الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة تمهيدية للإمام العادل:
- هو السلطان العدل في نفسه، العادل في
حكمه، الذي يقيم دين الله في الأرض؛ إذ هو حق الله عليه إذ مكنه، قال الله -تعالى- لنبيٍّ حاكم: (يَا
دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ
النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ)(ص:26).
- يحفظ للرعية دينهم ودنياهم، قال -تعالى-: (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الأُمُورِ)(الحج:41).
-
بصلاحه تصلح الأمة، قال الثوري -رحمه
الله-: "صنفان إذا صلحا صلحت الأمة وإذا فسدا فسدت الأمة: السلطان
والعلماء"، وقال الليث: "من رأس العين يأتي الكدر، فإذا صفا رأس العين صفت
السواقي"؛ ولذا كان الإمام أحمد يقول: "لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها
للسلطان؛ لأنه بصلاحه صلاح الأمة".
- ومتى لم يُقم دين الله في الأرض، وحكم بغير شرعه، أو أمر
بمعصية؛ فلا سمع ولا طاعة، إلا أن يأمر
بالمعروف فتكون الطاعة حينئذٍ لله على الحقيقة: قال النبي -صلى الله عليه
وسلم-: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ
الْخَالِق) رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقال النبي -صلى الله
عليه وسلم- لابن مسعود -رضي الله عنه-: (لَيْسَ يَا
ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ طَاعَةٌ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ) قَالَهَا ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ. رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقال أحد الأمراء لأحد
التابعين: "أليس الله أمركم أن تطيعونا في قوله: (وَأُوْلِي
الأَمْرِ مِنكُمْ)؟"، فقال له: "أليس قد نـُزعت عنكم -يعني الطاعة-
إذا خالفتم الحق بقوله: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي
شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)؟". فتح
الباري.
وقال
الشوكاني -رحمه الله-: "وأولو الأمر: هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من
كان له ولاية شرعية، لا ولاية طاغوتية". فتح
القدير.
1- مكانته وتعظيم الشرع لذلك:
- أمر الله بطاعته، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ
مِنْكُمْ)(النساء:59).
- أمر
الله بتوقيره وإجلاله، قال النبي -صلى
الله عليه وسلم-: (من أجلَّ سلطان الله أجله الله يوم
القيامة) رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
-
دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال
-صلى الله عليه وسلم-: (وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ
أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) رواه مسلم.
- جعل الله له دعوة مستجابة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة
لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيرًا والمظلوم والإمام المقسط) رواه البيهقي، وحسنه الألباني.
- ورغبنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في
الدعاء له، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا أُخْبِرُكم بِخِيارِ أُمَرَائِكُم وَشِرَارِهم؟
خيَارُهم: الذين تُحِبُّونَهم، ويُحِبُّونَكُم، وَتَدْعُونَ لَهُمْ
ويَدْعُونَ لَكُمْ، وشِرَارُ أُمَرائِكم: الذين تُبْغِضُونَهُمْ
ويُبْغِضُونَكم، وَتَلْعَنُونَهُمْ، ويَلْعَنُونَكُمْ) رواه الترمذي، وصححه الألباني.
2- عظم مسئولية الإمام:
- عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- قال: (إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ عَنِ
الإِمَارَةِ وَمَا هِيَ؟ فَقُمْتُ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي ثَلاثَ
مَرَّاتٍ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ أَوَّلُهَا مَلامَةٌ، وَثَانِيهَا
نَدَامَةٌ، وثَالِثُهَا عَذَابٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مَنْ عَدَلَ)
رواه البزار والطبراني، وحسنه الألباني.
- وعن أبي هريرة -رضي
الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّكُمْ
سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ) رواه البخاري.
- وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ
اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ
ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ) رواه ابن حبان، وقال الألباني: حسن صحيح، ولذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول للبعير الأجرب
من إبل الصدقة وهو يطليه ويداويه: "إني أخاف أن أسأل عنك يوم القيامة".
- وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ
رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلاَّ أَتَى اللَّهَ
-عَزَّ وَجَلَّ- مَغْلُولاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ
فَكَّهُ بِرُّهُ أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ أَوَّلُهَا مَلاَمَةٌ
وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا خِزْىٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه أحمد، وحسنه الألباني.
- وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تأخذه الإغفاءة من
النوم في المجلس مرات، فقيل له: فقال: لو نمت بالليل ضاعت نفسي، ولو نمت
بالنهار ضاع الناس، وكان كثيرًا ما يدور في المدينة ليلاً يتفقد أحوال
الناس وقصصه في ذلك معروفة، ومن أشهر ذلك: (قصة الرضيع الباكي في عام
الرمادة - قصة بائعة اللبن - قصة حراسته أموال التجار الوافدين ليلاً).
الموضوع : حديث السبعة (2).. الإمام العادل (خطبة مقترحة) المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya