وجوب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وجوب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر وأن القيام به سبب للنجاة من العقوبة وأن
التقاعس عنه سبب الهلاك وهذا واضح من بداية الحديث وفي نهايته ، ففي
البداية بَّين النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس في حدود الله والتحذير
منها قسمان قسم يقوم بالأمر والنهي ويحذر الناس من ارتكاب ما نهى الله عنه
ويبين عواقبه الوخيمة وقسم مداهن في هذا الجانب فإما أن يفضي الطرف فلا
يغير وإما أن يسكت ويرضى بالمنكر ثم في ختام الحديث بين الرسول صلى الله
عليه وسلم إن سبيل النجاة هو مايقوم به الصنف الأول وهم الدعاة الآمرون
بالمعروف والناهون عن المنكر، فلما تعدى ذلك الشخص حدوده وفعل فعلته
الشنيعة والتي عاقبتها غرق السفينة بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الركاب
إن (داهنوا) أو (سكتوا) عنه هلكوا جميعاً لكنهم إن أوقفوه عن حده وقاموا
بتغيير هذا المنكر وتحذير الناس من هذه الفعلة الشنيعة نجوا جميعاً ، ومما
يدل على ذلك قصة أصحاب السبت التي حكاها لنا القرآن ( واَسْأَلْهُمْ عَنِ
الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي
السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً
وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا
كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ
قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً
قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا
عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً
خَاسِئِينَ ) الأعراف (163-166)
فأنظر كيف
تحايلوا على ما حرمه الله عليهم وقررت الآيات أنهم صارو ثلاث طوائف : طائفة
إرتكبت المحرم وأخرى نهت عنه وحذرت من مغبته وثالثه سكتت عن المجرمين
وانتقدت المصلحين فنجى الله تعالى المصلحين وأهلك المفسدين فدل على ذلك على
أهمية هذا الركن العظيم وأنه لابد على أفراد الأمة كل في مجاله أن يقوموا
بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتكثير الخير وتقليل الشر والنجاة من
الهلاك والدمار.
تعذيب العامة
بذنوب الخاصة
وهذه الفائدة نتيجة
لسابقتها فخير يعم لفساد وتظهر المعاصي والمحاربة لله ولرسوله ولايقوم أهل
الخير بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبة عليهم وكأن هذا الأمر
لا يخصهم ويقول بعضهم لبعض (عليكم أنفسكم) وهذا واضح واضح من الحديث فلو
سكت الركاب عن مخالفة هذا الرجل ولم يقوموا بمنعه ، فإن الهلاك سيعم جميع
الركاب ولن يختص بمن خرق السفينة فقط لو منعوه ولنجو جميعاً.
ودليل
هذه الفائدة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يعمل فيهم
بالمعاصي هم أعز ممن يعملها ثم لا يغيرون ذلك إلا عمهم الله بعقاب منه)
رواه أبوداود.
نعم إذا ظهرت المعاصي وسكت
الصالحون مع قدرتهم على التغيير ولم يغيروا نزل العقاب من الله تعالى وعم
الجميع ثم يبعثون على نياتهم ، وإنما عم العقاب الصالح والطالح لأن الساكت
بمنزله الراضي والراضي والفاعل بمنزله واحدة. ومن الأدلة على ذلك: قول زينب
رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم حين حذر من الشر الذي سيصيب
الأمة: (أنهلك وفينا الصالحون)؟! قال (نعم إذا كثر الخبث) رواه البخاري.
نعم إذا كثر الخبث والصالحون لم يكونوا مصلحين واقتصروا صلاحهم عليهم فقط،
إلا لم يغيرا ولم يقوموا بواجب الأمر والنهي كان ذلك أيذنا بنزول العقاب
عليهم وهذا مادل عليه قوله تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى
بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) هود(117) ولم يقل (صالحون) إذا لابد
من الانتقال من مرحلة الصلاح والى مرحلة الإصلاح ليرتفع عن الأمة العقاب.
المصلحة
العامة
فضل التعاون بين أفراد المجتمع
وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وهذا واضح في أن أصحاب المكان
العلوي لو أعطوا من أنفسهم قليلاً ووضعوا أيديهم بأيدي أخوانهم أصحاب
المكان السفلي وساعدوهم في غرف الماء من البحر وتعاونوا معهم في ذلك لما
فكر أصحاب المكان السفلي في خرق السفينة
وأفضل التعاون ما كان على البر والتقوى وطاعة الله تعالى
وطرق الخير ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ
تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ
اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة 2 ، وتذكر لنا كتاب السيرة أن النبي
صلى الله عليه وسلم تعاون مع الصحابة في بناء المسجد وحفر الخندق وقد ضرب
الجميع أروع الأمثلة الدالة على التفاني والتعاون لأجل مصلحة المسلمين
.
الموضوع : الفوائد الثمينة من حديث السفينة المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya