ومما يعين على التقوى معرفة ما فى سبيل الحرام من المفاسد والألام
فليس فى الدنيا والأخرة شر و داء إلا وسببه الذنوب والمعاصى ،
قال ابن القيم رحمه الله : فما الذى أخرج الأبوين من الجنة دار اللذة والنعيم
والبهجة والسرور إلى دار الالام والأحزان والمصائب .
وما الذى أخرج أبليس من ملكوت السماء ، وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه فجعلت صورته أقبح صوره وأشنعها ، وباطنه أقبح من صورته وأشنع وبدل بالقرب بعداً ، وبالرحمة لعنه ، وبالجنة ناراً تلظى ، فهان على الله غاية الهوان ، وسقط من عينه غاية السقوط ، فصار
قوداً لكل فاسق ومجرم ، رضى لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة ، فعياذاً بك اللهم
من مخالفة أمرك ، وأرتكاب نهيك .
وما الذى أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال .
وما الذى سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على سطح الأرض كأنهم
أعجاز نخل خاوية ، ودمرت ما مرت عليه من ديارهم وحروثهم ، وما الذى أرسل على
قوم ثمود الصيحه حتى قطعت قلوبهم فى أجوافهم وماتوا عن أخرهم ؟ وما الذى رفع
قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها ، ثم أتبعهم حجارة من سجيل ، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمه غيرهم ، ولإخوانهم أمثالها وما هى من الظالمين ببعيد ، وما الذى أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل ،
فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى ؟ وما الذى أغرق فرعون وقومه فى البحر ، ثم نقلت ارواحهم إلى جهنم ، فالأجساد للغرق ، والأرواح للحرق ، وما الذى أهلك القرون من بعد نوح ودمرها تدميراً.(1)
ثم ذكر رحمه الله أثار الذنوب والمعاصى فلتراجع فإنها مفيده جداً فى الزجر عن معصية
الله والمباعدة عنها ، وهى التقوى المقصودة والدرة المفقودة ، نسال الله السلامه ، ونعوذ
بالله من الحسرة والندامه ، فحقيق بكل عاقل أن لا يسلك طريقاً حتى يعلم سلامتها وأفاتها ، وما توصل إليه من سلامة أوعطب ،
ولا شك أن سبيل المعاصى فيه من التعرض للعذاب العاجل والأجل وضيق الصدر والرزق وبغض الخلق ومحق البركة فهى كطعام لذيذ مسموم يتمتع به لحظات وتبقى آلامه فى
الحياة وبعد الممات كما قال القائل :
تفنى اللذاذة من نال لذتها من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتها لا خير فى لذة من بعدها النار
الموضوع : ومما يعين على التقوى معرفة ما فى سبيل الحرام من المفاسد والألام المصدر :منتديات تقى الإسلامية الكاتب: ابراهيم كمال توقيع العضو/ه:ابراهيم كمال |
|