بسم الله الرحمن الرحيم
قال -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 36-38].
قوله -تعالى-: {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} أي: اسم الله، وقال ابن عباس: يعني يُتلى كتابه، وقوله -تعالى-: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا} قال ابن عباس: كل تسبيح في القرآن هو الصلاة: {بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ} أي: في أوقات الصباح وآخر النهار. وقوله {يُسَبِّحُ} قرئت بكسر الباء وبفتحها؛ فمن قرأها بالكسر جعلها فعلًا وفاعله: {رِجَالٌ}، وحينئذ لا يحسن الوقف إلا على الفاعل؛ لأنه تمام الكلام، ومن قرأها بالفتح جعلها فعلًا مبنيًا للمجهول لم يسم فاعله، وأصبح الوقف على قوله: {وَالْآَصَالِ} وقفًا تامًا، وابتدأ بقوله: {رِجَالٌ}، وكأنه مفسر للفاعل المحذوف.
وقوله -تعالى-: {رِجَالٌ} فيه إشعار بهممهم السامية ونياتهم وعزائمهم العالية التي بها صاروا عمارًا للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وشكره وتوحيده وتنزيهه.
وقوله -تعالى-: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9]، وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]، والآية معناها: لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن أن يأتوا الصلاة في أوقاتها في جماعة، وأن يذكروا ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم، والذي يعلمون أن الذي عنده هو خير لهم وأنفع مما بأيديهم؛ لأن ما عندهم ينفد وما عند الله باق.
كان السلف -رحمهم الله وحشرنا في زمرتهم- أكثر الناس تعظيمًا لأوامر الله وإتيانًا لفرائض الله؛ بل كانوا أعظم الناس اشتياقًا للقاء الله ومناجاته والوقوف بين يديه؛ فكانوا يلبون سراعًا نداء الصلاة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا سمعت النداء فأجب داعي الله» [صححه الألباني في (صحيح الجامع- 609)].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر» [صححه الألباني في (صحيح الجامع- 6300)]. وقال ابن عباس - رضي الله عنهما: "من سمع: حي على الفلاح فلم يجب، فقد ترك سنة محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" [رواه الطبراني، كما في (صحيح الترغيب- ح432)].
وقال سفيان بن عيينة: "لا تكن مثل عبد السوء لا يأتي حتى يدعى، ائت الصلاة قبل النداء (قلت: رحمك الله يا ابن عيينة: فماذا عن الآبق الذي يهرب من سيده فلا يجيب نداءه؟!)" (التبصرة لابن الجوزي- 1/137). وقال أيضًا: "إن من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة" (صفة الصفوة- 2/ 235).
قال مطر الوراق: "كانوا يبيعون ويشترون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة" انظر: (تفسير ابن كثير- 3/294، 295).
وكان إبراهيم بن ميمون المروزي -مهنته الصياغة وطرق الذهب والفضة- كان إذا رفع المطرقة فسمع النداء لم يردها!
أحن اشتياقا للمساجد لا إلى *** قصور وفرش بالطراز موشح
فكانوا -رحمهم الله- يأتون الصلاة في المساجد وهم مرضى أصحاب أعذار، فكان الربيع بن خثيم بعد ما سقط شقه يهادى بين رجلين إلى مسجد قومه، يقولون: يا أبا يزيد، لقد رخص لك، لو صليت في بيتك! فيقول: "إنه كما تقولون، ولكني سمعته ينادي: حي على الفلاح، فمن سمعه منكم ينادي: حي على الفلاح، فليجبه ولو زحفًا، ولو حبوًا" (حلية الأولياء- 2/113).
وسمع عامرٌ بن عبد الله المؤذن وهو يجود بنفسه، ومنزله قريب من المسجد، فقال: "خذوا بيدي"، فقيل له: إنك عليل، فقال: "أسمع داعي الله فلا أجيبه؟!" فأخذوا بيده، فدخل في صلاة المغرب، فركع مع الإمام ركعة، ثم مات، رحمه الله -قد مات بعض الصالحين في الصلاة في المسجد، مثل: حماد بن سلمة. انظر: (السير- 7/ 444)- (سير أعلام النبلاء- 5/220)، (صفة الصفوة- 2/131).
وكان أبو عبد الله محمد بن حفيف الشيرازي به وجع الخاصرة، فكان إذا أصابه أقعده عن الحركة، فكان إذا نودي للصلاة يحمل على ظهر رجل، فقيل له: لو خففت على نفسك؟ قال: "إذا سمعتم: حي على الصلاة، ولم تروني في الصف، فاطلبوني في المقبرة" (السير- 16/346).
وقيل لسعيد بن المسيب: إن الوالي يريد قتلك فتغيب، فقال: "أبحيث لا يقدر الله عليّ؟" فقيل له: اجلس في بيتك، فقال: "أسمع: حي على الفلاح، ولا أجيب؟!" (تفسير القرطبي- 251).
وكان أبو عبد الرحمن السلمي يحمل وهو مريض إلى المسجد، بل كان يأمرهم أن يحملوه في الطين والمطر إلى المسجد وهو مريض.
فكان لا يحول بينهم وبين صلاة الجماعة إلا الموت، وقدوتهم في ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي داوم وحرص على صلاة الجماعة حتى في مرض موته -صلى الله عليه وسلم-، وسلفهم هم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم أجمعين، يقول عبد الله بن مسعود: "من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن؛ فإن الله -تعالى- شرع لنبيكم -صلى الله عليه وسلم- سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتكم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف" [رواه مسلم (ح64)].
وعن ابن عمر قال: "كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن" [رواه ابن خزيمة وغيره، كما في (صحيح الترغيب- ح414)].
ولقد رهب النبي -صلى الله عليه وسلم- من التخلف عن صلاة الجماعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده! لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم». [المحدث: البخاري].
وروي عن عمر أنه قال: "ما بال أقوام يتخلفون، يتخلف بتخلفهم آخرون، والله، لقد هممت أن أرسل إليهم، فيجأ -أي: يضرب- أعناقهم، ثم يقال: اشهدوا الصلاة" انظر: (كنز العمال- 8/252).
ولم يرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- للأعمى طالما سمع النداء في التخلف عن حضور الجماعة، قد أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى (وهو ابن أم مكتوم -رضي الله عنه-)، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» فقال: نعم. قال: «فأجب». [المحدث: مسلم].
وعن ابن أم مكتوم المؤذن أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع -أي كالأفعى والعقرب والسباع-، وأنا ضرير البصر، فهل تجد لي من رخصة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هل تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟» قال: نعم قال: «فحيهلا». أي تعالى. [صححه الألباني في (تخريج مشكاة المصابيح- 1036)].
هذا، وقد حض النبي -صلى الله عليه وسلم- لا على إجابة داعي الله وإتيان الصلاة في جماعة في المسجد فحسب؛ لكنه -صلى الله عليه وسلم- رغب المسلمين في المبادرة إلى الذهاب إلى المساجد، والتبكير في شهود الجمع والجماعات، والحرص على الصف الأول في الصلاة وإدراك تكبيرة الإحرام خلف الإمام؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه -أي يقترعوا عليه- لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير -أي التبكير إلى المسجد- لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا» [المحدث: البخاري].
وعن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يستغفر للصف المتقدم ثلاثًا، وللثاني مرة [صححه الألباني في (صحيح الترغيب- 490)].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول». قالوا: يا رسول الله، وعلى الثاني؟ قال: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول». قالوا: يا رسول الله، وعلى الثاني؟ قال: «وعلى الثاني» [رجال أحمد موثقون، (مجمع الزوائد- الصفحة أو الرقم: 2/94)].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «خير صفوف الرجال: أولها، وشرها: آخرها، وخير صفوف النساء: آخرها، وشرها: أولها». [المحدث: مسلم].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: [color="green"]«من صلى لله أربعين يومًا في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق» [حسنه الألباني في (صحيح الترمذي- 241)].
وقد رهب النبي -صلى الله عليه وسلم- من التأخر عن شهود الصلاة في الصف الأول، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار» [صححه الألباني في (صحيح الجامع- 7699)].
ولذا كان سلفنا الصالح مضرب المثل في كثرة الخطا إلى المساجد والتبكير لشهود صلاة الجماعة، بل في توطن المساجد، كما قال ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح: "كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس صلاة" (السير- 5/ 84)، وقال ربيعة بن يزيد: "ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة، إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا" (السير- 5/239، 240).
وعن سعيد بن المسيب إمام التابعين أنه قال: "ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة". وقال أيضًا: "ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد" [كلاهما في (الحلية- 2/ 162، 163)، وانظر: (وفيات الأعيان- 2/375)].
وعن بشر بن عاصم أنه قال: قلت لسعيد بن المسيب: يا عم، ألا تخرج فتأكل اليوم مع قومك؟ قال: معاذ الله يا ابن أخي، أَدَعُ خمسًا وعشرين صلاة خمس صلوات -لأن صلاة الجماعة تعدل صلاة المنفرد بخمس وعشرين درجة-؟!
وقال وكيع بن الجراح؛ "كان الأعمش -وهو سليمان بن مهران- قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى" (السير- 6/228)، و(تذكرة الحفاظ- 1/ 154)، و(صفة الصفوة- 3/ 117). وكان يحيى القطان إذا ذكر الأعمش قال: كان من النساك، وكان محافظًا على الصلاة في الجماعة وعلى الصف الأول. وكان يحيى يلتمس الحائط حتى يقوم الصف الأول (الحلية- 5/49، 50). إنه الحرص على الصف الأول، حتى بعد أن ذهب بصره.
وقال يحيى بن معين عن يحيى بن سعيد: إنه لم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة (السير- 9/181).
وبشر بن منصور قال عنه ابن أخيه أسيد بن جعفر: "ما فاتته التكبيرة الأولى قط" (الحلية- 6/239، 240)، و(صفة الصفوة).
وكان بشر بن الحسن يقال له: (الصَّفِّيّ)؛ لأنه كان يلزم الصف الأول في مسجد البصرة خمسين سنة، وقال ابن سماعة: "مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي" (السير-10/646).
فقد ضرب سلفنا الصالح أروع الأمثلة بالعمل بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى لله أربعين يومًا في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق» [حسنه الألباني في (صحيح الترمذي- 241)]. وكان إبراهيم التيمي -رحمه الله- يقول: "إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى، فاغسل يدك منه -قلت: ماذا لو رأى زماننا؟ فسيغسل يده من معظم المسلمين! وإنا لله وإنا إليه راجعون!!-" (الحلية- 4/215)، و(السير- 5/62، 65)، و(صفة الصفوة- 3/88).
وقد حرص بعض سلفنا على العمل بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: «من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة» [ صححه الألباني في (السلسلة الصحيحة- 42)].
إلى غير ذلك من أحاديث تبين فضل الأذان وثواب المؤذنين، وقد ورد عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم أن الحاكم قال عنه: "بلغني أنه أذن سبعين سنة في مسجده" (السير- 15/455).
من أجل كل هذا كان السلف إذا فاتتهم تكبيرة الإحرام عزوا أنفسهم ثلاثة أيام، وإذا فاتتهم الجماعة عزوا أنفسهم سبعة أيام (تحفة الأحوذي- 2/45).
كان أبو الليث الطرسوسي يعزَّى، فقيل له: ما شأنه؟ قالوا: فاتته صلاة الجماعة (تاريخ واسط، لبحشل (174)، وقال حاتم الأصم: "فاتتني الصلاة في الجماعة -أي مرة واحدة- فعزاني أبو إسحاق البخاري وحده، ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف؛ لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا" (الإحياء- 1/177)، و(مكاشفة القلوب- ص364)، وكان سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته صلاة الجماعة، بكى (تذكرة الحفاظ- 1/ 219)!!
وكان المزني -تلميذ الإمام الشافعي- إذا فاتته صلاة الجماعة، صلى تلك الصلاة خمسًا وعشرين مرة (السير- 12/ 492)، وكان الأسود إذا فاتته صلاة الجماعة ذهب إلى مسجد آخر (صحح الحافظ إسناده في (الفتح- 2/131)، وجاء ضمام بن إسماعيل إلى المسجد وقد صلى الناس وفاتته الصلاة، فجعل على نفسه ألا يخرج من المسجد حتى يلقى الله، قال: فجعله بيته حتى مات (العلل) لأحمد، رقم (5033).
وقال القاضي سليمان بن حمزة المقدسي: "لم أصل الفريضة منفردًا إلا مرتين، وكأني لم أصلهما قط". مع أنه قارب التسعين!!
وأتى ميمون بن مهران المسجد، فقيل له: إن الناس قد انصرفوا، فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون، لفضل هذه الصلاة أحب إليّ من ولاية العراق" (مكاشفة القلوب- ص364). وقال يونس بن عبد الله: "ما لي تضيع لي الدجاجة فأجِدُّ لها، وتفوتني الصلاة فلا أجد لها؟!" (الحلية- 3/19)، و(صفة الصفوة- 3/307).
فعباد الله هم كما قال -تعالى-: {يَخَافُونَ يَوْمًا}؛ أي: يوم القيامة: {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور: 37]؛ أي من شدة الفزع وعظم الأهوال، {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا }؛ فيتقبل منهم حسناتهم ويتجاوز عن سيئاتهم، {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}؛ أي يضاعفه لهم، ويدخلهم الجنة، {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 38].
جعلنا الله منهم، وحشرنا في زمرتهم.
وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
القسم العلمي بدار ابن خزيمة
الناشر: دار ابن خزيمة
الموضوع : أولئك الرجال حقا ... رجال المساجد المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: tazawad