- حكم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة
ومن أهميتها أيضًا أن الله - سبحانه وتعالى - أوجب قراءتها في كل ركعة في الصلاة .
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب قراءتها في الصلاة ، وأن من لم يقرأ بها في صلاته ؛ فإن صلاته لا تصح ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) [1] .
وهذا في حق المستطيع لقراءتها ، أما العاجز الذي لا يستطيع قراءتها لعجزه عن حفظها ؛ فإنه يقرأ ما تيسر معه من آيات القرآن غير الفاتحة . وإذا كان لا يحسن شيئًا من القرآن ؛ فإنه يأتي بالذكر : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، فإن كان معك قرآن فاقرأ ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع ... )[2] .
وقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوبها على الإمام والمنفرد ، واختلفوا في قراءتها في حق المأموم ، وعلى ثلاثة أقوال :
القول الأول : إنها واجبة على كل مصل : إمامًا كان أم مأمومًا ؛ أم منفردًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وهذا عام في كل مصل . وقال - صلى الله عليه وسلم - : لعلكم تقرءون خلف إمامكم ؟ ! قالوا : نعم ، يا رسول الله ، قال : لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها [3] وهذا مذهب الإمام الشافعي وجمع من المحدثين كالإمام البخاري وغيره ، يرون وجوب قراءتها على الإمام والمأموم والمنفرد .
القول الثاني : إنها لا تجب على المأموم ؛ لأن قراءة الإمام تجزئ عنه ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - :( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة )[4] ولكن هذا الحديث في سنده مقال .
واستدلوا بقوله تعالى :( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )، قالوا في وجه الاستدلال : إن الله - جل جلاله - أمر بالاستماع لقراءة القرآن والإنصات . والآية نزلت في شأن الاستماع في الصلاة ، يعني : إذا قرأ الإمام فعلى المأموم أن ينصت ويستمع . فدلت الآية على أنه لا قراءة على المأموم ؛ لأن الإمام يقرأ لنفسه وللمأمومين . وهذا القول هو مذهب أبي حنيفة وأحمد .
القول الثالث : وهو قول الإمام مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء ، أنها تجب على المأموم في الصلاة السرية التي لا يجهر فيها الإمام ، كالظهر والعصر ، فأما في الصلاة الجهرية فإنها تكفي قراءة الإمام ، وعلى المأموم أن ينصت ويستمع .
قالوا : وبهذا تجتمع الأدلة : فالأدلة التي توجب قراءة الفاتحة تحمل على الصلاة السرية ، والأدلة الأخرى والآية الكريمة تحمل على الصلاة الجهرية . وهذا القول هو أعدل الأقوال إن شاء الله .
___________________________________________
1- متفق عليه من حديث عبادة بن الصامت : البخاري : كتاب الأذان ، باب ( 95 ) ، رقم ( 756 ) ، [ 2/ 306 ] . ومسلم : كتاب الصلاة رقم ( 394 )
2- أخرجه من حديث رفاعة بن رافع أبو داود : كتاب الصلاة ، باب ( 148 ) ، رقم ( 861 ) ، [ 1/ 377 ] والترمذي : كتاب الصلاة ، باب ( 110 ) ، رقم ( 302 ) ، [ 2/ 100 ] .
3- أخرجه بنحوه من حديث عبادة بن الصامت : أبو داود : كتاب الصلاة ، باب ( 136 ) ، رقم ( 824 ) ، [ 1/ 362 ] . والنسائي : كتاب الافتتاح ، باب ( 29 ) ، رقم ( 919 ) ، [ 1/ 479 ] .
4- أخرجه من حديث جابر : أحمد برقم ( 14698 ) ، [ 5/ 125 ] . وابن ماجه : كتاب إقامة الصلاة ، باب ( 13 ) ، رقم ( 850 ) ، [ 1/ 463 ] . واللفظ المذكور للبيهقي في سننه : كتاب الصلاة ، باب ( 265 ) ، رقم ( 2898 ) ، [ 2/ 228 ] .
منقول من موقع العلامة الفوزان - حفظه الله
الموضوع : حكم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة للعلامة الفوزان - حفظه الله المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya