عن معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال : (
لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه : تعبد الله لا
تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ).. ثم قال : ( ألا أدلك على أبواب الخير؟: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ) ثم تلا : تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِع...ِ حتى بلغ يَعْمَلُونَ ثم قال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ ) قلت : بلى يا رسول الله، قال : ( رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد ) ثم قال : ( ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ ) فقلت : بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه وقال : ( كف عليك هذا )، قلت : يا نبي الله وإنما لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال : ( ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم) – أو قال : (على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم).[رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح] .)
هذا الحديث العظيم أخرجه الإمام الترمذي - رحمه الله - وغيره وصححه ، وقال : حسن صحيح .
هذا الحديث العظيم قال فيه معاذ بن جبل رضي الله عنه :
(قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال لقد سألت عن عظيم)
لماذا عن عظيم ؟ لماذا السؤال هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم عظيم ؟
لأنه جامع ، لأن اللسان ينطق بما في القلب ، لأن السؤال عن الهدف الأعلى ،
لأن السؤال عن الهدف البعيد وهو الجنة والنار ولذلك الأمر عظيم ، قال :
(وإنه) لما قال لقد سألت عن عظيم فيتصور الإنسان أن يعني لا يستطيع لأحد الوصول إليه قال لا :
(وإنه لا يسيء على من يسره الله عليه) نعم لأنه سهل على من سلك طريقه .
(تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، تقيم الصلاة ، تؤتي الزكاة ، تصوم رمضان وتحج البيت) إذاً انتهى هذه الأصول .
الفروع أو النوافل ثم قال :
(ألا أدلك على أبواب الخير) قد هذه تنقص منها الصوم جنة ، جنة يعني إيش ، وقاية وساتر عن النار .
(والصدقة تطفئ الخطيئة) يعني تزيلها .
(كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل) جوف الليل متي ؟وسط الليل وآخر الليل ، لو تعمق الجوف هو الوسط ثم تلي ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَع ﴾ [السجدة:16] حتى بلغ يعملون نهاية الآية .
ثم قال : (ألا أخبرك برأس الأمر) الرأس ما منزلته من الجسد ؟ الأعلى ، رأس الأمر .
(وعموده ) عمود الخيمة هو الذي تقوم عليه .
(وذروة سنامة) يعني أعلاه ، والسنام يعني المقصود فيه سنام الجمل ، والجمل معروف أنه له سنام المرتفع في ظهره فذروة السنام .
(قلت : بلي يا رسول الله . قال : رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ) والجهاد مر معنا أنه في اللغة بذل الجهد ، وفي الاصطلاح : له معني خاص ، وله معني عام .
المعني الخاص هو: بذل الجهد في قتال الكفار لنشر دين الله عز وجل .
والمعني العام : هو بذل الجهد في طاعة الله عز وجل .
والله
جل وعلا سمى هذا جهاداً بالمفهوم الخاص ، وسمى الجهاد بالمفهوم العام
جهاداً ، وكذا النبي صلى الله عليه وسلم سمى الجهاد بالمفهوم الخاص جهاداً ،
وسمى الجهاد بالمفهوم العام .
طيب عطونا آية بالجهاد بالمفهوم العام ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت:69]
المجاهدة هنا ما هي ؟ عامة بذل الطاعة ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَ ﴾[العنكبوت: من الآية69]
والجهاد بالمفهوم الخاص آياته كثيرة في قول النبي صلى الله عليه وسلم في
الجهاد في المفهوم العام عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه
وسلم نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد ؟ قال :(عليكن جهاد لا قتال فيه هو الحج والعمرة ) فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة جهاداً.
إذاً الجهاد له مفهومان : مفهوم خاص هو بذل الجهد في قتال الكفار ومفهوم عام هو بذل الجهد في طاعة الله عز وجل وترك معصيته .
ثم قال :(ألا أخبرك بملاك ذلك كله) ملاك ذلك كله الذي يملك عليك هذه الأشياء يعني الجامع لهذه الأشياء .
(قال بلي يا رسول الله أو يا نبي الله فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا ) الأمر كأنه يسير يعني فقط هذا .
(قال يا نبي الله وإنا لمؤاحذون بما نتكلم به) الكلام كثير سواليف وأخذ وعطا وبيع وشراء ومعاملات وطاعات وكلام وقصص وأخبار .
(قال وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخيرهم أو قال -هذا شك من الراوى- أو قال على مناخيرهم إلا حصائد ألسنتهم)
فهذا اللسان كأنه يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلي أنه سلاح قوى وله
حدان حد في الخير ، وحد في الشر وهذا الحد في الخير قد يرفع الإنسان إلي
أعلى عليين وحد في الشر قد يخفضه إلي أسفل سافلين .
هذا
الحديث العظيم جمع لنا كما هو السؤال يقربني من الجنة بعمل يدخلني الجنة
ويباعدني عن النار ، والإجابة هن بغاية من التفصيل الحسن إذاً البداية تكون
في الهدف الأساس من عملي في هذه الحياة وهو دخول الجنة والبعد عن النار .
هذا
الذي أسعى إليه أكلي وشربي وذهابي وإيابي ودراستي وطاعتي وكل عملي هو يجب
أن يكون منصب في النهاية إلي تحقيق هذا الهدف ، لا أكون كالحيوان ، الحيوان
يأكل ويشرب لكن لماذا ؟ لا لهدف الهدف هو أن يؤكل أو للحيوان الذي لا يؤكل
فيرمى .
فلذلك
الإنسان وجد في هذه الحياة ليكون محققا لهدف بعيد هذا الهدف يجب أن يسخر
كل حركة من حركات حياته لتحقيق هذا الهدف هذا الأمر الأول .
لتحقيق
هذا الهدف عندك ثلاث طرق أساسية كل طريق أساس كبير، إذا حدت عن هذا الطريق
ستذل وعندك طريقان عضدان ومساعدان بدل أن تمشي بالطريق بسرعة مائة كيلو
متر يجعلك الطريق الثاني تأخذ دفعة قوية فلا تمل ولا تقف ولا تبنشر ولا تقف
السيارة ولا تتعطل ولا أي شيء تسير بقوة ، وإذا لا قدر الله حصل عطل حصل
تقصير يدفعك الدافع الآخر الطريق الثاني .
والطريق
الثالث هو العقل المحرك الذي يمكن يرشدك يقول انتبه هنا علامة حمراء
اتركها ، هنا علامة انطلق الذي هو اللسان نأخذ الطريق الأول الذي لا يجوز
الحيد عنه ، وإذا حاد عنه الإنسان هلك وذهب إلي النار ولم يصل إلي هدفه
المرجو ، وهو القيام بالأركان الأساسية ، قال:
(أن تعبد الله ولا تشرك به شيئ)
وهذه عبارة أخرى لقول لا إله إلا الله ، لا إله نفي للمعبودات كلها إلا
الله إثبات العبودية الحقة لله سبحانه وتعالي ، لا إله لا معبود بحق إلا
الله نثبتها لله سبحانه وتعالي ، يبقي أن تعبد الله لا تشرك به شيئا لا
تعبد غيره ولا تساوى غيره به سبحانه وتعالي ، فلا تصرف أي نوع من أنواع
العبادة لغير الله جل وعلا لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا له
جل وعلا .
إذاً
لابد أن يكون هذا الطريق نظيف فلا يكون فيه شوائب ولا فيه انحرافات تنحرف
بك يمين أو يسار فتزل ، لأن في هاوية ، إذا زللت يمين ، هويت لأنك ابتعدت
عن هذا الطريق ، وهو طريق واسع ونظيف وجميل وسهل وواضح المعالم .
الأمر
الثاني : الصلاة ، هذا مما يحدد معالم هذا الطريق ، الصلاة وسماه النبي
صلى الله عليه وسلم رأس الأمر الإسلام ككل، عموده الصلاة ، والصلاة سبق
الكلام معنا هو أنها أهم عمل يقوم به الإنسان في هذه الحياة .
في
الاعتقاد لا إله إلا الله يتوجه في العبودية لله عز وجل ، في الأعمال أهم
عمل ما هو ؟ الصلاة : وأول ما ينظر من أعمال العبد يوم القيامة الصلاة فإن
كانت صالحة قبلت ونظر في بقية أعماله ، إن كان فيها خدش بسيط ، قال انظر
للنوافل هل في نوافل ترقع هذا الخدش البسيط؟
قال نعم وجدنا له ، وهو أعلم سبحانه وتعالي ، فإذاً قبلت وينظر في بقية أعماله .
أما
إذا كانت الصلاة ليس هناك صلاة أو الصلاة ساقطة أو ملعوب بيها أو صلاة يوم
وترك يوم ، وصلاة وقت وترك وقت فهذه ترد عليه ثم يرد عليه بقية عمله .
الذي
بعده تؤتي الزكاة ، الزكاة حق المال ، المال عصب الحياة لا تقوم الحياة
ولا تستقيم بدون المال ، ولذلك الله سبحانه وتعالي لما أعطاك المال قال
أخرج نسبة يسيرة ، هذه النسبة اليسيرة لا تؤثر عليك وهي جزء من حق الله ،
الله أعطاك مئة بالمئة تعطي أنت اثنين ونص في المئة ، اثنين ونص في المائة
ماذا تؤثر ، يعني سهلة صحيح إن المال محبوب للنفس ، لكن الله أعطاك مية
بالمية أنت لا تعطي اثنين ونص بالمية ، ما قال اعطي خمسين بالمئة ، تقول
والله خمسين صعية ، أنا أكد واكدح وحصلت وجبت وذهبت وأتيت ، أعطيه نصف مالي
لا ، لا اتنين ونص يعني ليس نص المال ولا عشر المال إنما ربع العشر ،
اثنين ونص ، أمر يسير من مائة ريال مثلا ريالين ونص لا شيء .
الأمر الثالث تصوم رمضان شهر في السنة فقط أشبه بالمحطة التي تجعلك بين مرحلتين : مرحلة ما قبل الصيام ، ومرحلة ما بعد الصيام.
فيها
مجال لمحاسبة نفسك فيها مجال للتأمل ، فيها مجال لاختبار نفسك مع طاعة
الله ، فيه مجال للقوة النفسية التي أنت تتعامل بها في هذه الحياة ، أنت
مترف تتحمل خلاف الترف ، أنت إنسان فقير يعيش الناس معك فقرك في جوعك وعطشك
وعدم لباسك ، إلي آخره ، إذاً هذا هو الصيام.
وتحج البيت ، الرحلة عبادية مرة في العمر أنت قادر عليها أهلا وسهلا لابد أن تقوم بها ، لست قادر ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَ ﴾[البقرة: من الآية286]
لأنه الأرض أرض الله واسعة وقد لا يستطيع الإنسان ، ومن حكمة الله عز وجل
ورحمته بهذه الأمة أن جعل غير المستطاع لا تكليف فيه ، فلذلك علق الحج
بالاستطاعة ، لأنه يحتاج إلي انتقال ، جهد بدني ، وجهد مالي ، ويحتاج إلي
بعد عن الأهل والوطن ؛ فيكون معلقا بالاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية
والاستطاعة المتعلقة بظروف الحياة الأخرى .
هذه الأسس معالم الطريق الأساسية .
طيب
ما هي الأشياء التي تجعل هذا الطريق ميسر وسهل ، وتجعلني أصل للهدف بسرعة
أكبر ، بدل أن أمشي بسرعة ثمانين أو مائة أمشي بسرعة مائتين ؟
(قال ألا أدلك على أبواب الخير كثيرة الصوم جنة ) الصوم يعني غير الفريضة ، هو جنة في الفريضة لكن أيضا في غير الفريضة جنة ساتر وواقي من النار ، وجاء (من صام يوما في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريف)
سبعين سنة بعض الناس يفهم في سبيل الله يعني المجاهد المقاتل في سبيل الله
، لا ، المقصود : من صام في سبيل الله يعني نيته صام لله عز وجل ؛ لأن
المجاهد في الغالب مسافر ليس عليه صيام بل المجاهد يحتاج إلي قوة ونشاط فلا
يصوم ، لكن هنا المقصود هو الصيام طاعة لله عز وجل .
(والصدقة تطفئ الخطيئة)
صدقة المقصود بها أيضا غير الزكاة ، هي الزكاة لها أجرها بلا شك وأجرها
عظيم عند الله سبحانه وتعالي ، أضعاف مضاعفة ، هي طهر للنفس ، طهر للمال ،
عامل لدخول الجنة ، تضاعف الحسنات ، لكن أيضا الصدقة المستحبة ، والصدقة
المستحبة هذه بابها كبير وعظيم جداً ، ولا تستقل من المال شيئاً ، ولو قليل
فالقليل مع القليل كثير ورب درهم سبق ألف درهم ، ما يقول واحد راتبي ألف
ريال أتصدق بماذا؟ لا تصدق بنص ريال ، نص ريال في فلاة خبز ، فلاة خبز تقيم
جوع إنسان يوم كامل إذاً صارت شيء نص ريال ولا ما صارت شيء .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :(اتقوا النار ولو بشق تمرة)
الأطباء يقولون يقوم جسم الإنسان بتمرة واحدة في اليوم ، الآن في التحاليل
المخبرية يقوم جسم الإنسان العادي الذي ليس عنده أمراض معينة أو ، أو ،
بتمرة في اليوم فإذا كان الأمر كذلك إذاً الحديث له معني (اتق النار ولو بشق تمرة)
ما يقول واحد أنا راتبي مائة ريال ، ولا ألف ريال لاء تعطي بقدر ما تملك
ورب درهم سبق ألف درهم ، إذاً الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ النار، النار .
(وصلاة الرجل في جوف الليل)
هذا من أعظم أبواب الخير لماذا ؟ لأن الليل هدوء وسكن ، بعد عن المشاغل ،
النهار رايح وجاي ، وتعبان ، ومختلط بالناس ، وتعامل ، وأعصابك مشدودة ،
وحالتك حالة ، وقد تكون مرهق ، وقد تكون في حالة نفسية ، في العمل ، في
الوظيفة ، في أي مجال من المجالات ، الليل هدوء ، بعيد عن الضوضاء ، بعيد
عن الرياء ، بعيد عن السمعة ، لاجئ إلي الله ، تخاطب ربك وحده.
هنا يصفوا القلب ، هنا الذهن غير متعلق بأمور الدنيا ، صلاة الرجل في جوف الليل .
ولذلك
الصحابة رضوان الله عليهم كانوا في النهار أشداء أسود ، في الليل يتباكون
أذلة لله سبحانه وتعالي تسمع نحيبهم تمر من عند الأزقة يعني وأقول أزقة لأن
كانت الشوارع ضيقة في المدينة وغير المدينة تسمع بكائهم ، تسمع نحيبهم ،
يخاطبون الله سبحانه وتعالي هنا نقول كلمة بين قوسين يحفظها كل مهموم ، كل
محزون ، كل صاحب مشاغل كل متعب ، جرب ولا أقول جرب لكي تطبق أو لا تطبق ،
لكن انظر للثمرة فيما بعد ، خاطب الله ، أخرج مكنونات نفسك لله سبحانه
وتعالي ، فهذه المكنونات تخرج عن طريق العيون بالدمع .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث (السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)
هنا لأنه تمثل عظمة الله عز وجل تمثل الخوف من الله سبحانه وتعالي ففاضت
عيناه هنا صفت النفس لأن من حكمة الله عز وجل أن هذه المشاعر تشكل شيء في
جوف الإنسان ، إذا كبتت ارتدت على تفكير الإنسان ارتدت على عقل الإنسان
ارتدت على تصرفاته ، على أحواله كلها ، لكن إذا خرجت وانساب الدموع لله عز
وجل ارتاح واطمأن رجع بهدوئه ولذلك نقول للمهمومين للمرضي للمديونين
للمتعبين نفسيا للكسالى للفقراء لكل من له حاجة بل للأصحاء وأهل الطاعة :
اسكبوا الدمع خاليا في جوف الليل لتروا الثمرة العظيمة ، يعني هل الصحابة
أكثر منا مال ليكونوا أكثر منا اطمئنان لا نحن أكثر أموالا الصحابي يأخذ
يوم ولا يومين لا يأكل ولا يشرب مع ذلك مرتاح مطمئن ، شيخ الإسلام بن تيميه
رحمه الله يقول أنا جنتي وبستاني في صدري ، فإذاً الراحة والطمأنينة منك
وإليك ، عامل أكبر الصلاة في جوف الليل ، حياة الإنسان ، سعادة الإنسان قوة
الإنسان ملك الإنسان هنا بينه وبين نفسه ، ليست هذه السعادة والحيوية بما
تملك من أموال وبما تملك من جاه وبما وبما لا إنما بما تملكه داخل هذا
القفص الصدري في بينك وبين تفكيرك .
أهم عامل ، من أهم العوامل الصلاة في جوف الليل .
نأتي
بنكتة ، يعني ، قد بعض النساء تزعل علينا ، اليوم اللاتي يتزوج أزواجهن
ويعددون عليهن في الغالب صياح ، نياح ، هوش ، سخط على الأزواج ، مخاصمة،
طيب النتيجة ماذا ؟ النتيجة هو تزوج وارتاح ، من اللي تأثر هي ، طيب لماذا
لا تعكس المسألة وتجعل هذا الصياح والنياح والبكاء بينها وبين الله لكي
ترتاح .
المهموم
، هذا المسكين المهموم الفقير الذي جالس يحسد فلان ، فلان ترقى ، فلان
تعين ، فلان حصل راتبه كذا ، فلان كذا اللي يتحسر الآن من هو ؟ الذي أعطي
ولا هو المسكين ؟ هو هذا الحاسد المسكين .
لو
كان هذا التحسر بينه وبين الله ثم أخرج هذه الحسرات والزفرات بينه وبين
الله وقال يا رب أعطني ولا تحرمني ، يا ربي أنعم علي ، وترك فلان وعلان ولم
يحسدهم إذاً الله يملك كل شيء فيعطيه ‘ إذاً الصلاة في جوف الليل هنا ملاذ
كل إنسان فضلا عن المصاب فضلا عن المهموم المحزون الذي انسدت في وجهه
الأبواب ملاذه جوف الليل ، ولذلك ربنا جل وعلا يقول ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة:45]
الخاشعون
: الذين خشعوا لله سبحانه وتعالي ، الصلاة تهون عليهم، والإنسان إذا جعل
لنفسه ركعتين أو أربعة أو ست آخر الليل في جوف الليل ، يكون وحده هدأت
واطمأنت ، والناس كلهم نائمون وهو يناجي ربه عز وجل ، سيرى أنه في عالم آخر
بعيد عن هذه الأشياء ، والإنسان كما أشرت بما يملك ، وحياته وسعادته
الحقيقية بقناعته في ما يملك ، وإلا كما قال أحد التجار : مائة مليون وألف
مليون هي زيادة أصفار أرقام عند البنوك وإلا هو سيأكل مئتين مليون خمس مائة
مليون لا ، ولن يأكل لكن لو سخرها في مجالات الخير لكانت حسنات تنهار عليه
يمينا ويسارا .
فالصلاة في جوف الليل هذه آثارها والوقت لا يسعفن وإلا لاسترسلنا أكثر .
ثم قال : (ألا أخبرك برأس الأمر وعمود وزروة سنامة ) إذاً هذه إشارة لماذا ؟ إشارة لأعالي الأمور لا تنظر تحت انظر فوق انظر للمستويات العليا التي تقوم بها ،
رأس
الأمر الإسلام إذاً أنا مسلم والحمد لله ، عمود هذا الإسلام ما هو ؟
الصلاة هذا العمود قائم ، زروة سنامة أعلى درجاته الجهاد ، والجهاد بمفهومه
العام في طاعة الله سبحانه وتعالي ويدخل ضمن المفهوم الخاص لأن طالب العلم
مجاهد في تعلمه ، الذي قائم على والديه مجاهد ، الذي قائم على سائر
الطاعات مجاهد ، ولأنه من جاهد فإنما يجاهد لنفسه .
ثم قال :
(ألا أخبرك بملاك ذلك كله)
هنا يعني لما عرفنا الطرق أعطانا قال انتبه هناك يعني عامل ، هذا العامل
قد لا ننتبه إليه وهو يذل بسرعة بمسير هذه السيارة أو هذا القطار الذي ماشي
بطريق مستقيم قال انتبه هناك شيء خفي قد ينحرف بهذا القطار يمين أو يسار
فيهلك ما هو هذا ؟ قال انتبه لسانك ، هذا اللسان محرك قد تطير وتسرع وقد
تصل إلي قريب من الهدف لكن كلمة تذل كيف تذل قال تأتي بكلمة سخرية ولا
استهزاء بالله عز وجل ولا بشرع الله فتذل في النار سبعين خريفا ، بملاك ذلك
كله ، إذاً هذا تنبيه لمؤشر يؤشر باستمرار في الطريق عندك مؤشرات إشارات
ضوئية شريعة انتبه لها لا تذل هذه المؤشر وهذا اللسان استخدمه في ما ينفعك
بقوة فاجعل فيه إرشادات .
إذاً
اللسان سلاح ذو حدين يرفعك إذا استخدمته بقراءة كتاب الله في ذكر الله ،
استخدمته في الأمر بالمعروف في الدعوة إلي الله في توجيه الناس في إرشادهم
في الكلام المباح .
في
الكلام المؤثر هنا قادك إلي أعلى عليين ، كما تكلمنا في الدرس السابق في
قضية الذكر الحمد لله تملئ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملأن ما بين
السماء والأرض ، إذاً أمر عظيم جدا في الأمر جانب الحسنات إذاً يوصلك الهدف
بسرعة ، الجانب الآخر الغيبة قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم لكلمة
فيها إشارة من بعيد تقولها إحدى الصحابيات إحدى زوجاته عليه صلى الله عليه
وسلمتشير إلي أخرى بأنها قصيرة إشارة قال : ( قلتي كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ) في رواية (لغيرته )
كلمة فيها إشارة من بعد ماء البحر أي مادة من المواد الآن المغيرة للمياة
في مواد تغير البحر أبدا الكلمة هذه تغير ماء البحر والرسول صلى الله عليه
وسلمعربي فصيح يعرف ما هو البحر فكيف بمن يكون يومه وليلته فلان طويل وفلان
قصير .
عرج
عليه مرة أخرى في هذا الهاتف ، فلانة إيش في الحفل ولا فلانة فستانها كذا
وفلانة طويلة ورقصها ما ادري كيف وحالتها حالة ولا لقت هذا الفستان المعين
هذا إيش هذا ، وسواليف ساعة تحط السماعة ، ترفع السماعة الثانية على فلانة
اللي تكلمت فيه وتتكلم في الأخرى وهذا لا يعني أنه ليس عند الرجال لكن هذه
مادة كثيرة عند النساء ، هذه إذا كلمة غيرت ماء البحر هذا يغيرون محيطات
باليوم والليلة .
كذلك
مادة الكذب ، مادة السخرية ، الاستهزاء بالله ، برسوله ، بالمؤمنين ،
والله فلان مطوع ولا سخرية باللحية ولا سخرية بقصر الثوب ولا فلان هو لحيته
يسوي كذا هذه كلمات خطيرة تذل في الإنسان وتلغي عليه يعني عمله كله .
فإذاً
ننتبه أن هذا ولذلك قال بملاك ذلك كله قد يخرب صلاتك ، يخرب زكاتك يخرب
صومك يخرب حجك يخرب صلاتك في جوف الليل يخرب نوافلك يخرب طاعتك ، يخرب ذكرك
هذه الكلمة القصيرة التي قلتها استهزاء وسخرية كالذين يسخرون بالحجاب
الذين يسخرون باللحية الذين يسخرون بقصر الثوب ، هذا شرع الله عز وجل كيف
تسخر به أنت كأن ما معنى هذا معنى هذا أنك تقول إن الله سبحانه وتعالي لا
يدرى ولا يعلم ويش الصح من الخطأ بحيث أنه شرع الثوب يكون أقصر من الكعبين
وشرع اللحية أن تكون واجب وشرع الحجاب على النساء وأنت تتهم بهذا شرع الله
سبحانه وتعالي .
إذاً
هذا الكلام يؤذيك إلي أسفل سافلين فكما يرفعك الذكر والقرآن مثل هذا يؤذيك
انتبه إذاً هذه منطقة خطر ، لكن هذه منطقة الخطر قد تقودك إلي الجنة إذا
استخدمتها في الخير فمن كان أخر كلامة من الدنيا لا إله إلا الله حرم وجهه
على النار ودخل الجنة ، ومن كان كلامه الأمر الأخر والعياذ بالله قد يكون
مع الهالكين .
إذاً
هذا الحديث العظيم بين لنا المسارات الكبيرة في السير بها في حياة الإنسان
، نأسف على الإطالة لأكثر من المعتاد لكن الحديثين هكذا ماذا نعمل .
الموضوع : الحديث التاسع والعشرون ذروة الإسلام وعموده المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ام ابراهيم