| القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 | |
|
|
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:19 | |
|
الحمد لله وبعد
فنبدأ مستعينين بالله سبحانه في مذاكرة مذكرة مهمة جدا في أصول التفسير
وهي
القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن
لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالي
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:19 | |
| ترجمة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي من صيد الفوائد
كتبه أحد تلاميذه هو الشيخ أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر آل سعدي من قبيلة تميم ، ولد في بلدة عنيزة في القصيم ، وذلك بتاريخ 12 محرم عام ألف وثلاثمائة وسبع من الهجرة النبوية ، وتوفيت أمه وله أربع سنين ، وتوفي والده وله سبع سنين ، فتربى يتيماً ولكنه نشأ نشأة حسنة ، وكان قد استرعى الأنظار منذ جداثة سنه بذكائه ورغبته الشديدة في العلوم ، وقد قرأ القرآن بعد وفاة والده ثم حفظه عن ظهر قلب ، وأتقنه وعمره أحد عشر سنة ، ثم اشتغل في التعلم على علماء بلده وعلى من قدم بلده من العلماء ، فاجتهد وجد حتى نال الحظ الأوفر من كل فن من فنون العلم ، ولما بلغ من العمر ثلاثاً وعشرين سنة جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلم ، ويقضي جميع أوقاته في ذلك حتى أنه في عام ألف وثلاثمائة وخمسين صار التدريس ببلده راجعاً إليه ، ومعول جميع الطلبة في التعلم عليه .
بعض مشايخ الشيخ أخذ عن الشيخ إبراهيم بن حمد بن جاسر ، وهو أول من قرأ عليه وكان المؤلف يصف شيخه بحفظه للحديث ، ويتحدث عن روعه ومحبته للفقراء مع حاجته ومواساتهم ، وكثيراً ما يأتيه الفقير في اليوم الشاتي فيخلع أحد ثوبيه ويلبسه الفقير مع حاجته إليه ، وقلة ذات يده رحمه الله ، ومن مشايخ المؤلف الشيخ محمد بن عبد الكريم الشبل ، قرأ عليه في الفقه وعلوم العربية وغيرهما ، ومنهم الشيخ صالح بن عثمان القاضي (قاضي عنيزة) قرأ عليه في التوحيد والتفسير والفقه أصوله وقروعه وعلوم العربية ، وهو أكثر من قرأ عليه المؤلف ولازمه ملازمة تامة حتى توفي رحمه الله ، ومنهم الشيخ عبد الله بن عايض ، ومنهم الشيخ صعب القويجري ، ومنهم الشيخ على السناني ومنهم الشيخ على الناصر أبو وادي ، قرأ عليه في الحديث ، وأخذ عنه الأمهات الست وغيرها وأجازه في ذلك ، ومنهم الشيخ محمد بن الشيخ عبد العزيز المحمد المانع (مدير المعارف في المملكة العربية السعودية) في ذلك الوقت ، وقد قرأ عليه المؤلف في عنيزة ، ومن مشائخه الشيخ محمد الشنقطي (نزير الحجاز قديماً ثم الزبير) لما قدم عنيزه وجلس فيها للتدريس قرأ عليه المؤلف في التفسير والحديث وعلوم العربية ، كالنحو والصرف ونحوهما .
نبذة من أخلاق المؤلف كان على جانب كبير من الأخلاق الفاضلة ، متواضعاً للصغير والكبير والغني والفقير ، وكان يقضي بعض وقته في الإجتماع بمن يرغب حضوره فيكون مجلسهم نادياً علمياً ، حيث أنه يحرص أن يحتوي على البحوث العلمية والاجتماعية ويحصل لأهل المجلس فوائد عظمى من هذه البحوث النافعة التي يشغل وقتهم فيها ، فتنقلب مجالسهم العادية عبادة ومجالس علمية ، ويتكلم مع كل فرد بما يناسبه ، ويبحث معه في المواضيع النافعة له دنيا وأخرى ، وكثيراً ما يحل المشاكل برضاء الطرفين في الصلح العادل ، وكان ذا شفقة على الفقراء والمساكين والغرباء ماداً يد المساعدة لهم بحسب قدرته ويتسعطف لهم المحسنين ممن يعرف عنهم حب الخير في المناسبات ، وكان على جانب كبير من الأدب والعفة والنزاهة والحزم في كل أعماله ، وكان من أحسن الناس تعليماً وأبلغهم تفهيماً ، مرتباً لأوقات التعليم ، ويعمل المناظرات بين تلاميذه المحصلين لشخذ أفكارهم ، ويجعل الجعل لمن يحفظ بعض المتون ، وكل من خفظه أعطى الجعل ولا يحرم منه أحد .
ويتشاور مع تلاميذه في اختيار الأنفع من كتب الدراسة ، ويجرع ما عليه رغبة أكثرهم ومع التساوي يكون هو الحكم ، ولا يمل التلاميذ منطول وقت الدراسة إذا طال لأنهم يتلذذون من مجالسته ، ولذا حصل له من التلاميذ المحصلين عدد كثير ولا يزال كذلك ، متع الله بحياته ، وبارك الله لنا وله في الأوقات ورزقنا وإياه التزود من الباقيات الصالحات .
مكانة المؤلف بالمعلومات كان ذا معرفة تامة في الفقه ، أصوله وفروعه . وفي أول أمره متمسكاً بالمذهب الحنبلي تبعاً لمشائخه ، وحفظ بعض المتون من ذلك ،وكان له مصنف في أول أمره في الفقه ، نظم رجز نحو أربعمائة بيت وشرحه شرحاً مختصراً ، ولكنه لم يرغب ظهوره لأنه على ما يعتقده أولاً . وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم ، وحصل له خير كثير بسببهما في علم الأصول والتوحيد والتفسير والفقه وغيرها من العلوم النافعة ، وبسبب استنارته بكتب الشيخين المذكورين صار لا يتقيد بالمذهب الحنبلي ، بل يرجح ما ترجح عنده بالدليل الشرعي . ولا يطعن في علماء المذاهب كبعض المتهوسين ، هدانا الله وإياهم للصواب والصراط المستبين . وله اليد الطولى في التفسير ، إذ قرأ عدة تفاسير وبرع فيه ، وألف تفسيراً جليلاً في عدة مجلدات ، فسره بالبديهة من غير أن يكون عنده وقت التصنيف كتاب تفسير ولا غيره ، ودائماً يقرأ والتلاميذ في القرآن الكريم ويفسره ارتجالاً ، ويستطرد ويبين من معاني القرآن وفوائده ، ويستنبط منه الفوائد البديعة والمعاني الجليلة ، حتى أن سامعه يود أن لا يسكت لفصاحته وجزالة لفظه وتوسعه في سياق الأدلة والقصص ، ومن اجتمع به وقرأ عليه وبحث معه عرف مكانته في المعلومات ، كذلك من قرأ مصنفاته وفتاويه .
مصنفات المؤلف
تفسير القرآن الكريم المسمى "تيسير الكريم المنان" في ثماني مجلدات أكمله في عام 1344 ولم يطبع .
حاشية على افقه استدراكاً على جميع الكتب المستعمله في المذهب الحنبلي ولم تطبع .
إرشاد أولي البصائر والألباب لمعرفة الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب ، رتبه على السؤال والجواب ، طبع بمطبعة الترقي في دمشق عام 1365 على نفقة المؤلف ووزعه مجاناً .
الدرة المختصرة في محاسن الإسلام ، طبع في مطبعة أنصار السنة عام 1366هـ
الخطب العصرية القيمة ، لما آل إليه أمر الخطابة في بلده اجتهد أن يخطب في كل عيد وجمعة بما يناسب الوقت في المواضيع المهمة التي يحتاج الناس إليها ، ثم جمعها وطبعها مع الدرة المختصرة في مطبعة أنصار السنة على نفقته ووزعها مجاناً .
القواعد الحسان لتفسير القرآن ، طبعها في مطبعة أنصار السنة عام 1366 ، ووزع مجاناً .
تنزيه الدين وحملته ورجاله ، مما افتراه القصيمي في أغلاله ، طبع في مطبعة دار إحياء الكتب العربية على نفقه وجيه الحجاز "الشيخ محمد افندي نصيف" عام 1366هـ .
الحق الواضح المبين ، في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين .
توضيح الكافية الشافية ، وهو كالشرح لنونية الشيخ ابن القيم
وجوب التعاون بين المسلمين ، وموضوع الجهاد الديني ، وهذه الثلاثة الأخيرة طبعت بالقاهرة السلفية على نفقة المؤلف ووزعها مجاناً .
القول السديد في مقاصد التوحيد ، طبع في مصر "بمطبعة الإمام" على نفقة عبد المحسن أبا بطين عام 1367
مختصر في أصول الفقه ، لم يطبع
تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن ، طبع على نفقة المؤلف وجماعة من المحسنين ، وزرع مجاناً ، طبع بمطبعة الإمام
الرياض الناضرة ، وهو هذا ـ طبع بمطبعة الإمام (الطبعة الأولى)
وله فوائد منثورة وفتاوى كثيرة في أسئلة شتى ترد إليه من بلده وغيره ويجيب عليها ، وله تعليقات شتى على كثير مما يمر عليه من الكتب ، وكانت الكتابة سهلة يسيرة عليه جداً ، حتى أنه كتب من الفتاوى وغيرها شيئاً كثيراً . ومما كتب نظم انب عبد القوي المشهور ، وأراد أن يشرحه شرحاً مستقلاً فرآه شاقاُ عليه ، فجمع بينه وبين الانصاف بخط يده ليساعد على فهمه فكان كالشرح له ، ولهذا لم نعده من مصنفاته .
غايته من التصنيف : وكان غاية قصده من التصنيف هو نشر العلم والدعوة إلى الحق ، ولهذا يؤلف ويكتب ويطبع ما يقدر عليه من مؤلفاته ، لا ينال منها عرضاً زائلاً ، أو يستفيد منها عرض الدنيا ، بل يوزعها مجاناً ليعم النفع بها ، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، ووفقنا الله إلى ما فيه رضاه . وفاته : وبعد عمر مبارك دام قرابة 69 عاماً في خدمة العلم انتقل إلى جوار ربه في عام 1376هـ في مدينة عنيزة من بلاد القصيم رحمه الله رحمة واسعة .
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:20 | |
| مقدمة محقق الكتاب وهو الباحث خالد بن عثمان السبت
بسم الله الرحمن الرحيم
مقِّدمة التحقيق الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وأصلِّي وأُسلِّم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإنه لا يخفى على أهل العلم وطلابه ما لمعرفة القواعد والضوابط العلمية من المنافع الجمَّة، والثمرات النافعة؛ ذلك أنها تجمع الجزئيات الكثيرة المتناثرة في عبارات موجزة يسهل على الناظر حفظها؛ ومن أجل ذلك تتابع العلماء على الكتابة في القواعد في فنون متعدِّدة تتصل بالعلوم الشرعية. وهذا الكتاب يُعدُّ واحداً من أسهلها تناولاً، وأوضحها عبارة؛ حيث حوى جملة من قواعد التفسير الكلية المعتبرة، إضافة إلى جملة صالحة من الفوائد والإرشادات القرآنية التي كشف المؤلف النقاب عنها. وقد هيَّأ الله تعالى للمؤلف ـ رحمه الله ـ إنجازه في فترة وجيزة؛ حيث شرع فيه في غُرَّة شهر رمضان المبارك من سنة خمس وستين وثلاثمائة بعد الألف، وكان الفراغ منه في السادس من شهر شوَّال من السنة نفسها. كما طُبع الكتاب في حياة المؤلف ـ رحمه الله ـ بعناية الشيخ محمد حامد الفقي ـ رحمه الله ـ ثم تعدَّدت طبعاته المبنية على طبعته الأولى وقد وقفت على نسختين خطيَّتين للكتاب ـ بخط المؤلف ـ إحداهما كاملة والأخرى ناقصة من أولها والقدر الموجود منها نصف صفحة من آخر القاعدة رقم (58) إلى آخر الكتاب. وبعد المقارنة بين النسختين تبيَّنت النتائج الآتية: 1 ـ أن المؤلف ـ رحمه الله ـ يغير بعض العبارات، إلا أن هذا التغيير ليس له أثر معتبر في المعنى إلا في موضعين، وهما الآتي ذكرهما بعده. 2 ـ محتوى القاعدة رقم (66) في النسخة الأولى مغاير تماماً لما كتبه المؤلف ـ رحمه الله ـ في النسخة الأخرى تحت هذا الرقم، حيث كتب قاعدة جديدة. 3 ـ بعد أسطر قليلة من تقرير القاعدة رقم (70) اختلفت الصياغة تماماً، وإن كان المضمون في الجملة واحداً. هذا إضافة إلى أن القاعدة رقم: (68) أغفل المؤلف ذكرها في النسخة الأخرى (ب). وبعد مقابلة النسختين الخطيتين بالمطبوعة المشار إليها رأيت تغايراً كثيراً من زيادات كثيرة في المطبوع، وتصرُّف في العبارات!! فصحَّ العزم على تصحيح الكتاب وإخراجه كما وضعه مؤلفه ـ رحمه الله ـ، وكان العمل فيه على النحو الآتي:
1 ـ اعتمدت النسخة الكاملة، ورمزت لها بـ( أ ). 2 ـ لم أُثبت الفروقات ـ من النسخة ب ـ التي ليس لها أثر معتبر في المعنى. 3 ـ أثبتُّ ما كتبه المؤلف تحت القاعدة رقم (66) في النسخة (ب) في الهامش تتميماً للفائدة. 4 ـ نقلت الصياغة المغايرة ضمن شرح القاعدة رقم (70) من النسخة (ب) وجعلت ذلك في الهامش. 5 ـ يوجد على هوامش النسخة التي اعتمدتها بعض التصويبات بخط المؤلف، وأُخرى بخط مغاير، فاعتمدت ما كان بخط المؤلف دون غيره. 6 ـ وقع في الكتاب جملة من الأخطاء، في الآيات القرآنية وغيرها، وقد صوَّبت ما وقع من ذلك في الآيات دون إشارة إلى ذلك، وما سواها من الأخطاء أشرت لها في الهامش دون تصرف في أصل الكتاب، إلا في مواضع يسيرة دعت الحاجة إليها، وقد جعلت ذلك بين معقوفين [ ] 7 ـ عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها، وجعلت ذلك في صلب الكتاب تقليلاً للهوامش. 8 ـ خرَّجت الأحاديث النبوية تخريجاً مختصراً، وإذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإني أكتفي بتخريجه منها. 9 ـ وضعت في آخر الكتاب فهرساً للموضوعات. 10 ـ إنما قصدت بهذا العمل إخراج نص الكتاب محققاً؛ ولذا اقتصرت عند التعليق في الهامش على ما تمس إليه الحاجة محافظة على حجم الكتاب، ولا يخفى ما تميزت به كتب المؤلف ـ رحمه الله ـ من سهولة العبارة ووضوحها الأمر الذي لا يُحتاج معه إلى شرح وكثير تعليق. هذا وأسأل الله العظيم بمنِّه وإحسانه أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يلهمنا رشدنا، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وكتب: خالد بن عثمان السبت 11/4/1420هـ
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:21 | |
| مقدمة السعدي رحمه الله مقدمة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً. أما بعد... فهذه أصول وقواعد في تفسير القرآن الكريم، جليلة المقدار، عظيمة النفع، تعين قارئها ومتأملها على فهم كلام الله، والاهتداء به، ومَخْبَرُها أجل من وصفها؛ فإنها تفتح للعبد من طرق التفسير ومنهاج الفهم عن الله ما يُعين على كثير من التفاسير الْحَالِيّة في هذه البحوث النافعة. أرجو الله وأسأله أن يتم ما قصدنا إيراده، ويفتح لنا من خزائن جوده وكرمه ما يكون سبباً للوصول إلى العلم النافع، والهدى الكامل. واعلم أن علم التفسير أجل العلوم على الإطلاق، وأفضلها، وأوجبها، وأحبها إلى الله؛ لأن الله أمر بتدبُّر كتابه، والتفكُّر في معانيه، والاهتداء بآياته، وأثنى على القائمين بذلك، وجعلهم في أعلى المراتب، ووعدهم أسنى المواهب، فلو أنفق العبد جواهر عمره في هذا الفن لم يكن ذلك كثيراً في جنب ما هو أفضل المطالب، وأعظم المقاصد، وأصل الأصول كلها، وقاعدة أساسات الدين، وصلاح أمور الدين والدنيا والآخرة، وكانت حياة العبد زاهرة بالهدى والخير والرحمة، وطيب الحياة، والباقيات الصالحات. فلنشرع الآن بذكر القواعد والضوابط على وجه الإيجاز الذي يحصل به المقصود؛ لأنه إذا انفتح للعبد الباب، وتمهَّدت عنده القاعدة، وتدرَّب منها بعدة أمثلة توضحها، وتبين طريقها ومنهجها، لم يحتج إلى زيادة البسط، وكثرة التفاصيل. ونسأله أن يمدنا بعونه ولطفه وتوفيقه، وأن يجعلنا هادين مهتدين بمنِّه وكرمه.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:21 | |
| القاعدة الأولى: في كيفية تلقي التفسير. كل من سلك طريقاً، وعمل عملاً، وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح، كما قال تعالى: {{وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}} [البقرة: 189] . وكلَّما عظم المطلوب تأكد هذا الأمر، وتعيَّن البحث التام عن أمثل وأحسن الطرق الموصلة إليه، ولا ريب أن ما نحن فيه هو أهم الأمور وأجلها وأصلها. فاعلم أن هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية الخلق وإرشادهم، وأنه في كل وقت وزمان يرشد إلى أهدى الأمور وأقومها {{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}} [الإسراء: 9] . فعلى الناس أن يتلقوا معنى كلام الله كما تلقَّاه الصحابة رضي الله عنهم؛ فإنهم إذا قرؤوا عشر آيات، أو أقل، أو أكثر، لم يتجاوزوها حتى يعرفوا ما دلت عليه من الإيمان والعلم والعمل، فينزلونها على الأحوال الواقعة، فيعتقدون ما احتوت عليه من الأخبار، وينقادون لأوامرها ونواهيها، ويُدخلون فيها جميع ما يشهدون من الحوادث والوقائع الموجودة بهم وبغيرهم، ويحاسبون أنفسهم: هل هم قائمون بها، أو مُخلُّون؟ وكيف الطريق إلى الثبات على الأمور النافعة، وإيجاد ما نقص منها؟ وكيف التخلص من الأمور الضارة؟ فيهتدون بعلومه، ويتخلَّقون بأخلاقه وآدابه، ويعلمون أنه خطاب من عالم الغيب والشهادة، موجَّه إليهم، ومطالبون بمعرفة معانيه، والعمل بما يقتضيه. فمن سلك هذا الطريق الذي سلكوه، وجدَّ واجتهد في تدبُّر كلام الله، انفتح له الباب الأعظم في علم التفسير، وقويت معرفته، وازدادت بصيرته، واستغنى بهذه الطريقة عن كثرة التكلُّفات، وعن البحوث الخارجية، وخصوصاً إذا كان قد أخذ من علوم العربية جانباً قوياً، وكان له إلمام واهتمام بسيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأحواله مع أوليائه وأعدائه؛ فإن ذلك أكبر عون على هذا المطلب. ومتى علم العبد أن القرآن فيه تبيان كل شيء، وأنه كفيل بجميع المصالح، مبيِّن لها، حاثّ عليها، زاجر عن المضارِّ كلها، وجعل هذه القاعدة نصب عينيه، ونزَّلها على كل واقع وحادث سابق أو لاحق، ظهر له عظم موقعها وكثرة فوائدها وثمراتها. الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:22 | |
| شرح القاعدة لفضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح
(القاعدة الأولى في كيفية تلقي التفسير) كل من سلك طريقاً وعمل عملاً، وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح، كما قال تعالى: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾. وكلما عظُم المطلوب تأكد هذا الأمر، وتعيّن البحث التام عن أمثل وأحسن الطرق الموصلة إليه، ولا ريب أن ما نحن فيه هو أهم الأمور وأجلها، وأصلها. فاعلم أنّ هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية الخلق وإرشادهم، وأنّه في كل وقت وزمان يرشد إلى أهدى الأمور وأقومها: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ فعلى النّاس أن يتلقوا معاني كلام الله كما تلقاه الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم). مقدمة هـٰذه القاعدة: الشيخ رحمه الله ذكر مسلكاً عامّاً لتحصيل المقصود في التفسير وفي غيره؛ ولذلك قال: (كل من سلك طريقاً وعمل عملاً) طريقاً علميّاً أو غير علمي، عملاً علميّاً أو غير علمي، (وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح كما قال تعالى: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾( )) لأن إتيان الأبواب من أبوابها هو أسهل سبيل وأقصر طريق يحصل به المقصود للآتي. فأنت الآن إذا استقبلت بيتاً تريد الدخول إليه، هل الأسهل أن تأتي من النافذة أو من الباب؟ ما فيه إشكال أن الأسهل من الباب. ولذلك هـٰذه الآية تفيدك مما تفيدك أنك إذا أردت أمراً فاسلك أسهل الطرق الموصلة إلىٰ المقصود، وإياك والتعنت وإتيان الأمور من غير أبوابها، فإنه مشقة وإن حصل لك المقصود. ثم قال: (وكلما عظم المطلوب تأكد هذا الأمر) أي أمر؟ المشار إليه إتيان البيوت من أبوابها؛ أي سلوك أسهل الطرق الموصلة إلىٰ المقصود (وتعيّن البحث التام عن أمثل وأحسن الطرق الموصلة إليه، ولا ريب أن ما نحن فيه هو أهم الأمور وأجلها، وأصلها) فإذا كان كذلك فما الذي ينبغي لنا؟ وما الذي يجب علينا؟ الذي ينبغي أن نطلب في فهم كتاب الله عز وجل وفهم كلامه أسهل الطرق التي يحصل بها مقصودنا، وهو فهم الكتاب والعمل به. قال رحمه الله: (فاعلم أنّ هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية الخلق وإرشادهم، وأنه في كل وقت وزمان ومكان يرشد إلى أهدى الأمور وأقومها: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾). فإذا كان كذلك فلن يحصل للإنسان الهدى الذي في القرآن، ولا الإرشاد، ولا سلوك الطريق الأقوم الذي يهدي إليه القرآن إلا بمعرفة الأسباب والوسائل المحصّلة لذلك، فما هي طريق تحصيل ذلك؟ طريق تحصيل ذلك في قوله رحمه الله: (فعلى الناس أن يتلقوا معاني كلام الله كما تلقاه الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، فإنهم إذا قرؤوا عشر آيات، أو أقل أو أكثر، لم يتجاوزوها حتى يعرفوا ما دلت عليه من الإيمان والعلم والعمل، فينزّلونها على الأحوال الواقعة، فيعتقدون ما احتوت عليه من الأخبار، وينقادون لأوامرها ونواهيها، ويُدخلون فيها جميع ما يشاهدون من الحوادث والوقائع الموجودة بهم وبغيرهم، ويحاسِبون أنفسهم: هل هم قائمون بها أو مخلّون؟ وكيف الطريق إلى الثبات على الأمور النافعة، وإيجاد ما نقص منها؟ وكيف التخلّص من الأمور الضارة؟ فيهتدون بعلومه، ويتخلقون بأخلاقه وآدابه، ويعلمون أنه خطاب من عالم الغيب والشّهادة موجه إليهم، ومطالبون بمعرفة معانيه، والعمل بما يقتضيه) . هـٰذا المقطع فيه بيان السّبيل والطريق الذي يحصل به تفسير القرآن -تفسيره العلمي وتفسيره العملي- الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم قال الشيخ رحمه الله: (فعلى النّاس) عموم الناس ممن يرغبون الاهتداء بالقرآن الكريم، وأخصّ الناس في ذلك أهل العلم الذين سلكوا سبيله.
تابع.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:22 | |
| تابع
(فعلى الناس أن يتلقوا معنى كلام الله كما تلقاه الصحابة) فيسيروا في منهجهم على منهج سلف هـٰذه الأمة الذين هم خير القرون، والذين تولّى تعليمهم وتلقيتهم الكتاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فإنهم إذا قرؤوا عشر آيات أو أقل أو أكثر لم يتجاوزوها حتى يعرفوا ما دلت عليه من الإيمان والعلم العمل). جاء هـٰذا عن أبي عبد الرحمـٰن السُّلمي قال: كان الذين يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود لا يتجاوزون عشر آيات حتى نعلم ما فيها من العلم والعمل، حتى تعلمنا العلم والعمل جميعاً. فحكى أبو عبد الرحمـٰن عن طريق تعليم الصحابة للتابعين، وأنهم كانوا يسيرون هـٰذا المسار في تعليم الأمة؛ ولذلك لما كان أولئك على هـٰذا المنوال وعلى هـٰذا المنهاج وعلى هـٰذا الطريق كانوا خير القرون، وكانوا أفضل الناس بعد الأنبياء؛ لأنهم عرفوا سبيل تحصيل نفع هـٰذا القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم. يقول: (فينزلونها على الأحوال الواقعة)؛ لأن القرآن جاء في فترة، على أحوال، وهـٰذه الأحوال ليست قاصرة للنص عليها؛ بل النص يشملها ويشمل غيرها، كما سيأتينا في بعض قواعد هـٰذا الكتاب، وأن القرآن لا يُقصر معناه وفهمه على وقت نزوله، أو على الحوادث التي نزل لأجلها؛ بل هو أوسع من ذلك (فينزلونها على الأحوال الواقعة، فيعتقدون ما احتوت عليه الأخبار) المتعلقة بالله عز وجل، والمتعلقة باليوم الآخر، والمتعلقة بما أخبر الله به من الغيب (وينقادون لأوامرها ونواهيها) وهـٰذا من جهة العمل بما تضمنته من الأحكام، (ويدخلون فيها جميع ما يشهدون من الحوادث والوقائع الموجودة بهم وبغيرهم)؛ لأن القرآن أتى بكل ما يحتاج إليه الناس في أمر دينهم وأمر دنياهم؛ ولذلك شيخ الإسلام رحمه الله يقول: كل الحوادث مندرجة في النصوص، فبقدر فقه الرجل بالنصوص بقدر استغنائه عن القياس، فإذا قلّ فقهه في النصوص اشتدت حاجته إلىٰ القياس، ولو أنه عمق النظر وأمعن الفهم لحصّل الأحكام من النصوص، فمن أعوزته النصوص لجأ إلىٰ القياس ليصل إلىٰ الأحكام. فالنصوص شاملة وحاوية ومستوعبة لجميع ما يحتاجه الناس في أمر دينهم ومعاشهم، وهـٰذا أمر يتبيّن بالنظر إلىٰ كلام العلماء الذين يستنبطون الأحكام المستجدّة من النصوص الشّرعية، وبه يعلم الإنسان صدق هـٰذه القاعدة؛ ولكن الناس في هـٰذا درجات: منهم من يمن الله عليه بالفهم، فيتبين له مأخذ الحكم من الآية أو من الحديث. ومنهم من يقصر عن ذلك، فيخفى عليه. المهم أن الأمر كما قال المؤلف رحمه الله: (يدخلون فيها جميع ما يشهدون من الحوادث والوقائع الموجودة بهم وبغيرهم) في كل زمان وفي كل مكان، قال: (ويحاسِبون أنفسهم: هل هم قائمون بها أو مخلّون؟ وكيف الطريق إلى الثبات على الأمور النافعة، وإيجاد ما نقص منها؟ وكيف التخلّص من الأمور الضارة؟ فيهتدون بعلومه) هـٰذا متى يكون؟ متى يهتدون بعلومه؟ بعد فهمه وتدبره وإدراك معانيه (فيهتدون بعلومه، ويتخلقون بأخلاقه وآدابه) لأنه هو المقصود، المقصود من القرآن أن يتخلق به الإنسان، ولذلك لما سأل سعد بن هشام بن عامر عاشة رَضِيَ اللهُ عَنْها عن خلق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماذا قالت؟ قالت جواباً واضحاً، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قالت: كان خلقه القرآن. فالقرآن منهج يسير عليه الإنسان ويسلكه، والخلق يشمل الأمر الظاهر والأمر الباطن، فكلما أنعم الإنسان النظر في كتاب الله وتدبره ك استفاد منه خلقاً وزكاءً وكان أشبه بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تابع الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:23 | |
| (فمن سلك هذا الطريق الذي سلكوه، وجَدّ واجتهد في تدبر كلام الله، انفتح له الباب الأعظم في علم التفسير، وقويت معرفته واستنارت بصيرته، واستغنى بهذه الطريقة عن كثرة التكلّفات، وعن البحوث الخارجية. وخصوصاً إذا كان قد أخذ من علوم العربية جانباً قويّاً، وكان له إلمام واهتمام بسيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأحواله مع أوليائه وأعدائه، فإن ذلك أكبر عون على هذا المطلب. ومتى علم العبد أن القرآن فيه بيان كل شيء، وأنه كفيل بجميع المصالح مبين لها، حاثٌّ عليها، زاجر عن المضار كلها، وجعل هذه القاعدة نصب عينيه، ونزّلها على كل واقع وحادث سابق أو لاحق، ظهر له عظم موقعها وكثرة فوائدها وثمرتها( )). يقول المؤلف رحمه الله: (فمن سلك هذا الطريق الذي سلكوه) والمشار إليه ما تقدم من طريقة السلف في تلقّي كتاب الله عز وجل، وقد بين ذلك في قوله: (كما تلقاه الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، فإنهم كانوا إذا قرؤوا عشر آيات، أو أقل أو أكثر، لم يتجاوزوها حتى يعرفوا ما دلت عليه من الإيمان والعلم والعمل) إلىٰ آخر ما ذكر. فهـٰذه هي طريقة السلف، هـٰذه هي طريق الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم في تلقي كتاب الله عز وجل، ولا يحصل الانتفاع بالكتاب ولا الاتعاظ به، ولا تمام الاهتداء إلا لمن سلك هـٰذا السبيل، وأما من اقتصر على حفظ لفظه وإتقان مخارج حروفه وتجويده دون النظر إلىٰ معانيه وسبر ما تضّمنه من الخير والبركة، فإنه لم يحصل شيئاً؛ بل هو ممن عابه الله عز وجل في قوله تعالىٰ: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ﴾( ). فمع قراءتهم ومعرفتهم بسبك الحرف إلا أنهم موصوفون بأنهم أميون، والأمي هو المنسوب لأمه الذي لا يعلم، فوصفهم بهذا الوصف الذي يدل على جهلهم؛ لعدم عنايتهم بما جاء الكتاب من أجله من تدبر وتذكر وعمل. ولذلك حذر السلف من القراءة التي لا تثمر فهماً ولا عملاً، فمما ورد من ذلك ما ورد عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في نهيه عن هذ القرآن هذ الشعر ونثره نثر الدقل، قال: قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب. لأن هـٰذا هو المقصود، وهو والله أعلم المشار إليه في قوله: كيف بكم إذا كثرت قراؤكم وقل فقهاؤكم؟ فالقراء كثر الذين يتقنون مخارج الحروف ويعتنون بالتجويد ويحسنون القراءة اللفظية؛ لكن الذين يعملون بمقتضى الكتاب ويقفون عند عجائبه ويغورون في مفاهيمه وما تضمنه الكتاب المبين من المعاني قلة. يقول: إذا سلك ذلك الطريق وهو طريق العلم والإيمان والعمل (وجَدّ واجتهد في تدبر كلام الله) عز وجل، والتدبر هو النظر في معاني هـٰذا الكتاب والتأمل فيه وإنعام النظر في معانيه، هـٰذا معنى التدبر، ولا يمكن أن يتأتى التدبر لأحد إلا إذا انفتح له باب فهم المعنى؛ لأن فهم المعنى هو مفتاح حصول التدبر، فكيف تتدبر كلاماً لا تدرك معناه؟ ولذلك من أوائل وسائل تحصيل تدبّر كتاب الله عز وجل أن تفقه معاني كتاب الله عز وجل، فإذا مر عليك لفظ، مرت عليك آية لم تعرف معناها فاحرص على فقه معناها، ومعرفته من كتب التفاسير الموثوقة. ثم بعد ذلك تأمل وتدبر، فالتدبر هو مرحلة تالية، (فمن جَدّ واجتهد في تدبر كلام الله، انفتح له الباب الأعظم في علم التفسير، وقويت معرفته واستنارت بصيرته، واستغنى بهذه الطريقة عن كثرة التكلفات، وعن البحوث الخارجية) يعني التي شحنت بها كتب التفسير؛ لأن كتب التفسير مختلفة ومتنوعة في جودتها ودقتها وتحريرها ورسوخ علم أصحابها، تختلف، فإذا أردت الطريق السهل لتحصيل علم التفسير فاحرص على هـٰذا المعنى الذي أشار إليه.
تابع
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:23 | |
| قال رحمه الله: (وخصوصاً إذا كان قد أخذ) يعني إذا كان الناظر المتدبر في كتاب الله عز وجل (قد أخذ من علوم العربية جانباً قويّاً) وهـٰذا إشارة من المؤلف رحمه الله إلىٰ العلوم المعينة في تدبر كتاب الله عز وجل، ويسميها علماء التفسير -يسمون هـٰذه العلوم- العلوم التي يستمد منها التفسير، وعلى كل حال المقصود العلوم التي تعين الإنسان في حصول التدبر والتأمل لكلام الله عز وجل، إذا كان قد أخذ من علوم العربية جانباً قويّاً، وذلك في معاني الألفاظ وفي تركيب الجملة أيضاً -يعني الإعراب- فكلا الأمرين يعين الإنسان على فهم كلام الله عز وجل وعلى تدبره، (وكان له إلمام واهتمام بسيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . طيب ما هو دليل قوله: (إذا كان قد أخذ من علوم العربية جانباً قويّاً)؟ ما الدليل على ذلك؟ أن القرآن نزل بلغة من؟ بلسان عربي مبين، فبقدر عمق الإنسان وتوغله في فهم هـٰذه اللغة دون تكلف وشطط بقدر ما يكون معه من فقه الكتاب؛ لكن يضاف إلى ذلك أمر آخر مهم، وهو ما أشار إليه في قوله: (وكان له إلمام واهتمام بسيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأحواله مع أوليائه وأعدائه، فإن ذلك أكبر عون على هذا المطلب)؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترجمان القرآن بقوله وفعله وعقيدته وحاله وحِلِّه وترحاله وجميع شؤونه؛ ولذلك قالت عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها في وصف خلقه: كان خلقه القرآن. فدل ذلك على أن كل ما يفعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو ترجمة وبيان لهذا الكتاب المبين. فمن المهم لمن أراد أن يفقه الكتاب وأن يفهم آيات التنزيل أن يقرن ذلك بمعرفة أحوال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتفسير النبوي القولي والفعلي هو أول ما يفسر به كلام الله عز وجل، وأولى ما يصار إليه في فهم مراد الله عز وجل؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفهم الناس بكلام الله جل وعلا، وهو أعلمهم بالله عز وجل وبكلامه وقوله؛ ولذلك كان من المهم للناظر في علم التفسير أن يحيط علماً بهديه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن الله إنما أنزل الكتاب على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليبينه للناس، وبيانه بيان قولي وبيان فعلي وبيان حالي. ثم قال رحمه الله: (ومتى علم العبد أنّ القرآن فيه تبيان كل شيء) يعني مما يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم، وأنه كفيل بجميع المصالح؛ يعني زعيم، ضامن لحصول جميع المصالح (مبين لها، حاث عليها، زاجر عن المضار كلها، وجعل هذه القاعدة نصب عينيه، ونزّلها على كل واقع وحادث سابق أو لاحق) يعني في القديم والحديث، (ظهر له عظم مواقعها وكثرة فوائدها وثمراتها)، وإنما يتبين ذلك بالتجارب، فالتجربة هي التي تبين هـٰذا الأمر. اهـ.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:24 | |
| ملخص القاعدة
كل من سلك طريقاً، وعمل عملاً، وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح، وكلَّما عظم المطلوب تأكد هذا الأمر، وتعيَّن البحث التام عن أمثل وأحسن الطرق الموصلة إليه، الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:24 | |
| القاعدة الثانية: العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
وهذه قاعدة نافعة جداً، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير، وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع الغلط والارتباك. وهذا الأصل اتفق عليه المحققون من أهل الأصول وغيرهم، فمتى راعيتَ القاعدة السابقة، وعرفت أن ما قاله المفسِّرون من أسباب النزول إنما هي أمثلة توضح الألفاظ، ليست الألفاظ مقصورة عليها، فقولهم: «نزلت في كذا، وفي كذا»، معناه: أن هذا مما يدخل فيها، ومن جملة ما يُراد بها؛ فإنه ـ كما تقدم ـ إنما أُنزل القرآن لهداية أول الأمة وآخرها، والله تعالى قد أمرنا بالتفكر والتدبُّر لكتابه، فإذا تدبَّرنا الألفاظ العامة، وفهمنا أن معناها يتناول أشياء كثيرة؛ فلأي شيء نخرج بعض هذه المعاني، مع إدخالنا ما هو مثلها ونظيرها؟ ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا» فأرعها سمعك؛ فإنه إما خير تُؤمر به، وإما شر تُنهى عنه» فمتى مرَّ بك خبر عن الله، وعمَّا يستحقه من الكمال، وما يتنزَّه عنه من النقص، فأَثْبِتْ جميع ذلك المعنى الكامل الذي أثبته لنفسه، ونزِّهه عن كل ما نزَّه نفسه عنه. وكذلك إذا أخبر عن رسله، وكتبه، واليوم الآخر، وعن جميع الأمور السابقة واللاحقة، جزمت جزماً لا شك فيه أنه حق على حقيقته، بل هو أعلى أنواع الحق والصدق {{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}} [النساء: 122] و{{حَدِيثًا}} [النساء: 87] . وإذا أمر بشيء نظرت إلى معناه، وما يدخل فيه وما لا يدخل، وأن ذلك موجه إلى جميع الأمة. وكذلك في النهي؛ ولهذا كانت معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله أصل الخير والفلاح، والجهل بذلك أصل الشر والجفاء. فمراعاة هذه القاعدة أكبر عون على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، والقرآن قد جمع أجلّ المعاني وأنفعها وأصدقها بأوضح الألفاظ وأحسنها، كما قال تعالى: {{وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا *}} [الفرقان: 33] يوضح ذلك ويبينه وينهج طريقه:
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:25 | |
| شرح القاعدة لفضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح القاعدة الثانية: العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
وهذه القاعدة نافعة جداًّ، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع في الغلط والارتباك. وهذا الأصل اتفق عليه المحققون من أهل الأصول وغيرهم، فمتى راعيت هـٰذه القاعدة حق الرعاية عرفت أن ما قاله المفسرون من أسبـاب النّزول إنما هوعلى سبيل المثـال لتوضيـح الألفاظ، و ليست معاني الألفاظ والآيات مقصورةً عليها. فقولهم: نزلت في كذا وكذا، معناه:أن هذا مما يدخل فيها، ومن جملة ما يراد بها، فإن القرآن -كما تقدم- إنما نزل لهداية أول الأمة وآخرها- حيث تكون وأنى تكون-) . إنما أنزل القرآن لهداية أول الأمة وآخرها، ما فيه الزيادات التي عندك، وقد نبه شيخنا رحمه الله في شرحه وتعليقه على هـٰذه الرسالة المباركة أنّ فيها زيادات من المحقق، ليست من الشيخ، زيادات واضح أنها من المحقق. وهـٰذه النسخة التي معي مقابلة على نسختين خطيتين، فعدلوا الذي عندكم، وننبه فقط على المهم وإلا بعض الأشياء تمشي. وهي قاعدة من القواعد المشهورة عند أهل العلم في كل فن، وليست مما يختص بعلم التفسير، فهي عند أهل الفقه، وعند أهل الأصول، وعند كثير من أهل العلم؛ لكن تقريرها والتمثيل لها أكثره في كتب الأصول والقواعد. معنى هـٰذه القاعدة: أن النصوص التي وردت على أسباب خاصّة؛ أي آيات القرآن التي وردت على قضايا معنية، هل هـٰذه الآيات لا تفيد الحكم إلا في تلك القضايا فقط؟ أم أنها تفيد الحكم في تلك القضايا وفيما شابهها ووافقها في المعنى؟ معنى هـٰذه القاعدة المعنى الثاني: أن ما نزل من النصوص على أسباب خاصة لا يُقصر على ذلك السبب؛ بل يثبت الحكم المتضمن لذلك النص في غيره مما يشابهه ويلتحق به في المعنى. فمثلاً قصة الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، هل آيات الظهار خاصة في هذه المرأة أو في هـٰذه القضية؟ أم أنها فيها وفيما يشبهها؟ الجواب الثاني: أنه فيها وفيما يشبهها. وكذلك كل الآيات التي جاءت بلفظ عام بسبب قضية خاصة، فالحكم فيها لا يختص بتلك القضية بعينها؛ بل هو فيها قطعاً وفيما يشبهها عند جماهير أهل العلم، ولذلك ذكر المؤلف الشيخ عبدالرحمـٰن رحمه الله اتفاق المحققين من أهل الأصول على هـٰذه القاعدة.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:25 | |
| وقوله: (اتفق عليه المحققون) إشارة إلىٰ أن القاعدة فيها خلاف؛ ولكن اعلم أن الخلاف ليس كما يتوهمه البعض من أن بعض العلماء يقصر دلالة الآية على القضية المعينة فقط؛ ولا يلحق بها شيئاً، فإن هـٰذا ليس بصواب، ولم يقل به أحد من أهل الإسلام، بل يقول شيخ الإسلام: لا يقول به عاقل. إنما المراد قصره على تلك القضية وما شابهها في النوع. ويتضح هـٰذا بالمثال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إني أصبت من امرأة قبلة. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أصليت معنا؟)). قال: نعم. فقال له بعد ذلك: ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ﴾ فقال الصحابي -صاحب القضية-: ألي خاصة؟ قال: ((بل للأمة عامة)). هـٰذا دليل على هـٰذه القاعدة، وحتى يتضح وجه الخلاف بين أهل العلم في هـٰذه القاعدة، ما هناك أحد من أهل العلم يقول: إن هـٰذه الآية تخص ذلك الرجل دون غيره، إنما منهم من يقول: إن هـٰذه الآية تخص ذلك النوع من الذنوب، وهو ما يتعلق بتقبيل المرأة، أما غيرها من الذنوب فلا تدخل في عموم الآية؛ لأن الآية وردت على سبب خاص فيُقصر على السبب الخاص، لكن لا على الشخص إنما على النوع. على كل حال هـٰذا محله كتب الأصول. والمراد أن نبين أن العبرة في نصوص الكتاب لا في أفراد القضايا التي وردت النصوص عليها، إنما هو فيها وفيما يشبهها في المعنى، وهـٰذا لا إشكال أنه هو الراجح الذي دلت عليه السنة ودل عليه فعل الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وهو مقتضى أن الكتاب شامل، وتبيان لكل شيء، فلو لم يكن كذلك لما كان الكتاب تبياناً لكل شيء، لكان تبياناً لقضايا وأحداث معينة. المهم أن هـٰذه القاعدة معناها: أنه ينبغي لنا عند النظر في أسباب النزول، ألا نقصُر النصوص على تلك الأسباب فقط؛ بل نثبت المعاني -أو الأحكام أو الأوصاف أو ما تضمنته النصوص - لتلك الوقائع، ولما وافقها في المعنى، وبهذا ينفتح للإنسان باب عظيم من أبواب التفسير. وكتابنا الذي سنقرؤه إن شاء الله تعالىٰ وهو كتاب تفسير الجلالين أغفل هـٰذه القضية إغفالاً بيّناً فهو من الملاحظات الظاهرة على تفسير الجلالين أنه لا يعمل هـٰذا الأصل، ولعل السبب أنه يقصر التفسير؛ يعني يختصر اختصاراً كبيراً، حتى إنه في بعض الآيات لا يحملها إلا على من وردت فيه. فمثلا في قوله تعالىٰ: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17)﴾ جعلها فقط في أبي بكر، قال: هـٰذه في أبي بكر. ولم يشر إلىٰ أن الآية تشمل كل من اتصف بالوصف المذكور في الآية أو في السورة.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:25 | |
| على كل، هـٰذه من القواعد المهمة التي لا بد للناظر في كتاب الله عز وجل؛ بل في كلام الله وفي كلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يلاحظها وأن يراعيها حتى تتم فائدته. وأما قول الشيخ رحمه الله: (عرفت أن ما قاله المفسرون من أسبـاب النزول إنما هوعلى سبيل المثـال لتوضيـح الألفاظ). هـٰذا يبين لنا فائدة ذكر أسباب النزول، أنها تعين على فهم كلام الله عز وجل، ما فيه شك إذا عرفت السبب الذي نزلت من أجله الآية أعانك ذلك على أي شيء؟ على فهم معناها والعمل بمقتضاها، قال: (وليست معاني الألفاظ و الآيات مقصورةً عليها) يعني ليس المراد قصر الآية على ذلك السبب دون غيره، (فقولهم: نزلت في كذا وكذا) قول من؟ قول أهل التفسير، وقول أهل العلم حتى من الصحابة ، (نزلت في كذا) يقول: ما معنى هذا؟ (معناه: أن هذا مما يدخل فيها)، هـٰذا أحد معاني هـٰذه الكلمة. والمعنى الآخر أنه سبب نزولها. فقول أهل العلم: نزلت في كذا يحتمل أحد أمرين: الأمر الأول: أن يكون هـٰذا هو سبب نزول الآية. والأمر الثاني: بيان أن هـٰذا مما يدخل في معنى الآية أو مما تشمله دلالة الآية. واضح الكلام يا إخواني أو لا؟ (والله تعالى قد أمرنا بالتفكر والتدبر لكتابه، فإذا تدبرنا الألفاظ العامة، وفهمنا أن معناها يتناول أشياء كثيرة، فلأي شيء نُخرج بعض هذه المعاني، مع إدخالنا ما هو مثلها ونظيرها فيها؟ ولهذا قال ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إذا سمعت الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأرعها سمعك، فإنه إما خير تُؤمر به، وإما شر تُنهى عنه) . يعني هـٰذا كالدليل لما تقدم من أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، أن كثيراً من الآيات التي نزلت على قضايا خاصة معيّنة صُدِّر الخطاب فيها بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاس﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وهـٰذا فيه نداء، والنداء إنما يكون لما فيه فائدة وعبرة، لا لمجرد القصر، ولذلك قال: (فأرعها سمعك) يعني فأنصت إليها واستمع إليها وأقبل عليها (فإنه إما خير تُؤمر به، وإما شر تُنهى عنه) نعم.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:25 | |
| (فمتى مرّ بك خبر عن الله، وعما يستحقه من الكمال، وما يتنزه عنه من النقص. فأثبت له جميع ذلك المعنى الكامل الذي أثبته سبحانه لنفسه، ونزّهه عن كل ما نزه نفسه عنه). وهـٰذا أمر مهم، وهو من فروع هـٰذه القاعدة: أن ما أثبته الله عز وجل لنفسه من الصفات أو من الأسماء أو من الأفعال يجب أن يثبت كما جاء، وأن يثبت كل ما دل عليه اللفظ من معنى، فليس سائغاً أن نقصر اللفظ على بعض معانيه؛ بل لا بد من إثبات جميع ما تضمنه المعنى لنكون عاملين بالكتاب معظمين له، متدبرين له حق التدبر، فقصر اللفظ أو قصر الآية أو النص على بعض المعاني التي دلت عليها هـٰذا من البخس. وأضرب لذك مثلاً: قال الله جل وعلا في كتابه: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1)﴾ هـٰذا فيه إثبات علو الله عز وجل، والعلو يحتمل أن يكون علو المكان، ويحتمل أن يكون علو المكانة والشرف، ويحتمل أن يكون علو القهر، أليس كذلك؟ كل هـٰذا مما يندرج ويدخل تحت قوله: ﴿الأَعْلَى﴾ تحت وصف الله عز وجل وتسميته بهذا الاسم. أهل السنة والجماعة أعملوا هـٰذه المعاني كلها وأثبتوها، ولم يؤولوا شيئاً منها: فأثبتوا علو الله عز وجل على خلقه وأنه فوق كل شيء جل وعلا. وأثبتوا علو القهر فهو القاهر فوق عباده. وأثبتوا علو القدر في ذاته وأسمائه وصفاته. فلا أعلى منه، كما قال جل وعلا: ﴿وله المثل الأعلى﴾ أي له الصفة العليا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. أما المحرفون من أهل التعطيل فقد أبوا إثبات علو المكان، فقالوا: ليس الله فوق العالم. واختلفوا في مكان ربهم: منهم من يقول: إنه في كل مكان. ومنهم من يقول: إنه لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف، فوصفوه بالعدم. إذاً أي الطريقين أفضل؟ طريق من أثبت ما تضمنه اللفظ من المعاني على وجه الكمال؟ أم طريق الذي قصر اللفظ على بعض معانيه؟ لا إشكال أن الأول هو الطريق السليم الذي دل عليه الكتاب والسنة. واعلم أن العلو بذاته -أي هـٰذه الصفة بعينها- قد دل عليها الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، فاجتمعت في الدلالة على إثبات هـٰذه الصفة لرب العالمين كل أنواع الأدلة.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:26 | |
| فينبغي للمؤمن أن يُحَاجّ أهل الكلام بمثل هـٰذه القواعد التي تكون في يده كالسيف على المخالف، وأن لا يقتصر فقط على أن يقول: هـٰذه عقيدة السلف دون أن يحاج وأن يبين أن عقيدة السلف ليست مجرد نُقولٍ جامدة، لا تدعمها الحجة والبرهان؛ بل هي حجة وبرهان، ويدل عليها لفظ الكتاب والسنة، ويدل عليها أيضاً المعنى المعقول. وكان كثيراً ما يحثنا شيخنا ويندبنا إلىٰ المحاجة بدلالة العقل في كثير من المسائل؛ لأن الخصم قد لا يُسَلِّم لك بدلالة اللفظ؛ لكنك إذا أتيت له بحجة وبرهان هو يستند إليه ويعتمده ويحتج به ويَنتسب إليه وهو العقل خصمته، وإذا خصمته وأفسدت سلاحه فقد أُسْقِطَ في يديه. و على هـٰذه الطريق سِر فيما سيأتي ذكره. (وكذلك إذا مر بك خبر عن رسله وكتبه واليوم الآخر، وعن جميع الأمور السابقة واللاحقة، جزمت جزماً لا شك فيه أنه حق على حقيقته، بل هو أعلى أنواع الحق والصدق، ومن أصدق من الله قيلاً وحديثاً. وإذا أمر بشيء نظرت إلى معناه، وما يدخل فيه وما لا يدخل، وأن ذلك الأمر موجه إلى جميع الأمة، وكذلك في النهي. ولهذا كانت معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله أصلَ الخير والفلاح، والجهل بذلك أصل الشر والجفاء. فمراعاة هذه القاعدة أكبر عون على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله والقيام بها. والقرآن قد جمع أجل المعاني وأنفعها وأصدقها بأوضح الألفاظ وأحسنها، كما قال تعالى: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾). وهـٰذا من نعمة الله عز وجل أن جعل القرآن على أكمل لفظ وأتم معنى، فقد جمع أجل المعاني وأنفعها وأصدقها بأوضح الألفاظ وأحسنها، فاجتمع فيه الصدق، واجتمع فيه البيان والوضوح، وهـٰذه من الأوصاف التي تجعل الإنسان يسلّم لهذا الخطاب؛ لأنه إذا كان الخطاب صادقاً عالماً فصيحاً ناصحاً، فلا أكمل منه في الهداية والإرشاد. فهـٰذه الأوصاف الأربعة هي أوصاف كلام الله وكلام رسوله، ولما كانت هـٰذه أوصافه كان في غاية الكمال، وكان من مقتضى الإيمان بالله ورسوله وتصديق أن هـٰذا هو وصف كلامه وكلام رسوله أن يسلم الإنسان لهذه النصوص، وأن يثبت مقتضاها ولازمها. نعم. إذاً ملخص هذه أن القاعدة أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. والمقصود بالعبرة يعني الاعتبار والاتّعاظ والعمل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ يعني لا بما ورد النص من أجله أو فيه. اهـ الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:26 | |
| القاعدة الثالثة: الألف واللام الداخلة على الأوصاف، وأسماء الأجناس، تفيد الاستغراق بحسب ما دخلت عليه.
وقد نص على ذلك أهل الأصول، وأهل العربية، واتفق على اعتبار ذلك أهل العلم والإيمان. فمثل قوله تعالى: {{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}} إلى قوله: {{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}} [الأحزاب: 35] أدخل في هذه الأوصاف كل ما تناوله من معاني الإسلام، والإيمان، والقنوت، والصدق، إلى آخرها. وأن بكمال هذه الأوصاف يكمل لصاحبها ما رُتِّب عليها من المغفرة والأجر العظيم، وبنقصانها ينقص، وبعدمها يُفقد. وهكذا كل وصف رُتِّب عليه خير وأجر وثواب، وكذلك ما يقابل ذلك: كل وصف نهى الله عنه، ورتب عليه وعلى المتَّصِف به عقوبة، وشراً، ونقصاً، يكون له من ذلك بحسب ما قام به من الوصف المذكور. وكذلك مثل قوله تعالى: {{إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا *إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا *وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا *}}، عام بجنس الإنسان، فكل إنسان هذا وصفه، إلا من استثنى الله بقوله: { إلا المصلين } [المعارج: 19 ـ 22] إلى آخرها. كما أن قوله: {{وَالْعَصْرِ *إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ *}} [العصر: 1 ـ 2] أي: كل إنسان متصف بالخسار {{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}} الآية [العصر: 3] وأمثال ذلك كثير. وأعظم ما تعتبر به هذه القاعدة: في الأسماء الحسنى؛ فإن في القرآن منها شيء كثير، وهي أجل علوم القرآن، فمثلاً يخبر الله عن نفسه أنه الله، وأنه الملك، والعليم، والحكيم، والعزيز، والرحيم، والقدوس السلام، والحميد المجيد، فـ«الله» هو الذي له جميع معاني الألوهية التي يستحق أن يؤله لأجلها، وهي صفات الكمال كلها، والمحامد كلها، والفضل كله، والإحسان كله، وأنه لا يشارك الله أحد في معنى من معاني الألوهية، لا بشر، ولا ملك، بل هم جميعاً متألِّهون متعبِّدون لربهم خاضعون لجلاله وعظمته. و[أنه] الملك الذي له جميع معاني الملك، وهو الْمُلْك الكامل، والتصرف النافذ، وأن الخلق كلهم مماليك لله، عبيد تحت أحكام ملكه القدرية، والشرعية، والجزائية. وأنه العليم بكل شيء، الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، الذي أحاط علمه بالبواطن، والظواهر، والخفيَّات، والجليَّات، والواجبات، والمستحيلات، والجائزات، والأمور السابقة، واللاحقة، والعالَم العلوي، والسفلي، والكليات، والجزئيات، وما يعلم الخلق، وما لا يعلمون. وأنه الحكيم ، الذي له الحكمة التامة الشاملة لجيمع ما قضاه، وقدَّره، وخلقه، وجميع ما شرعه، لا يخرج عن حكمته مخلوق، ولا مشروع. وأنه العزيز ، الذي له جميع معاني العزة على وجه الكمال التام من كل وجه: عزة القوة، وعزة الامتناع، وعزة القهر والغلبة، وأن جميع الخلق في غاية الذل، ونهاية الفقر، ومنتهى الحاجة والضرورة إلى ربهم. وأنه الرحيم ، الذي له جميع معاني الرحمة، الذي وسعت رحمته كل شيء، ولم يخل مخلوق من إحسانه طرفة عين، ووصلت رحمته حيث وصل علمه {{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}} [غافر: 7] . وأنه القدوس ، السلام ، المعظَّم، المنزَّه عن كل عيب وآفة ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له ند من خلقه. وهكذا بقية الأسماء الحسنى اعتبرها بهذه القاعدة الجليلة ينفتح لك باب عظيم من أبواب معرفة الله، بل أصل معرفة الله تعالى معرفة ما تحتوي عليه أسماؤه الحسنى من المعاني العظيمة بحسب ما يقدر عليه العبد، وإلا فلا يبلغ علم أحد من الخلق، ولا يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده. ومن ذلك قوله تعالى: {{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}} [المائدة: 2] [فالبر] يشمل جميع أنواع
البر والخير. وتشمل التقوى: جميع ما يجب اتقاؤه من أنواع المعاصي والمحرَّمات. والإثم: اسم جامع لكل ما يؤثِم ويوقع في المعصية، كما أن العدوان اسم جامع يدخل فيه التعدي على الناس في الدماء، والأموال، والأعراض. والمعروف في القرآن: اسم جامع لكل ما عُرف حسنه شرعاً وعقلاً. وعكسه المنكر. وقد نبَّه النبي صلّى الله عليه وسلّم أمته إلى هذه القاعدة، وأرشدهم إلى اعتبارها في قوله في التشهد في الصلاة في قول المصلِّين: «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين»، فقال: «فإنكم إذا قلتم ذلك سلَّمتم على كل عبد صالح من أهل السماء والأرض» ، وأمثلتها في القرآن كثيرة جداً.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:27 | |
| شرح القاعدة لفضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح
القاعدة الثالثة الألف واللام الداخلة على الأوصاف و أسماء الأجناس تفيد الاستغراق بحسب ما دخلت عليه
وقد نص على ذلك أهل الأصول وأهل العربية). قبل أن ندخل في القاعدة يقول: (الألف واللام الداخلة على الأوصاف) الأوصاف جمع وصف، كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وغيرها، (الألف واللام الداخلة على الأوصاف وأسماء الأجناس) وسيمثل المؤلف رحمه الله لكل من الأوصاف وأسماء الجناس (تفيد الاستغراق) يعني تفيد ثبوت كل ما دلّ عليه اللفظ، وكل ما يندرج تحته وينطوي في ظله. يقول رحمه الله: (بحسب ما دخلت عليه) يعني على قدر، حسب هنا بمعنى بقدر وبعدد، بقدر ما دخلت عليه؛ يعني على حسب ما يحتمله اللفظ، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالىٰ فيما يذكره المؤلف رحمه الله من الأمثلة. (وقد نص على ذلك أهل الأصول وأهل العربية، واتفق على اعتبار ذلك أهل العلم والإيمان. فمثلُ قوله تعالى): هذا تمثيل لدخول الألف واللام على الأوصاف، قوله: (ومثل قوله) هذا تمثيل للأوصاف. (﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ إلى قوله تعالىٰ: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾). يعني إلىٰ نهاية الآية، الآية تضمنت اسماً وخبراً، فالأسماء المذكورة هي الأوصاف ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾ إلىٰ آخر الآية ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)﴾. فالمتصفون بهذه الأوصاف موعودون من الله جل وعلا بهذا المنّ وهـٰذا الفضل، وهو أنه أعدَّ لهم مغفرة وأجراً عظيماً. نعم. (يدخل في هذه الأوصاف كل ما تناولته من معاني الإسلام والإيمان والقنوت والصدق إلى آخرها) . يعني مما جاء ذكره في الآية، فكل ما يتضمنه لفظ الإسلام يدخل في قوله تعالىٰ: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ كل ما يتضمنه لفظ الإيمان يدخل في قوله: ﴿وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ وهلم جرّاً، إلى نهاية الأوصاف المذكورة في هـٰذه الآية. (وأن بكمال هذه الأوصاف يكمل لصاحبها ما رتب عليها من المغفرة والأجر العظيم، وبنقصانها ينقص، وبعدمها يفقد).
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:27 | |
| وهـٰذه فائدة جليلة عظيمة استحضِرها في كل فضل ورد على وصف، فكل فضل ورد على وصف فلك من الفضل والأجر الموعود بقدر ما معك من الوصف المذكور، فالآن الله جل وعلا يقول هنا بعد ذكر الأوصاف: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾. معلوم يا إخواني أن المسلمين والمؤمنين والموصوفين بهذه الصفات في هـٰذه الآية تختلف درجات تحقيقهم لهذه الأوصاف: فمنهم من إسلامه قوي ومنهم من إسلامه دون ذلك. منهم من إيمانه قوي ومنهم من إيمانه دون ذلك. ومنهم من قنوته قوي ومنهم من قنوته دون ذلك. فهل هٰؤلاء على مرتبة واحدة ودرجة واحدة في الثواب المعدّ أو في الثواب المذكور؟ الجواب: لا، كيف التفاوت؟ التفاوت بينهم بقدر ما معهم من تلك الأوصاف، فبقدر ما معك من كل صفة، بقدر ما يحصل لك من الفضل المذكور في قوله تعالىٰ: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾، وهـٰذا في كل أمر، ليس فقط في هـٰذه الآية. مثلاً ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن: ((الصلوات المكتوبات والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلىٰ رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)). وذكر أيضاً من الفضل أنه: ((إذا توضأ الإنسان وأحسن الوضوء خرجت ذنوبه مع آخر قطر الماء)). كل هـٰذه الفضائل المذكورة لك منها أو نصيبك منها بقدر ما معك من تحقيق الوصف الذي رُتِّب عليه الأجر سواء بسواء: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا﴾. فنبغي للإنسان في مثل هـٰذه الأمور أن لا يقتصر على الحد الأدنى من هـٰذه الأوصاف؛ بل يجب عليه أن يُسابق وأن يسارع إلىٰ تحقيق أعلى وغاية كمال يستطيعه، وإذا علم الله منه الصدق بلّغه الله عز وجل ما يرغب من خير وإن كان قد قَصُر عمله، الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:28 | |
| والعلة في أن الأجر على قدر الوصف: أن الأجر الذي ذُكر بعد وصف حقيقته كالعلة للحكم، والعلة للحكم معلوم أن (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، قوةً وضعفاً). انتبه لهذه: نحن نعرف أن (وجوداً وعدماً) كثير من إخواننا يعرف هـٰذه القاعدة لكن (قوةً وضعفاً) تخفى على الكثيرين فهي كما أنها تتفاوت في الوجود والعدم كذلك تتفاوت في القوة والضعف. (وهكذا كل وصف رتب عليه خير وأجر وثواب، وكذلك ما يقابل ذلك: كل وصف نَهى الله عنه ورتب عليه وعلى المتصف به عقوبة وشرّاً ونقصاً، يكون له من ذلك بحسب ما قام به من الوصف المذكور). الشاهد من هـٰذا المثال أن الألف واللام لما دخلت على هـٰذه الأوصاف ﴿الْمُسْلِمِينَ﴾، ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿الْقَانِتِينَ﴾، ﴿الْخَاشِعِينَ﴾، ﴿الصَّابِرِينَ﴾، ﴿الصَّادِقِينَ﴾، ﴿الصَّائِمِينَ﴾، ﴿الْمُتَصَدِّقِينَ﴾، ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾، ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ أفاد ثبوت كل ما تتضمنه هـٰذه الأوصاف من المعاني على تفاوت درجات الموصوفين بها، هـٰذا وجه الدلالة من هـٰذه الآية للقاعدة. (وكذلك مثل قوله تعالى): هـٰذا مثال لأسماء الأجناس، قال في القاعدة: (الألف واللام الداخلة على الأوصاف وأسماء الأجناس) مرّ التمثيل للأوصاف، والآن يمثل لأسماء الأجناس. نعم (﴿إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)﴾، ( ) عام لجنس الإنسان. فكل إنسان هذا وصفه إلا من استثنى الله بقوله: ﴿إِلا الْمُصَلِّينَ﴾( ) إلى آخرها، كما أن قوله: ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)﴾( ) كل إنسان متصف بالخسار ﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ الآية وأمثال ذلك كثير ) يعني في كتاب الله وكلامه جل وعلا. (وأعظم ما تعتبر به هذه القاعدة: في الأسماء الحسنى) معنى (تعتبر به) أي يتعظ بها وينتفع منها في الأسماء الحسنى. (فإن في القرآن منها شيئاً كثيراً، وهي أجل علوم القرآن). (أجلّ علوم القرآن) لأن أعظم العلوم العلم بالله عز وجل، وإنما جاء القرآن ليعرّف الناس بربهم، ولذلك لما بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذ بن جبل إلىٰ أهل اليمن قال: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إلـٰه إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا عرفوا ذلك)) أي عرفوا حق الله جل علا، وحق رسوله، الذي هو فرع عن حق الله عز وجل يترتب بعد ذلك أحكام الشريعة. المهم أن أعظم المعلومات العلم بالله جل وعلا؛ لأنه الذي تطمئن بذكره القلوب وتسكن، والذي لا قرار للنفس إلا بمعرفته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومعرفته فطرية، وهـٰذا من رحمته بعباده أن فطرهم على معرفته وطلب التعرف عليه؛ لكن لا سبيل إلىٰ المعرفة بالله عز وجل وكمالها إلا من طريق الرسل؛ ولذلك كل من سلك طريقاً يتعرّف به على الله عز وجل غير طريق الرسل فإنه لا يصل إلا إلىٰ ضلال، ولا يحصل إلا خبالاً. الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:28 | |
| فالواجب على المؤمن أن يقتصر في معرفة الله جل وعلا على ما جاءت به الرسل، وأعظم ذلك ما احتواه هـٰذا الكتاب المبين القرآن العظيم فإنه عرف بالله أكمل تعريف. حتى إن ابن القيم رحمه الله قال: إن الرسل قد جاءت بتعريف الله حتى إن الإنسان ليكاد من شدة ما ورد من أوصاف أن يراه عياناً: فيراه جل وعلا مستوياً على عرشه يبسط ويقبض، يرفع ويخفض وما إلىٰ ذلك مما ذكره رحمه الله في مدارج السالكين. المهم أن تمام المعرفة بالله عز وجل تحصل للمؤمن من طريق الرسل، وأعظم ذلك هـٰذا الكتاب المبين. نعم (بل هي المقصد الأول للقرآن. فمثلاً يخبر الله عن نفسه:[أنه الله وأنه الملك والعليم الرب الحي القيوم]، وأنه الملك والعليم والحكيم، والعزيز والرحيم، والقدوس السلام، والحميد المجيد. فالله هو الذي له جميع معاني الألوهية( ) التي يستحق أن يؤله لأجلها) (يؤله) يعني يعبد. (وهي صفات الكمال كلها، والمحامد كلها له، والفضل كله، والإحسان كله، وأنه لا يُشارِك اللهَ أحد في معنى من معاني الألوهية( ) لا بشر ولا مَلَك، بل هم جميعاً عبيد مربوبون لربهم بكل أنواع الربوبية، مقهورون خاضعون لجلاله وعظمته،( ) وأنه الملك الذي له جميع معاني الملك، وله الملك الكامل والتصرف النافذ، وأن الخلق كلهم مماليك لله، عبيد تحت أحكام ملكه القدرية والشرعية والجزائية). (القدرية) معروفة وهي ما قضاه الله قدراً، و(الشرعية) معروفة، فما هي الجزائية؟ المراد بالجزائية ما يعاقب الله به عباده قدراً وشرعاً: قدراً كالعقوبات التي يعاقب الله بها من خرج عن أمره. وأما الشرعية فكالحدود وشِبْهها. هـٰذا معنى الجزائية فهي عائدة للقدرية والشرعية. (وأنه العليم بكل شيء، الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، الذي أحاط علمه بالبواطن والظواهر، والخفيات والجليات، والواجبات والمستحيلات والجائزات، والأمور السابقة واللاحقة، والعالم العلوي والسفلي، والكليات والجزئيات، وما يعلم الخلق وما لا يعلمون). فهـٰذه القاعدة هي القاعدة الثالثة، وقد تقدم الكلام على أولها وهي قاعدة (الألف واللام الداخلة على الأوصاف وأسماء الأجناس تفيد الاستغراق بحسب ما دخلت عليه) والشيخ رحمه الله مثّل للقاعدتين أو لما تضمّنته هـٰذه القاعدة. والآن يمثّل للألف واللام الداخلة على الأسماء والأوصاف، ومثّل بالألف واللام الداخلة على أسماء الله تعالىٰ. وهـٰذه الأسماء -أيها الإخوة- مثل ما رأينا أن الشيخ رحمه الله ذكر سعة معانيها في الملك والعلم، ولكل ما ذكره دليل من الكتاب والسنة. ولا أرى من المناسب أن نفصل في أدلة ما ذكر؛ لأن هـٰذا محله كتب العقائد، وإنما مراد الشيخ رحمه الله التمثيل للقاعدة،
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:29 | |
| ومراده بالواجبات والمستحيلات والجائزات هـٰذه القسمة العقلية للوجود: إما واجب أو مستحيل أو ممكن. الواجب: هو ما لا بد من وجوده، الذي لا يصلح العالم إلا بوجوده، وهو الله جل وعلا. والمستحيل: هو ممتنع الوجود، الذي يمتنع وجوده، مثال ذلك: وجود إلهين، هـٰذا ممتنع ومستحيل. والثالث الجائزات: وهو ما يمكن أن يوجد وما يمكن أن لا يوجد؛ يعني ما يقبل الوجود والعدم. هـٰذا معنى قوله: (والواجبات، والمستحيلات، والجائزات) أي أحاط علمه جل وعلا بالواجبات وأحاط بالمستحيلات والجائزات. ثم قال: (والأمور السابقة واللاحقة)، ثم قال: (والكليات والجزئيات) أي العلم العام والعلم التفصيلي، خلافاً لمن قال: إن الله جل وعلا لا يعلم إلا العلم الإجمالي، وأما العلم التفصيلي فليس داخلاً في علمه. هـٰذا من الكذب على الله جل وعلا، ومن التكذيب بكتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. على كل هـٰذه يأتي تفصيلها في الدروس إن شاء الله تعالىٰ المستقبلة. نعم (وأنه الحكيم الذي له الحكمة التامة الشاملة لجميع ما قضاه وقدره وخلقه، وجميع ما شرعه لا يخرج عن حكمته، لا مخلوق ولا مشروع، وأنه العزيز الذي له جميع معاني العزة). رحمة الله جل وعلا في الخلق والأمر، في التقدير الكوني وفي التقدير الشرعي، فقوله: (لا يخرج عن حكمته، لا مخلوق) هـٰذا في الحكم الكوني، (ولا مشروع) هـٰذا في الحكم الشرعي. (وأنه العزيز الذي له جميع معاني العزة على وجه الكمال التام من كل وجه: عزة القوة، وعزة الامتناع، وعزة القهر والغلبة، وأن جميع الخلق في غاية الذل ونهاية الفقر، ومنتهى الحاجة والضرورة إلى ربهم. وأنه الرحيم الذي له جميع معاني الرحمة، الذي وسعت رحمته كل شيء، ولم يخل مخلوق من إحسانه وبره طرفة عين، ووصلت رحمته حيث وصل علمه ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً﴾ وأنه القدوس السلام، المعظم المنزه عن كل عيب وآفة ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له ند من خلقه. وهكذا بقية الأسماء الحسنى، اعتبرْها بهذه القاعدة الجليلة ينفتح لك باب عظيم من أبواب معرفة الله؛ بل أصل معرفة الله تعالى معرفة ما تحتوي عليه أسماؤه الحسنى من المعاني العظيمة، بحسب ما يقدر عليه العبد، وإلا فلن يبلغ علم أحد من الخلق، ولن يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده) . جل وعلا، الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:29 | |
| وقد تكلم الشيخ رحمه الله كلاماً نافعاً جيداً في تعليقه على المقطع الذي تكلم به في النونية على أسماء الله عز وجل -نونية ابن القيم-، ومن المفيد قراءة ذلك في كتاب الكافية الشافية شرح الكافية الشافية للشيخ عبد الرحمـٰن حيث علق تعليقاً مفيداً يزداد به إيمان العبد وانتفاعه بأسماء الله عز وجل وصفاته؛ لأن هـٰذه الأسماء التي ملئ بها كتاب الله جل وعلا لم تذكر عبثاً ولا لمجرد أن تذكر دون أن يتعبد الله جل وعلا بما تضمنته من المعاني. فمن المهم، من المهم، من المهم لطالب العلم أن يعتني بهذا الجانب؛ لأن أصل العلم: العلم بالله جل وعلا، فبقدر علمك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بقدر ما يكون معك من الإيمان، وبقدر ما يكون معك من السبق إلىٰ الطاعات والانتهاء عن المعاصي والسيئات. وإنما أشار الشيخ رحمه الله هنا إلىٰ نماذج، والتفصيل في شرح الكافية الشافية فليُرجع إليه. (ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾، يشمل جميع أنواع البر والخير، وتشمل التقوى جميع ما يجب اتّقاؤه من أنواع المعاصي والمحرمات) . هـٰذا تمثيل لدخول الألف واللام على أسماء الأجناس، (البر) من أسماء الأجناس، وكذلك (الخير) من أسماء الأجناس، و(التقوى) من أسماء الأجناس، فدخولها على هـٰذه الأسماء يفيد الاستغراق. نعم (والإثم: اسم جامع لكل ما يؤثم، ويوقع في المعصية. كما أن العدوان:اسم جامع يدخل فيه جميع أنواع التعدي على الناس في الدماء والأموال والأعراض). بل وعلى النفس، على الناس ومنهم النفس، لأنه لا يجوز التعدي على النفس بأي شيء من أنواع التعدي المذكورة، ومن ذلك قول الله تعالىٰ: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾ (والتعدي على مجموع الأمة وعلى الحكومات، والتعدي على حدود الله. و(المعروف) في القرآن:اسم جامع لكل ما عرف حسنه شرعاً وعقلاً، وعكسه:المنكر والسوء والفاحشة). يعني في مثل قوله تعالى: ﴿وعاشروهن بالمعروف﴾ المعروف اسم جامع لكل ما عرف حسنه شرعاً وعقلاً وعادةً أيضاً. وقد نبه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته إلى هذه القاعدة، وأرشدهم إلى اعتبارها، إذ علمهم أن يقولوا في التشهد في الصلاة: ((السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)) فقال: ((فإنكم إذا قلتم ذلك سلمتم على كل عبد صالح من أهل السماء والأرض)). وأمثلتها في القرآن كثيرة جدّاً) . من يستشعر منا هذا في صلاته؟ أنه إذا قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أنه يسلم لكل عبد لله صالح في السماوات والأرض؟ قليل منا، وهـٰذا ليس خاصّاً بهذا الذكر؛ بل هو في جميع الأذكار، كثيراً ما يقول الإنسان الذكر دون أن يتأمل في معناه فيحرم خيره وبركته؛ لأن الخير والبركة المتضمنة في هـٰذه الألفاظ لا تحصل بمجرد النطق بها والتلفظ؛ بل لا بد من الوقوف على معانيها واستحضارها حتى يحصل الخير، وذكرنا في ذلك دليلاً في كتاب الله عز وجل وهو قوله: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ﴾ فوصفه بالبركة، ثم دلّ على طريق تحصيل البركة فقال: ﴿لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ بهذا تكون انتهت هـٰذه القاعدة، وهي قاعدة نافعة مفيدة.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:29 | |
| القاعدة الرابعة: إذا وقعت النكرة في سياق النفي، أو النهي، أو الشرط، أو الاستفهام، دلت على العموم.
كقوله تعالى: {{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}} [النساء: 36] فإنه نهى عن الشرك به في النيات، والأقوال، والأفعال، وعن الشرك الأكبر، والأصغر، والخفي، والجلي؛ فلا يجعل العبد لله نداً ومشاركاً في شيء من ذلك. ونظيرها: {{فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}} [البقرة: 22] . وقوله في وصف يوم القيامة: {{يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا}} [الانفطار: 19] يعم كل نفس، وأنه لا تملك شيئاً من الأشياء، لا إيصال المنافع، ولا دفع المضار. وكقوله تعالى: {{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ}} [يونس: 107] فكل ضرٍّ قدَّره الله على العبد ليس في استطاعة أحد من الخلق كشفه بوجه من الوجوه، ونهاية ما يقدر عليه المخلوق من الأسباب والأدوية جزء من أجزاء كثيرة داخلة في قضائه وقدره. وقوله: {{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}} [فاطر: 2] {{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}} [النحل: 53] يشمل كل خير في العبد ويصيب العبد، وكل نعمة فيها حصول محبوب أو دفع مكروه، فإن الله هو المتفرد بذلك. وقوله: {{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ}} [فاطر: 3] . وإذا دخلت (مِنْ) صارت نصاً في العموم، كهذه الآية: {{فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ *}}[الحاقة: 47] {{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}} [الأعراف: 59، 65، 73، 85؛ وهود:50،61،84؛ والمؤمنون:23،32]ولها أمثلة كثيرة جداً.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
El Helalyaالمؤسسة
تاريخ التسجيل : 08/08/2008
| موضوع: رد: القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 الإثنين 2 مايو 2011 - 0:30 | |
| شرح القاعدة لفضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح
القاعدة الرابعة إذا وقعت النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط أو الاستفهام دلت على العموم
النكرة هي ما يصدق على الكثير والقليل، هي ما شاع في جنسه بلا تعيين، هـٰذه هي النكرة، ما شاع في الجنس بغير تعيين، فيصدق على العدد الكثير والقليل، بخلاف المعرفة؛ فإن المعرفة لا تصدق إلا على عدد يسير؛ عدد قليل إما واحد أو أكثر لكنه قليل. النكرة إذا وردت في سياق النفي، أو النهي هـٰذا ثانٍ، أو الشرط هـٰذا ثالث، أو الاستفهام هـٰذا رابع، دلت على العموم؛ يعني أفادت عموم المعنى فيما سيقت له: نفياً أو نهياً أو استفهاماً أو شرطاً، ويتبيَّن هـٰذا إن شاء الله تعالىٰ بالأمثلة التي ساقها المؤلف رحمه الله. (كقوله تعالىٰ: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾ فإنّه نهي عن الشرك به في النيات، والأقوال والأفعال، وعن الشِّرك الأكبر والأصغر، والخفي والجلي. فلا يجعل العبد لله ندّاً ومشاركاً في شيء من ذلك) . طيب هـٰذا مثال لأي شيء؟ لمجيء النكرة في سياق النهي، أين النكرة؟ قوله: (شَيْئاً) هـٰذه نكرة تصْدُق على القليل والكثير؛ لكن لما جاءت في سياق النهي أفادت النهي عن كل ما يصدق عليه أنه شرك، ولذلك قال المؤلف: (فإنها) يعني هـٰذه الآية (نهي عن الشرك به في النيات) يعني المقاصد، (والأقوال) مثل الحلف بغير الله، ومثل ما شاء الله وشئت، (والأفعال) كالذبح لغير الله، والنذر لغير الله وما إلىٰ ذلك، (وعن الشرك الأكبر) كالذبح لغير الله، (والأصغر) كيسير الرياء، (والخفي) كالرياء أيضاً، (والجلي) الظاهر. فهـٰذه الآية تنتظم جميع الشرك وتنهى عنه، فأفادت النكرة في سياق النهي نهياً عن شرك معين أو عن كل شرك؟ عن كل شرك. وهـٰذا المقصود من هـٰذه القاعدة، فالنكرة لما وقعت في سياق النهي أفادت العموم في المعنى، واضح. (ونظيرها: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً﴾. وقوله في وصف يوم القيامة: ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً﴾، ليعم كل نفس، وأنها لا تملك شيئاً من الأشياء، لإيصال شيء من المنافع، ولا دفع شيء من المضار) . هـٰذا نفي أو نهي؟ نفي، أين النكرة؟ ﴿نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً﴾ ثلاث نكرات عندنا ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ﴾ أيّ نفس، ﴿لِنَفْسٍ﴾ أيّ نفس، ﴿شَيْئاً﴾ يعني أيّ شيء، فلا يمكن أن ينفع أحدٌ أحداً يوم القيامة إلا بما قدّره الله ورضيه وقضاه، وهـٰذا يقطع كل العلائق، وأنّ الإنسان لا يعلِّق قلبه إلا بالله عز وجل؛ لأنّه إذا كان لا ينفع في ذلك اليوم إلا هو جل وعلا، فلا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، لم يجُز للعبد أن يعلق قلب بغيره جل وعلا.
الموضوع : القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: El Helalya |
|
| |
| القواعد الحسان للسعدي 1 - 15 | |
|