير بالأسر ، ومثل هذه الوقائع تحرق قرى بأكملها وليس بيتا أو
شخصا في الصعيد ، بغض النظر عن صاحب المشكلة ودينه وحتى جنسيته ، الرجل
المسؤول قال كلاما واضحا ووقائع محددة ، وكان سهلا عليه أن يركب الموجة
ويندد بالإرهاب الطائفي والاعتداء على المواطنين الأقباط ، سهل جدا وسيكون
محميا في منصبه ومرضيا عنه من الجميع ، ولكن ضمير الرجل الوطني أبى إلا أن
يقول الحقيقة ، وما عرفه واطلع عليه وعايشه طوال الأشهر السابقة ، الأفندية
في مكاتب الصحف القاهرية رفضوا كلام الرجل المسؤول واعتبروا أنهم أعلم منه
بالحقيقة وحرضوا عليه بشكل رخيص وغير أخلاقي ، الشخص الثاني الأكثر علما
بخلفيات ما حدث هو الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي الذي أكد تقريبا نفس
المعاني التي قالها المحافظ وحدد شخصية الجاني وأنه يعرف أنه بلطجي ويفرض
إتاوات على المسيحيين والمسلمين معا ، هاجموه أيضا ووصل الإسفاف بالبعض إلى
تكفيره مسيحيا وجعله من أهل النار !! ، ثم تفاجأ ببعض الرموز التي تتاجر
بحقوق المواطنين وسيادة القانون ورفض قانون الطوارئ والدعوة لمحاكمة
المواطن أمام قاضيه الطبيعي "يلحسون" كل تلك المعاني التي أثروا على حس
المتاجرة بها ، وإذا بهم يطالبون بتطبيق قانون الطوارئ على المتهمين في هذه
الوقائع وإحالتهم إلى المحاكمة العسكرية ، .. نصابون ومرتزقة ومستعدون
للمتاجرة بكل شيء حتى بيع الوطن نفسه بكل ما فيه.
الموضوع : المتاجرون بقضايا الأقباط المصريين المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya